1823 - وعنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي يريد عوافي السباع والطير وآخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمها فيجدانها وحوشا حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما متفق عليه
1824 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكون خليفة من خلفائكم في آخر الزمان يحثو المال ولا يعده رواه مسلم
1825 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب فلا يجد أحدا يأخذها منه ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن به من قلة الرجال وكثرة النساء رواه مسلم
1826 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشترى رجل من رجل عقارا فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب فقال له الذي اشترى العقار خذ ذهبك إنما اشتريت منك الأرض ولم أشتر الذهب وقال الذي له الأرض إنما بعتك الأرض وما فيها فتحاكما إلى رجل فقال الذي تحاكما إليه ألكما ولد قال أحدهما لي غلام وقال الآخر لي جارية قال أنكحا الغلام الجارية وأنفقا على أنفسهما منه وتصدقا متفق عليه
1827 - وعنه رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كانت امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت لصاحبتها إنما ذهب بابنك وقالت الأخرى إنما ذهب بابنك فتحاكما إلى داود صلى الله عليه وسلم فقضي به للكبرى فخرجتا على سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم فأخبرتاه فقال ائتوني بالسكين أشقه بينهما فقالت الصغرى لا تفعل رحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى متفق عليه
الشَّرْحُ
في هذا الباب الذي عقده النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في المنثورات والملح تقدم ما تقدم من ذكر الدجال ويأجوج ومأجوج وذكر أحاديث في هذا المجلس تدل على أن المدينة النبوية زادها الله تشريفا وتعظيما أنه يخرج عنها أهلها ولا يبقى فيها إلا العوافي أي السباع والطيور ليس فيها أحد لكن هذا لم يأت بعد ولكن هذا لم يأت بعد ولكن ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فسوف يقع لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى ومنها كثرة المال حيث أخبر صلى الله عليه وسلم أنه يقوم في آخر الزمان خليفة يحثو المال ولا يعده يعني أنه ينفق إنفاقا بلا عدد لكثرة الأموال ومنها أيضا حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهذا ليس من أشراط الساعة لكن من الملح أن رجلا اشترى من رجل أرضا فوجد فيها جرة من ذهب فذهب المشتري إلى البائع وقال خذ هذا فإنما اشتريت أرضا ولم أشتر الذهب فقال البائع أنا بعت الأرض وما فيها هذا يدل على ورعهما فكل واحد ورع يقول ليس لي هذا المال فتحاكما إلى رجل فقال لأحدهما ألك ابن قال نعم وقال للثاني ألك جارية قال نعم فقال زوجا الابن بالجارية واجعلا هذا الذهب للمهر والنفقة ففعلا ففي هذا دليل على أنه يوجد من الناس من هو ورع إلى هذا الحد أما حكم هذه المسألة فقال العلماء رحمهم الله إن الإنسان إذا باع أرضا على شخص ووجد المشتري فيها شيئا مدفونا فيها من ذهب أو غيره فإنه لا يملكه بملك الأرض ولكنه للبائع وإذا كان البائع اشتراها من آخر فهي للأول لأن هذا المدفون ليس من الأرض بخلاف المعادن لو اشترى أرضا ووجد فيها معدنا من ذهب أو فضة أو حديد أو غيره فإنه يتبع الأرض هذا من الملح ومنها أيضا حديث أبي هريرة في قصة امرأتين خرجتا بابنين لهما فأكل الذئب ابن واحدة منهما وبقي ابن الأخرى فقالت كل واحدة منهما إنه لي فتحاكما إلى داود عليه السلام فقضى به للكبرى اجتهادا منه لأن الكبرى ربما تكون قد توقفت عن الإنجاب أما الصغرى شابة وربما تنجب غيره في المستقبل ثم خرجتا منه إلى سليمان ابنه فأخبرتاه بالخبر فدعا بالسكين وقال أشقه بينكما نصفين أما الكبرى فرحبت وأما الصغرى فأبت وقالت هو ابنها أدركتها الشفقة لأنه ابنها حقيقة هو للصغرى وليس للكبرى ولكن الكبرى لن تبال لأنه ابن غير هام لا يهمها أن يذهب كما ذهب ولدها الذي أكله الذئب لأنه ليس ولدها لكن الصغرى أدركتها الرحمة فقالت هو بنيها يا نبي الله فقضى به للصغرى بأي بينة القرينة لأن كونها ترحم هذا الولد وتقول هو للكبرى ويبقى حيا وإن كان سيكون عند غيرها لكن بقاؤه حيا ولو كان عند غيرها أهون من شقه نصفين فقضى به للصغرى أخذ العلماء من هذا الحديث العمل بالقرائن وأنه يجوز للقاضي أن يحكم بالقرائن إذا كانت قوية ومن ذلك ما حصل بين امرأة العزيز ويوسف بن يعقوب عليهما الصلاة والسلام فمن المعلوم أن يوسف حبس في السجن وكان صلى الله عليه وسلم جميلا جدا حتى إنه أعطى نصف الحسن فامرأة العزيز وهي امرأة ملكة لها حسب ولها منزلة لكن عجزت أن تملك نفسها حتى مكرت به وكادت له وأدخلته في البيت وغلقت الأبواب ودعته إلى نفسها والعياذ بالله ولكنه عصمه الله عز وجل فلحقته وأمكست بثوبه وانشق الثوب من الخلف ووجدا سيدها لدى الباب وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم هذا حصل قبل السجن { قال هي راودتني عن نفسي } وهذا قبل أن يسجن ليس عنده بينة والمرأة قد لحقته وهو يريد الخروج ومن يصدق سوف يكون المصدق في هذه الحال امرأة العزيز لأنها ذات حسب وزوجة الملك فلا يمكن أن تذل نفسها للخادم ولكن { قال هي راودتني عن نفسي } فحكم حاكم من أهل البيت قال انظروا إلى قميصه ثوبه إن كان قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين لأنه إذا كان من قبل يعني أنه الطالب المراود وأرادت التخلص منه فمزقت ثوبه وإن كان من دبر فهو قد هرب منها ولحقته { فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم } وصار الصادق يوسف وليس معه بينة تشهد ولكن هناك قرينة وهذا لا شك أنه قاعدة جليلة للقاضي ولمن جعل حكما بين الناس ..
والله الموفق
1828 -