1864 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة دون الأولى وإن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة وفي رواية من قتل وزغا في أول ضربة كتب له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك رواه مسلم قال أهل اللغة الوزغ العظام من سام أبرص
1865 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رجل لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على سارق فقال اللهم لك الحمد لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية فقال اللهم لك الحمد على زانية لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غني فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني فقال اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني فأتي فقيل له أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته وأما الزانية فلعلها تستعف عن زناها وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما آتاه الله رواه البخاري بلفظه ومسلم بمعناه
الشَّرْحُ
أما حديث أبي هريرة الثاني فهو في قصة الرجل الذي خرج ليتصدق ومعروف أن الصدقة على الفقراء والمساكين فوقعت صدقته في يد سارق فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على سارق والسارق ينبغي أن يعاقب لا أن يعطى وينمى ماله فقال هذا الرجل المتصدق الحمد لله حمد الله لأن الله تعالى محمود على كل حال وكان من هدى النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أصابه ما يسره قال الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات وإذا أصابه خلاف ذلك قال الحمد لله على كل حال هذا هدى النبي صلى الله عليه وسلم وأما ما يقوله بعض الناس الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه فهذه عبارة لا ينبغي أن تقال لأن كلمة على مكروه تنبئ عن كراهتك لهذا الشيء وأن هذا فيه نوع من الجزع ولكن قل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله على كل حال والإنسان لا شك في أنه في هذه الدنيا يوما يأتيه ما يسره ويوما يأتيه ما لا يسره فإن الدنيا ليست باقية على حال وليست صافية من كل وجه بل صفوها مشوب بالكدر نسأل الله أن يكتب لنا ولكم بها نصيبا للأخرة لكن إذا أتاك ما يسرك فقل الحمد لله الذي بنعمتة تتم الصالحات وما يسوؤك فقل الحمد لله على كل حال ثم إنه خرج هذا الرجل فقال لأتصدقن الليلة فوقعت صدقته في يد زانية امرأة بغى تمكن الناس من الزنا بها فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على زانية وهذا شيء لا يقبله العقل ولا الفطرة فقال الحمد لله ثم قال لأتصدقن الليلة وكأنه رأى أن صدقته الأولى والثانية لم تقبل فتصدق فوقعت في يد غني والغني ليس من أهل الصدقة بل من أهل الهدية والهبة وما أشبه ذلك فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على غني فقال الحمد لله على سارق وزانية وغني وقد كان يريد أن تقع صدقته في يد فقير متعفف نزيه لكن كان أمر الله قدرا مقدورا فقيل له إن صدقتك قد قبلت لأنه مخلص قد نوى خيرا لكنه لم يتيسر له وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن إذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر هذا مجتهد ولم يتيسر له ما يريد فقيل له أما صدقتك فقد قبلت وأما السارق فلعله أن يستعف عن السرقة ربما يقول هذا مال يكفيني وما البغي فلعلها أن تستعف عن الزنا لأنها ربما كانت تزني والعياذ بالله ابتغاء المال وقد حصل لها ما يكفها عن الزنا وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما آتاه الله هكذا النية الطيبة يحصل بها الثمرات الطيبة وكل هذا الذي ذكر متوقع وربما يكون يستعف السارق عن السرقة والبغي عن الزنا والغني يعتبر ففي هذا الحديث دليل على أن الإنسان إذا نوى الخير وسعى فيه وأخطأ فإنه يكتب له ولا يضره ولهذا قال العلماء رحمهم الله إذا أعطى زكاته من يظنه من أهل الزكاة فتبين أنه ليس من أهلها فإنها تجزئة مثلا رأيت رجلا عليه ثياب رثة تحسبه فقيرا فأعطيته الزكاة ثم تحدث الناس أنه غني عنده أموال كثيرة فهل تجزئك الزكاة الجواب نعم تجزئه الزكاة لأنه قيل لهذا الرجل أما صدقتك فقد قبلت وكذلك إذا أعطيتها غيره ممن ظننته مستحقا ولم يكن كذلك فإنها تجزئك والله الموفق
1866 -