1029 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد قالوا كيف تعرف من لم يأتوا بعد من أمتك يا رسول الله ؟ فقال رأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله قالوا بلى يا رسول الله قال فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض رواه مسلم
الشَّرْحُ
هذا الحديث الذي أورده النووي رحمه الله في كتابه ( رياض الصالحين ) باب فضل الوضوء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون كان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر نهي عن زيارة القبور لأن الناس حديثو عهد بشرك فخشي أن تتعلق قلوبهم بالقبور وتفتتن بها فنهى عن الزيارة ثم لما استقر الإيمان في قلوبهم أمرهم بالزيارة فقال كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الموت وفي رواية تذكر الآخرة فأمر بزيارتها وبين الحكمة العظيمة من هذه الزيارة وأنها تذكر الإنسان الذي على ظهر الأرض أنه اليوم على ظهرها وغدا في بطنها ولا يدري متى يكون هذا ؟ قد يصبح الإنسان على ظهر الأرض ويمسي في بطنها وقد يمسي على ظهر الأرض ويصبح في بطنها فكان في زيارة المقابر تذكير بالموت والآخرة لأن الإنسان يمر بالمقبرة فإذا فكر يرى أباه عمه زوجته أخاه وما أشبه ذلك أمس كانوا معه يأكلون ويشربون ويتنعمون والآن هم مرتهنون بأعمالهم في القبور يتذكر العام الماضي في مثل هذا الوقت وهم معنا فرحين بالدنيا مغتبطين بها والآن غادروها وصاروا مرتهنين بأعمالهم من يعمل خيرا يلقه ومن يعمل سوءا يلقه فهي تذكر الآخرة تذكر الموت حقا أخرجوا إلى المقابر انظروا هؤلاء لا يحصيهم إلا الله عز وجل أو لا يحصون إلا بمشقة كانوا بالأمس معنا والآن هم في بطن الأرض ولا تدري فلعلك ضجيعهم في مدة يسيرة فهي تذكر الموت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا كان يخرج هو بنفسه إلى البقيع يزور أهل البقيع ويسلم عليهم صلى الله عليه وسلم ويدعو لهم السلام عليكم دار قوم مؤمنين يعني يا أهل دار قوم مؤمنين والظاهر والله أعلم أنه يسلم عليهم ويسمعونه إذ لا فائدة من خطاب لا يسمعه المخاطب لكنهم لا يستجيبون لأنهم في قبورهم فيسلم عليهم السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون وصدق النبي صلى الله عليه وسلم ما من حي إلا سيلحق الميت بمشيئة الله عز وجل يقول وإنا إن شاء الله بكم للاحقون واختلف العلماء رحمهم الله لماذا قال: وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وهو أمر معلوم متيقن والصحيح أنه لا إشكال في هذا فإن معنى التعليق هنا أننا إذا لحقنا بكم نلحق بمشيئة الله متى شاء لحقنا بكم لأن الأمر أمره والملك ملكه هو الذي يدبر عز وجل ما شاء فيمن شاء أليس الله يقول لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين مع أنهم سيدخلونه لأن الله أكد الدخول بالقسم واللام ونون التوكيد ولا شك في أنهم سيدخلونه ولهذا لما جرى الصلح في الحديبية على أن الرسول سيرجع ولا يكمل عمرته قال له عمر ألست تحدثنا أننا ندخل البيت ونطوف به قال بلى لكن هل حددت لك هذا العام وإنك آتيه ومطوف به فالحاصل أن كلمة إن شاء الله هنا ليس معناها التعليق الذي يكون الإنسان فيه مترددا بين حصول الشيء وعدمه بل معنى التعليق أن لحوقنا بكم ليس باختيارنا ولكنه بمشيئة الله عز وجل ثم قال صلى الله عليه وسلم وددت أنا لقينا إخواننا تمنى أن يلقى إخوانه صلى الله عليه وسلم اللهم اجعلني وإياكم منهم قالوا يا رسول الله ألسنا إخوانك قال أنتم أصحابي أخص من الإخوان الصاحب أخ وزيادة والأخ أخ بلا مصاحبة قال أنتم أصحابي يعني فأنتم أخص منهم وهم الصحابة إخوان للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحاب له أما من جاءوا بعدهم من المؤمنين فهم إخوانه وليسوا أصحابه وددت أنا لقينا إخواننا قالوا أولسنا إخوانك يا رسول الله قال أنتم أصحابي لكن إخواني قوم يأتون بعدي يؤمنون بي ولم يروني اللهم لك الحمد اللهم ثبتنا على ذلك يؤمنون بالرسول صلى الله عليه وسلم وأنه رسول الله حقا وهم لا يرونه لكنهم مثل الذين يرونه قالوا يا رسول الله كيف تعرفهم يعني وأنت لم تدركهم فضرب مثلا برجل له خيل غر غر يعني فيها بياض في رأسها ومحجلة بياض في أرجلها مع خيل دهم يعني سود ليس فيها أي غرة هل يشتبه عليه هذا بهذا ؟ قالوا لا قال فإنكم تأتون يوم القيامة غرا محجلين يعني من أثر الوضوء ففي هذا دليل على فضيلة الوضوء وأن هذه الأمة يأتون يوم القيامة وهم غر محجلون من أثر الوضوء غر يعني بيض الوجوه محجلون يعني بيض الأرجل والأيدي وهذا البياض بياض نور وإضاءة يعرفهم الناس يوم القيامة في هذا اليوم المشهود العظيم تعرف أمة هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بهذه السيما والعلامة التي ليست لغيرهم أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يحشرني وإياكم على هذا الوجه وأن يجعلنا من أمته ظاهرا وباطنا إنه على كل شيء قدير
1030 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط رواه مسلم