منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] . I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] . I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] . I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] . I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] . I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] . I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] . I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] . I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] . I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] .

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] . Empty
مُساهمةموضوع: خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] .   خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] . I_icon_minitimeالخميس أغسطس 20, 2015 9:24 am

ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] .
العذاب: عذاب الدنيا. أي: بنصر المؤمنين على الكافرين وإهانتهم وإذلالهم {وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] أي: ما ينتظرهم من عذابها، وعند ذلك: {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً} [مريم: 75] لكنه عِلْم لا يُجدي، فقد فات أوانه، فالموقف في الآخرة حيث لا استئناف للإيمان، فالنكاية هنا أعظم والحسرة أشدّ.
لكن، ما من مناسبة ذكر الجند هنا والكلام عن الآخرة؟ وماذا يُغني الجند في مثل هذا اليوم؟ قالوا: هذا تهكُّم بهم كما في قوله تعالى: {احشروا الذين ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله فاهدوهم إلى صِرَاطِ الجحيم} [الصافات: 2223] ، فهل أَخْذهم إلى النار هداية؟
ثم يلتفت إليهم: {مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمُ اليوم مُسْتَسْلِمُونَ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ قالوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ اليمين قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ} [الصافات: 2530] .
أي: لم نُجبركم على شيء، مجرد أنْ أشَرْنَا لكم أطعتمونا.
لذلك، سيقولون في موضع آخر: {رَبَّنَآ أَرِنَا الذين أَضَلاَّنَا مِنَ الجن والإنس نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأسفلين} [فصلت: 29] .

(15/9172)

وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)

قلنا: إن للهداية معنيَيْن: هداية بمعنى الدلالة على الخير وبيان طريقه، وهداية المعونة والتوفيق للإيمان، فمَنْ صدّق في الأُولى أعانه الله على الأخرى، ومن ذلك قوله تعالى: {والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ} [محمد: 17] .
وقوله تعالى: {والباقيات الصالحات خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً} [مريم: 76] الباقيات الصالحات: هي الأعمال الصالحة التي كانت منك خالصةً لوجه الله: {خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً} [مريم: 76] هذه هي الغاية التي ننتظرها ونسعى إليها، فساعةَ أنْ تقارن السُّبل الشاقة فاقْرِنها بالغاية المسعدة، فيهون عليك عناء العبادة ومشقّة التكليف.
وقوله: {وَخَيْرٌ مَّرَدّاً} [مريم: 76] أي: مرجعاً تُرَدُّ إليه.
ثم يقول الحق سبحانه: {أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ}

(15/9173)

أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)

نلاحظ هنا أن القرآن لم يذكر لنا هذا الشخص الذي قال هذه

(15/9173)

المقولة ولم يُعيِّنه، وإنْ كان معلوماً لرسول الله الذي خُوطب بهذا الكلام؛ وذلك لأن هذه المقولة يمكن أنْ تُقال في زماننا وفي كل زمان، إذنْ: فليس المهم الشخص بل القول نفسه. وقد أخبر عنه أنه أمية بن خلف، أو العاصي بن وائل السَّهْمي.
وقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ} [مريم: 77] يعني: ألم تَرَ هذا، كأنه يستدلّ بالذي رآه على هذه القضية {الذي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً} [مريم: 77] ويروي أنه قال: إنْ كان هناك بَعْثٌ فسوف أكون في الآخرة كما كنت في الدنيا، صاحبَ مال وولد.
كما قال صاحب الجنة لأخيه: {وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً} [الكهف: 36] .
والإنسان لا يعتزّ إلا بما هو ذاتيّ فيه، وليس له في ذاتيته شيء، وكذلك لا يعتز بنعمة لا يقدر على صيانتها، ولا يصون النعمة إلا المنعِم الوهاب سبحانه إذن: فَلِمَ الاغترار بها؟
لذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ} [الملك: 30] .
ويقول: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ الله وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الكافرين مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الملك: 28] .
ثم يردُّ الحق تبارك وتعالى على هذه المقولة الكاذبة: {أَطَّلَعَ الغيب أَمِ اتخذ}

(15/9174)

أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)

يعني: أَقُلْتَ هذا القول مُتطوِّعاً به من عند نفسك، أم اطلعتَ على الغيب، فعرفتَ منه ما سيكون لك في الآخرة: {أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً} [مريم: 78] أي: أعطاه الله تعالى عهداً بأن يكون له في الآخرة كما له في الدنيا، فإمّا هذه وإمّا هذه، فأيُّهما توافرتْ لك حتى تجزم بهذا القول؟
وهذا المعنى واضح في قوله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ المسلمين كالمجرمين مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إلى يَوْمِ القيامة إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} [القلم: 3539] .
والمراد: مَنْ يضمن لهم هذا الذي يدَّعونه؟
وقد أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ أدخل على مؤمن سروراً فقد أخذ العهد من الله» ، «ومَنْ صلى الصلوات بفرائضها وفي وقتها فقد أخذ العهد من الله» .
فمَنْ هؤلاء الذين لهم عَهْد من الله تعالى ألاَّ يدخلهم النار؟
والعَهْد: الشيء الموثّق بين اثنين، والعهد إنْ كان بين الناس فهو عَهْد غير موثوق به، فقد ينفذ أو لا ينفذ؛ لأن الإنسانَ أبنُ أغيار، ويمكن أنْ تحُول الظروف بينه وبين ما وعد به، أما إنْ كان

(15/9175)

العهد من الله تعالى المالك لكل شيء، وليست هناك قوة تبطل إرادته تعالى، فهو العَهْد الحقّ الموثوق به، والذي لا يتخلف أبداً.
فحين تعاهد ربك على الإيمان فإنك لا تضمن ما يطرأ عليك من الأغيار، أما حين يعاهدك ربك على الجزاء، فثِقْ أنه نافذ لا يُخلَف.
لذلك، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما أراد أن ينصحَ الإمام علياً رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: «أدعو الله أن يجعل لك عهداً في قلوب المؤمنين» .
أي: حُباً ومودة في قلوبهم، وما دام أن الله أعطاه هذا العهد، فهو نافذ مُحقَّق.
واختار هنا اسم الرحمن لما فيه من صفة الرحمانية التي تناسب المعونة على الوفاء.
ثم يقول الحق سبحانه: {كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ}

(15/9176)

كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79)

كلا: أداة لنفي ما قيل قبلها وإبطاله، أي: قوله: {لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً أَطَّلَعَ الغيب أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً} [مريم: 7778] ثم يأتي ما بعد كلا حُجة، ودليلاً على النفي.
وقد ورد هذا الحرف (كَلاَّ) في قوله تعالى: {فَأَمَّا الإنسان إِذَا

(15/9176)

مَا ابتلاه رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ ربي أَكْرَمَنِ وَأَمَّآ إِذَا مَا ابتلاه فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ ربي أَهَانَنِ كَلاَّ} [الفجر: 1517] .
فالحق تبارك وتعالى ينفي الكلام السابق؛ لأن النعمة وسَعَة الرزق ليست دليلَ إكرام، كما أن الفقر وضِيق الرزق ليس دليلَ إهانةٍ، فكلاهما ابتلاء واختبار كما أوضحتْ الآيات، فإتيان النعمة في حَدِّ ذاته ليس هو النعمة إنما النعمة هي النجاح في الابتلاء في الحالتين.
فقد يعطيك الله المال فلا تصرفه فيما أحلَّ الله، فيكون لك فتنة وتخفق في الاختبار، إذن: لم يكرمك بالمال، بل جعله لك وسيلة إغواء وإغراء، فبيدك يتحوَّل المال إلى نعمة أو نقمة، ويكون إكراماً أو إهانة.
وقوله تعالى:
{سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العذاب مَدّاً} [مريم: 79] .
لقد جاءت كلمة (سَنَكْتُبُ) حتى لا يؤاخذه سبحانه وتعالى يوم القيامة بما يقول هو إنه فعله، ولكن بما كتب عليه وليقرأه بنفسه، وليكون حجة عليه، كأن الكتابة ليست كما نظن فقط، ولكنها تسجيل للصوت وللأنفاس، ويأتي يوم القيامة ليجد كل إنسان ما فعله مسطوراً.
يقول تعالى: {اقرأ كتابك كفى بِنَفْسِكَ اليوم عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء: 14] وهذا القول يدل على أنه ساعة يرى الإنسان ما كتب في

(15/9177)

الكتاب سيعرف أنه منه، وإذا كنا نحن الآن نسجل على خصومنا أنفاسهم وكلماتهم، أتستبعد على من علمنا ذلك أن يسجل الأنفاس والأصوات والحركات بحيث إذا قرأها الإنسان ورآها لا يستطيع أن يكابر فيها أو ينكرها.
وقوله سبحانه: {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العذاب مَدّاً} [مريم: 79] أي: يزيده في العذاب، لأن المد هو أن تزيد الشيء، ولكن مرة تزيد في الشيء من ذاته، ومرة تزيد عليه من غيره، قد تأتي بخيط وتفرده إلى آخره، وقد تصله بخيط آخر، فتكون مددته من غيره، فالله يزيده في العذاب.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ}

(15/9178)

وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)

أي: في حين ينتظر أنْ نزيدَه ونعطيه سنأخذ منه {وَنَرِثُهُ} [مريم: 80] أي: نأخذ منه كما في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرض وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [مريم: 40] .
وقوله: {وَكُنَّا نَحْنُ الوارثين} [القصص: 58] .
فكأن قوله تعالى: {وَنَرِثُهُ} [مريم: 80] تقابل قوله: {لأُوتَيَنَّ مَالاً} [مريم: 77] وقوله تعالى: {وَيَأْتِينَا فَرْداً} [مريم: 80] تقابل {وَوَلَداً} [مريم: 77] ، فسيأتينا من القيامة فَرْداً، ليس معه من أولاده أحد يدفع عنه.
ثم يقول الحق سبحانه: {واتخذوا مِن دُونِ الله}

(15/9178)

وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81)

آلهة: جمع إله، وهو المعبود والرب الذي أوجدك من عَدَم، وأمدّك من عُدْم، وتولاّك بالتربية، فعطاء الألوهية تكليف وعبادة، وعطاء الربوبية نِعَم وهِبَات. إذن: فمَنْ أَوْلى بعبادتك ومَنْ أحقّ بطاعتك؟
هؤلاء الذين اتخذوا من دون الله آلهة من شمس، أو قمر، أو حجر، أو شجر، بماذا تعبَّدتكم هذه الآلهة؟ بماذا أمرتكم؟ وعن أي شيء نهتْكُم؟ وبماذا أنعمتْ عليك؟ وأين كانت وأنت جنين في بطن أمك؟
إن أباك الذي رباك وأنت صغير وتكفَّل بكل حاجياتك، وأمك التي حملتْك في بطنها وسهرتْ على راحتك، هما أوْلَى الناس بطاعتك، ولا ينبغي أنْ تُقدِّم على أمرهما أمراً. أما أنْ يستحوذَ عليك آخرون، ويكون لهم طاعتك وولاؤك دون أبويْك فهذا لا يجوز وأنت في رَيْعان شبابك وأَوْج قوتك.
لذلك، من أصول التربية أنْ يُربّي الآباء أبناءهم على السمع والطاعة لهم، ونُحذِّرهم من طاعة الآخرين خاصة غير المؤتمنين على التربية، من العامة في الشارع، أو أصدقاء السُّوء الذين يجرُّون الأبناء على مَا لا تُحمد عُقباه.
والآن نُحذّر أبناءنا من السَّيْر مع شخص مجهول، أو قبول طعام، أو شراب منه. وما نراه في عصرنا الحاضر يُغني عن الإطالة في هذه المسالة. هذه إذن مناعة يجب أنْ تُعطَى للأبناء، كالمناعة ضد الأمراض تماماً.
وهكذا الحالُ فيمَنْ اتخذوا من دون الله آلهة وارتاحوا إلى إله لا تكليفَ له ولا مشقةَ في عبادته، إله يتركهم يعبدونه كما يحلو

(15/9179)

لهم، إنهم أخذوا عطاء الربوبية فتمتّعوا بنعمة الله، وتركوا عطاء الألوهية فلم يعبدوه سبحانه وتعالى.
ولما كان الإنسان متديناً بطبعه فقد اختار هؤلاء ديناً على وَفْق أهوائهم وشهواتهم، واتخذوا آلهة لا أمرَ لها ولا تكليفَ. ومن ذلك ما نراه من كثير من المثقفين الذين يأخذون دين الله على هواهم، ويطيعون أعداء الله في قضايا بعيدة كل البُعْد عن دين الله، وهم أصحاب ثقافة وعقول ناضجة، ومع ذلك يُقنعون أنفسهم أنهم على دين وأنهم على الحق.
ثم يقول تعالى: {لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً} [مريم: 81] العز: هو الغَلَبة والامتناع من الغير، بحيث لا ينال أحد منه شيئاً، يقولون: فلان عزيز أي: لا يُغلب.
ولنا أن نسأل: ما العزة في عبادة هذه الآلهة؟ وما الذي سيعود عليكم من عبادتها؟ لذلك يردُّ عليهم الحق تبارك وتعالى: {كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ}

(15/9180)

كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)

كلا: تنفي أن يكون لهؤلاء عِزٌُّ في عبادة ما دون الله، بل {كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ} [مريم: 82] .
هذه الآلهة نفسها ستكفر بعبادتهم، وتنكر أن تكون هي آلهة من دون الله، وأكثر من ذلك {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} [مريم: 82] أي: في حين اتخاذها الكفار آلهة من دون الله وطلبوا العزة في عبادتها تنقلب عليهم، وتكون ضِدّاً لهم وخَصْماً.

(15/9180)

والضد: هو العدو المخالف لك، والذي يحاول أنْ ينكِّل بك. وفي القرآن الكريم حوارات كثيرة بين هذه المعبودات ومَنْ عبدوها، فمثلاً الذين عبدوا الملائكة واتخذوها آلهةً من دون الله: يسأل الله الملائكة: {أهؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ} ؟ [سبأ: 40] فيُجيبون: {سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ} [سبأ: 41] .
ويقول الحق سبحانه وتعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الذين اتبعوا مِنَ الذين اتبعوا} [البقرة: 166] .
لذلك يقول الحق تبارك وتعالى عن هؤلاء: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ الله مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إلى يَوْمِ القيامة وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ} [الأحقاف: 5] .
إذن: ما ظنَّه الكفار عِزّاً ومَنَعة صار عليهم ضِدّاً وعداوة، كالفتاة التي قالتْ لأبيها: يا أبتِ ما حملك على أنْ تقبلني مخطوبة لابن فلان؟ أي: ماذا أعجبك فيه؟ قال: يا بُنيّتي إنهم أهل عِزٍّ وأهل جاهٍ وشرف وأهل قوة ومنعة، فقالت: يا أبتِ لقد قدَّرْتَ أن يكون بيني وبين ابنهم وُدٌّ، ولم تٌقدِّر أن يكون بيني وبينه كراهية، فإن حدثتْ الكراهية سيكون ما قلته ضدك، وستشْقى أنت بهذا العزّ وبهذا الجاه.
ومن الناس من اتخذ من المال إلهاً، على حَدِّ قَوْل الشاعر:
وَللمالِ قَوْمٌ إنْ بَدا المالُ قَائِلاً ... أنَا المالُ قالَ القومُ إيَّاكَ نعبُدُ
وهؤلاء الذين يعبدون المال، ويروْن فيه القوة، ويعتزُّون به لا يدرون أنه سيكون وَبَالاً ونَكالاً عليهم يوم القيامة: {يَوْمَ يحمى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فتكوى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 35] .

(15/9181)

وهكذا، كلما زاد حرصه على المال زاد كَيُّه. وتلحظ في الآية الترتيب الطبيعي لموقف السؤال حين يقف السائلُ الفقير أمام الغني اللئيم، فأوَّل ما يطالع السائل يتغيّر وجهه، ثم يُشيح عنه بوجهه، فيعطيه جَنْبه، ثم يُدير له ظهره مُعْرِضاً عنه، وبنفسِ هذا الترتيب يكون العذاب ويكون الكيُّ والعياذ بالله. وينقلب المال الذي ظَنّ العزة فيه إلى نكَالٍ ووبَالٍ.
يقول تعالى: {وَإِذَا حُشِرَ الناس كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 6] .
حتى الجوارح التي تمتعتْ بمعصيتك في الدنيا ستشهد عليك: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النور: 24] .
ذلك لأنك غفلتَ عمَّنْ كان يجب ألاَّ تغفل عنه، وذكرت مَنْ كان يجب ألاَّ تذكره، فالإله الحق الذي غفلْتَ عنه يطلبك الآن ويحاسبك، والإله الباطل الذي اتخذته يتخلى عنك ويُسلمِك للهلاك.
ثم يقول الحق سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا}

(15/9182)

أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)

الأزُّ: هو الهزُّ الشديد بعنف أي: تُزعجهم وتُهيجهم، ومثْلُه النزغ في قوله سبحانه وتعالى: {وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله} [الأعراف: 200] .
والأَزّ أو النَّزْغ يكون بالوسوسة والتسويل ليهيجه على المعصية والشر، كما يأتي هذا المعنى أيضاً بلفظ الطائف، كما في قوله

(15/9182)

تبارك وتعالى: {إِنَّ الذين اتقوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشيطان تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] .
وهذه الآية: {أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشياطين} [مريم: 83] تثير سؤالاً: إذا كان الحق تبارك وتعالى يكره ما تفعله الشياطين بالإنسان المؤمن أو الكافر، فلماذا أرسلهم الله عليه؟
أرسل الله الشياطين على الإنسان لمهمة يؤدونها، هذه المهمة هي الابتلاء والاختبار، كما قال تعالى: {أَحَسِبَ الناس أَن يتركوا أَن يقولوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2] .
إذن: فهم يُؤدُّون مهمتهم التي خُلِقوا من أجلها، فيقفوا للمؤمن ليصرفوه عن الإيمان فيُمحص الله المؤمنين بذلك، ويُظهر صلابة مَنْ يثبت أمام كيد الشيطان.
وقلنا: إن للشيطان تاريخاً مع الإنسان، بداية من آدم عليه السلام حين أَبَى أن يطيع أمر الله له بالسجود لآدم، فطرده الله تعالى وأبعده من رحمته، فأراد الشيطان أنْ ينتقمَ من ذرية آدم بسبب ما ناله من آدم، فقال: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82] .
وقال: {قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المستقيم} [الأعراف: 16] .
وهكذا أعلن عن منهجه وطريقته، فهو يتربص لأصحاب الاستقامة، أما أصحاب الطريق الأعوج فليسوا في حاجة إلى إضلاله وغوايته.
لذلك نراه يتهدد المؤمنين: {ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ} [الأعراف: 17] .

(15/9183)

ومعلوم أن الجهات ست، يأتي منها الشيطان إلا فوق وتحت؛ لأنهما مرتبطتان بعزِّ الألوهية من أعلى، وذُلّ العبودية من أسفل، حين يرفع العبد يديه لله ضارعاً وحين يخِرُّ لله ساجداً؛ لذلك أُغلِقَتْ دونه هاتان الجهتان؛ لأنهما جهتا طاعة وعبادة وهو لا يعمل إلا في الغفلة ينتهزها من الإنسان.
والمتأمل في مسألة الشيطان يجد أن هذه المعركة وهذا الصراع ليس بين الشيطان وربه تبارك وتعالى، بل بين الشيطان والإنسان؛ لأنه حين قال لربه تعالى: {فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82] التزم الأدب مع الله.
فالغواية ليست مهارة مني، ولكن إغويهم بعزتك عن خَلْقك، وترْكِكَ لهم الخيارَ ليؤمن مَنْ يؤمن، ويكفر مَنْ يكفر، هذه هي النافذة التي أنفذ منها إليهم، بدليل أنه لا سلطانَ لي على أهلك وأوليائك الذين تستخلصهم وتصطفيهم: {إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين} [ص: 83] .
وهنا أيضاً يثار سؤال: إذا كان الشيطان لا يقعد إلا على الصراط المستقيم لِيُضلَّ أهله، فلماذا يتعرَّض للكافر؟
نقول: لأن الكافر بطبعه وفطرته يميل إلى الإيمان وإلى الصراط المستقيم، وها هو الكون يآياته أمامه يتأمله، فربما قاده التأمل في كَوْن الله إلى الإيمان بالله؛ لذلك يقعد له الشيطان على هذا المسلْك مسلْك الفكر والتأمل لِيحُول بينه وبين الإيمان بالخالق عَزَّ وَجَلَّ.
فالشيطان ينزغك، إما ليحرك فيك شهوة، أو ليُنسِيك طاعة، كما قال تعالى: {وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشيطان} [الكهف: 63] .

(15/9184)

وقال: {وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشيطان فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذكرى مَعَ القوم الظالمين} [الأنعام: 68] .
وكثير من الإخوان يسألون: لماذا في الصلاة بالذات تُلِحُّ علينا مشاكل الحياة ومشاغل الدنيا؟
نقول: هذه ظاهرة صحية في الإيمان، لأن الشيطان لولا علمه بأهمية الصلاة، وأنها ستُقبل منك ويُغفر لك بها الذنوب ما أفسدها عليك، لكن مشكلتنا الحقيقية أننا إذا أعطانا الشيطان طرفَ الخيط نتبعه ونغفل عن قَوْل ربنا تبارك وتعالى:
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله} [فصلت: 36] .
فما عليك ساعةَ أنْ تشعر أنك ستخرج عن خطِّ العبادة والإقامة بين يدي الله إلاَّ أنْ تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، حتى وإنْ كنت تقرأ القرآن، لك أنْ تقطعَ القراءة وتستعيذ بالله منه، وساعةَ أن يعلم منك الانتباه لكيده وألاعيبه مرة بعد أخرى سينصرف عنك وييأس من الإيقاع بك.
وسبق أن ضربنا لذلك مثلاً باللص؛ لأنه لا يحوم حول البيت الخرب، إنما يحوم حول البيت العامر، فإذا ما اقترب منه تنبّه صاحب البيت وزجره، فإذا به يلوذ بالفرار، وربما قال اللص في نفسه: لعل صاحب البيت صاح مصادفة فيعاود مرة أخرى، لكن صاحب الدار يقظٌ منتبه، وعندها يفرُّ ولا يعود مرة أخرى.
ويجب أن نعلم أن من حيل الشيطان ومكائده أنه إذا عَزَّ عليه إغواؤك في باب، أتاك من باب آخر؛ لأنه يعلم جيداً أن للناس مفاتيح، ولكل منا نقطة ضعف يُؤتَى من ناحيتها، فمن الناس مَنْ

(15/9185)

لا تستميله بقناطير الذهب، إنما تستميله بكلمة مدح وثناء. وهذا اللعين لديه (طفاشات) مختلفة باختلاف الشخصيات.
لذلك من السهل عليك أنْ تُميِّز بين المعصية إنْ كانت من النفس أم من الشيطان: النفس تقف بك أمام شهوة واحدة تريدها بعينها ولا تقبل سواها، فإنْ حاولتَ زحزحتها إلى شهوة أخرى أبتْ إلا ما تريد، أما الشيطان فإنْ عزَّتْ عليك معصية دعاك إلى غيرها، المهم أن يُوقِع بك.
فالحق تبارك وتعالى يُحذرنا الشيطان؛ لأنه يحارب في الإنسان فطرته الإيمانية التي تُلح عليه بأن للكون خالقاً قادراً، والدليل على الوجود الإلهي دليل فطري لا يحتاج إلى فلسفة، كما قال العربي قديماً: البعرة تدل على البعير، والقدم تدل على المسير. . سماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير؟!
وكذلك، فكل صاحب صنعة عالم بصنعته وخبير بدقائقها ومواطن العطب فيها، فما بالك بالخالق سبحانه: {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطيف الخبير} [الملك: 14] .
إذن: فالأدلة الإيمانية أدلة فطرية يشترك فيها الفيلسوف وراعي الشاة، بل ربما جاءت الفلسفة فعقَّدتْ الأدلة.
ولنا وقفة مع قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشياطين} [مريم: 83] ومعلوم أن عمل الشيطان عمل مستتر، كما قال تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27] .

(15/9186)

فكيف يخاطب الحق تبارك وتعالى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في هذه المسألة بقوله: {أَلَمْ تَرَ} [مريم: 83] وهي مسألة لا يراها الإنسان؟
نقول: {أَلَمْ تَرَ} [مريم: 83] بمعنى ألم تعلم؟ فعدَل عن العلم إلى الرؤيا، كما في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفيل} [الفيل: 1] والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يَرَ هذه الحادثة، فكيف يخاطبه ربه عنها بقوله: {أَلَمْ تَرَ} [الفيل: 1] ؟
ذلك، ليدلك على أن إخبار الله لك أصحُّ من إخبار عينك لك؛ لأن رؤية العين بما تخدعك، أمّا إعلام الله فهو صادق لا يخدعك أبداً. فعلمك من إخبار الله لك أَوْلَى وأوثق من علمك بحواسِّك.
والشياطين: جمعه شيطان، وهو العاصي من الجنّ، والجن خَلْق مقابل للإنسان قال الله عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الصالحون وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً} [الجن: 11] فَمنْ هم دون الصالحين، هم الشياطين.
ثم يقول الحق سبحانه: {فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ}

(15/9187)

فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)

تمنّى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لو أن الله أراحه من رؤوس الكفر وأعداء الدعوة، فقال تعالى: {فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً} [مريم: 84] فالله يريد أنْ تطول أعمارهم، وتسوء فعالهم، وتكثر ذنوبهم، فالكتبة يعدُّون عليهم ويُحْصُون ذنوبهم.
ومعنى: {إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً} [مريم: 84] أنها مسألة ستنتهي؛

(15/9187)

لأن كل ما يُعَدّ ينتهي، إنما الشيء الذي لا يُحصَى ولا يَعُدُّ فلا ينتهي، كما في قول الحق سبحانه وتعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34] .
لأن نِعَم الله لا تُحصَى ولا تُعَدُّ ولا تنتهي؛ لذلك سُبِقَتْ بإن التي تفيد الشكِّ، فهي مسألة لا يجرؤ أحد عليها؛ لأن: {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ} [النحل: 96] .
وها نحن نرى علم الإحصاء وما وصل إليه من تقدّم حتى أصبح له جامعات وعلماء متخصصون أدخلوا الإحصاء في كل شيء، لكن لم يفكر أحد منهم أنْ يُحصِي نِعَم الله في كَوْنه، لماذا؟ لأن الإقبال على العَدِّ معناه ظن أنك تستطيع أنْ تنتهي، وهم يعلمون تماماً أنهم مهما عَدُّوا ومهما أَحْصَوا فلن يصِلُّوا إلى نهاية.
إذن: {نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً} [مريم: 84] نُحصي سيئاتهم ونَعدُّ ذنوبهم قبل أن تنتهي أعمارهم، وكلما طالت الأعمار كثرتْ الذنوب، وكل ما ينتهي بالعدد ينتهي بالمُدد.
ثم يقول الحق تبارك وتعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين}

(15/9188)

يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)

الحق تبارك وتعالى أعطانا صوراً متعددة ومشاهد مختلفة ليوم القيامة، فأعطانا صورة للمعبود الباطل، وللعابدين للباطل، وما حدث بين الطرفين من جدال ونقاش، وأعطانا صورة لمن تعاونوا على الشر، ولمَنْ تعاونوا على الخير. وهذه صورة أخرى تعرض للمتقين في ناحية، والمجرمين في ناحية، فما هي صورة المتقين؟

(15/9188)

نحشر: أي: نجمع، والوفد هم الجماعة ترِدُ على الملِك لأخْذ عطاياه، جمعها وفود، والواحد وافد. وهذه حال المتقين حين يجمعهم الله يوم القيامة وَفْداً لأخذ عطايا ربهم تبارك وتعالى. ولا تظن أنهم يُحشَرون ما شين مثلاً، لا، بل كل مؤمن تقي يركب ناقة لم يُرَ مثل حُسْنها، رَحْلها من ذهب، وأزمّتها من الزبرجد.
وفي المقابل يقول الحق تبارك وتعالى: {وَنَسُوقُ المجرمين إلى جَهَنَّمَ}

(15/9189)

وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)

نسوق: والسائق يكون من الخلف ينهرهم ويزجرهم، كما جاء في قوله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور: 13] ولم يقل مثلاً: نقودهم؛ لأن القائد يكون من الأمام، وربما غافله أحدهم وشرد منه.
وقوله تعالى: {وِرْداً} [مريم: 86] الوِرْد: هو الذَّهَاب للماء لطلب الريِّ، أما النار فمحلُّ اللظى والشُّواظ واللهب والحميم. فلماذا سُمِّي إتيان النار بحرِّها ورِدْاً؟
وهذا تهكُّم بهم، كما جاء في آيات أخرى: {وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كالمهل يَشْوِي الوجوه} [الكهف: 29] .
وأنت ساعةَ تسمع (يغاثوا) تنتظر الخير وتأمل الرحمة، لكن هؤلاء يُغاثون بماء كالمهل يشوي الوجوه.

(15/9189)

وكذلك في قوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم} [الدخان: 49] في توبيخ عُتَاة الكفر والإجرام. ومنه قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [لقمان: 7] والبشرى لا تكون إلا بشيء. سَار.
إذن: فقوله تعالى: {وَنَسُوقُ المجرمين إلى جَهَنَّمَ وِرْداً} [مريم: 86] تهكُّم، كما تقول للولد المهمل الذي أخفق في الامتحان: مبروك عليك السقوط.
ثم يقول تعالى: {لاَّ يَمْلِكُونَ الشفاعة إِلاَّ مَنِ اتخذ}

(15/9190)

لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
خواطر--يتبع—44 ثم يقول تعالى: {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} [مريم: 75] .
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خواطر--يتبع—23-- ثم يقول تعالى عن الإفسادة الثانية لبني إسرائيل: {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ المسجد كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً} [الإسراء: 7]
» خواطر--يتبع—10-- ثم يقول تعالى: {حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ. .} [الإسراء: 34]
» خواطر--يتبع—45 يقول تعالى: لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87)
» خواطر--يتبع—4-- وقوله تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكبر أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} [الإسراء: 23]
» خواطر--يتبع—15-- ثم يقول تعالى: {وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 52] الظن: خبر راجح؛ لأنهم مذبذبون في قضية البعث لا يقين عندهم بها.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: ;"> >>> خواطر دينية <<<
 ::  قسم إيمانيات وأخرى ( إيمانيات ومعاني وغير ذلك )
-
انتقل الى: