ومما يدخل في قوله وتقيم الصلاة أركان الصلاة والأركان هي الأعمال القولية أو الفعلية التي لا تصح الصلاة إلا بها ولا تقوم إلا بها فمن ذلك تكبيرة الإحرام أن يقول الإنسان عند الدخول في الصلاة الله أكبر لا يمكن أن تنعقد الصلاة إلا بذلك فلو نسى الإنسان تكبيرة الإحرام فصلاته غير صحيحة وغير منعقدة إطلاقا لأن تكبيرة الإحرام لا تنعقد الصلاة إلا بها قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل علمه كيف يصلي قال إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر فلابد من التكبير وكان النبي صلى الله عليه وسلم مداوما على ذلك ومن ذلك قراءة الفاتحة فإن قراءة الفاتحة ركن لا تصح الصلاة إلا به لقوله تعالى { فاقرءوا ما تيسر من القرآن } وهذا أمر وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا المبهم في قوله { ما تيسر } وأن هذا هو الفاتحة فقال صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتابوقال كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب أو بأم القرآن فهي خداج أي فاسدة غير صحيحة فقراءة الفاتحة ركن على كل مصل الإمام والمأموم والمنفرد لأن النصوص الواردة في ذلك عامة لم تستثن شيئا وإذا لم يستثن الله ورسوله شيئا فإن الواجب الحكم بالعموم لأنه لو كان هناك مستثنى لبينه الله ورسوله كما قال الله { ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء } ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح صريح في سقوط الفاتحة عن المأموم لا في السرية ولا في الجهرية لكن الفرق بين السرية والجهرية أن الجهرية لا تقرأ فيها إلا الفاتحة وتسكت وتسمع لقراءة إمامك أما السرية فتقرأ الفاتحة وغيرها حتى يركع الإمام لكن دلت السنة على أنه يستثنى من ذلك ما إذا جاء الإنسان والإمام راكع فإنه إذا جاء والإمام راكع تسقط عنه قراءة الفاتحة ودليل ذلك ما أخرجه البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه دخل والرسول صلى الله عليه وسلم راكع في المسجد فأسرع وركع قبل أن يدخل في الصف ثم دخل في الصف فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال أيكم الذي صنع هذا ؟ قال أبو بكرة أنا يا رسول الله قال زادك الله حرصا ولا تعد لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن الذي دفع أبا بكرة لسرعته والركوع قبل أن يصل إلى الصف هو الحرص على إدراك الركعة فقال له زادك الله حرصا ولا تعد أي لا تعد لمثل هذا العمل فتركع قبل الدخول في الصف وتسرع قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتيتم الصلاة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الركعة التي أسرع لإدراكها ولو كان لم يدركها لأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بقضائها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يؤخر البيان عن وقت الحاجة لأنه مبلغ والمبلغ يبلغ متى احتيج إلى التبليغ فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقل له إنك لم تدرك الركعة علم أنه قد أدركها وفي هذا الحال تسقط عنه الفاتحة وهنا تعليل مع الدليل وهو أن الفاتحة إنما تجب مع القيام والقيام في هذه الحال قد سقط من أجل متابعة الإمام فإذا سقط القيام سقط الذكر الواجب فيه فصار الدليل والتعليل يدلان على أن من جاء والإمام راكع فإنه يكبر تكبيرة الإحرام وهو قائم ولا يقرأ بل يركع لكن إن كبر للركوع مرة ثانية فهو أفضل وإن لم يكبر فلا حرج وتكفيه التكبيرة الأولى ويجب أن يقرأ الإنسان الفاتحة وهو قائم وأما ما يفعله بعض الناس إذا قام الإمام للركعة الثانية مثلا تجده يجلس ولا يقوم مع الإمام وهو يقرأ الفاتحة فتجده يجلس إلى أن يصل نصف الفاتحة ثم يقوم وهو قادر على القيام نقول لهذا الرجل إن قراءتك للفاتحة غير صحيح لأن الفاتحة يجب أن تقرأ في حال القيام وأنت قادر على القيام وقد قرأت بعضها وأنت قاعد فلا تصح هذه القراءة أما ما زاد على الفاتحة فهو سنة في الركعة الأولى والثانية وأما في الركعة الثالثة في المغرب أو في الرابعة في الظهر والعصر والعشاء فليس بسنة فالسنة الاقتصار فيما بعد الركعتين على الفاتحة وإن قرأ أحيانا في العصر والظهر شيئا زائدا على الفاتحة فلا بأس به لكن الأصل الاقتصار على الفاتحة في الركعتين اللتين بعد التشهد الأول إن كانت رباعية أو الركعة الثالثة إن كانت ثلاثية ومن أركان الصلاة الركوع وهو الانحناء تعظيما لله عز وجل لأنك تستحضر أنك واقف بين يدي الله فتنحني له عز وجل ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام أما الركوع فعظموا فيه الرب أي قولوا سبحان ربي العظيم لأن الركوع تعظيم بالفعل وقول سبحان ربي العظيم تعظيم بالقول فيجتمع التعظيمان بالإضافة إلى التعظيم الأصلي وهو تعظيم القلب لله فيجتمع في الركوع ثلاث تعظيمات 1 - تعظيم القلب 2 - تعظيم الجوارح 3 - تعظيم اللسان والواجب في الركوع الانحناء بحيث يتمكن الإنسان من مس ركبتيه بيديه فالانحناء اليسير لا ينفع فلابد من أن تهصر ظهرك حتى تتمكن من مس ركبتيك بيدك وقال بعض العلماء إن الواجب أن يكون إلى الركوع التام أقرب منه إلى القيام التام والمؤدي متقارب المهم أنه لابد من هصر الظهر ومما ينبغي في الركوع أن يكون الإنسان مستوي الظهر لا محدودبا وأن يكون رأسه حاذيا لظهره وأن يضع يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع وأن يجافي عضديه عن جنبيه ويقول سبحان ربي العظيم يكررها ويقول سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي ويقول سبوح قدوس رب الملائكة والروح ومن أركان الصلاة السجود قال الله عز وجل { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم } وقال النبي صلى الله عليه وسلم أمرت أن نسجد على سبعة أعظم على الجبهة وأشار بيده إلى أنفه والكفين والركبتين وأطراف القدمين فالسجود لابد مه لأنه ركن لا تتم الصلاة إلا به ويقول في سجوده سبحان ربي الأعلى وتأمل الحكمة أنك في الركوع تقول سبحان ربي العظيم لأن الهيئة هيئة تعظيم وفي السجود تقول سبحان ربي الأعلى لأن الهيئة هيئة نزول فالإنسان نزل أعلى ما في جسده وهو الوجه إلى أسفل ما في جسده وهو القدمين فترى في السجود أن الجبهة والقدمين في مكان واحد وهذا غاية ما يكون من التنزيه ولهذا تقول سبحان ربي الأعلى أن أنزه ربي الأعلى الذي هو فوق كل شيء عن كل سفل ونزول أما أنا فمنزل رأسي وأشرف أعضائي إلى محل القدمين ومداسها فتقول سبحان ربي الأعلى تكررها ما شاء الله ثلاثا أو أكثر حسب الحال وتقول سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي وتقول سبوح قدوس رب الملائكة والروح وتكثر من الدعاء بما شئت من أمور الدين ومن أمور الدنيا لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول أما الركوع فعظموا فيه الرب
وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم وقال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثر من الدعاء بما شئت من سؤال الجنة والتعوذ من النار وسؤال علم نافع وعمل صالح وإيمان راسخ وهكذا
تابع /---