اللهم صلى على سيدنا محمد الذي أرسله الله بالدين القيوم الصواب واختصه الله بالكتاب المنير الثاقب وجباه بالفضل المبين الراتب وأحله من منازل الشرف في أعلى المراتب بمحمد تصفو الموارد هماء على الصماء المقارب عبد جباه ربه بنفيس مخزون المواهب أعطاه من إحسانه فأفاق همه كل طالب وحمى أباه وأمه من كل ما للعرض ثالب آباؤه من عهد آدم كلهم في المجد راتب يتنزهون عن الفواحش والمعايب والمثالب حتى أقروه بأشرف منصب من آل غالب قوم لهم شرف يفوق المناسب والمناصب حملت به البكر بطالع في السعد ثاقب حتى إذا ما حان مولده المفرج للكرائب جاءت به بدرا أضاءت له المشارق والمغارب وجلا بطلعته المنيرة دجى الكفر الغياهب وتباشرت بقدومه الأفلاك حافلة الكواكب يا رب بلغنا به ولجميع من في الخير راغب عفوا ومغفرة وفوزا بالمواهب والرغائب حتى نرافق أحمد بالخلد في أعلا المراتب سبحان من كتب الموت على من تحت عرشه سبحانة من تفرد بالوجود الأزلي والبقاء السرمدي دون خلقه سبحان من ساوى بين البرية في ورود حياض المنية فلا القوي يعتصم منها بقوته ولا العزيز يرتفع عنها بعزته قضاء وفضل سبقت به إلا إلاهيته والأقدار وحكم عدل حكم به من كل شيء عنده بمقدار فمن سخط فله السخط ومن رضي فله الرضا لأن القدير إذا طلب أدرك وإذا حكم أمضى سكرة الموت لا تحيا إلا بالحق والرضا بالحق واجب على جميع الخلق إن لملك الملوك قدرة دائرتها محيطة لا يخرج عنها دودوح من سكان البسيطة فالحمد لله على رحمته فيما من به من الحياة وعلى حكمته فيما حكم به من الممات والحمد لله الذي يحيينا بعد الوفاة ويجمعنا بعد الشتات إن عاملنا بما نحبه فمن خزائن الرحمة والفضل وإن فعل بنا ما نكرهه فمن باب الحكمة والعدل فشكره واجب علينا إذا ذكرنا بفضله والرضا عنه لازم لنا إذا عاملنا بعدله وكل ذلك مما سطرته أقلامه وشرعته أحكامه تقدس الذي صنع فأتقن ولم يكن له في صنعته مشير وخلق فأحسن ولم يكن له على خلقه ظهير تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياةليبلوكم أيكم أحسن عملا وهوالعزيز الغفور أما بلوى الحياة فإن راميها يصلح لكسب الخير والشر فكاسب الخير صابر على مصير أهله وكاسب الشر سيجزى على فعله بمثله أما بلوى العباد فإذا حضرتهم الوفاة إنقسموا إلى محب وكاره للفناء وراض وساخط للقضاء فمن مات على حال من هذه الأحوال ختم عمله بها وألحق بأهلها فقوله ليبلوكم أيكم أحسن عملا معناه يختبركم فينظر أيكم له أطوع وإلى رضاه أطلب وأسرع وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه يقول إن الله أذل ابن آدم بالموت وعن قتادة في قوله تعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم قال أذل الله ابن آدم بالموت وجعل الدنيا دار حياة ودار فناء وجعل الآخرة دار جزاء ودار وبقاء فقد اتضح بهذا الحديث والأثر أن في الموت حكمة لمن أراد التدبر وعبرة لمن اعتبر فمن الحكمة في الموت وضع عماد المتكبرين وتنغيص حياة المترفين وتكذيب ظنون الآملين وتنبيه عقول الغافلين وإزعاج قلوب المطمئنين ورفع أيدي المتسلطين وتخفيف أثقال العبادة عن العاملين وفوز المحبين بلقاء من كانوا إليه مشتاقين ولو لم يكن في الموت إلا أنه قضاء رب العالمين لكان الرضا به فرضا لازما لجميع المؤمنين الموت انقطاع عن دارالفناء واتصال بدار البقاء وخروج من دار العمل ودخول في دار الجزاء الموت راحة المسيء والمحسن أما المسيء فينقطع عنه استمرار طغيانه وأما المحسن فيفضي إلى دار الجزاء على إحسانه الموت فيه لقاء الأحباب وإحراز الثواب فليس يكرهه إلا مريب مرتاب الموت فيه تواصل الأحباب و به حياة المؤمن الأواب يشتاقه البر المطيع لأنه يفضي إلى زلفى وحسن مآب يحلو الممات لمن رجا بمماته لقيا الكريم الماجد الوهاب ويحيد منه كافر أو فاجر قد يشرده سخطه وعقاب فامهد لنفسك قبل موتك موقنا أن الممات مقطع الأسباب واعلم بأنك عن قريب خالد في دار خلد أو أليم عقاب سيصحو السكران من سكره حين لا يمكنه تلافي أمره سيندم المضيع على تضييعه إذا قابله أمر صنيعه سيقصر الأمل من أمله وقت هجوم أجله ونفاذ أكله وتعذر الزيادة في عمله والخروج من أهله وماله هنالك يستحيل حلو العيش مرا وينقلب عرف الأمر نكرا ويعلم جامع الحطام أن الباقيات الصالحات أنفع ذخرا ليس في ظل الدنيا مقيل ولا على هذه الحياة تعويل كيف يطمع في الإقامة في دار الرحيل كيف يضحك من هو محفوف بموجبات العويل أسمعنا الغير فتصاممنا وأيقظنا الغير فتناومنا ورضينا بالحياة الدنيا من الآخرة واشترينا ما يفنى بما لا يفنى فتلك إذا صفقة خاسرة أين الآذان الواعية أين الأعين الباكية قول بلا فعال وأمر بلا امتثال رسل ملك الموت على أنفسنا في كل نفس واردة وأجساد أحبتنا تحت أطباق الثرى هامدة قد أوحشت منهم ديارهم ودرست رسومهم وآثارهم وحالت في اللحود أحوالهم وتقطعت بالبلاء أوصالهم ومحت أيدي الحوادث والغير والقبور محاسن تلك الصور وأطبقت عليهم ظلمات تلك الحفر فلا شمس فيها ولا قمر ونحن عما قريب إلى ما صاروا إليه صائرون وبالكأس الذي شربوا منه شاربون ثم مع هذا اليقين إلى دار الغرور راكنون فإذا الذنوب قد رانت على القلوب وقلة حياء من مراقبة علام الغيوب فيا ويح نفس عما يراد بها غافلة لا تستعد لما هي إليه صائرة وعليه حاصلة ولا تزهد فيما هي له مفارقة وعنه زائلة نور العارفين إلى من أشكو ألوم نفس شحيحة على الخيرقد أضنى فؤادي علاجها إذا سألتني شهوة منعتها أدامت سؤالي واستمرت لجاجها وإن سمتها خيرا تفوز بنفعه غدا نفرت منه ودام أمر انزعاجها فقد ضقت يا مولاي ذرعا وأظلمت على الأرض الفضاء فجاجها فهب لي يا نور السموات فطرة يضيء لعيني في السلوك شراحها الله نور السموات والأرض فمن لم يستر قلبه بالله فهو في ظلمات بعضها فوق بعض من كثرت رؤيته الآنوار في منامه فالغالب عليه الذكر ومن كثرت رؤيته المصابيح النارية فالغالب عليه الفكر أهل الذكر يستمدون من العقل والإيمان أشرف من العقل فمزيته عليه كمزية ضوء النور على ضوء النار في الفضل قال بعض العارفين نمت ليلة وعندي قنديل مسرج فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء في صورة المنكر علي وهو يقول أما علمت أن النور للمحمدي والنار للموسوي ثم أشار إلى القنديل بيده فأطفأه فانتبهت والقنديل قد أطفيء فاشكروا الله يا أتباع محمد المصطفى فنوركم بمتابعة نور لا يطفأ جعل الله دينكم أسهل الأديان وأسمحها وكتابكم أوضح الكتب وأحكمها ونبيكم أرحم الأنبياء بأمته وأنصحها جعلنا الله من أتباعه المفلحين باتباعه وجعلنا من العاملين بكتابه وحشرنا في جملة أحبابه فإنه لا حول ولا قوة لنا إلا به