باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار
قال الله تعالى: { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }
704 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا متفق عليه زاد مسلم في رواية له: فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في الصلاة
705 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجرا شديدا وضربا وصوتا للإبل فأشار بسوطه إليهم وقال: أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع رواه البخاري وروى مسلم بعضه البر: الطاعة والإيضاع بضاد معجمة قلبها ياء وهمزة مكسورة وهو الإسراع
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى ( باب الندب إلى آتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار ) الصلاة من المعلوم أنها آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي من أعظم شعائر الله والإنسان إذا أقبل إلى الصلاة فإنما يقبل إلى الوقوف بين يدي الله عز وجل ومن المعلوم أن الإنسان إذا أتى إلى شخص من بني آدم يعظمه فإنه يأتي إليه بأدب وسكينة ووقار، فكيف إذا أتى ليقف بين يدي الله عز وجل ؟ ولهذا ينبغي للإنسان أن تأتي إلى الصلاة في سكينة كما سيأتي في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى لهذا الباب بقوله تعالى: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب الذي يعظم شعائر الله فيرى أنها عظيمة في قلبه ويقوم بما ينبغي لها من التعظيم بجوارحه فإن هذا من تقوى القلوب علامة على صلاح نيته وتقوى قلبه وإذا اتقى القلب اتقت الجوارح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب فعليك بتعظيم شعائر الله فإن ذلك تقوى لقلبك وأيضا يكون خيرا لك عند الله عز وجل: { ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه } ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون يعني إذا سمعتم الإقامة من خارج المسجد وهذا يدل على أن الإقامة تسمع من خارج المسجد وهو الظاهر وقد جاء في الحديث أن بلالا قال للنبي صلى الله عليه وسلم لا تسبقني بآمين مما يدل على أنه يقيم في مكان يسمعه الناس فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: ائتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة تمشون مشيا عاديا وعليكم السكينة وفي قوله صلى الله عليه وسلم: وأنتم تمشون دليل على أنه يمشي مشيا معتادا وأنه لا يقارب الخطى كما استحبه بعض أهل العلم وأما قول النبي عليه الصلاة والسلام: لم يخط خطوة إلا رفع الله بها درجة يعني أنه يقارب الخطي لكن يمشي مشية المعتاد بدون إسراع فإذا أتى الإنسان على هذا الوجه فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا إلا أن أهل العلم قالوا إذا خشي فوات الركعة يعني فوات الركوع فلا باس أن يسرع قليلا سرعة لا تكون سرعة قبيحة فإنه لا بأس بذلك لا ينبغي أن تكون سرعة تقبح يكون لها جلبة وصوت يستفاد من هذا الحديث فوائد منها تعظيم شأن الصلاة وأن الإنسان ينبغي أن يأتي إليها بأدب وخشوع وسكينة ووقار ومنها: أنه لا بأس أن تسمع الإقامة من خارج المسجد وعلى هذا فإذا أقام المؤذن في مكبر الصوت ليسمع من كان خارج المسجد فلا بأس وإن كان بعض الناس قد اعترض على هذا إذا وقال إنه إذا أقام من خارج المسجد تكاسل الناس وصاروا لا يحضرون إلا إذا سمعوا الإقامة وربما تفوتهم الركعة الأولى أو يفوتهم أكثر حسب قربهم من المسجد أو بعدهم منه ولكن ما دام قد حدث مثله في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وأن الإقامة كانت تسمع من الخارج فإننا نرى أنه لا بأس بذلك لكن الشيء الذي يخشى منه الإثم ما يفعله بعض الناس فينقل الصلاة نفسها عبر مكبر الصوت من المنارة فإن هذا يشوش على من حوله لاسيما في صلاة الليل الجهرية يشوش على أصل البيوت ويشوش على المساجد القريبة حتى إننا سمعنا بعض الناس إذا سمع مكبر الصوت من مسجد قريب وكان الإمام حسن الصوت والقراءة صار المأموم الذي في هذا المسجد يتابع بقلبه الإمام في المسجد الثاني حتى سمعنا أن بعضهم أمن على قراءة إمام المسجد الثاني لما قال إمام المسجد الثاني { ولا الضالين } قال هؤلاء: آمين وهذا ليس ببعيد لأن القلب إذا انشغل بشيء أعرض عن غيره فإذا كانوا يتابعون قراءة المسجد المجاور وكانت قراءة الإمام جيدة في الصوت والأداء فإن القلب قد يلهى عن الإمام الذي بين يديه وقد ثبت في موطأ الإمام مالك رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة وأصحابه في المسجد يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال عليه الصلاة والسلام: إن المصلي يناجي ربه فلينظر بم يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن وعند أبي داود ألا كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة فجعل هذا أذية ونهى عنه والواقع شاهد بذلك ولهذا نرى أن الذين يفعلون هذا يؤدون الصلاة عبر مكبر الصوت نرى أنهم إذا كانوا يؤذون من حولهم فإنهم آثمون فإذا كان هذا العمل يكون فيه الإنسان إما آثما وإما سالما فلا شك أن تركه أولى وهو في الحقيقة لا فائدة منه لأن الإنسان لا يصلي إلى من هم خارج المسجد إنما يصلى لأهل المسجد أما الذين في الخارج فلا عليك منهم ثم إن هذا العمل فيه مفسدة أخرى وهي أن بعض الناس يتكاسل عن آتيان المسجد للصلاة ما دام أنه يسمع صوت قراءة الإمام فيتكاسل وكلما أراد أن يقوم ثبطه الشيطان وقال له انتظر الركعة الثانية: انتظر الثالثة، اجلس حتى لا يبقى إلا ركعة فيحرم بذلك من الخير لهذا نوصى إخواننا لاسيما الأئمة ألا يفعلوا هذا وأن تسلم ذممهم ويسلم إخوانهم من أذيتهم حتى في البيوت أيضا ربما بعض الناس يكون قد صلى ويجب أن ينام ويرتاح قد يكون مريضا فيزعجه هذا الصوت وقد يكون المسجد قريبا من السطوح في أيام القيظ وفيه الصبيان فيفزعهم صوت المكبر فالحاصل أن هذه المسالة ابتلى بها بعض الناس نسأل الله أن يعافينا وصاروا يؤذون من بجوارهم من المساجد أو البيوت في أمر لا فائدة منه ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا أن الإنسان يكبر تكبيرة الإحرام ثم يدخل مع الإمام على الحال التي فيها فإذا جئت والإمام راكع فكبر تكبيرة الإحرام وأنت معتدل ثم اركع وبذلك تدرك الركعة وإذا أتيت وهو قائم من الركوع فكبر وادخل معه واسجد معه ولا تحسب هذه الركعة لأن الإنسان إذا لم يدرك ركوع الإمام فاتته الركعة وإذا أتيت وهو ساجد فكبر للإحرام وأنت قائم ثم اسجد ولا تنتظر حتى يقوم وإذا أتيت وهو جالس فكبر وأنت قائم واجلس أي حال أدركت الإمام عليها فاصنع كما يصنع الإمام وإذا أتيت وهو في التشهد الأخير نظرت إن كان معك جماعة في مثل حالك فلا تدخل معه لأنك لا تدرك صلاة الجماعة بإدراك التشهد لا تدرك الجماعة إلا إذا أدركت ركعة كاملة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة وإذا لم يكن معك جماعة أولا يمكنك أن تدرك مسجدا آخر فادخل معه ولو في التشهد ولا تحسب هذا شيئا لأنه فاتك الركوع وفي قوله صلى الله عليه وسلم: فأتموا دليل على أن المسبوق إذا قام يقضي فإنه يقضى آخر صلاته لا أولها فإذا أدرك الركعتين الأخيرتين من الظهر مثلا وقام يقضي فإن الركعتين اللتين يقضيهما هما آخر صلاته فلا يزيد على الفاتحة لأن السنة في الركعتين الأخيرتين أن لا يزيد عن الفاتحة وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي ذكره المؤلف أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع من عرفة فسمع وراءه جلبة وضربا وزجرا للإبل وأصواتا للإبل لأنهم كانوا في الجاهلية إذا دفعوا من عرفة أسرعوا إسراعا عظيما يبادرون النهار قبل أن يظلم الجو فكانوا يضربون الإبل ضربا شديدا فأومأ النبي صلى الله عليه وسلم إليهم بسوطه وقال: أيها الناس عليكم بالسكينة يعني الطمأنينة والهدوء فإن البر ليس بالإيضاع يعني أن البر والخير ليس بالإيضاع أي ليس بالإسراع والإيضاع نوع من السير سريع ففي هذا دليل على أن الإنسان لا ينبغي له أن يسرع إذا تقدم إلى أماكن العبادة لأن الذين يدفعون من عرفة يتجهون إلى مزدلفة إلى عبادة وبهذا يتم المؤلف رحمه الله ما ترجم به من الندب إلى إتيان الصلاة ومجالس العلم وغيرها من العبادة بسكينة ووقار فإذا أتيت إلى مجالس العلم والخير فكن ساكنا وقورا مهيبا حتى لا يستهان بك أمام الناس ويكون تعظيمك لهذه المجالس من تعظيم الله عز وجل
باب إكرام الضيف
قال الله تعالي: { هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون } وقال تعالى: { وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد قال المؤلف رحمه الله: ( باب إكرام الضيف ) والضيف: هو الذي ينزل بك مسافرا لأجل أن تتلقاه بالإيواء والطعام والشراب وما يحتج إليه والضيافة خلق فاضل قديم منذ عهد إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام إن لم يكن قبل ذلك وسيذكر المؤلف إن شاء الله أحاديث متعددة حول إكرام الضيف وأن إكرامه من الإيمان بالله واليوم الآخر ولكنه رحمه الله كعادته يبدأ بالآيات الكريمة لأن القرآن مقدم على السنة فهو كلام الله والحديث كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلامهما حق يجب تصديقه إن كان خبرا وامتثاله إن كان طلبا فذكر قول الله تعالى: } هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين { هل أتاك ؟ الاستفهام هنا للتشويق من أجل أن ينتبه المخاطب والخطاب في قوله: } هل أتاك { إما للرسول صلى الله عليه وسلم وإما له وللأمة أي لكل من يصح خطابه } هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما { وهؤلاء الضيف ملائكة أرسلهم الله عز وجل إلى إبراهيم ثم إلى لوط وقوله: } المكرمين { يعني الذين أكرمهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام: } إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام { قال العلماء إن قولهم سلاما يعني نسلم سلاما وإن قوله سلام يعني عليكم سلام والثانية أبلغ من الأولي لأن المشروع لمن حيى بتحية أن يحيى بأحسن منها أو بمثلها كما قال الله تعالى: } وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها { وإنما كانت الثانية أبلغ من الأولى لأن الأولى جملة فعلية والثانية جملة اسمية تفيد الثبوت والاستمرار ثم قال: } قوم منكرون { ولم يقل أنتم قوم لأن أنتم صريح في الخطاب وهذا قد يكون مستبشعا عند بعض الناس فكان من حسن معاملته لضيفه أن قال: } قوم منكرون { وقوم لو أخذناها هكذا لكان يمكن أن يكون التقدير هم قوم أو أنتم قوم أو هؤلاء قوم ليست في الصراحة كقوله أنتم قوم فلهذا حذف المبتدأ وصارت: } قوم منكرون { ومعنى كونهم منكرين أنه لا يعرفهم لأنه أول مرة يلتقي بهم } فراغ إلى أهله { وكان عليه السلام كريما ومعنى راغ: أي ذهب بسرعة وخفية } إلى أهله { أي إلى بيته } فجاء بعجل سمين { جاء بعجل، وهي صغار البقر، لأن لحمه خفيف ولذيذ وكونه سمينا يكون أحلى للحمه وأطيب، وفي الآية الأخرى أنه جاء بعجل حينئذ، أي محنوذ يعني مشوي لم يخرج من طعمه شيء وهذا ألذ ما يكون من اللحم } فقربه إليهم { ولم يضعه بعيدا عنهم فيقول: تقدموا إلى الطعام، ولكن هو الذي قربه لئلا يكون عليهم عناء ومشقة ومع ذلك لم يقل كلوا هكذا بصيغه الأمر ولكن قال: } ألا تأكلون { وهذا عرض وليس بأمر وهو أيضا من حسن معاملته لضيوفه ثم إن هؤلاء الضيوف ذهبوا إلى لوط بصورة شبان مرد ذوي جمال وفتنة وكان قوم لوط والعياذ بالله قد ابتلوا بداء اللواط وهو إتيان الذكر الذكر، فلما ذهبوا إلى لوط انطلق بعضهم إلى بعض يخبر بعضهم بعضا ويقولون جاء إلى لوط مردان شبان ذوو جمال فجاءوا } يهرعون إليه { أي يسرعون } ومن قبل كانوا يعملون السيئات { يعني كانوا يعملون الفاحشة وهي اللواط } قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي { قال بعض العلماء } هؤلاء بناتي { يشير إلى بنات القوم ما هن بناته من صلبه ولكنه يعني بذلك بنات قومه لأن النبي لقومه بمنزله الأب لهم كأنه يقول عندكم النساء وهذا كقوله في آية أخرى: } أَتَأْتُونَ الذِّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ { يعني من النساء } بل أنتم قوم عادون { المهم أنه عليه الصلاة والسلام قال لهم: } فاتقوا الله ولا تخزون { وقوله } وهؤلاء بناتي هن أطهر لكم { هذا من باب التفضيل الذي ليس في الجانب المفضل عليه منه شيء لأن إتيان الذكور ليس فيه طهارة كله خبث وخبائث كما قال تعالى: } ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث { لكن هن أطهر لكم لأن فروج النساء تحل بالعقد } فَاتَّقُوا اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ { ولكن لم يكن منهم رجل رشيد والعياذ بالله } قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ { يعني تعلم أننا نريد هؤلاء الشباب الذين جاءوا إليك } قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ { فقالت الرسل } يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ { ثم أرشدوه إلى أن يسري بأهله ويدع البلدة وفي سورة القمر قال تعالى: } كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ نِعْمَةً مِّنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ { قيل إن الملائكة صفقوهم على وجوههم فعميت أبصارهم وقيل إن الله أعمى أبصارهم في نفس الحال وعلى أي حال فإن قوله: } ولا تخزون في ضيفي { يدل على أن الضيوف كانوا مكرمين عند لوط كما هم مكرمون عنه إبراهيم عليه الصلاة والسلام والحاصل أنك إذا نزل بك ضيف فإنه يجب عليك أن تضيفه يوما وليلة ولكن لا تفعل كما يفعل السفهاء تذهب وتتكلف وتصنع وليمة كبيرة ترمى معظمها حتى إنا نسمع عن بعض الناس أنه إذا نزل به الضيف ذهب صاحب البيت من أجل أن يذبح له ذبيحة فيقول الضيف لا تذبح على الطلاق ما تذبح فيقول الثاني على الطلاق أن أذبح هذا غلط ومنكر فلا حاجة إلى اليمين في ذلك إما أن تذبح وإما أن لا تذبح وإذا اضطررت إلى اليمين فليس هناك حاجة إلى اليمين بالطلاق لأن الحلف بالطلاق أمره ليس بالهين فالأئمة الأربعة: مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وجمهور أتباعهم يرون أن الحلف بالطلاق طلاق إذا حنث فيه الإنسان يعني إذا قلت علي الطلاق ما تفعلين كذا ففعلت طلقت زوجتك ولو أردت اليمين هذا مذهب جمهور الأمة وجميع الأئمة المتبوعين من هذه الأمة إذا المسألة خطيرة وتهاون الناس بهذه المسألة غلط كبير ما أسرع أن يقول الإنسان على الطلاق أن أفعل على الطلاق ما أفعل أو امرأتي طالق إن فعلت أو امرأتي طالق إن لم أفعل وهذا غلط عظيم كيف تقول هذا الكلام وأكثر الأئمة يرون أنك إذا حنثت طلقت امرأتك }
706 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت متفق عليه