1836 - وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بين النفختين أربعون قالوا يا أبا هريرة أربعون يوما قال أبيت قالوا أربعون سنة قال أبيت قالوا أربعون شهرا قال أبيت ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب الذنب فيه يركب الخلق ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل متفق عليه
1837 - وعنه قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال متى الساعة فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال أين السائل عن الساعة قال ها أنا يا رسول الله قال إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة رواه البخاري
1838 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يصلون لكم فإن أصابوا فلكم وإن أخطئوا فلكم وعليهم رواه البخاري
1839 - وعنه رضي الله عنه { كنتم خير أمة أخرجت للناس } قال: خير الناس للناس يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام
1840 - وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عجب الله عز وجل من قوم يدخلون الجنة في السلاسل رواهما البخاري معناها يؤسرون ويقيدون ثم يسلمون فيدخلون الجنة
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث من الملح والمنثورات وسبق الكلام عن الكثير منها فهذه أحاديث أربعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين النفختين أربعون يعني النفخ في الصور والصور موكل به ملك من الملائكة يسمى إسرافيل هذا الصور ينفخ فيه أول مرة فيفزع الناس لهوله وشدته ثم يصعقون كلهم أي يموتون كما قال الله تعالى ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين وقال تعالى { ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون } فالنفخة الأولى يكون بها الفرع والصعق يعني الموت والفناء والنفخة الثانية يكون فيها القيام { فإذا هم قيام ينظرون } قيام من قبورهم ينظرون ماذا حدث وذلك أن الله تعالى يرسل عليهم قبل ذلك مطرا غليظا كمني الرجال ثم ينبتون في قبورهم كما ينبت حمى السيل يعني حبة تنبت في الأرض ثم تخرج وهم كذلك ينبتون ثم ينفخ في الصور النفخة الثانية فيخرج من هذا الصور كل نفوس العالم بإذن الله وتذهب كل نفس إلى جسدها الذي كانت تعمره في الدنيا لا تخطئه ..
سبحان الله بينهما أربعون قيل لأبي هريرة أربعون يوما قال أبيت يعني لا يدري قالوا أربعون سنة قال أبيت قالوا أربعون شهرا قال أبيت قال النبي صلى الله عليه وسلم بينهما أربعون فنقول كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم والله أعلم المهم أن هذا هو النفخ في الصور ثم يقوم الناس إلى يوم الحساب لرب العالمين فيحاسبهم كل يحاسب بذنبه وحسابه عز وجل دائر ما بين الفضل والعدل لا ظلم فيه لأن المحاسبة إما ظلم أو عدل أو فضل وحسابه عز وجل دائر ما بين الفضل والعدل قال الله عز وجل { فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعلمون } أما الحديث الثاني حديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال متى الساعة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث إلى أصحابه فمضى في حديثه لم يحب أن يقطعه صلى الله عليه وسلم وكأنه والله أعلم حديث متواصل فقال قوم سمع ما قال فكرهه والإنسان إذا كره سؤال السائل فلا حرج عليه ألا يجيبه حتى ولو سمعه لأنه قد يكون السائل ليس عنده حكمة فيسأل سؤالا غير مناسب فللمجيب أن يدعه ولا يجيب وقال آخرون لعله لم يسمعه فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم حديثه قال أين السائل قال أنا يا رسول الله قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة يعني إذا فسد الناس وكانت الأمور تسند إلى غير أهلها الفتوى تسند للجاهل والإمارة تسند للسفيه والإدارة تسند لمن لا علم عنده بالإدارة ..
.
وهكذا والخلاصة أنه إذا فسد الناس فانتظر الساعة لأن الساعة تقوم على شرار الخلق ففي هذا التحذير من تضييع الأمانة وأنه يجب أن يولي المناصب الأهل فالأهل لأن هذا مقتضى الأمانة أما الحديث الثالث فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هناك أئمة يعني أمراء يصلون لكم فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساءوا فلكم وعليهم وهذا وإن كان في الأمراء يشمل أيضا أئمة المساجد يصلون لكم فإن أحسنوا في الصلاة وأتوا بها على ما ينبغي فذلك لكم ولهم وإن أساءوا فلكم وعليهم يعني ليس عليكم أنتم من إساءتهم من شيء وفي هذا إشارة إلى أنه يجب الصبر على ولاة الأمر وإن أساءوا في الصلاة وإن لم يصلوها على وقتها فإن الواجب ألا نشذ عنهم وأن نؤخر الصلاة كما يؤخرون وحينئذ يكون تأخيرنا للصلاة عن أول وقتها يكون تأخيرا بعذر لأجل موافقة الجماعة وعدم الشذوذ ويكون بالنسبة لنا كأننا صلينا في أول الوقت وفي هذا إشارة إلى أن الشذوذ عن الناس وعن ولاة الأمور والبعد عنهم وإثارة الناس عليهم ونشر مساوئهم كل هذا مجانب للدين الإسلامي فالدين يأمر بالخير والعدل وينهى عن الشر والفساد حتى إن الله قال { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء } إذا ذكرت سيئة فاذكر الحسنة أما أن تسعد بذكر السيئات وتجحد الحسنات فهذا جور وظلم والله عز وجل لا يحب الظلم { ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } أي لا يحملكم بغض قوم على عدم العدل بل اعدلوا هو أقرب للتقوى فهؤلاء الذين يصلون ويؤخرون الصلاة عن وقتها نصلي معهم ويكون لنا الأجر وإن كان التأخير فيه وزر فعلى المؤخرين أما الحديث الرابع لأبي هريرة عجب الله لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل وفسره المؤلف رحمه الله بأنهم قوم من الكفار يؤسرون ثم يسلمون فيكون هذا الأسر سببا في إسلامهم ودخولهم الجنة والله الموفق
1841 -