1828 - وعن مرداس الأسلمي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يذهب الصالحون الأول فالأول وتبقى حثالة كحثالة الشعير أو التمر لا يباليهم الله بالا رواه البخاري
1829 - وعن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ما تعدون أهل بدر فيكم قال من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها قال وكذلك من شهد بدرا من الملائكة رواه البخاري
1830 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أنزل الله تعالى بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم متفق عليه
الشَّرْحُ
هذه أيضا من الأحاديث التي ذكرها النووي في آخر كتابه رياض الصالحين من الملح منها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه يذهب الصالحون الأول فالأول ثم يبقى حثالة كحثالة الشعير أو التمر لا يبالي الله بهم بالا يعني لا يبالي بهم ولا يرحمهم ولا ينزل عليهم الرحمة فالصالحون يذهبون الأول وهذا الحديث يشبه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه حين جاء الناس إليه يشكونه ما وجدوا من الحجاج بن يوسف الثقفي فأخبرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده شر منه حتى تلقوا ربكم فهذا الحديث يشبه الحديث الذي أشرنا إليه ولذلك تجد الناس يتردون كل عام عن العام الذي قبله يذهب الصالحون الأول فالأول فيما سبق تجد الناس يتهجدون في الليل يصومون في النهار يتصدقون من أقواتهم يؤثرون على أنفسهم في اليوم تجد الناس تغيروا من سنة إلى أخرى إلى أردى من قبل سهروا في الليل على غير طاعة الله ونوم في النهار أو لهو أو بيع وشراء يشتمل على الغش والكذب والخيانة والعياذ بالله فالناس إلى أردأ لكن مع ذلك في الناس خير لا شك يوجد أناس ولله الحمد على دين الله مستقيمين على ما يبدو لكن العبرة بالعموم والشمول ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الثالث الذي رواه البخاري أنه إذا أنزل بهم العذاب شمل الجميع كما قال تعالى واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب لكنهم يبعثون يوم القيامة على نياتهم كل على ما هو عليه ولذلك يجب الحذر من أن يكون الإنسان من الحثالة التي كحثالة الشعير أو التمر وأن يحرص على أن يستقيم على أمر الله حتى لو كان الناس قد هلكوا فإنهم إن أصيبوا بالعذاب فإنه يبعث كل إنسان على نيته كذلك أيضا من الملح أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ما تعدون أهل بدر فيكم قال النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها قال وكذلك الملائكة الذين قاتلوا في بدر بدر اسم مكان بين مكة والمدينة معروف كان فيه وقعة بين المسلمين والمشركين سببها أن أبا سفيان صخر بن حرب كان رئيسا في أهل مكة وكان قدم من الشام بميرة عير فيها طعام لأهل مكة فلما سمع بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أنه قادم إلى مكة أخبر أصحابه بذلك وكان أهل مكة قد أخرجوا المسلمين من ديارهم وأموالهم واستباحوها فكان للمؤمنين أن يستبيحوا أموال الكفار جزاء وفاقا فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ليخرجوا إلى هذه العير فقط فخرج معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا يعني ما بين العشرة إلى العشرين يعني مائة وعشرون أو ثلاثمائة وعشرون ليس معهم سلاح ما معهم إلا سبعون بعيرا يتعاقبونها وفرسان فقط لأنهم لم يخرجوا لقتال وإنهم خرجوا للعير يأخذونها ويرجعون أبو سفيان كان رجلا محنكا ذكيا أرسل إلى أهل مكة وقال لهم أنقذوا عيركم محمد وأصحابه سيخرجون إلينا ليأخذوها ثم سلك طريق البحر بعيدا عن المدينة وقريش لما سمعت بهذا أخذتها حمية الجاهلية فاستنفروا ونفروا جميعا بكبرائهم وعظمائهم لحكمة أرادها الله عز وجل فلما خرجوا ظاهر مكة جاءهم الخبر أن أبا سفيان سلم ونجا لأنه سلك طريق البحر بعيدا عن المدينة ولم يدركه الرسول وأصحابه فتشاوروا فيما بينهم قالوا مادامت العير نجت فنرجع إلى مكة وما لنا والحروب فقال كبراؤهم كأبي جهل وغيره والله ما نرجع إلى مكة أبدا حتى نصل إلى بدر وهي نقطة المفرق بين مكة والمدينة والشام ننحر الجزور ونشرب الخمور نعوذ بالله وتعزف علينا القيان فرحا وطربا وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبدا أعوذ بالله خرجوا كما قال الله عز وجل { خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس } فصمموا على أن يقابلوا الرسول صلى الله عليه وسلم ويلتقوا في بدر كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا وقريش تسعمائة رجلا لكن قريشا مستعدة للحرب بعتادها وقوتها والرسول صلى الله عليه وسلم ما استعد ولكن الله عز وجل جمع بينهما على غير ميعاد لينفذ ما حكم وأراد عز وجل فالتقوا وفي هذا يقول الله عز وجل { إذ يريكهم الله في منامك قليلا } فقد رآهم الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام قليلا ليتشجع على لقائهم { ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم } سبحان الله هم يرون الصحابة قليلين والصحابة يرونهم قليلين حتى يتحفز كل واحد لمقابلة الآخر فالتقوا وحدثت معركة وقتل من أهل مكة سبعون وأسر سبعون وقتل من المسلمين سبعون رجلا سبحان الله { وتلك الأيام نداولها بين الناس } المهم أنه حدثت الواقعة وقاتلوا قتالا شديدا وقتل صناديد قريش ومنهم السبعة أو الثمانية الذين ألقوا سلا الجزور على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد تحت الكعبة في هذه القصة المشهورة والتي دعا فيها الرسول عليهم قائلا اللهم عليك بقريش اللهم عليكم بقريش اللهم عليك بفلان وفلان وعددهم فقتلوا في بدر ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بهؤلاء الصناديد الكبراء وألقوا في قليب بئر منتنة خبيثة وبقى الرسول صلى الله عليه وسلم منصورا مظفرا في ذلك المكان ثلاثة أيام وكان من عادته إذا قاتل قوما وانتصر عليهم أن يبقى في العرسة ثلاثة أيام ..
إلى آخر ما هو مشهور عن تلك القصة المهم أن الذين قاتلوا في بدر وهم ثلاثمائة وسبعة عشر رجلا هم من أفضل المسلمين أتدرون ماذا قال لهم ربهم عز وجل قال { اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم } كل ذنب يفعله واحد من أهل بدر مهما كان عظمه فهو مغفور له لكنهم لم يكفروا وحصل هذا تطبيقا فإن أحدهم لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهب إلى قريش في غزوة الفتح أرسل حاطب وهو ممن حضروا معه بدرا امرأة معها كتاب إلى قريش قال لهم إن الرسول صلى الله عليه وسلم سيغزوكم فانتبهوا فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك فأرسل رجلين أحدهما علي بن أبي طالب إلى هذه المرأة وأدركوها في روضة خاء وأمسكوا بها وقالوا لها إلى أين قالت إلى مكة وماذا معك قالت لا شيء قالوا لها إما أن تعطينا ما معك وإلا كشفنا عنك فأخرجته لهم وإذا هو كتاب من حاطب بن بلتعة رضي الله عنه وهو ممن شهد بدرا فجاءوا به للرسول صلى الله عليه وسلم وعرضوه عليه فدعاه قائلا ما هذا يا حاطب كيف تخون كيف ترسل إلى قريش بأخبارنا وهذا يسمى عند الناس جاسوسا اعتذر بعذر قال عمر أو غيره من الصحابة يا رسول الله أنا أضرب عنقه فإنه قد خان الله ورسوله قال صلى الله عليه وسلم أما علمت أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فوقعت هذه الفعلة القبيحة الشنيعة وقعت موقع مغفرة لماذا لأن الرجل من أهل بدر فهم رضي الله عنهم وجمعنا وإياكم معهم في جنات النعيم فالذي منع الرسول أن يقتل هذا الرجل أنه شهد بدرا وعلى هذا إذا وجدنا جاسوسا من المسلمين يخبر الكفار بأخبارنا وجب قتله حتى لو قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وجب قتله بدون استثناء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يمنعه من قتل حاطب إلا كونه من أهل بدر وهي مزية لن تحصل إلى يوم القيامة وقد استدل العلماء رحمهم الله بهذا الحديث على أن الجاسوس يقتل سواء أكان مسلما أم كافرا على كل حال لأنه يفضي بأخبارنا إلى أعدائنا والله الموافق
1831 - وعن جابر رضي الله عنه قال: كان جذع يقوم إليه النبي صلى الله عليه وسلم يعني في الخطبة فلما وضع المنبر سمعنا للجذع مثل صوت العشار حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه فسكن وفي رواية: فلما كان يوم الجمعة قعد النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها حتى كادت أن تنشق وفي رواية: فصاحت صياح الصبي فنزل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذها فضمها إليه فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت حتى استقرت قال بكت على ما كانت تسمع من الذكر رواه البخاري
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث المنثورة التي ذكرها المؤلف رحمه الله في آخر كتابه رياض الصالحين حديث جابر وفيه آية من آيات الله عز وجل وآية لرسوله صلى الله عليه وسلم واعلم أن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا آتاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر لأنه لو أرسل رسولا بدون آية تدل على أنه رسول الله ما صدقه أحد ولكان للناس عذر في رد قوله ولكن الله تعالى بحكمته ورحمته ما أرسل رسولا إلا آتاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر الآيات يعني العلامات التي تدل على صدقه وآيات النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة ومن أراد الاستزادة منها فعليه بكتابين أحدهما الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح فقد ذكر رحمه الله شيخ الإسلام في هذا الكتاب في آخره من آيات النبي صلى الله عليه وسلم الكونية والشرعية ما لم يحصل لغيره رحمه الله رحمة واسعة والثاني البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله فآيات الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرة منها ما ذكره جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جزع نخلة فلما صنعت له امرأة من الأنصار منبرا يخطب عليه فإذا بالجزع يحن حنان العشار وأحيانا يبكي بكاء الصبي لفقد النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر جماد ..
جزع ..
يبكي لفقد الرسول صلى الله عليه وسلم والآن قمم عظيمة فقدت لا يبكي لها أحد أعاننا الله وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته نزل النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يسكته كما تسكت الأم صبيا وهو جماد فسكت الجزع فكان في هذا آتيان 1 _ صياح الجزع لما فقد النبي صلى الله عليه وسلم 2_ سكوت الجزع لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم يسكته ونظيرها آية وقعت لموسى عليه السلام فقد آذاه بنو إسرائيل أذية عظيمة كما قال الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا من جملة ما قالوا فيه إنه آذر يعني كبير الخصيتين وهو عيب وكان صلى الله عليه وسلم يستتر إذا اغتسل وكانوا هم يغتسلون عراة فقالوا إن موسى لا يستتر إلا لما فيه من عيب فأراد الله عز وجل أن يريهم أنه لا عيب فيه بغير اختيار موسى نزل يغتسل مرة ووضع ثوبه على حجر فلما كان يغتسل هرب الحجر ذهب يسعى يشتد فلحقه موسى يقول ثوبي حجر ثوبي حجر يعني أعطني ثوبي يا حجر والحجر سائر حتى وصل إلى ملأ من بني إسرائيل فشاهدوا موسى بلا عيب والحمد لله ثم وقف الحجر فجعل موسى يضربه لأنه فعل فعل ما يفعله العاقل فاستحق أن يؤدبه بالضرب مثل ذلك ما تفعله الأمهات بأولادها الصغار إذا عثر الطفل أو ضربه شيء جعلت تضرب ما أعثره لأجل أن تسكت الصبي وتطيب خاطره المهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ينزل يسكت الجزع فسكت وهذه من آيات الله عز وجل والله أعلم
1832 - وعن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها حديث حسن رواه الدارقطني وغيره
1833 - وعن عبد الله بن أبي أوفي رضي الله عنهما قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد وفي رواية نأكل معه الجراد متفق عليه
1834 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين متفق عليه
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث من أحاديث الملح المنثورة التي ذكرها النووي رحمه الله في آخر كتابه رياض الصالحين عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة لكم فلا تبحثوا عنها هذه ثلاث جمل بينها النبي صلى الله عليه وسلم وبين حكمها أولا فرض الله فرائض وأعظم فرائض الله على عباده التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ففي شهادة أن لا إله إلا الله توحيد الله بالعبادة وألا يعبد أحد سواه وفي شهادة أن محمدا رسول الله توحيد النبي صلى الله عليه وسلم بالمتابعة بحيث لا يتابع أحد سواه هذه أفرض الفرائض ثم الصلوات والزكاة والصوم والحج وبر الوالدين وصلة الرحم وحسن الجوار والصدق والنصيحة ..
.
أشياء كثيرة فرضها الله تعالى على عباده منها فرائض عينية على كل واحد ومنها فرائض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين فالصلوات الخمس فرض عين لابد على كل مسلم أن يقوم بها والصلاة على الجنازة فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين وحد حدودا فلا تعتدوها في الفرائض قال لا تضيعوها ولكن احرصوا عليها وقوموا بها على الوجه المطلوب وحد حدودا فلا تعتدوها يعني جعل للأشياء حدا معينا فالصلوات الخمسة مثلا لها حد وهي أوقاتها الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال العصر من هذا الوقت إلى غروب الشمس والمغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر العشاء من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس هذه حدود الصوم له حد من طلوع الفجر إلى غروب الشمس الحج له حد أشهر معلومات في أماكن معينة إلخ حد حدودا فلا تعتدوها يعني لا تتجاوزوها قال تعالى ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه { ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون } وسكت عن أشياء رحمة لكم فلا تبحثوا عنها سكت عن أشياء لم يوجبها علينا ولم يحرمها ولو شاء لأوجب علينا ما شاء وحرم ما شاء لكنه سكت عن أشياء لولا رحمته لألزمنا بها وأضرب لكم مثلا بالصلوات الخمس فأول ما فرضها الله على العباد خمسين صلاة في اليوم والليلة ثم إن الله تعالى عفا وصارت خمسا في العمل خمسين في الثواب وأشياء كثيرة عفا الله عنها ولو شاء لألزمنا بها وفي قوله وسكت عن أشياء دليل على ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أن الله يتكلم بصوت مسموع لأن السكوت ضد الكلام وهو جل وعلا يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء لا نعلم كيف يتكلم ولا متى ولا بماذا يتكلم لكن نؤمن بأنه إذا أراد شيئا قال له كن فيكون ولهذا لا تحصى كلمات الله عز وجل قال الله تعالى { ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام } يعني لو كانت جميع أشجار الأرض أقلاما يكتب بها { والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله } وقال عز وجل { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا } ثم ذكر حديث عبد الله بن أوفى رضي الله عنه قال غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد معه الجراد معروف وهو من الحلال يأكله الإنسان حيا وميتا قال النبي صلى الله عليه وسلم أحلت لنا ميتتان ودمان الميتتان الجراد والحوت ولهذا لا يحتاج إلى تزكية وهو صيد فإن كان في مكة حرم على الإنسان أن يصيده وأن يطيره من مكانه ويجب على من رأى من يصيده بالحرم أن يزجره ويمنعه لأنه صيد محرم لا يجوز صيده في مكة ولا أن تطيره وغيرها من الطيور وفي هذا دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم يستدلون بإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم يعني إن فعلوا شيئا وأقرهم عليه فهو حلال وهو كذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يستطيع منعهم ولكن ما دام سكت دل ذلك على الجواز أما حديث أبي هريرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين اللدغ هو لدغ الحية المؤمن كيس فطن محترز لا يلدغ من جحر مرتين بمعنى أنه إذا حدث له شيء من أي عمل يكون فإنه لا يعود إليه لأنه يحاذر وإذا لدغ من جحر تركه وعرف أنه لا فائدة منه فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين لأنه حاذر فطن كيس فدل ذلك على أن الإنسان ينبغي له أن يكون فطنا وألا يعود لشيء أصابه منه ضرر بل يكون مؤمنا لأن هذا من كمال الإيمان والله الموفق
المنثورات والملح ( القسم الثاني )