باب ما يقوله بعد تغميض الميت
919 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغامرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب ما يقال عند تغميض الميت .
يعني أن الإنسان إذا حضر الميت فإن الميت في الغالب يشخص بصره ينفتح باتساع يشاهد الروح إذا خرجت من البدن لأن الروح إذا خرجت من البدن لها جسم لكنه جسم لا يراه الناس لا يراه إلا الميت والملائكة فقط وتأخذها دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وكان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه يعود المرضى فدخل عليه وقد شق بصره يعني اتسع وانفتح فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه مات فقال إن الروح إذا قبض أتبعه البصر فضج ناس من أهله أي من أهل الميت عندما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا الكلام فعرفوا أن الرجل قد مات فضجوا كعادة الناس فقال صلى الله عليه وسلم لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون وكانوا في الجاهلية إذا حصل مثل هذا يدعون على أنفسهم بالويل والثبور والعياذ بالله يقولون يا ويلاه يا ثبوراه وما أشبه ذلك فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ففي هذه الحالة ينبغي للإنسان أن يدعو لنفسه بالخير ويقول ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها بعد قوله أنا لله وإنا إليه راجعون لأن كل مصيبة تقول إنا لله وإنا إليه راجعون وفي مصيبة الموت اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها وكذلك غيرها وقد حدث النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فسمعته أم سلمة زوج أبي سلمة فلما مات زوجها وكان من أحب الناس إليها دعت بهذا الدعاء وقالت في نفسها من خير من أبي سلمة لأنها مؤمنة بهذا الكلام فلما انقضت عدتها خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فكان خيرا من أبي سلمة ولا شك المهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أغمض عيني أبي سلمة ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين ونور له في قبره وافسح له فيه واخلفه في عقبه خمس كلمات تساوي الدنيا كلها: اللهم اغفر لأبي سلمة يعني اغفر له ذنوبه فلا تعاقبه عليها وسامحه واعف عنه ارفع درجته في المهديين في الجنة لأن أصحاب الجنة مهديون كلهم افسح له في قبره يعني وسع له فيه فإن القبر بالنسبة لمنازل الدنيا ضيق بحسب الحس لكنه يفسح للمؤمن حتى يكون كمد البصر ويكون روضة من رياض الجنة .
نور له فيه والقبر مظلم بحسب الحس لا فيه نور النهار ولا نور السراج وغيره .
اخلفه في عقبه يعني كن خليفة له في ذريته فهذه الدعوات الخمس منها شيء علمناه ومنها شيء رجوناه الذي علمناه أن الله سبحانه وتعالى خلفه في عقبه لأن زوجته تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده صاروا ربائب للنبي صلى الله عليه وسلم وتربوا في بيته وأما الأربعة الباقية فإننا نرجو الله أن يكون قد قبل دعوة نبيه في هذا الرجل الصالح .
وفي هذا الحديث دليل على مسائل: 1 - أنه ينبغي للإنسان إذا أصيب بمصيبة ألا يدعو لنفسه إلا بالخير .
2 - أنه ينبغي لمن حضر الميت إذا خرجت روحه وانفتح بصره أن يغمضه مادام حارا لأنه إذا برد وعيناه شاخصتان بقيتا شاخصتين قال العلماء وينبغي أيضا أن يلين مفاصلة قبل أن تبرد وتشكل وذلك بأن يرد ذراعه إلى عضده وعضده إلى صدره ثم يمد يده ويرد الساق إلى الفخذ والفخذ إلى البطن ثم يمدها عدة مرات حتى تلين ليسهل تغسيله وتكفينه .
3 - الدلالة على أن الروح شيء يرى لأنها جسم ولكنه ليس كأجسامنا هذا فأجسامنا غليظة لكن الروح جسم ليس بالغليظ بل هو جسم لطيف يجري من ابن آدم مجرى الدم وليس مخلوقا من طين بل من مادة الله أعلم بها ولهذا قال الله تعالى ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .
4 - ينبغي لمن حضر الميت وأغمضه أن يدعو له وإذا دعا بهذه الدعوات العظيمة التي دعا بها الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة كان خيرا وإن لم يعرفها دعا بما شاء 5 - الملائكة يؤمنون على الدعاء في هذه الحالة فينبغي لأهل الميت أن يدعوا بالخير
باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت
920 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم
921 - وعنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا أجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيرا منها قالت فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه مسلم
922 - وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول فماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله تعالى ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد رواه الترمذي وقال حديث حسن .
923 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تعالى ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة رواه البخاري
924 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال أرسلت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه تدعوه وتخبره أن صبيا لها أو ابنا في الموت فقال للرسول ارجع إليها فأخبرها أن لله تعالى ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب وذكر تمام الحديث متفق عليه
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث ذكرها النووي رحمه الله في رياض الصالحين فيما يقال عند الموت يعني إذا مات للإنسان أحد فماذا يقول وقد سبقت لنا الإشارة إلى حديثين صدر بهما المؤلف هذا الباب وهما لأم سلمة رضي الله عنها حين مات زوجها فقالت إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها فأخلف الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم .
أما الأحاديث الثلاثة الباقية فهي فيمن مات له ولد فحمد الله واسترجع وصبر فإن الله سبحانه وتعالى يعوضه بذلك الجنة كما في الحديث إن الله تعالى إذا قبضت الملائكة نفس ولده فإن الله يقول للملائكة قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم وهو يعلم عز وجل لكن يقول هذا ليظهر فضل هذا العبد وأنه حمد الله واسترجع عند هذه المصيبة العظيمة فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول ماذا قال قالوا حمدك واسترجع يعني قال الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد عند المصائب مما يدل على صبر الإنسان على قضائه وقدره وأنه صبر فأثنى على الله بصبره على هذه المصيبة وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه ما يكره قال الحمد لله على كل حال وإذا أصابه ما يسره قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات فإذا حصل لك ما يسرك فقل الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا حصل العكس فقال الحمد لله على كل حال وكذلك أخبر سبحانه وتعالى فيما رواه عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما من إنسان يقبض الله له ولده فيصبر ويحتسب إلا عوضه الله به الجنة وكذلك أيضا ما أخرجه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تعالى ما لعبدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه واحتسب إلا الجنة صفيه يعني من اصطفاه واختاره من ولد وزوجة أو غيرهما أما الحديث الأخير فهو في قصة لإحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم كان لها صبي في سياق الموت فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرسول الذي أرسلته إليه قل لها إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب فينبغي للإنسان في تعزية أخيه أن يقول له هذه الكلمات فهي أحسن ما يعزى به إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى اصبر واحتسب والله الموفق
باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة أما النياحة فحرام وسيأتي فيها باب في كتاب النهي إن شاء الله تعالى وأما البكاء فجاءت أحاديث كثيرة بالنهي عنه وأن الميت يعذب ببكاء أهله وهي متأولة ومحمولة على من أوصى به والنهي إنما هو عن البكاء الذي فيه ندب أو نياحة والدليل على جواز البكاء بغير ندب ولا نياحة أحاديث كثيرة منها
927 - وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله فقال يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون رواه البخاري وروى مسلم بعضه .
والأحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة والله أعلم
الشَّرْحُ
سبق لنا الكلام على الأحاديث الثلاثة الماضية التي ذكرها النووي رحمه الله في رياض الصالحين في باب جواز البكاء على الميت من غير ندب ولا نياحة ثم ذكر حديثين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بكى حين رأى طفلين في النزع أما الأول فهو ابن ابنته رفع إليه وهو في سياق الموت فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة بهذا الصبي لأنه يراه ينازعه الموت فرق له وبكى صلى الله عليه وسلم وهو أرحم الخلق بالخلق فقال له سعد بن عبادة ما هذا يا رسول الله يعني كيف تبكي فقال صلى الله عليه وسلم هذه رحمة يعني أني رحمت هذا الصبي الذي ينازع نفسه فرققت له وإنما يرحم الله من عبادة الرحماء كلما كان الإنسان بعباد الله أرحم كان أقرب من رحمة الله ولهذا ينبغي لك أن تعود نفسك على الرحمة والرقة للأطفال والحيوان وغير ذلك ممن هو أهل للرحمة حتى تكون أهلا لرحمة الله عز وجل إنما يرحم الله من عباده الرحماء وفي هذا دليل على جواز البكاء على الميت لأن النبي صلى الله عليه وسلم بكى وقال هذه رحمة وفيها دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يتعرض لرحمة الله عز وجل بكل وسيلة إن رحمت الله قريب من المحسنين وفي قوله صلى الله عليه وسلم إنما يرحم الله من عباده الرحماء إشارة إلى أن جزاء الله من جنس العمل فلما كان هذا الإنسان راحما لعباد الله كان الله تعالى راحما له لأن الله تعالى في حاجة العبد إذا كان العبد في حاجة أخيه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته أما الحديث الثاني حديث أنس بن مالك رضي الله عنه فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع إليه ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهذا الولد ليس من زوجته خديجة بل من مارية التي أهداها & له ملك القبط فسراها النبي صلى الله عليه وسلم أي وطئها بملك اليمين فأتت له بهذا الولد وبقى ستة عشر شهرا ومات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم رفع إليه وهو يجود بنفسه أي ينازعه الموت وأشرف مال عند الإنسان نفسه وهذا المحتضر كأنما يسلمها للملائكة يجود بها فذرفت عيناه صلى الله عليه وسلم فقيل له ما هذا يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ثم قالها مرة أخرى العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون ثم توفي الولد وله ستة عشر شهرا فدل ذلك على الإنسان لا حرج عليه إذا بكى رحمة بالميت وحزنا على فراقه فإن الرسول هنا قال إنه محزون على فراق ابنه .
وفيه أيضا دليل على جواز إخبار الإنسان عن نفسه بأنه محزون من هذه المصيبة لأنه قال القلب يحزن وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون وفيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يموت له الولد ويتألم لذلك وأنه يلحقه ما يلحق البشر فكان له من الأولاد سبعة ثلاثة ذكور وأربع بنات وأشهر الذكور هو إبراهيم رضي الله عنه أما الإناث فأفضلهن فاطمة وهي مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وزينب امرأة أبي العاص بن الربيع وأم كلثوم ورقية كانتا مع عثمان بن عفان لما ماتت إحداهما زوجه النبي صلى الله عليه وسلم الثانية ولم يزوج الرسول صلى الله عليه وسلم أحدا من صحابته ابنتين إلا عثمان فتميز عثمان رضي الله عنه بأن الرسول زوجه ابنتيه لكن بعد أن ماتت الأولى زوج الثانية .
أما أولاده فهم القاسم وعبد الله وإبراهيم لكن الذي اشتهر وبقي مدة هو إبراهيم وكل هؤلاء من خديجة رضي الله عنها إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية ولم يبق أحد من أولاده لا ذكورهم ولا إناثهم بعد موته إلا فاطمة فقد ماتوا جميعا في حياته وهذا من حكمة الله عز وجل فإنه لا أحد يستطيع أن يدفع الموت ولو كان أعظم الناس جاها عند الله حتى النبي صلى الله عليه وسلم
باب الكف عما يرى من الميت من مكروه
928 - عن أبي رافع أسلم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من غسل ميتا فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة رواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم
الشَّرْحُ
قال النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب من ستر على الميت ما رآه من مكروه ثم ذكر حديث مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل الغاسل إذا ستر على الميت ما يرى من مكروه والذي يرى من الميت من المكروهات نوعان: النوع الأول ما يتعلق بحاله النوع الثاني ما يتعلق بجسده الأول لو رأى مثلا أن الميت تغير وجهه واسود وقبح فهذا والعياذ بالله دليل على سوء خاتمته نسأل الله العافية فلا يحل له أن يقول للناس إني رأيت هذا الرجل على هذه الصفة لأن هذا كشف لعيوبه والرجل قدم على ربه وسوف يجازيه بما يستحق من عدل أو فضل إن كان عمل خيرا فالله يجزيه الحسنة بعشرة أمثالها وإن كان غير ذلك وجزاء سيئة سيئة مثلها الثاني ما يتعلق بجسده كأن يرى بجسده عيبا كأن يرى برصا أو سوادا خلقيا أو غير ذلك مما يكره الإنسان أن يطلع عليه غيره فهذا أيضا لا يجوز له أن يكشفه للناس ويقول رأيت فيه كذا وكذا برصا في بطنه في ظهره وما أشبه ذلك ولهذا قال العلماء رحمهم الله يجب على الغاسل أن يستر ما رآه إن لم يكن حسنة أما إذا رأى خيرا بالميت واستنارة بوجهه أو رآه يتبسم فهذا خير وليخبر به الناس لأنه يجعل الناس يثنون عليه خيرا ولا بأس به ولا يعد هذا من الرياء أو ما أشبه ذلك فإن هذا يعد من عاجل بشرى المؤمن لأن المؤمن قد يكون له مبشرات ومن هذه مثلا أنه يرى بعد موته على حالة حسنة وكذلك يرى الرؤيا الحسنة لنفسه أو يراها له غيره كل هذه من المبشرات التي تبشر بالخير .
ولهذا قال العلماء رحمهم الله يكره لغير المعين في غسله أن يحضر غسله حتى ولو كان قريبا له لأنه ربما يرى ما يكره فيكون في ذلك إساءة إلى الميت والله الموفق
باب الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع النساء الجنائز
929 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل وما القيراطان قال مثل الجبلين العظيمين متفق عليه
930 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط رواه البخاري
931 - وعن أم عطية رضي الله عنها قالت نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا متفق عليه ومعناه ولم يشدد في النهي كما يشدد في المحرمات
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب تشييع الجنازة والصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه يعني استحباب ذلك للرجال وكراهته للنساء .
الجنازة بالفتح اسم للميت والجنازة بالكسر اسم للنعش الذي عليه الميت ثم ذكر المؤلف حديث أبي هريرة الأول والثاني وحديث أم عطية وليعلم أن تشييع الجنائز من حقوق المسلمين على إخوانهم قال العلماء وإذا خرج مع الجنازة فينبغي أن يكون متخشعا متفكرا في مآله وأنه كما أنه الآن يتبع جنازة هذا الرجل فسوف يأتي اليوم الذي يتبع الناس فيه جنازته فكما حمل هذا فهو أيضا سيحمل
كل ابن أنثى ولو طالت سلامتك ...
يوما على آلة حدباء محمول
فيفكر في أمره وأنه مهما طالت به الدنيا فسوف يحمل كما حمل هذا ويشيع كما شيع هذا ولهذا قالوا لا ينبغي لتابع الجنازة أن يتحدث في شيء من أمور الدنيا بل يفكر في نفسه وإذا كان معه أحد يكلمه فليذكره بمآل كل حي حتى يكون تشييع الجنازة تشييعا وعبرة أي قضاء لحق المسلم وعبره للمشيع ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديثي أبي هريرة وفيهما أن من تبع الجنازة من بيتها حتى يصلى عليها ثم تدفن فله قيراطان فسئل عن القيراطين قال مثل الجبلين العظيمين وفي رواية لمسلم أصغرهما مثل جبل أحد ولما حدث ابن عمر بهذا الحديث قال لقد فرطنا في قراريط كثيرة يعني ما كنا نخرج مع الجنائز وفرطنا في هذه القراريط الكثيرة فصار يخرج بعد ذلك مع الجنائز رضي الله عنه فإذا شهدت الجنازة حتى يصلى عليها فلك قيراط وإن استمررت معها حتى تدفن فلك قيراطان لكن في رواية البخاري اشترط أن يكون ذلك إيمانا واحتسابا يعني إيمانا بالله وتصديقا بوعده واحتسابا لثوابه وليس قصدك المجاملة لأهل الميت لأن المجاملة لأهل الميت ثواب عاجل في الدنيا فقط وقد يؤجر الإنسان على مجاملة إخوانه لكن الأجر الذي هو قيراطان فهو لمن تبعها إيمانا واحتسابا وإيمانا بالله وثقة إما النساء فقالت أم عطية رضي الله عنها نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا لفظ نهينا إذا قاله صحابي أو قالته صحابية فالمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي له الأمر والنهي .
فإذا قال الصحابي أو الصحابية نهينا فالمعنى نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخذ بعض العلماء من هذا الحديث أن اتباع النساء للجنائز مكروه لأنها قالت نهينا ولم يعزم علينا وقال بعض العلماء بل اتباع النساء للجنائز محرم لثبوت النهي وقول أم عطية ولم يعزم علينا .
هذا تفقه منها رضي الله عنها ولا ندري هل الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي نهاهن ولم يعزم عليهن أم هي التي فهمت أنه لم يعزم على النساء بترك اتباع الجنائز .
والصحيح أن اتباع المرأة للجنازة حرام وأنه لا يجوز للمرأة أن تتبع الجنازة لأنها إذا تبعتها فهي لا شك ضعيفة فربما تصيح وتولول وتضرب الخد وتنتف الشعر وتمزق الثوب لا تصبر المرأة وأيضا ربما يحصل اختلاط بين الرجال والنساء في تشييع الجنازة فيحصل بذلك فتنة وتزول الحكمة من اتباع الجنائز بحيث يكون الرجال أو الأراذل من الرجال يكون ليس لهم هم إلا ملاحقة هؤلاء النساء أو التمتع بالنظر إليهن فالواجب منع النساء من اتباع الجنائز فهو حرام ولا يجوز كما أن زيارة المرأة للمقابر حرام لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج والله الموفق
باب استحباب تكثير المصلين على الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر
932 - عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه رواه مسلم
933 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه رواه مسلم
934 - وعن مرثد بن عبد الله اليزني قال كان مالك بن هبيرة رضي الله عنه إذا صلى على الجنازة فتقال الناس عليها جزأهم عليها ثلاثة أجزاء ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن
الشَّرْحُ
قال النووي رحمه الله باب استحباب تكثير المصلين على الميت ثم ذكر المؤلف رحمه الله ثلاثة أحاديث حديث عائشة وحديث عبد الله بن عباس وحديث مالك بن هبيرة رضي الله عنهم وكلها تدل على أنه كلما كثر الجمع على الميت كان ذلك أفضل وأرجى للشفاعة ففي حديث عائشة أنه من صلى عليه طائفة من الناس يبلغون مائة يشفعون له إلا شفعهم الله فيه ومعلوم أن المصلين على الجنازة يشفعون إلى الله عز وجل لهذا الميت فهم يسألون من الله له المغفرة والرحمة والدعاء للميت في الجنازة من أوجب ما يكون في الصلاة بل هو ركن من أركان الصلاة لا تصح صلاة الجنازة إلا به إلا المسبوق وحديث ابن عباس يدل على أنه من قام على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه أي قبل شفاعتهم فيه وهذه بشرى للمؤمن إذا كثر المصلون على جنازته فشفعوا له عند الله أن الله تعالى يشفعهم فيه .
أما حديث مالك بن هبيرة ففيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب يعني وجبت له الجنة وهذه الأحاديث كلها تدل على أنه كلما كثر الجمع كان أفضل ولهذا نجد أن بعض الناس إذا صلى على جنازة في مسجد نبه أهل المساجد الأخرى ليحضروا إليه حتى يكثر الجمع فينبغي للإمام إذا رأى الناس الذين جاءوا ليشهدوا صلاة الجنازة قد فاتهم شيء من صلاة الفريضة ألا يتعجل بالصلاة على الميت حتى ينتهي الذين يقضون صلاتهم ليشاركوا الحاضرين في الصلاة على الميت فيكون ذلك أكثر للجمع وربما تكون دعوة واحد منهم هي المستجابة وكون بعض الناس بعدما يسلم يقوم ويصلي على الجنازة وخلفه صف أو أكثر فهذا وإن كان جائزا لكن الأفضل أن ينتظر حتى يتم الناس صلاتهم ويصلون على الجنازة وهذا لا يفوت شيئا كثيرا غاية ما هنالك عشر دقائق على الأكثر ..
.
والله الموفق
باب ما يقرأ في صلاة الجنازة
الشَّرْحُ
يكبر أربع تكبيرات يتعوذ بعد الأولى ثم يقرأ فاتحة الكتاب ثم يكبر الثانية ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد والأفضل أن يتممه بقوله كما صليت على إبراهيم ..
إلى قوله إنك حميد مجيد ولا يفعل ما يفعله كثير من العوام من قراءتهم إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية فإنه لا تصح صلاته إذا اقتصر عليه ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت وللمسلمين بما سنذكره من الأحاديث إن شاء الله تعالى ثم يكبر الرابعة ويدعو ومن أحسنه اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله والمختار أنه يطول الدعاء في الرابعة خلاف ما يعتاده أكثر الناس لحديث ابن أبي أوفي الذي سنذكر إن شاء الله تعالى فأما الأدعية المأثورة بعد التكبيرة الثالثة فمنها
935 - عن أبي عبد الرحمن عوف بن مالك رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت رواه مسلم
الشَّرْحُ
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب ما يدعى به للميت صلاة الجنازة تشتمل على قراءة الفاتحة ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم الدعاء فيبدأ أولا بالفاتحة لأنها ثناء على الله عز وجل ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحق الناس أن يقدم حتى على النفس ثم بعد ذلك الدعاء العام اللهم اغفر لحينا وميتنا ثم الدعاء الخاص للميت اللهم اغفر له وارحمه وهذا الترتيب كالترتيب في التشهد حيث نبدأ أولا التحيات لله وهو الثناء على الله ثم السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ثم السلام على الإنسان وعلى عباد الله الصالحين وهذا أيضا الدعاء للميت كذلك مرتب لكن نبدأ بالعام قبل الخاص بخلاف التشهد فإنه يبدأ بالخاص قبل العام لأن التشهد تدعو لنفسك السلام علينا والنفس مقدمة على الغير إلا على النبي صلى الله عليه وسلم المهم أن صلاة الجنازة يكبر الإنسان التكبيرة الأولى ثم يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يقرأ الفاتحة كاملة ثم يكبر التكبيرة الثانية فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وأحسن ما يصلى به عليه ما علمه أمته اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ثم يكبر الثالثة فيدعو لعامة المسلمين اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا ثم يدعو للميت الدعاء الخاص ومنه ما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فحفظ من دعائه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله يعني ضيافته يعني أكرمه في ضيافته لأن الميت في ضيافة الله عز وجل إذا انتقل من هذه الدنيا إلى قبره فهو إما أن يكون في قبره معذبا أو منعما ويقول وأوسع مدخله ويجوز مدخله يعني أوسع قبره لأنه يدخل فيه واغسله بالماء والثلج والبرد واغسله يعني طهره من الذنوب بالماء والثلج والبرد ذكر الثلج والبرد لأنه بارد وذكر الماء لأن به النظافة والذنوب أجارنا الله وإياكم منها عقوبتها حارة فناسب أن يقرن مع الماء الثلج فيحصل بالماء التنظيف ويحصل بالثلج والبرد التبريد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس يعني نظفه تنظيفا كاملا من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ وذكر الثوب الأبيض لأنه هو الذي يظهر فيه أدنى دنسة فإذا كان الثوب الأبيض نقيا فمعناه أنه ليس به دنس إطلاقا بخلاف الثوب الأسود والأحمر والأخضر وما أشبه ذلك فإنه ليس كالأبيض تبين به الدنسة بيانا واضحا اللهم أبدله دارا خيرا من داره لأنه انتقل من دار الدنيا إلى دار البرزخ ودار الدنيا كما نعلم دار محن وأذى وكدر فيقول أبدله دارا خيرا من داره ليكون منعما في قبره وأهلا خيرا من أهله أهله ذووه كأمه وخالته وبناته وأبيه وابنه وما أشبه ذلك وزوجا خيرا من زوجه يعني زوجة خيرا من زوجته وذلك بالحور العين وكذلك بزوجته في الدنيا لأن الإنسان إذا تزوج امرأة في الدنيا وماتت على الإيمان فإنها تكون زوجته في الآخرة فإن قال قائل كيف تكون خيرا من زوجتي وهي واحدة في الدنيا نقول خيرا منها في الصفات والجمال وغير ذلك وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار كل هذا دعاء يدعو به الإنسان للميت وينبغي أن يخلص الإنسان للميت في هذا الدعاء فإن كان كانت امرأة فإنه يقول اللهم اغفر لها وارحمها وعافها واعف عنها ..
يعني بضمير المؤنث فإن كان لا يدري هل هي ذكر أم أثنى فإنه مخير إن شاء قال اللهم اغفر له يعني لهذا الشخص والمرأة تسمى شخصا أو إن شاء قال اغفر لها أي لهذه الجنازة والجنازة تطلق على الرجل وعلى المرأة وإن كان يعلم أنه ذكر ذكره وإن كان يعلم أنها أنثى أنثها وإن كان لا يدري جاز أن يذكره وجاز أن يؤنثه فإن ذكره فالمعنى اغفر له أي لهذا الشخص الذي بين أيدينا وإن قال اغفر لها أي لهذه الجنازة، والجنازة تطلق على الرجل والمرأة والله الموفق
936 - عن أبي هريرة وأبي قتادة وأبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه وأبوه صحابي رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على جنازة فقال اللهم اغفر لحينا وميتنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا وشاهدنا وغائبنا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده رواه الترمذي من رواية أبي هريرة والأشهلي ورواه أبو داود من رواية أبي هريرة وأبي قتادة قال الحاكم حديث أبي هريرة صحيح على شرط البخاري ومسلم قال الترمذي قال البخاري أصح روايات هذا الحديث رواية الأشهلي قال البخاري وأصح شيء في هذا الباب حديث عوف بن مالك
937 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذ صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء رواه أبو داود
الشَّرْحُ
هذا الحديث فيما يدعى به في الصلاة على الميت وقد سبق حديث عوف بن مالك رضي الله عنه في الدعاء الخاص للميت أما هذا الدعاء الذي ذكره المؤلف رحمه الله فهو الدعاء العام يقول المصلي على الميت اللهم اغفر لحينا وميتنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا وشاهدنا وغائبنا وهذه الجمل تغني عنها جملة واحدة لو قال اللهم اغفر لحينا وميتنا شمل الجميع لكن مقام الدعاء ينبغي فيه البسط والتفصيل لأن الدعاء كل جملة منه عباده لله عز وجل وإذا كررته ازددت بذلك ثوابا فقوله حينا وميتنا يشمل الحي الحاضر والميت القديم والميت في عصره وصغيرنا وكبيرنا كذلك أيضا يشمل الصغير والكبير .
الحي والميت وذكر الصغير مع أن الصغير لا ذنب له من باب التبعية وإلا فإن الصغير ليس له ذنب حتى تسأل له المغفرة وذكرنا وأنثانا مثلها عامة وشاهدنا وغائبنا الحاضر والمسافر مثلا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته فتوفه على الإيمان الحياة ذكر معها الإسلام وهو الاستسلام الظاهر وأما الموت قال توفنا على الإيمان لأن الإيمان أفضل ومحله القلب والمدار على ما في القلب عند الموت وفي يوم القيامة اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده لا تحرمنا أجره يعني بالصلاة عليه لأن الإنسان يؤجر بالصلاة على الميت كما سبق أن من شهدها حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان كذلك أيضا أجر آخر للمصاب بهذا الميت الذي حزن لفراقه يؤجر أيضا على صبره على المصيبة ولا تفتنا بعده يعني لا تضلنا عن ديننا بعده لأن الحي لا تؤمن عليه الفتنة مادام الإنسان لم يخرج روحه فإنه عرضة لأن يفتن في دينه والعياذ بالله ولهذا قال لا تفتنا بعده فينبغي للإنسان أن يدعو بهذا الدعاء اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دعوتم للميت فأخلصوا له الدعاء بالمعنى أنك تدعو بحضور قلب وإلحاح على الله لأخيك الميت لأنه محتاج لك والله الموفق
باب الإسراع بالجنازة
941 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم متفق عليه .
وفي رواية لمسلم فخير تقدمونها عليه