باب استحباب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر على جنبه الأيمن والحث عليه سواء كان تهجد بالليل أم لا
1110 - عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقة الأيمن رواه البخاري
1111 - وعنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر وجاءه المؤذن قام فركع ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقة الأيمن هكذا حتى يأتيه المؤذن للإقامة رواه مسلم قولها يسلم بين كل ركعتين هكذا هو في مسلم ومعناه بعد كل ركعتين
1112 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة قال الترمذي حديث حسن صحيح
الشَّرْحُ
سبق لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتي الفجر وسبق أن هاتين الركعتين تتميزان عن بقية الرواتب بميزات سبق ذكرها ومن مميزاتها أنه إذا صلى هاتين الركعتين اضطجع على شقة الأيمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ثبت ذلك عن عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أنه كان إذا صلى سنة الفجر اضطجع بعدها على الجنب الأيمن وفي حديث عائشة الثاني الذي رواه مسلم أنه كان صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين وفي هذا دليل على وهم من توهم أنه إذا صلى إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا أربعا ثم ثلاثا بناء على حديثها رضي الله عنها أنها قالت كان النبي لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا فلا يسأل عن حسنهن وطولهن ثم أربعا فلا يسأل عن حسنهن وطولهن ثم ثلاثا فظن بعض الناس أنه يصلي أربعا جميعا ثم أربعا جميعا ثم ثلاثا وهذا وهم فقد أخذوا بظاهر الحديث فيحمل هذا على أنه يصلي أربعا على ركعتين ركعتين ثم يستريح ثم يصلي أربعا على ركعتين ركعتين ثم يستريح ثم يصلي ثلاثا هكذا يجب أن يحمل لأن الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك واحد وهي عائشة والفعل واحد فيجب حمل بعضها على بعض لتتفق السنة لا يقال إنه يفعل هذا مرة وهذا مرة لأن كلمة كان تدل على دوام الفعل غالبا وأما حديث أبي هريرة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم من صلى ركعتي الفجر أن يضطجع على جنبه الأيمن فهذا وإن كان الترمذي وأبو داود قد روياه وقال المؤلف إنه بأسانيد صحيحة فقد قال حبر الأمة وبحر العلوم العقلية والنقلية شيخ الإسلام ابن تيمية إن هذا حديث منكر وإنه لم يصح الأمر به عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الصحيح لأن الرسول لم يأمر بأن يضطجع الرجل إذا صلى سنة الفجر على جنبه الأيمن وقول المؤلف رحمه الله في الترجمة لا فرق بين المتهجد وغيره إشارة إلى خلاف في ذلك وهو أن بعض العلماء قال يسن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر مطلقا وبعضهم قال لا يسن مطلقا وبعضهم قال بالتفصيل إن كان له تهجد فإنه يسن له أن يضطجع بعدهما من أجل الراحة بعد التعب وإن لم يكن له تهجد فلا يضطجع ومن أعجب الأقوال وأغربها أن بعض العلماء قال إن الاضطجاع بعد سنة الفجر شرط لصحة صلاة الفجر وأن من لم يضطجع فصلاته باطلة وهذه من غرائب العلم وغرائب الأقوال ما الرابط بين هذا الاضطجاع وبين صلاة الفجر الجهة منفصلة عن الصلاة ولا علاقة لها بالاضطجاع لكن ذكرناه لأجل أن تعجبوا من آراء بعض أهل العلم رحمهم الله أنهم يقولون أقوالا لا يدل عليها نقل ولا عقل والصحيح هو ما قاله شيخ الإسلام أنه إذا كان الإنسان متعبا من تهجده فإنه يستريح يضطجع على جنبه الأيمن وهذا بشرط ألا يخشى أن يغلبه النوم فتفوته الصلاة فإن خشي فلا ينم
باب سنة الظهر
1113 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها متفق عليه
1114 - وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر رواه البخاري
1115 - وعنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا ثم يخرج فيصلي بالناس ثم يدخل فيصلي ركعتين وكان يصلي بالناس المغرب ثم يدخل بيتي فيصلي ركعتين ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين رواه مسلم
1116 - وعن أم حبيبة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح
1117 - وعن عبد الله بن السائب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وقال إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح رواه الترمذي وقال حديث حسن
1118 - وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعدها رواه الترمذي وقال حديث حسن
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله باب سنة الظهر وذكر أحاديث متعددة كلها تدل على أن الظهر لها ست ركعات أربع قبلها بسلامين وركعتان بعدها وأنه إذا نسي الإنسان أو فاته الأربع القبلية فإنه يصليها بعد الظهر لأن الرواتب تقضى كما تقضى الفرائض ولكن قد ورد في حديث أخرجه ابن ماجه أنه يبدأ أولا بالسنة البعدية ثم السنة القبلية فمثلا جئت لصلاة الظهر والإمام يصلي ولم تتمكن من صلاة السنة القبلية نقول صل وبعد الانتهاء من الصلاة صلي الركعتين اللتين بعد الصلاة ثم صل ركعتين وركعتين للتي قبل الصلاة هذه هي السنة وفي هذه الأحاديث دليل على أن الإنسان ينبغي له أن يحافظ على الرواتب لقول عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر يعني لا يتركها إلا أنه في السفر لا يصلي سنة الظهر القبلية ولا البعدية لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي راتبة الظهر إذا كان مسافرا والله الموفق
باب سنة العصر
1119 - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين رواه الترمذي وقال حديث حسن
1120 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن
1121 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر ركعتين رواه أبو داود بإسناد صحيح
باب سنة المغرب بعدها وقبلها تقدم في هذه الأبواب حديث ابن عمر وحديث عائشة وهما صحيحان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد المغرب ركعتين
1122 - وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلوا قبل المغرب قال في الثالثة لمن شاء رواه البخاري
1123 - وعن أنس رضي الله عنه قال لقد رأيت كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري عند المغرب رواه البخاري
1124 - وعنه قال كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل المغرب فقيل أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما قال كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا رواه مسلم
1125 - وعنه قال كنا بالمدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فركعوا ركعتين حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما رواه مسلم
باب سنة العشاء بعدها وقبلها
في حديث ابن عمر السابق صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العشاء وحديث عبد الله بن مغفل بين كل أذانين صلاة متفق عليه كما سبق
الشَّرْحُ
هذه الأبواب في بيان سنة العصر والمغرب والعشاء وقد سبق بيان سنة الفجر وسنة الظهر فأما العصر فمن السنن قبلها أن يصلي الإنسان أربع ركعات استئناسا بهذا الحديث رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا وهذه الجملة دعائية يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لمن صلى قبل العصر أربعا وهذا الحديث وإن كان فيه مقال عند أهل العلم لكنه يرجى أن ينال الإنسان الأجر إذا صلى هذه الأربع وأما المغرب فلها سنة قبلها وبعدها لكن السنة التي قبلها ليست راتبة والتي بعدها راتبة السنة التي قبلها فيها الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلوا قبل المغرب ثلاثا وقال في الثالثة لمن شاء لئلا تتخذ سنة راتبة فإذا أذن المغرب فصل ركعتين سنة لكن ليست كالتي بعدها راتبة مؤكدة بل هي سنة إن تركها الإنسان فلا حرج وإن فعلها فلا حرج ولهذا قال أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم يرانا نصلي فلم يأمرنا ولم ينهنا وأما العشاء فلها سنة قبلها وبعدها لكن السنة قبلها ليست راتبة بل هي داخلة في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم بين كل أذانين صلاة أما بعدها فيسن ركعتان فتبين بهذا أن الصلوات الخمس الفجر لها سنة قبلها وليس لها سنة بعدها الظهر لها سنة قبلها وبعدها العصر ليس لها سنة قبلها ولا بعدها يعني راتبة لكن لها سنة غير راتبة قبلها وأما بعدها فهو وقت نهي المغرب لها سنة بعدها أي راتبة وقبلها غير راتبة العشاء لها سنة بعدها يعني راتبة وقبلها وليست براتبة هذه هي السنن التابعة للمفروضات ومن فوائدها أنه إذا حصل نقص بالفرائض فإنها تكملها
باب سنة الجمعة
فيه حديث ابن عمر السابق أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد الجمعة متفق عليه
1126 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا رواه مسلم
1127 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته رواه مسلم
الشَّرْحُ
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب سنة الجمعة الجمعة صلاة مستقلة ليست هي الظهر ولهذا لا يجمع العصر إليها يعني إذا كان الإنسان مسافرا ومرر ببلد وصلى معهم الجمعة فلا تجمع العصر إليها لأنها مستقلة والسنة إنما جاءت بالجمع بين الظهر والعصر لا بين الجمعة والعصر ولأنها أي الجمعة تختلف عن سائر الصلوات بما يشرع قبلها وبعدها وفي يومها فلا سنة يعني ليس لها راتبة إذا جاء الإنسان إلى المسجد يصلي ما شاء إلى أن يحضر الإمام من غير عدد معين يصلي يقرأ حتى يأتي الإمام سواء صلى ركعتين أم أربعا أم ستا على حسب نشاطه وأما بعدها فلها سنة راتبة والسنة الراتبة التي بعدها ركعتان بالبيت لقول ابن عمر رضي الله عنهما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة لا يصلي بعدها شيئا حتى ينصرف إلى بيته فيصلي ركعتين وفي حديث أبي هريرة الذي ذكره المؤلف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا فاختلف العلماء رحمهم الله هل سنة الجمعة أربع ركعات بسلامين أم ركعتان فمنهم من قال إنها أربع ركعات لأن هذا هو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وأما الركعتان فهما فعله وأمره مقدم على فعله فتكون أربع ركعات ومنهم من قال هي ركعتان فقط لأن هذا هو الذي ذكره ابن عمر رضي الله عنهما وأما الأربع فليست براتبة ومنهم من فضل فقال إن صلى في المسجد سنة الجمعة صلى أربعا وإن صلى بالبيت صلى ركعتين وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه ومنهم من قال يجمع بين هذا وهذا فيصلي أربعا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي ركعتين بفعله فتكون السنة بعد الجمعة ست ركعات والله الموفق
باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتبة وغيرها والأمر بالتحول للنافلة من موضع الفريضة أو الفضل بينهما بكلام
1128 - عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة متفق عليه
1129 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا متفق عليه
1230 - وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى أحدكم صلاته في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا رواه مسلم
الشَّرْحُ
لما ذكر المؤلف رحمه الله الرواتب التابعة للمفروضات بين في هذا الباب أن الأصل للإنسان أن يصلي في بيته وذكر في ذلك أحاديث منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلوا في بيوتكم صلوا في بيوتكم فأمر أن يصلى في البيت فإن صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة فدل ذلك على أن الإنسان ينبغي له أن تكون جميع رواتبة في بيته سواء الرواتب أو صلاة الضحى أو التهجد أو غير ذلك حتى في مكة والمدينة الأفضل أن تكون الرواتب في البيت أفضل من كونها في المسجد في المسجد الحرام أو المسجد النبوي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا وهو في المدينة والصلاة في مسجده خير من ألف صلاة إلا المسجد الحرام وكثير من الناس الآن يفضل أن يصلي النافلة في المسجد الحرام دون البيت وهذا نوع من الجهل فمثلا إذا كنت في مكة وأذن لصلاة الفجر وسألك سائل هل الأفضل أن تصلي الراتبة في البيت أو أذهب إلى المسجد الحرام قلنا الأفضل في البيت سنة الضحى أفضل في المسجد الحرام أم في البيت قلنا في البيت التهجد أفضل في المسجد الحرام أم في البيت قلنا في البيت وهلما جرا إلا الفرائض فالفرائض لابد أن تكون في المساجد ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الأخير فإنه جاعل في صلاته في بيته خيرا يعني أن البيت إذا صليت فيه جعل الله فيه خيرا جعل الله في صلاتك فيه خيرا من هذا أن هلك إذا رأوك تصلي اقتدوا بك وألفوا الصلاة وأحبوها ولاسيما الصغار منهم ومنها أن الصلاة في البيت أبعد من الرياء فإن الإنسان في المسجد يراه الناس وربما يقع في قلبه شيء من الرياء أما في البيت فإنه أقرب إلى الإخلاص وابعد عن الرياء ومنها أن الإنسان إذا صلى في بيته وجد فيه الراحة راحة قلبية وطمأنينة وهذا لا شك أنها تزيد في إيمان العبد فالمهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نصلي في بيوتنا إلا الفرائض كذلك يستثني من ذلك النوافل قيام رمضان فإن الأفضل في قيام رمضان أن يكون جماعة في المساجد مع أنه سنة وليس بواجب لكن دلت السنة على أن قيام رمضان في المسجد أفضل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ثلاث ليال أو ليلتين ثم تخلى وقال إني خشيت أن تفرض عليكم والله الموفق
1131 - وعن عمر بن عطاء أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة فقال نعم صليت معه الجمعة في المقصورة فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت فلما دخل أرسل إلي فقال لا تعد لما فعلت إذا صليت الجمعة فلا تصلها حتى تتكلم أو تخرج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج رواه مسلم
الشَّرْحُ
هذا الحديث الذي ذكره رحمه الله في استحباب الفصل بين الفرض والسنة حديث معاوية رضي الله عنه أنه رأى رجلا صلى الجمعة ثم قام فصلى يعني السنة فدعاه معاوية وأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ألا توصل صلاة بصلاة حتى نخرج أو نتكلم فمثلا إذا صليت الظهر الظهر لها راتبة بعدها وأردت أن تصلي الراتبة لا تصل في مكانك قم في محل آخر أو اخرج إلى بيتك وهو أفضل أو على الأقل تكلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى يخرج الإنسان أو يتكلم ولهذا قال العلماء يسن الفصل بين الفرض وسنته بكلام أو انتقال من موضعه والحكمة من ذلك ألا يوصل الفرض بالنفل فليكن الفرض وحده والنفل وحده حتى لا يختلط هكذا قال أهل العلم رحمهم الله والله الموفق
باب الحث على صلاة الوتر وبيان أنه سنة مؤكدة وبيان وقته
1132 - عن علي رضي الله عنه قال الوتر ليس بختم كصلاة المكتوبة ولكن سنة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن
1133 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل ومن أوسطه ومن آخره وانتهى وتره إلى السحر متفق عليه
1135 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أوتروا قبل أن تصبحوا رواه مسلم
1136 - وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته بالليل وهي معترضة بين يديه فإذا بقي الوتر أيقظها فأوترت رواه مسلم وفي رواية له فإذا بقي الوتر قال قومي فأوتري يا عائشة
1137 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بادروا الصبح بالوتر رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح
1138 - وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل رواه مسلم
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث في بقية ما يتعلق بالوتر ذكرها المؤلف في رياض الصالحين منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أوتروا قبل أن تصبحوا لأن الوتر ينتهي وقته بطلوع الفجر فإذا طلع الفجر فلا وتر حتى ولو بين أذان الفجر والإقامة لا وتر ولكن إذا طلع الفجر والإنسان لم يوتر فإنه يصلي في النهار شفعا إن كان يوتر بثلاث صلى أربعا إن كان يوتر بخمس صلى ستا إن كان يوتر بسبع صلى ثماني لقول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة واعلم أن الوتر له صفات الصفة الأولى أن يوتر بواحدة فقط وهذا جائز ولا يكره الوتر بها الثانية أن يوتر بثلاث وله الخيار إن شاء سلم من الركعتين ثم أتى بالثالثة وإن شاء سردها سردا بتشهد واحد الثالثة أن يوتر بخمس فيسردها سردا لا يتشهد إلا في آخرها الرابعة أن يوتر بسبع فيسردها سردا لا يتشهد إلا في آخرها الخامسة أن يوتر بتسع فيسردها سردا لكن يتشهد بعد الثامنة ولا يسلم ثم يصلي التاسعة ويسلم السادسة أن يوتر بإحدى عشرة فيسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة هذه صفة الوتر وقد سبق أنه سنة مؤكدة وأن من العلماء من أوجبه فلا تضيع الوتر ثم إن كنت ترجو أن تستوتر من آخر الليل فاجعل الوتر في آخر الليل وإن كنت تخاف ألا تقوم فاجعل الوتر من أول الليل لا تنم إلا موترا ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة أن يوتر قبل أن ينام لأن أبا هريرة كان يقرأ أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في أول الليل وينام في آخره فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يوتر قبل أن ينام واعلم أن الوتر سنة في الحضر والسفر حتى في السفر لا تتركه ومن ذلك ليلة المزدلفة فإن الإنسان إذا صلى العشاء فإنه يصلي المغرب والعشاء جمعا ثم يوتر وإن كان جابر رضي الله عنه لم يذكره في حديثه لكن الأصل بقاء ما كان على ما كان وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدع الوتر حضرا ولا سفرا والله الموفق
باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها والحث على المحافظة عليها
1139 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أرقد متفق عليه .
والإيتار قبل النوم إنما يستحب لمن لا يثق بالاستيقاظ آخر الليل فإن وثق فآخر الليل أفضل ..
1140 - وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى رواه مسلم .
1141 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله رواه مسلم .
1142 - وعن أم هانئ فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل فلما فرغ من غسله صلى ثماني ركعات وذلك ضحى .
متفق عليه وهذا مختصر لفظ إحدى روايات مسلم .
الشَّرْحُ
باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها صلاة الضحى هي: ركعتان أو أكثر تفعلان من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبيل الزوال .
وارتفاع الشمس قدر رمح يكون بمقدار ربع ساعة أو نحوها بعد طلوع الشمس فمن ثم يبدأ وقت صلاة الضحى إلى أن يبقى على الزوال عشر دقائق أو قريب منها .
كل هذا وقت لها لكن فعلها في آخر الوقت أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الأوابين حين ترمض الفصال والفصال: أولاد النوق، وترمض يعني: تشتد عليها الرمضة .
وهذا في آخر الوقت .
وهذه من الصلوات التي يسن تأخيرها ونظيرها في الفرائض صلاة العشاء فإن صلاة العشاء لها أن تؤخر في آخر وقتها إلا إذا شق على الناس .
وصلاة الضحى مما عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض أصحابه عهد بها إلى أبي هريرة وأبي الدرداء وأبي ذر قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه حين أوصاه قال: أوصاني بثلاثة: صيام ثلاثة أيام من كل شهر ولم يعين وقتها من الشهر ولهذا قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره & .
ولا فرق بين أن تكون متوالية يعني متتابعة أو متفرقة كلها يحصل بها الأجر، لكن أفضل هذه الأيام الثلاثة أيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر .
وأوصاه صلى الله عليه وسلم بركعتي الضحى ركعتان يركعهما ما بين ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبيل الزوال .
والثالث بأن توتر قبل أن تنام وإنما أوصاه بالوتر قبل أن ينام لأن أبا هريرة رضي الله عنه كان يدرس في أول الليل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينام إلا متأخرا ويخشى ألا يقوم من آخر الليل فلهذا أوصاه أن يوتر قبل أن ينام الشاهد من هذا وركعتي الضحى .
ثم ذكر حديث أبي ذر أنه يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس .
السلامى هي الأعضاء أو العظام والمفاصل وقد ذكر العلماء السابقون رحمهم الله أن في كل إنسان ثلاثمائة وستين مفصلا كل مفصل يطالبك كل يوم بصدقة لأن الذي أحياه عز وجل وأمده وعافاه له عليك منة وفضل، كل يوم كل عضو يطالبك بصدقة، لكنها ليست بصدقة مال، بل هي كل ما يقرب إلى الله من قول أو عمل أو بذل مال أو غير ذلك فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة فكل ما يقرب إلى الله فهو صدقة، ومثل هذا يسير على المرء أن يؤدي ثلاثمائة وستين صدقة كل يوم قال: ويجزئ من ذلك يعني بدلا عن ذلك يجزئ ركعتان يركعهما في الضحى هذه نعمة كبيرة بدلا من أن تطالب عن كل عضو من أعضائك بصدقة يكفيك أن تصلي ركعتين من الضحى .
وهذا يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يواظب عليهما أي على ركعتي الضحى حضرا وسفرا .
ولكن هل لها عدد معين ؟ نقول إن أقلها ركعتان، وأما أكثرها فما شاء الله، لو تبقى تصلي كل الضحى، فأنت على خير ولهذا تقول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله، ولم تحدد .
وأما قول من قال: إن أكثرها ثمان، ففيه نظر، لأن حديث أم هانئ في فتح مكة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ثماني ركعات، لا يدل على أن هذا هو أعلاه، فقد وقع اتفاقا وما يقع اتفاقا ليس فيه دليل على الحصر .
وعلى هذا فنقول: أقلها ركعتان ولا حد لأكثرها، صل ما شئت، لكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربعا وربما صلى ثماني فينبغي للإنسان أن يغتنم عمره بصالح الأعمال لأنه سوف يندم إذا جاءه الموت أن أمضى ساعة من دهره لا يتقرب بها إلى الله عز وجل كل ساعة تمر عليك وأنت لا تتقرب إلى الله بها فهي خسارة لأنها راحت عليك لم تنتفع بها .
فانتهز الفرصة بالصلاة والذكر وقراءة القرآن والتعلق بالله عز وجل اجعل قلبك دائما مع الله سبحانه وتعالى ربك في السماء وأنت في الأرض لا تغفل عن ذكر الله بلسانك وفي فعالك وبجنانك بالقلب فإن الدنيا زائلة لن تبقى لأحد .
انظر الأولين من سبقك من الأمم السابقة والماضية البعيدة المدى وانظر من سبقك من أصحابك بالأمس كانوا معك يتمتعون ويأكلون كما تأكل ويشربون كما تشرب والآن هم في أعمالهم مرتهنون وأنت سيأتي عليك هذا طالت الدنيا أم قصرت قال تعالى: يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فانتهز الفرصة يا أخي انتهز الفرصة لا ينفعك يوم القيامة لا مال ولا بنون ولا أهل لا ينفعك إلا أن تأتي الله بقلب سليم أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يأتي ربه بقلب سليم وأن يتوفانا & على الإيمان والتوحيد إنه على كل شيء قدير
/0L2 باب الحث على صلاة تحية المسجد بركعتين وكراهية الجلوس قبل أن يصلي ركعتين في أي وقت دخل/0
1144 - عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين متفق عليه .