1861 - وعن أبي زيد عمرو بن أخطب الأنصاري رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطب حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر حتى غربت الشمس فأخبرنا ما كان وما هو كائن فأعلمنا أحفظنا رواه مسلم
1862 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه رواه البخاري
1863 - وعن أم شريك رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بقتل الأوزاغ وقال كان ينفخ على إبراهيم متفق عليه
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث من الأحاديث التي ذكرها المؤلف في كتابه ( رياض الصالحين ) من الأحاديث المنثورة التي لا تختص بباب دون باب فمنها هذا الحديث الدال على أن النبي صلى الله عليه وسلم أخطب الناس وأن الله تعالى أعطاه قوة لم يعطها أحدا غيره فقد صلى الفجر صلى الله عليه وسلم ذات يوم وصعد المنبر وخطب الناس حتى أذن الظهر ثم نزل فصلى الظهر ثم عاد فصعد المنبر وخطب حتى أذن العصر فنزل وصلى العصر ثم صعد المنبر فخطب حتى غابت الشمس يعني يوما كاملا من صلاة الفجر إلى غروب الشمس وهو صلى الله عليه وسلم يخطب ولم يذكر أنه خرج إلى البيت ليتغدى أو نحو ذلك فإما أن يكون صائما وإما أن يكون قد انشغل بما هو أهم وكذلك أيضا لم يذكر أنه صلى راتبة الظهر فيكون هنا اشتغل عن الراتبة بما هو أهم لأن موعظة الناس وتعليم الناس أهم من الراتبة فإن دار الأمر بين أداء الراتبة والتعليم فالتعليم أفضل قال وأخبرنا بما كان وما يكون يعني مما أطلعه الله عليه وليس يعلم الغيب إلا من أطلعه الله عليه فقط فأعلمه الله عز وجل في ذلك اليوم شيئا من علوم الغيب الماضية ومن الغيوب المستقبلة وأخبر بها صلى الله عليه وسلم فأعلمنا أحفظنا يعني منا من علم وحفظ وبقى ذلك في ذهنه ومنا من لم يحفظ ففي هذا دليل على قوة النبي صلى الله عليه وسلم ونشاطه وحرصه على إبلاغ الرسالة حتى قام يوما كاملا وأما الحديث الثاني فهو حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه النذر هو أن يلزم الإنسان نفسه شيئا لله عز وجل مثل أن يقول لله علي نذر أن أقوم أن أصوم أن أصلي أن أقرأ القرآن أن أتصدق ..
..
ألخ والنذر إما حرام وإما مكروه فبعض العلماء يرى أن النذر حرام وأنه لا يحل للإنسان أن ينذر لأنه يكلف نفسه ما هو في غنى عنه وكم من إنسان نذر ولم يوف وكم من إنسان نذر وتعب في الوفاء وكم من إنسان نذر وذهب إلى أبواب العلماء يستفتيهم لعله يجد رخصة المهم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر واختلف علماء المسلمين في هذا النهي فمنهم من قال إنه للتحريم ومنهم من قال إنه للكراهة ولكن إذا نذر أن يطيع الله وجب عليه أن يطيع الله وجوبا فإذا قال لله علي نذر أن أصوم كل يوم اثنين من كل أسبوع وجب عليه ذلك ولا يحل له أن يخلف إلا لعذر كمرض ونحوه وإذا نذر أن يصلي كل يوم ركعتي الضحى وجب عليه أن يصلي ركعتين ..
.
إلخ مع أنه كان في حل من ذلك إن شاء صام وإن شاء لم يصم وإن شاء صلى وإن شاء لم يصل ..
.
إلخ في غير فرائض الله فهو في حل وسعة فيذهب فيضيق على نفسه والعجب أن بعض الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية إذا كان مريضا قال لله علي نذر إن عافاني الله لأفعلن كذا وكذا سبحان الله الله لا يعافيك إلا إذا أعطيت الشرط ولهذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فقال إن النذر لا يرد قضاء إذا أراد الله أمرا سواء نذرت أو لم تنذر سيتم وقال إنه لا يأتي بخير وصدق صلى الله عليه وسلم النذر ما فيه خير وأعلم أنك إذا نذرت على شرط فلم توف إذا حصل الشرط فإنك مهدد بأمر عظيم مهدد بنفاق يجعله الله في قلبك حتى تموت قال الله عز وجل ومنهم من عاهد الله لئن ءاتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين عاهدوا الله إن أعطانا مالا لنتصدق منه ونقوم بطاعة الله { فلما ءاتاهم من فضله } وتم لهم مطلوبهم { بخلوا به وتولوا } ما وفوا بما عاهدوا الله عليه { فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه } نفاق دائم لا يوفقون إلى التوبة منه ولا تنسلخ قلوبهم منه بل يبقى في قلوبهم إلى أن يموتوا والعياذ بالله على النفاق فالمهم يا أخي المسلم احذر النذر وحذر إخوانك المسلمين وقل للمريض إن أراد الله لك شفاء شفاك بدون نذر وقل للتلميذ إن أراد الله أن تنجح نجحت بدون نذر وقل لمن ضاع منه شيء إن أراد الله آتاك به من غير نذر واصدق الله في نفسك إذا حصل ذلك الشيء فحينئذ أشكر الله تصدق بما شئت صم صل أما أن تنذر وكأن الله عز وجل لا يأتي إلا إذا شرط له شرط نسأل الله العافية ولهذا فالقول بالتحريم قول قوي وإليه مال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أما من نذر أن يعصى الله فلا يعصه ولو نذر أن يشرب الخمر مثلا حرم عليه شربها ولا يحل له أن يشرب الخمر بالنذر لا يقول أنا نذرت وأوفي بنذري نقول لا وفاء لنذر في معصية الله لو نذر أن يعتدي على شخص لا يحل أن يعتدي عليه ولو نذر لو نذر أن يغتاب شخصا فلا يحل له أن يغتابه ولو نذر أن يقاطع قريبه لم يحل له أن يقاطع قريبه لو نذر أن يعق والديه لم يحل له أن يعق والديه لأن ذلك معصية ومن نذر أن يعصي الله فلا يعص ولكن ماذا يفعل قال أهل العلم إنه لا يعصى الله ويكفر كفارة يمين يطعم عشرة مساكين أو يكسوهم أو يعتق رقبة فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعة لحديث ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أما الحديث الثالث فهو قتل الوزغ والوزغ سام أبرص هذا الذي يأتي في البيوت يبيض ويفرخ ويؤذي الناس أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله وكان عند عائشة رضي الله عنها رمح بها تتبع الأوزاغ وتقتلها وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قتله في أول مرة فله كذا وكذا من الأجر وفي الثانية أقل وفي الثالثة أقل ..
.
كل ذلك تحريضا للمسلمين على المبادرة لقتله وأن يكون قتله بقوة ليموت في أول مرة وسماه النبي صلى الله عليه وسلم فاسقا وأخبر أنه كان ينفخ النار على إبراهيم والعياذ بالله حين ألقاه أعداؤه في النار جعل هذا الخبيث الوزغ ينفخ النار على إبراهيم من أجل أن يشتد لهبها مما يدل على عدواته التامة لأهل التوحيد والإخلاص ولذلك ينبغي للإنسان أن يتتبع الأوزاغ في بيته في السوق في المسجد ويقتلها والله الموفق
1864 -