باب تحريم قوله لمسلم يا كافر
1732 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه متفق عليه
1733 - وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه متفق عليه حار رجع
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين: باب تحريم قوله لمسلم يا كافر المسلم والكافر حكمهما إلى الله عز وجل فالذي يحكم بالكفر هو الله والذي يحكم بالإسلام هو الله كما أن الذي يحلل ويحرم هو الله عز وجل فليس لنا أن نحلل ما حرم الله ولا أن نحرم ما أحل الله ولا أن نكفر من ليس بكافر في حكم الله ولا أن نقول هذا مسلم وليس مسلما عند الله ومسألة التكفير مسألة خطيرة جدا فتح بها أبواب شر كبيرة على الأمة الإسلامية فإن أول من انتحل هذه النحلة الخبيثة وهي تكفير المسلمين هم الخوارج الخوارج الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية وأنهم يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم وأنهم يصلون ويتصدقون ويقرأون القرآن حتى أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الصحابة يحقر أحدهم صلاته عند صلاة هؤلاء لكنهم والعياذ بالله كفروا المسلمين واستحلوا دماءهم وأموالهم ونساءهم نسأل الله العافية ومازال هذا الحكم موجودا إلى يومنا هذا فإن هناك شعبة ضالة مبتدعة خبيثة تكفر من لم يكفره الله ورسوله بأهوائهم هذا كافر هذا مبتدع هذا فاسق وما أشبه ذلك وماذا حصل من هؤلاء الخوارج المارقين من الإسلام حصل منهم أنهم اجتمعوا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو الخليفة الراشد الرابع من الخلفاء الراشدين اجتمعوا معه على حرب أهل الشام واتفقوا على ذلك وجرت بينهم حروب عظيمة ودماء كثيرة ثم اصطلح علي رضي الله عنه مع أهل الشام وتصالحوا حقنا لدماء المسلمين فقالت الخوارج لعلي بن أبي طالب أنت كافر لماذا تصالحهم كفرت كما كفروا فخرجوا عليه وقاتلوه لكن صارت العاقبة والحمد لله له قتلهم قتل عاد وإرم وقضى عليهم جميعا لكن مازال فيهم ما زال هذا المذهب الخبيث موجودا في المسلمين يبيحوا دماء المسلمين مع احترامها وأموالهم مع احترامها ونساءهم مع احترام الأعراض فيقولون مثلا من زنى فهو كافر ومن سرق فهو كافر ومن شرب الخمر فهو كافر كل ذنب من كبائر الذنوب فهو عندهم كفر والعياذ بالله يخرج من الملة فهؤلاء الذين يكفرون المسلمين لا شك أنهم هم الكفار لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الرجل إذا قال لأخيه يا كافر فإنه يبوء بها أحدهما لابد إن كان كما قال كافر فهو كافر وإلا كان الكافر هو القائل والعياذ بالله ولهذا يجب أن ينزه الإنسان لسانه وقلبه عن تكفير المسلمين لا يتكلم فيقول هذا كافر ولا يعتقد في قلبه أن هذا كافر لمجرد الهوى الحكم بالتكفير ليس لزيد ولا لعمرو بل هو لله ورسوله من كفره الله ورسوله فهو كافر وإن قلنا إنه مسلم ومن لم يكفره الله ورسوله فهو مسلم وإن قال من قال إنه كافر لذلك نقول لمن قال لمسلم يا كافر أو يا عدو الله وإن كان المخاطب كما قال فهو كافر وعدو لله وإن لم يكن كذلك فالقائل هو الكافر العدو لله والعياذ بالله وعلى هذا فيكون هذا القول من كبائر الذنوب إذا لم يكن الذي قيل فيه أهلا لها ولهذا جزم المؤلف رحمه الله في تحريم هذا أي في تحريم القول للمسلم يا كافر أو يا عدو الله نسأل الله تعالى أن يحمي قلوبنا ويكفنا من الكلام ما يغضبه ويضرنا إنه على كل شيء قدير
باب النهي عن الفحش وبذاءة اللسان
1734 -