باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها صلاة الضحى هي: ركعتان أو أكثر تفعلان من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبيل الزوال .
وارتفاع الشمس قدر رمح يكون بمقدار ربع ساعة أو نحوها بعد طلوع الشمس فمن ثم يبدأ وقت صلاة الضحى إلى أن يبقى على الزوال عشر دقائق أو قريب منها .
كل هذا وقت لها لكن فعلها في آخر الوقت أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الأوابين حين ترمض الفصال والفصال: أولاد النوق، وترمض يعني: تشتد عليها الرمضة .
وهذا في آخر الوقت .
وهذه من الصلوات التي يسن تأخيرها ونظيرها في الفرائض صلاة العشاء فإن صلاة العشاء لها أن تؤخر في آخر وقتها إلا إذا شق على الناس .
وصلاة الضحى مما عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض أصحابه عهد بها إلى أبي هريرة وأبي الدرداء وأبي ذر قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه حين أوصاه قال: أوصاني بثلاثة: صيام ثلاثة أيام من كل شهر ولم يعين وقتها من الشهر ولهذا قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره & .
ولا فرق بين أن تكون متوالية يعني متتابعة أو متفرقة كلها يحصل بها الأجر، لكن أفضل هذه الأيام الثلاثة أيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر .
وأوصاه صلى الله عليه وسلم بركعتي الضحى ركعتان يركعهما ما بين ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبيل الزوال .
والثالث بأن توتر قبل أن تنام وإنما أوصاه بالوتر قبل أن ينام لأن أبا هريرة رضي الله عنه كان يدرس في أول الليل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينام إلا متأخرا ويخشى ألا يقوم من آخر الليل فلهذا أوصاه أن يوتر قبل أن ينام الشاهد من هذا وركعتي الضحى .
ثم ذكر حديث أبي ذر أنه يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس .
السلامى هي الأعضاء أو العظام والمفاصل وقد ذكر العلماء السابقون رحمهم الله أن في كل إنسان ثلاثمائة وستين مفصلا كل مفصل يطالبك كل يوم بصدقة لأن الذي أحياه عز وجل وأمده وعافاه له عليك منة وفضل، كل يوم كل عضو يطالبك بصدقة، لكنها ليست بصدقة مال، بل هي كل ما يقرب إلى الله من قول أو عمل أو بذل مال أو غير ذلك فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة فكل ما يقرب إلى الله فهو صدقة، ومثل هذا يسير على المرء أن يؤدي ثلاثمائة وستين صدقة كل يوم قال: ويجزئ من ذلك يعني بدلا عن ذلك يجزئ ركعتان يركعهما في الضحى هذه نعمة كبيرة بدلا من أن تطالب عن كل عضو من أعضائك بصدقة يكفيك أن تصلي ركعتين من الضحى .
وهذا يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يواظب عليهما أي على ركعتي الضحى حضرا وسفرا .
ولكن هل لها عدد معين ؟ نقول إن أقلها ركعتان، وأما أكثرها فما شاء الله، لو تبقى تصلي كل الضحى، فأنت على خير ولهذا تقول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله، ولم تحدد .
وأما قول من قال: إن أكثرها ثمان، ففيه نظر، لأن حديث أم هانئ في فتح مكة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ثماني ركعات، لا يدل على أن هذا هو أعلاه، فقد وقع اتفاقا وما يقع اتفاقا ليس فيه دليل على الحصر .
وعلى هذا فنقول: أقلها ركعتان ولا حد لأكثرها، صل ما شئت، لكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربعا وربما صلى ثماني فينبغي للإنسان أن يغتنم عمره بصالح الأعمال لأنه سوف يندم إذا جاءه الموت أن أمضى ساعة من دهره لا يتقرب بها إلى الله عز وجل كل ساعة تمر عليك وأنت لا تتقرب إلى الله بها فهي خسارة لأنها راحت عليك لم تنتفع بها .
فانتهز الفرصة بالصلاة والذكر وقراءة القرآن والتعلق بالله عز وجل اجعل قلبك دائما مع الله سبحانه وتعالى ربك في السماء وأنت في الأرض لا تغفل عن ذكر الله بلسانك وفي فعالك وبجنانك بالقلب فإن الدنيا زائلة لن تبقى لأحد .
انظر الأولين من سبقك من الأمم السابقة والماضية البعيدة المدى وانظر من سبقك من أصحابك بالأمس كانوا معك يتمتعون ويأكلون كما تأكل ويشربون كما تشرب والآن هم في أعمالهم مرتهنون وأنت سيأتي عليك هذا طالت الدنيا أم قصرت قال تعالى: يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فانتهز الفرصة يا أخي انتهز الفرصة لا ينفعك يوم القيامة لا مال ولا بنون ولا أهل لا ينفعك إلا أن تأتي الله بقلب سليم أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يأتي ربه بقلب سليم وأن يتوفانا & على الإيمان والتوحيد إنه على كل شيء قدير
1143- عن زيدِ بن أَرْقَم رَضِي اللَّه عنْهُ ، أَنَّهُ رَأَى قَوْماً يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى ، فقال : أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلاةَ في غَيْرِ هذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ ، إنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « صَلاةُ الأوَّابِينَ حِينَ ترْمَضُ الفِصَالُ » رواه مسلم .
« تَرمَضُ » بفتح التاءِ والميم وبالضاد المعجمة ، يعني : شدة الحرّ . « والفِصالُ جمْعُ فَصيلٍ وهُو : الصغير مِنَ الإِبِلِ .
/0L2 باب الحث على صلاة تحية المسجد بركعتين وكراهية الجلوس قبل أن يصلي ركعتين في أي وقت دخل/0
1144 - عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين متفق عليه .