1030 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط رواه مسلم
1031 - وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله الطهور شطر الإيمان رواه مسلم وقد سبق بطوله في باب الصبر وفي الباب حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه السابق في آخر باب الرجاء وهو حديث عظيم مشتمل على جمل من الخيرات
1032 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء رواه مسلم وزاد الترمذي اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث في بيان فضل الوضوء وقد سبق حديث في هذا المعنى وتكلمنا على زيارة القبور التي ذكرها المؤلف رحمه الله وبينا أن فيها فائدة عظيمة وهي تذكير الإنسان الموت أو الآخرة وليعلم أن زيارة القبور لا تحل للنساء فلا يجوز للمرأة أن تزور المقبرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ولأن المرأة ضعيفة لا تتحمل فربما تنوح وتبكي وتلطم ولأن المقابر في الغالب تكون خالية من الناس فيخشى إذا خرجت المرأة إليها أن يتبعها السفهاء من الناس ويحصل بذلك المحذور والفتنة لهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم زائرات القبور أما إذا مرت المرأة بالمقبرة من غير أن تخرج لقصد الزيارة فلا بأس أن تقف وتسلم وتدعو كما يدعو الرجل يعني هناك فرق بين القصد وعدم القصد ثم ليعلم أيضا أن أصحاب القبور مهما بلغوا من العمل الصالح والتقى لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا يملكون لغيرهم أيضا نفعا ولا ضرا ولهذا هم يدعى لهم ولا يدعو هم يدعى لهم كما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لهم ولكنهم لا يدعون لأنهم لا يفيدون وقد قال الله عز وجل ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين وقال تعالى { والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير } أما ما ذكره رحمه الله من الأحاديث الباقية فهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أنبئكم أو أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات وإنما ساق الحديث وشك على سبيل الاستفهام من أجل أن ينتبه السامع لما يلقي إليه لأن الأمر مهم فقال ألا أنبئكم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكارة وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط إسباغ الوضوء على المكاره يعني أن الإنسان يتوضأ وضوءه على كره منه إما لكونه فيه حمى ينفر من الماء فيتوضأ على كره وإما أن يكون الجو باردا وليس عنده ما يسخن به الماء فيتوضأ على كره وإما أن يكون هناك أمطار تحول بينه وبين الوصول لمكان الوضوء فيتوضأ على كره المهم أنه يتوضأ على كره ومشقة لكن بدون ضرر أما مع الضرر فلا يتوضأ بل يتيمم هذا مما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ولكن هذا لا يعني أن الإنسان يشق على نفسه ويذهب يتوضأ بالبارد ويترك الساخن أو يكون عنده ما يسخن به الماء ويقول لا أريد أن أتوضأ بالماء البارد لأنال هذا الأجر فهذا غير مشروع لأن الله يقول { ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم } ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا واقفا في الشمس قال ما هذا قالوا نذر أن يقف في الشمس فنهاه عن ذلك وأمره أن يستظل فالإنسان ليس مأمورا ولا مندوبا في أن يفعل ما يشق عليه ويضره بل كلما سهلت عليه العبادة فهو أفضل لكن إذا كان لابد من الأذى والكره فإنه يؤجر على ذلك لأنه بغير اختياره كذلك كثرة الخطا إلى المساجد فيه دليل على أن الجماعة تكون في المسجد ولا تكون في البيت وأن الإنسان إذا كثرت خطاه إلى المساجد يرفع الله له به الدرجات ويمحو عنه الخطايا وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل إذا توضأ في بيته فأسبغ الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة وهذه نعمة عظيمة فإذا وصل المسجد وصلى لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه تقول اللهم صل عليه اللهم اغفر له اللهم ارحمه ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة وكثرة الخطا معناه أن يأتي الإنسان للمسجد ولو من بعد وليس المعنى أن يتقصد الطريق البعيد أو أن يقارب الخطا هذا غير مشروع بل يمشي على عادته ولا يتقصد البعد يعني مثلا لو كان بينه وبين المسجد طريق قريب وآخر بعيد لا يترك القريب لكن إذا كان بعيدا ولابد أن يمشي إلى المسجد فإن كثرة الخطا إلى المساجد مما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات وأما انتظار الصلاة بعد الصلاة بمعنى أن الإنسان إذا فرغ من هذه الصلاة يتشوق إلى الصلاة الأخرى وهكذا يكون قلبه معلقا بالمساجد كلما فرغ من صلاة فهو ينتظر الصلاة الأخرى هذا أيضا مما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قال فذلكم الرباط فذلكم الرباط يعني المرابطة على الخير وهو داخل في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } ثم ذكر المؤلف حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الطهور شطر الإيمان يشمل طهور الماء التيمم طهارة القلب من الشرك والشك والغل والحقد على المسلمين وغير ذلك مما يجب التطهر منه فهو يشمل الطهارة الحسية والمعنوية شطر الإيمان نصفه والنصف الثاني هو التحلي بالأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة لأن كل شيء لا يتم إلا بتنقيته من الشوائب وتكميله بالفضائل فالتكميل بالفضائل نصف والتنقية من الرذائل نصف آخر ولهذا قال الطهور سطر الإيمان وأما شطره الثاني فهو التكميل بالأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة ثم ذكر المؤلف آخر ما ختم به الباب حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الرجل إذا أسبغ الوضوء ثم قال اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فإنه تفتح له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء وزاد الترمذي رحمه الله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين هذه الأحاديث في فضل الوضوء والمؤلف لم يستوعب كل ما ورد في هذا الباب من فضائل لكن لو لم يكن من فضائله إلا حديث واحد لكفى به دعوة إلى الوضوء وإحسانه وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح
/0L2 باب فضل الأذان
1033 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أنة يستهموا عليه لاستهموا عليه ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا متفق عليه الاستهام الاقتراع والتهجير التبكير إلى الصلاة