باب النهي عن الإيذاء
قال الله تعالى: { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا }
1565 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه متفق عليه .
1566 - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتي إليه رواه مسلم وهو بعض حديث طويل سبق في باب طاعة ولاة الأمور .
:
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله في كتاب ( رياض الصالحين ): باب تحريم الإيذاء بغير حق .
الإيذاء يشمل الإيذاء بالقول والإيذاء بالفعل والإيذاء بالترك، أما الإيذاء بالقول فأن يسمع أخاه كلاماً يتأذى به وإن لم يضره، فإن ضره كان أشد إثماً والإيذاء بالفعل أن يضايقه في مكانه، في جلوسه، في طريقه، وما أشبه ذلك .
والإيذاء بالترك أن يترك شيئاً يحتار منه أخوه المسلم فيتأذى به وإن كان لابد كل هذا محرم وعليه هذا الوعيد الشديد وهو قول الله تعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتناً وإثماً مبيناً احتملوا يعني تحملوا على أنفسهم البهتان وهو الكذب والإثم المبين وهو العقوبة العظيمة نسأل الله العافية .
وفي قول الله تعالى: { بغير ما اكتسبوا } دليل على أن لو أذي الإنسان باكتسابه أي على عمل حق أن يؤذي عليه فإنه لا بأس به كما في قوله تعالى: { واللذان يأتينها منكم فئاذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما } وكان هذا في أول الأمر أن اللوطية والعياذ بالله يؤذي صاحبه حتى يتوب ثم بعد ذلك ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أجمع الصحابة على أن فاحشة اللواط يقتل فيها الفاعل والمفعول به ولكنهم اختلفوا كيف يقتل ؟ فبعضهم قال: يرجم، وبعضهم قال: يلقى من أعلى شاهق في البلد ثم يلقى بالحجارة، وبعضهم قال: يحرق بالنار نسأل الله العافية .
فالمهم أن الإيذاء بحق لا بأس به ومن ذلك أن يكون الرجل يكره الحق ويكره الخير فتفعل الحق فيتأذى به فهنا تأذى بحق ؛ لأن بعض الناس والعياذ بالله يتأذى إذا رأى رجلا متمسكا بالسنة ثم ذكر حديثين أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه المسلم من سلم المسلمون من لسانه فلا يلعنهم ولا يسبهم ولا يشتمهم ولا يغتابهم ولا ينم فيهم، كل آفات اللسان المتعلقة بالخلق قد كفها فسلم الناس منه، وسلم المسلمون من يده أيضا لا يعتدي عليهم بضرب ولا سرقة ولا إفساد مال ولا غير ذلك، هذا هو المسلم وهذا ليس المراد بذلك أنه ليس هناك مسلم سواه ولكن المعنى أن هذا من الإسلام وإلا فإن المسلم من استسلم لله تعالى ظاهراً وباطناً لكن أحيانا يأتي مثل هذا التعبير من أجل الحث على هذا العمل وإن كان يوجد سواه .
والمهاجر: من هجر ما نهى الله عنه .
ومعلوم أن المهاجر من خرج من بلد الكفر إلى بلد الإسلام ليقيم دينه لكن تأتي الهجرة بمعنى آخر وهي أن يهجر الإنسان ما نهى الله عنه فلا يقول قولاً محرماً ولا يفعل فعلاً محرماً ولا يترك واجباً بل يقوم بالواجب ويدع المحرم، هذا المهاجر ؛ لأنه هجر ما نهى الله عنه .
أما الحديث الثاني فهو قول النبي صلى الله عليه وسلم من أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته، وهو يؤمن بالله واليوم الأخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه فقوله: من أحب هذا الاستفهام للتشويق وإلا فكل واحد يحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة ؛ لأن من زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، فمن أحب ذلك فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر .
وبناء على هذا ينبغي للإنسان أن يكون دائما على ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر وتذكره، لأنه لا يدري متى يأتيه الموت فليكن دائما نصب عينيه الإيمان بالله واليوم الأخر فالإنسان إذا آمن بالله عز وجل وبمقتضى أسمائه وصفاته وآمن باليوم الأخر وما فيه من الثواب والعقاب فلابد أن يستقيم على دين الله وهذا حق الله أعني قوله: وهو يؤمن بالله واليوم الآخر أما حق الآدمي فقال: وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه فلا يؤذيهم ؛ لأنه لا يحب أن يؤذوه ولا يعتدي عليهم لأنه لا يحب أن يعتدوا عليه، ولا يشتمهم لأنه لا يحب أن يشتموه وهلم جرا لا يغشهم في البيع والشراء وغير ذلك ولا يكذب عليهم لأنه لا يحب أن يفعل به ذلك وهذه قاعدة لو أن الناس مشوا عليها في التعامل فيما بينهم لنالوا خيراً كثيراً ويشبه هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه والله الموفق
باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر:
الشَّرْحُ
قال النووي رحمه الله تعالى في كتابه ( رياض الصالحين ): باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر .
التباغض بالقلوب، والتقاطع بالأفعال والأقوال أيضاً، والتدابر بالأفعال أيضا، أما التباغض بالقلوب فأن يبغض الإنسان أخاه المؤمن، وهذا أعني بغض المؤمن حرام، لأي شيء تبغضه ؟ ! قد يقول أبغضه لأنه يعصي الله عز وجل فنقول: وإذا عصى الله لا تبغضه بغضاً مطلقاً الذي أبغضه بغضاً مطلقاً على حال هو الكافر لأنه ليس فيه خير، أما المؤمن وإن عصى وإن أصر على معصية يجب أن تحبه على ما معه من الإيمان وأن تكرهه على ما معه من الفسق والعصيان .
فإن قال إنسان: كيف يجتمع البغض والحب ؟ قلنا: يجتمعان ؛ لأن كل واحد منهم منصب على وجه لم يتفقا في محل واحد، أحبه لإيمانه، وأكرهه لفسوقه .
نظير ذلك المريض، يعطى دواء مراً رائحته كريهة فيحب هذا الدواء من وجه ويكرهه من وجه، يحبه لما فيه من الشفاء ويكره لطعمه أو رائحته أو ما أشبه ذلك، وكذلك المؤمن أنت وهو في أصل واحد وهو الإيمان لماذا تبغضه بغضاً مطلقاً أبغضه على ما معه من المعصية، لا بأس وأحبه على ما معه من الإيمان، وهذا يؤدي - أعني إذا أحببته لما معه من الإيمان وكرهته لما معه من الفسق - إلى أن تنصحه لأنك تثق أنه أخوك فتحبه وتؤدي له ما تؤدي لنفسك فتنصحه على ما تكره فيه من المعصية .
ومن ذلك السلام عليه، سلم عليه ولو كان عنده معصية إلا إذا علمت أنك إذا تركت السلام عليه اهتدى وصلحت أموره فهنا يكون الهجر دواء نافعاً .
وأما التقاطع وهو تقاطع الصلة بينك وبين أخيك، أخوك المؤمن له حق عليك أن تصله ولا يحل لك أن تقطعه لأنه أخوك حتى وإن كان عاصياً ولذلك تجد الإنسان يكرم جاره ولو كان جاره عاصياً يكرمه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره أكرمه ولو كان عاصياً ولكن انصحه، وكذلك بعض الناس يقاطع أقاربه لأنهم قطعوه أو لأنهم على معصية وهذا خطأ، صل أقاربك ولو كانوا عصاة، صلهم ولو كانوا يقاطعونك كما جاء رجل للرسول صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله إن لي رحماً أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم وقال كلمة أخرى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن كان الأمر كما قلت فكأنما تسفهم المل .
يعني كأنما تدخل في قلوبهم الرماد أو التراب الحار، يعني فاستمر على صلتهم ولو كانوا يقطعونك ولو كانوا يسيئون إليك ولو كانوا يعتدون عليك، صلهم لأن من لا يصل إلا إذا وصل فليس بواصل بل هو مكافئ .
التدابر: أيضا لا يحل بين المؤمنين، لكن هل هو التدابر في القلوب أو التدابر في الأبدان أو هذا وهذا ؟ إنه هذا وهذا، لا تدابروا في القلوب حتى لو وجدت من أخيك أنه أدبر عنك بقلبه فاقرب منه وأقبل عليه ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم لو طبقنا هذه التوجيهات الإلهية والنبوية لحصل لنا خير كثير لكن الشيطان يلعب بنا يقول كيف تصله وهو يقطعك ؟ كيف تقبل عليه وهو يدبر عنك ؟ اتركه، هذا ما فيه خير .
هذا من وحي الشيطان، أما الله عز وجل والنبي صلى الله عليه وسلم فإن نصوص الكتاب والسنة كلها تحرم التدابر، كذلك التدابر بالأبدان بعض الناس لا يهمه أن يصعر وجهه للناس وإن يعرض ربما يكون من كبريائه يتكلم معك ووجهه لجانب آخر نسأل الله العافية هذا لا يحل، بعض الناس أيضا كالبهائم تجدهم جلوسا في مكان واحد، يدير للثاني دبره وظهره، هذا ليس أدبا: لا أدبا شرعيا ولا أدبا عربيا ولا خلقا، تجلسون معا كل واحد يدابر الثاني، إن الله وصف أهل الجنة بأنهم على سرر متقابلين، التقابل صفة حميدة طيبة، والتدابر صفة ذميمة خبيثة، لكن بعض الناس همج ليس عندهم تربية إسلامية وتجدهم في المجالس متدابرين، هذا خطأ .
ومما يشبه هذا الفعل ما يفعله بعض الناس إذا سلم من الصلاة وهو في الصف تقدم وجعل الناس وراءه استقبلهم بدبره وفي ظني أنه يتخيل في تلك اللحظة أنه ذو عظمة وأن الناس وراءه لأني ما أظن أحداً يتقدم هذا التقدم إلا ويشعر - وإن كان من غير قصد - بالعظمة ولقد رأيتموني أنهي عنه إذا وجدت إنسانا تقدم أقول له: ارجع لأن هذا يشبه التدابر .
فإذا قال: ضاق علي المكان ولا أستطيع أن أبقى مفترشا .
قلنا: يا أخي، الأمر واسع، والحمد لله، قم تقدم وكن على الجدار وافعل ما شئت أو تأخر، أما أن تتقدم على الناس وتكون بين أيديهم والناس وراءك هذا لا ينبغي .
هذه ثلاثة أشياء: الأول التباغض، والثاني التقاطع، والثالث التدابر، كل هذا منهي عنه .
قال الله تعالى: { إنما المؤمنون إخوة } وقال تعالى: { أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين } وقال تعالى: { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم }:
الشَّرْحُ
قال النووي رحمه الله في كتاب ( رياض الصالحين ): باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر وسبق معنا هذا ثم استدل المؤلف رحمه الله على ذلك بقول الله تعالى: إنما المؤمنون إخوة وهذه الآية في سياق ذكر الطائفتين تقتتلان فتصلح بينهما طائفة أخرى فقال تعالى { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم } وسياق الآيات يقول الله عز وجل: { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } يعني لو اقتتلت طائفتان من المسلمين، قبيلتان اقتتلتا فيما بينهما فأصلحوا بينهما والخطاب لمن له الأمر من المؤمنين الذين لم يقاتلوا فإن بغت إحداها على الأخرى وأبت أن تصالح فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله يعني كونوا مع الطائفة العادلة التي ليست باغية قاتلوا الباغية حتى تفيء إلى أمر الله، أي حتى ترجع إليه، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل أي فيما جرى بينهم من إتلاف أنفس أو أموال أو غير ذلك فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين، فيقال مثلا: كم قتلتم من نفس ؟ لطائفة منهما، وللأخرى كذلك، ثم يعادل بينهما ويصلح بينهما .
كم أتلفتم من مال ويمضي فيعادل بينهما ويصلح بينهما .
ثم قال عز وجل: { فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين } أي الذين يعدلون فيما ولاهم الله عليه إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم، المؤمنون كلهم إخوة حتى الطائفتين المقتتلتين هم إخوة للذين أصلحوا بينهما وفي هذه الآية رد صريح لقول الخوارج الذين يقولون: إن الإنسان إذا فعل الكبيرة صار كافرا ؛ فإنه من أكبر الكبائر أن يقتتل المسلمون بينهم ومع ذلك قال الله في المقتتلين وفي التي أصلحت بينهما { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم } فإذا كان الله تعالى أوجب الإصلاح بين المتقاتلين فكذلك أيضا بين المتعادين عداء دون قتل، يجب على الإنسان إذا علم أن بين اثنين عداوة وبغضاء وشحناء وتباعدا أن يحاول الإصلاح بينهما .
وفي هذه الحال يجوز أن يكذب للمصلحة فيقون مثلا لأحدهم: إن فلانا لم يفعل شيئا يضرك وما أشبه ذلك ويتأول شيئا آخر غير الذي أظهره لهذا الرجل حتى يتم الصلح بينهما، والصلح خير .
أما الآية الثانية فهي قول الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين } يعني أنكم لو ارتدتم عن دينكم فإن ذلك لا يضر الله شيئا يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه لقيامهم بعبادته واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لأن من أقوى أسباب محبة الله للعبد أن يتبع الرسول كما قال الله تعالى: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } فأنت إذا أحببت أن الله يحبك فأتبع الرسول الطريق بين واضح يقول الله عز وجل { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين } وهذا هو وصف المؤمن حقا أنه بالنسبة لإخوانه المسلمين ذليل متواضع متهاون ومتسامح، أما على الكافرين فهم أعزة على الكافرين يعني أنهم أقوياء أمام الكافر لا يلينون له ولا يداهنونه ولا يوادنه، كل هذا بالنسبة للكافر حرام على المؤمن لا يجوز للمؤمن أن يواد الكافر، ولا يجوز له أن يذل له ؛ لأن الله تعالى جعل له دينا يعلو على الأديان كلها بل يجب علينا أن نبغض الكفار وأن نعتبرهم أعداء لنا وأن نعلم أنهم لن يفعلوا بنا شيئا هو مصلحتنا إلا لينالوا ما هو أشد مما نتوقع من الإضرار بنا لأنهم أعداء، والعدو ماذا يريد أن يفعل بك ؟ يريد أن يفعل بك كل سوء وإن تظاهر بأنه صديق أو بأنه ولي لك فهو كاذب، إنما يفعل لمصلحته لأنه لا أحد أصدق من الله عز وجل وهو يعلم ما في الصدور يقول الله عز وجل { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } ويقول جلا وعلا: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض } ويقول عز وجل: { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } محال أن يرضوا عن المسلمين إلا إذا تهودوا أو تنصروا، ولهذا هم الآن يحاولون بكل ما يستطيعون أن يصدوا الناس عن دينهم تارة بالأخلاق السافلة، وتارة بالمجلات، وتارة بالدعاية الخبيثة، وتارة بالصراحة يدعون إلى الكفر كما قال عز وجل: { وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين } فيقول عز وجل في وصف هؤلاء: { أذلة على المؤمنين } وهذا هو الشاهد { أعزة على الكافرين } وقال تعالى في الآية الثالثة: { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } هذا وصف الرسول صلى الله عليه وسلم ( محمد رسول الله والذين معه ) يعني أصحابه وصفهم أشداء على الكفار أقوياء على الكفار لا يلينوا لهم ولا يداهنونهم ولا يوالونهم ولا يوادونهم لكن فيما بينهم { رحماء بينهم } يرحم بعضهم بعضا، ويلين بعضهم لبعض، وهذا هو حال المؤمنين، ضد ذلك نقص في الإيمان من لا يرحم إخوانه المؤمنين فإن ذلك نقص في إيمانه وربما يحرم الرحمة، لأن من لا يرحم لا يرحم والعياذ بالله وأيضا مثل ذلك التباغض، احرص على أن تزيل كل سبب يكون سببا للبغضاء بينكم أنتم المسلمون كافة التباغض بعض الناس يبغض أخاه من أجل لعاعة من الدنيا، إما لأجل مال، أو من أجل أنه لا يقابله ببشاشة أو ما أشبه ذلك، هذا خطأ حاول أن تزيل البغضاء بينك وبين إخوانك بقدر المستطاع وحاول أن تبتعد عن كل شيء يثير العداوة والبغضاء لأنكم إخوة نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه خير وصلاح
1567 -