باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حتى النملة ونحوها
1609 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال: إن وجدتم فلانا وفلانا لرجلين من قريش سماهما فأحرقوهما بالنار ثم قال صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما رواه البخاري .
1610 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة تعرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم: من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها إليها ورأى قرية نمل قد حرقناها، فقال: من حرق هذه ؟ قلنا: نحن .
قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار .
رواه أبو داود بإسناد صحيح .
قوله: قرية نمل معناه: موضع النمل مع النمل .
:
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب تحريم التعذيب بالنار، يعني أنه لا يحل لإنسان أن يعذب أحدا بالإحراق، لأنه يمكن التعذيب بدونه، ويمكن إقامة الحدود بدون ذلك، فيكون الإحراق زيادة تعذيب لا حاجة لها .
ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجالا في سرية وقال: إذا وجدتم فلانا وفلانا لرجلين سماهما فأحرقوهما بالنار فاعتمد الصحابة ذلك امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فلما أرادوا الخروج، قال كنت قلت: كذا وكذا ولكن لا يعذب بالنار إلا الله عز وجل فإن وجدتموهما فاقتلوهما فنسخ النبي صلى الله عليه وسلم أمره الأول بأمره الثاني، أمره الأول أن يحرقا وأمره الثاني أن يقتلا، فدل ذلك على أن الإنسان إذا استحق القتل فإنه لا يحرق بالنار وإنما يقتل قتلا عاديا حسب ما تقتضيه النصوص الشرعية .
وكذلك الحديث الذي رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم مضى لحاجته فوجد الصحابة حمرة، نوع من الطيور، معها ولداها، فأخذوا ولديها، فجعلت تعرش، يعني تحوم حولهم، كما هو العادة أن الطائر إذا أخذ أولاده جعل يعرض ويحوم ويصيح لفقد أولاده، لأن الله سبحانه وتعالى جعل في قلوب البهائم رحمة لأولادها، حتى أن البهيمة لترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه، وهذا من حكمة الله عز وجل، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلق ولديها لها، فأطلقوا ولديها، ثم مر بقرية نمل قد أحرقت فقال: من أحرق هذا ؟ قالوا: نحن يا رسول الله .
قرية النمل يعني مجتمع النمل، جحورها، أحرقوها بالنار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار فنهى عن ذلك، وعلى هذا إذا كان عندك نمل فإنك لا تحرقها بالنار وإنما تضع شيئا يطردها مثل الجاز إذا صفيته على الحجر فإنها تنفر بإذن الله ولا ترجع، وإذا لم يمكن اتقاء شرها إلا بمبيد يقتلها نهائيا، أعني النمل، فلا بأس، لأن هذا دفع لأذاها، وإلا فالنمل مما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله، لكن إذا آذاك ولم يندفع إلا بالقتل فلا بأس بقتله
باب تحريم مطل الغني بحق طلبه صاحبه
قال الله تعالى: { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } وقال تعالى: { فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته }
1611 -