باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله
910 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس يا أبا الحسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أصبح بحمد الله بارئا رواه البخاري
الشَّرْحُ
بعد ما ذكر المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين كثيرا من آداب عيادة المريض يتحدث عن بيان سؤال أهل المريض عن حاله وأن & ذلك من الأمور التي جاءت بها السنة حيث ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه وكان علي بن أبي طالب صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه وأفضل أهل البيت فهو الخليفة الرابع في هذه الأمة ولما خلفه النبي صلى الله عليه وسلم على أهله في غزوة تبوك ورأى أنه تأثر من ذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى لأن موسى خلف هارون على أهله قال اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين قال له النبي صلى الله عليه وسلم أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي خرج من عند الرسول صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندما مرض يعدل بين نسائه التسع إلا سودة بنت زمعة فإنها وهبت يومها لعائشة فلما اشتد به المرض صار يقول أين أنا غدا أين أنا غدا يريد يوم عائشة فأذن له رضي الله عنهن أن يمرض في بيت عائشة وظل عندها رضي الله عنها حتى توفي فسئل علي رضي الله عنه كيف أصبح النبي صلى الله عليه وسلم قال أصبح بحمد الله بارئا ففيه دليل على أنه إذا لم يمكن الوصول إلي المريض فإنه يسأل عنه من يراه من أقاربه أو غيرهم ليطمئن الإنسان وفي وقتنا الحالي حصل ولله الحمد الاتصال بالهاتف فإن الإنسان إذا لم يتمكن من الذهاب إلى المريض بنفسه فهذا الهاتف يدخل على البيوت بدون استئذان لهذا نقول إذا لم تتمكن من عيادة المريض بنفسك فإنك تتصل بالهاتف وتسأل عن حاله ويكتب لك بذلك الأجر إن شاء الله تعالى والله الموفق
باب ما يقوله من أيس من حياته
911 - عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستند إلي يقول اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى متفق عليه .
وعنها قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت عنده قدح فيه ماء وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول اللهم أعني على غمرات الموت وسكرات الموت رواه الترمذي
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب ما يقوله من أيس من حياته .
اليأس من الحياة لا يعلم إلا إذا حضر الموت أما قبل ذلك فإنه مهما اشتد المرض فإن الإنسان لا ييأس وكم من إنسان اشتد به المرض حتى جمع أهله ماء تغسيله وحنوطه وكفنه ثم شفاه الله وعافاه وكم من إنسان أشرف على الموت في أرض مفازة ليس عنده ماء ولا طعام فأنجاه الله عز وجل ومن ذلك ما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته حين أضلها يعني ضيعها وعليها طعامه وشرابه وطلبها فلم يجدها، فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت أيس منها وما بقي عليه إلا أن يموت فبينما هو كذلك إذا بخطام ناقته متعلقا بالشجرة رد الله عليه ضالته حتى جاءت هذه الشجرة ترعاها فارتطم خطامها بها فأخذها الرجل وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك يريد أن يقول أنت ربي وأنا عبدك لكنه من شدة الفرح أخطأ فهذا الرجل أيس من حياته باعتبار صاحب الحال لأنه فقد طعامه وشرابه لكن اليأس الحقيقي هو ما إذا حضر الإنسان الموت وصار في النزع فحينئذ لا يمكن أن يحيى قال الله تعالى فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون بلغت يعني الروح الحلقوم يعني الحلق وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون الملائكة أقرب إلى الإنسان من حلقومه عند احتضاره { فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين } من يستطيع هل أحد يمكن أن يرد روحه بعد أن بلغت الحلقوم أبدا أبداً إذا ييأس الإنسان من حياته إذا عاين الموت فماذا يقول تقول عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى هكذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عند موته وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ! من هم الرفيق الأعلى ؟ هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون وحسن أولئك رفيقا هكذا كان الرسول يقول عند موته وكان عنده إناء فيه ماء وقد أتي من شدة الموت وسكراته ما لم يؤت أحد لأنه صلى الله عليه وسلم يمرض مرض رجلين شدد عليه المرض شدد عليه النزع لماذا من أجل أن ينال أعلى درجات الصبر لأن الصبر يحتاج إلى شيء يصبر عليه فكأن الله قد اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يكون مرضه شديدا ونزعه شديدا حتى ينال أعلى درجات الصابرين صلى الله عليه وسلم .
فكان صلى الله عليه وسلم يضع يده في الإناء الذي فيه الماء ويمسح بذلك وجهه ويقول اللهم أعني على سكرات الموت أو قال على سكرات الموت أي أعني عليها حتى أتحمل وأصبر وأتروى ولا يزيغ عقلي وحتى يختم لي بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لأن المقام مقام عظيم مقام هول وشده إذا لم يعنك الله عز وجل ويصبرك فأنت على خطر ولهذا كان يقول اللهم أعني على غمرات الموت وفي رواية أخرى يقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات وصدق النبي صلى الله عليه وسلم { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد } نسأل الله أن يعيننا وإياكم على غمرات الموت وأن يحسن لنا ولكم الخاتمة ويتوفانا على الإيمان والتوحيد وأن يتوفانا وهو راض عنا إنه على كل شيء قدير
باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذا بالوصية بمن قرب سبب موته بحد أو قصاص ونحوهما
913 - عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالت يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ففعل فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها رواه مسلم
الشَّرْحُ
ذكر المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب استحباب وصية أهل المريض بالصبر وتحمله وغير ذلك يعني أنه ينبغي للإنسان أن يحسن إلى المريض ويتحمله ويصبر على ما يجد منه من كلام قاس لأن المريض نفسه ضيقة والدينا عليه قد ضاقت فربما يحصل منه كلام أو تضجر أو ما أشبه ذلك فليصبر الإنسان على هذا وليحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى فإنه يثاب على إحسانه لهذا المريض ويثاب على تحمله المشقة منه والأذى ولاسيما إذا كان هذا الذي يتولاه الإنسان قد وجد سبب موته أو سبب قتله كما ذكر في حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا حامل فقالت يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي تريد من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقيم عليها الحد وهو الرجم لأنها محصنة فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليها وقال له أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن وضعت الحمل ثم أمرها أن تنتظر حتى تفطم الصبي فلما فطمته جاءت فأقام عليها الحد وأمر أن تشد عليها ثيابها أي تحزم وتربط لئلا تضطرب عند رجمها فتبدو سوءتها أي عورتها ثم أمر بها فرجمت وصلى عليها .
ففي هذا دليل على أنه يوصي أهل الميت ومن يتولاه بالإحسان إليه والرفق به وغير ما ذكر مما يناسب حاله كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحديث دليل على أنه لا يشترط في الإقرار بالزنا أن يتكرر أربع مرات وأن الزاني إذا أقر ولو مرة واحدة وهو عاقل لا اشتباه في حاله فإنه يؤخذ بإقراره ويقام عليه الحد وفيه أيضا دليل على أنه يشترط في إقامة الحد ألا يتعدى الضرر إلى غير المحدود لأنها لو رجمت لمات الذي في بطنها وهو ليس منه جناية ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتظر حتى تضع مولودها وتفطمه وفي هذا دليل على أن المرأة لا يحفر لها في الرجم ولكن تربط عليها ثيابها تم تلقى عليها الحجارة حجارة لا صغيرة ولا كبيرة حتى تموت وإنما كان الحد هكذا لأن الشهوة المحرمة شملت جميع البدن فناسب أن يذوق جميع البدن ألم العقوبة وهذا من حكمة الله عز وجل .
وفي هذا دليل على أن الحدود إذا أقيمت فإن صاحبها يبرأ منها ويخلص منها ويطهر منها ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها فصلى عليها وصلى الناس أيضا
باب جواز قول المريض أنا وجع أو شديد الوجع أو موعوك ونحو ذلك وبيان أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن على سبيل التسخط وإظهار الجزع
914 - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته فقلت إنك لتوعك وعكا شديدا فقال أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم متفق عليه
915 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم عودني من وجع اشتد بي فقلت بلغ بي ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنتي وذكر الحديث متفق عليه
916 - وعن القاسم بن محمد قال قالت عائشة رضي الله عنها وارأساه فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أنا وارأساه وذكر الحديث رواه البخاري
الشَّرْحُ
قال الحافظ النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين فيما يتعلق بالمريض أنه يجوز أن يخبر عما فيه من المرض وشدته بشرط أن يكون ذلك إخبارا لا شكوى أي أنه يقصد بهذا الإخبار وليست الشكوى والتسخط من قدر الله وقضائه ثم استدل بحديث ابن مسعود وحديث سعد بن أبي وقاص وحديث عائشة رضي الله عنهم كلها أحاديث تدل على أنه لا بأس أن يخبر الرجل المريض بأنه مريض أو شديد الوجع أو ما أشبه ذلك فحديث ابن عباس يذكر أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك أي فيه شدة فمد يده فقال له إنك لتوعك يا رسول الله قال أجل إنني لأوعك كما يوعك الرجلان منكم أي يشدد عليه صلى الله عليه وسلم في المرض وذلك من أجل أن ينال أعلى درجات الصبر صلى الله عليه وسلم فإن أنواع الصبر ثانية في حقه على الوجه الأعلى فقد صبر على أمر الله وصبر عن معاصي الله وصبر على أقدار الله المؤلمة صلى الله عليه وسلم صبر على أمر الله حين بلغ رسالة ربه مع شدة الإيذاء له حتى كان يؤذى في وسط البيت الحرام وهو صابر محتسب حتى إنه خرج إلى أهل الطائف ودعاهم إلى الله عز وجل ولكنهم استهزءوا به وسخروا منه وجعلوا يرمونه بالحجارة حتى أدموا عقبه فلم يفق إلا وهو في قرن الثعالب ثم جاءه ملك الجبال يستأذنه أن يطبق علهم الأخشبين فقال لا إني أستأني بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا فهذا صبر على أمر الله وصبر صلى الله عليه وسلم عنة معصية الله فكان أخشى الناس لله وأتقاهم له وصبر على أقدار الله فكم أوذي في الجهاد في سبيل الله وفي غير ذلك وكم حصل له من أمراض وهو صابر محتسب لينال بذلك درجة الصابرين فلنا فيه أسوة فالإنسان يجب عليه أن يصبر على أقدار الله المؤلمة كما صبر الرسول صلى الله عليه وسلم يصبر ويحتسب ويعلم أنه ما من شيء يصيبه إلا كفر الله به عنه خطيئة حتى الشوكة يشاكها ثم إذا احتسب الأجر عند الله ونوى بذلك أن يكون هذا الصبر لنيل رفعة درجات له حصل له هذا فينال بالمصائب مرتبتين عظمتين: 1 - مرتبة الصابرين على قضاء الله وقدره .
2 - ينال من رفعة الدرجات مع الاحتساب ما يناله من الثواب .
وأما حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فهو أنه مرض في مكة وكان من المهاجرين وكانوا يكرهون أن يموت الإنسان في بلده الذي هاجر منه لأنه ترك البلد لله فيكره أن يموت فيها وكان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن رعايته وخلقه أنه يعود المرضي من أصحابه فعاده فقال له سعد رضي الله عنه يا رسول الله إني ذو وجع وجع شديد وإني ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أي لا يرثه من الذرية إلا بنت وإلا فله عصبة أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قال بالنصف قال لا قال بالثلث قال الثلث والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس والغالب من الناس اليوم وقبل اليوم أنهم يوصون بالثلث مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الثلث كثير وهذا يدل على أنه لا يجب أن يوصى الإنسان بالثلث ولكن أخذ الناس ذلك عادة وأصبحوا يوصون بالثلث ولهذا قال حبر هذه الأمة الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يفقهه الله في الدين ويعلمه التأويل لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع س .
يعني لكان أحسن لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال الثلث، والثلث كثير والناس الآن يقولون اكتب ثلثا وثلثين وما أشبه ذلك وهذا غير محبوب للنبي صلى الله عليه وسلم غض من الثلث إلى الربع وغض من الربع إلى الخمس وهو أفضل لأن أبا بكر رضي الله عنه أفقه هذه الأمة والخليفة الأول بعد نبيها أوصى بالخمس وقال رضيت بما رضي الله به لأن الله يقول واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول مع هذا نجد الذين يوصون بالثلث لا يوصون على الوجه المشروع بل يوصون بأشياء مفضولة وغيرها أفضل منها يوصى وأحيانا يحيف في الوصية حيث يوصى للأولاد ويدع البنات أو يوصي بأشياء تؤدي بالنزاع بين الموصى لهم في المستقبل ولو أن الناس إذا أرادوا أن يوصوا أوصوا بما هو نفع عام كبناء المساجد والمدارس وشراء الكتب النافعة وما أشبه ذلك مما ينفذ في حينه ويجري أجره ويسلم الورثة أو الموصى لهم من التنازع لكان خيرا والذي يجب على أهل العلم الذين يكتبون الوصايا أن يفقهوا أولا في دين الله وأن يحملوا الناس على ما هو أفضل وأولى لأن العامي الذي جاء يطلب منك أن تكتب ويقول لك اكتب وصيتي قد ائتمنك فكونه يكون كاتب أمة أي لا يهمه إلا ما يرضي الناس فقط فهذا خطأ احملوا الناس على ما ينفعهم في دينهم ودنياهم حتى ولو كان على خلاف عاداتهم فهذا العامي المسكين ما أراد إلا الخير ولا يدري فعليك أن تدله وتخبره بالخير الذي ينفعه في قبره بعد موته أما الحديث الثالث فهو عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله وارأساه تشكو من رأسها فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أنا وارأساه فهذا اجتمع فيه سنتان إقرارية وقولية أما الإقرارية فإن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عائشة عندما قالت وارأساه وأما القولية فهو نفسه قال وارأساه وعليه فإن الإنسان إذا قال وا رأساه وا بطناه ..
أو ما أشبه ذلك فلا حرج بشرط ألا يقصد بذلك أن يشكو الخالق إلى المخلوق بل يقصد التوجع مما قضاه الله عليه فإذا كان مجرد خبر فهذا لا بأس به ولاسيما إذا كان يذكر هذا عند من يريد أن يعالجه لأنه خبر مجرد ليس المراد به الاعتراض والتسخط على قضاء الله وقدره نسأل الله لنا ولكم الشفاء من كل داء وأن يجعل هذا قوة لنا على طاعته إنه على كل شيء قدير
باب تلقين المختصر لا إله إلا الله
917 - عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة رواه أبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد
الشَّرْحُ
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب تلقين المحتضر قوله لا إله إلا الله .
المحتضر هو الذي حضرت الملائكة لقبض روحه والله سبحانه وتعالى قد وكل بالإنسان ملائكة يحفظونه في حال حياته وبعد مماته قال الله تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله وقال الله تبارك وتعالى { حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون } والإنسان إذا حضر أجله نزل إليه ملائكة يقبضون روحه من يد ملك الموت فإن ملك الموت يتولى قبضها من البدن والملائكة معهم كفن وحنوط من الجنة إذا كان من المؤمنين جعلنا الله وإياكم منهم وأما إذا كان من الكافرين فملائكة العذاب معهم كفن من النار وحنوط من النار نعوذ بالله من ذلك فإذا احتضر الإنسان وعلمنا أنه في النزع وأنه ميت فإننا نلقنه لا إله إلا الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله قال العلماء فيلقنه برفق لا يأمره لا يقل قل لا إله إلا الله لأنه ربما إذا قال له قل لا إله إلا الله وهو في هذه الحال قد ضاق صدره وقد ضاقت عليه الدنيا فيقول لا لأنك ما تتصور ضيق الصدر في هذه الحالة إلا إذا كنت في هذه الحالة نسأل الله أن يشرح صدورنا وإياكم عند لقائه فتذكر الله عنده تقول لا إله إلا الله ترفع صوتك بهذا ليسمع فربما يمن الله عليه فيستحضر أنك تلقنه فيقول لا إله إلا الله فإذا قال لا إله إلا الله وكانت آخر كلامه من الدنيا دخل الجنة كما في حديث معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه قال من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة قال أهل العلم فإذا قال لا إله إلا الله فليسكت ولا يقل شيئا فإن عاد المحتضر نفسه وتحدث في شيء مثل اسقوني أعطوني ماء أو أي شيء آخر فليعد التلقين ولكن إذا كان الإنسان والعياذ بالله كافرا مرتدا فهذا ربما نقول له بالأمر: قل لا إله إلا الله فإن من الله عليه وقالها فبها ونعمت وإن لم يقل فهو كافر لذلك لما حضرت أبا طالب الوفاة وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم وأعمام النبي صلى الله عليه وسلم الذين أدركوا الرسالة أربعة اثنان أسلما حمزة والعباس أحدهما أفضل من الآخر حمزة أفضل من العباس واثنان ماتا على الكفر أحدهما أقبح كفرا من الآخر أبو طالب والد علي وأبو لهب والعياذ بالله من أشد الناس إيذاء للرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا أنزل الله في ذمه سورة كاملة يقرأها الناس في الصلوات في الفرائض والنوافل { تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد } ولكن أبا طالب رغم كفره كان به حب على الرسول صلى الله عليه وسلم وحنان وشفقة ومدافعة وثناء عليه إلا أنه والعياذ بالله حيل بينه وبين الإسلام فعندما حضرته الوفاة وكان النبي صلى الله عليه وسلم عنده وعنده رجلان من قريش فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله ولكن كان هذان الرجلان جليسي سوء قالا أترغب عن ملة عبد المطلب وكأنهما والله أعلم رأياه هم أن يقول لا إله إلا الله فقالا له أترغب عن ملة عبد المطلب فلما قالا ذلك أخذته العزة بالإثم فقال هو على ملة عبد المطلب وكان آخر كلمة منه كلمة الشرك والعياذ بالله ثم مات يقول الرسول صلى الله عليه وسلم إنه شفع له عند الله فخفف عنه العذاب فكان في ضحضاح من النار قد غاص به وعليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه والعياذ بالله ودماغه أبعد شيء عن قدميه فإذا كان يغلي كالقدر فيه الماء تحته النار فما بالك بما هو أدنى من رأسه إلى قدميه لكان أشد قال النبي صلى الله عليه وسلم ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار والشاهد من هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا عم قل لا إله إلا الله ولم يذكر الله عنده فقط بل قال قل لا إله إلا الله فهذا من أفضل وأجل ما يكون هدية للمرء إذا لقنه أخوه عند الموت قول لا إله إلا الله فهذه تساوي الدنيا كلها فإذا حضرت أحدا وهو يحتضر فاحرص على تلقينه لا إله إلا الله امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وإحسانا لهذا الشخص وربما يلقنك الله سبحانه وتعالى عند موتك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه ختم الله لنا ولكم بالشهادة
باب ما يقوله بعد تغميض الميت
919 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغامرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم
الشَّرْحُ