1442 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به فقال ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل فقال سبحان الله عدد ما خلق في السماء وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض سبحان الله عدد ما بين ذلك وسبحان الله عدد ما هو خالق والله أكبر مثل ذلك والحمد لله مثل ذلك ولا إله إلا الله مثل ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك رواه الترمذي وقال حديث حسن .
1443 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة فقلت بلى يا رسول الله قال لا حول ولا قوة إلا بالله متفق عليه .
الشَّرْحُ
هذان الحديثان في بيان فضل الذكر وقد سبقت أحاديث كثيرة كلها تدل على فضل الذكر فحديث سعد بن أبي وقاص في دخول النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة وبين يديها حصى أو نوى تسبح به فقال ألا أخبرك بما هو أفضل من ذلك فذكر لها تسبيحا سبق نظيره أو قريب منه قوله صلى الله عليه وسلم سبحان الله وبحمده عدد خلقه ( ثلاث مرات ) سبحان الله وبحمده زنة عرشه ( ثلاث مرات ) سبحان الله وبحمده رضا نفسه ( ثلاث مرات ) سبحان الله وبحمده مداد كلماته ( ثلاث مرات ) هذه اثنتا عشرة مرة فيها خير كثير وسبق بيان شرح ذلك .
أما حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة والاستفهام هنا للتشويق يعني يشوقه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يستمع إلى ما يقول قلت بلى يا رسول الله قال لا حول ولا قوة إلا بالله لأن هذه الكلمة فيها التبرء من الحول والقوة إلا بالله عز وجل فالإنسان ليس له حول وليس له قوة فلا يتحول من حال إلى حال ولا يقوى على ذلك إلا بالله عز وجل فهي كلمة استعانة إذا أعياك الشيء وعجزت عنه قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإن الله تعالى يعينك عليه وليست هذه الكلمة كلمة استرجاع كما يفعله كثير من الناس إذا قيل له حصلت المصيبة الفلانية قال لا حول ولا قوة إلا بالله ولكن كلمة الاسترجاع أن تقول إنا لله وإنا إليه راجعون أما هذه فهي كلمة استعانة إذا أردت أن يعينك الله على شيء فقل لا حول ولا قوة إلا بالله وكما مر عليكم في سورة الكهف قصة صاحبي الجنتين قال له صاحبه ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله لكان هذا خيرا لك وأبقى لجنتك ولكنه دخلها وقال { ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة } فأعجب بها وأنكر قيام الساعة فأرسل الله عليها حسبانا من السماء فأصبحت صعيدا زلقا فالمهم أن كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة تقولها أيها الإنسان عندما يعييك الشيء ويثقلك وتعجز عنه قل لا حول ولا قوة إلا بالله ييسر الله لك الأمر والله الموفق .
باب ذكر الله تعالى قائما وقاعدا ومضطجعا ومحدثا وجنبا وحائضا إلا القرآن فلا يحل لجنب ولا حائض
قال الله تعالى { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم } .
1444 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه رواه مسلم .
1445 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضى بينهما ولد لم يضره متفق عليه .
الشَّرْحُ
قال النووي رحمه الله في كتابه ( رياض الصالحين ) باب ذكر الله تعالى قائما وقاعدا ومضطجعا .
يعني أن الإنسان ينبغي له أن يذكر الله تعالى في كل حال قائما وقاعدا وعلى جنبه ثم استشهد رحمه الله بقوله الله تعالى إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم في خلق السماوات والأرض يعني في ذات السماوات وذات الأرض بما فيهما من عجائب مخلوقات الله تعالى آيات لأولي الألباب أولي العقول الذين يدركون ما بآيات الله من الحكم والأسرار فالسماء واسعة عالية والأرض مسطحة مذللة للخلق فيها من آيات الله تعالى من البحار والأنهار والأشجار والجبال وغير ذلك ما يستدل به على خالقها جل وعلا .
وأما اختلاف الليل والنهار فاختلاف الليل والنهار في الطول والقصر والحر والبرد والرخاء والشدة والأمن والخوف والبؤس والعافية وغير ذلك فيها أيضا آيات عظيمة والإنسان إذا طالع التاريخ ورأى تقلبات الليل والنهار واختلافهما رأى من آيات الله العجيبة ما يزداد به إيمانه وقوله { الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم } هذا هو الشاهد يذكرون الله في كل حال قياما وقعودا وعلى جنوبهم في كل حال .
وكذلك ذكر رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل الأحيان أي على كل الأزمان في كل زمن يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجا حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم ندب الإنسان أن يذكر الله عند جماع أهله فقال لو أن أحدكم أتى أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إذا قضى بينهما ولد لم يضره الشيطان ففي هذا دليل على أنه ينبغي لك أن تكثر من ذكر الله في كل حال إلا أن العلماء قالوا لا ينبغي أن يذكر الله تعالى في الأماكن القذرة مثل أماكن قضاء الحاجة ( المراحيض ) ونحوها تكريما لذكر الله عز وجل عن هذه المواضع هكذا ذكر بعض أهل العلم والله أعلم .
باب ما يقوله عند نومه واستيقاظه
1446 - عن حذيفة وأبي ذر رضي الله عنهما قالا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال باسمك اللهم أحيا وأموت وإذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور رواه البخاري .
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله باب ما يقوله عند نومه واستيقاظه من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا أن الله شرع لنا أذكارا عند النوم والاستيقاظ والأكل والشرب ابتداء وانتهاء بل حتى عند دخول الخلاء وعند اللباس كل هذا من أجل أن تكون أوقاتنا معمورة بذكر الله عز وجل ولولا أن الله شرع لنا ذلك لكان بدعة ولكن الله شرع لنا هذا من أجل أن تزداد نعمته علينا بفعل هذه الطاعات .
فمنها هذا الحديث الذي ذكره المؤلف عن حذيفة وأبي ذر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال باسمك اللهم أحيا وأموت .
إذا أوى يعني إذا ذهب إلى فراشه وأراد أن ينام قال باسمك اللهم أحيا وأموت لأن الله سبحانه وتعالى هو المحيي المميت فهو المحيي يحيي من شاء وهو المميت يميت من يشاء فتقول باسمك اللهم أحيا وأموت أي أموت على اسمك وأحيا على اسمك ومناسبة هذا الذكر عند النوم هو أن النوم موت لكنه موت أصغر كما قال تعالى وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم وقال تعالى { الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها } ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل قال الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور فتحمد الله الذي أحياك بعد الموت وتذكر أن النشور يعني من القبور والإخراج من القبور يكون إلى الله عز وجل فتتذكر ببعثك من موتتك الصغرى بعثك من موتتك الكبرى وتقول الحمد لله الذي أحيانا بعد إذ أماتنا وإليه النشور وفي هذا دليل على الحكمة العظيمة في هذا النوم الذي جعله الله راحة للبدن عما سبق وتنشيطا للبدن فيما يستقبل وأنه يذكر أيضا بالحياة الأخرى تذكر بذلك إذا قمت من قبرك بعد موتك حيا إلى الله عز وجل .
وهذا يزيدك إيمانا بالبعث والإيمان بالبعث أمر مهم لولا أن الإنسان يؤمن بأنه سوف يبعث ويجازى على عمله ما عمل ولهذا نجد كثيرا أن الله يقرن الإيمان باليوم الآخر بالإيمان به عز وجل كما قال تعالى { الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر } وآيات كثيرة في هذا فالمهم أنه ينبغي لك إذا أويت إلى فراشك أن تقول باسمك اللهم أحيا وأموتوإذا استيقظت تقول الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور والله الموفق .
باب فضل حلق الذكر والندب إلى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر