471 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول إذا أمست فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك رواه البخاري . قالوا في شرح هذا الحديث معناه لا تركن إلى الدنيا ولا تتخذها وطنا، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تتعلق منها إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله , وبالله التوفيق . ذكر المؤلف - رحمه الله - في باب الزهد في الدنيا حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبي وأخذ بمنكبه من أجل أن يستعد لما يلقيه عليه فينتبه فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل يحتمل أن هذا من باب الشك، أي أن الراوي شك هل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول أو الثاني . ويحتمل أنه من باب التنويع يمعني كن كالغريب الذي يداخل الناس ولا يهتم بهم، ولا يعرف بينهم، أو كأنك عابر سبيل تريد أن تأخذ ما تحتاجه في سفرك وأنت ماش . وهذا التمثيل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم هو الواقع، لأن الإنسان في هذه الدنيا مسافر فالدنيا ليست دار مقر بل هي دار ممر، سريع راكبه لا يفتر ليلا ولا نهارا، فالمسافر ربما ينزل منزلا فيستريح ولكن مسافر الدنيا لا ينزل هو دائما في سفر كل لحظة فإنك تقطع بها شوطا من هذه الدنيا لتقرب من الآخرة . فما ظنكم بسفر لا يفتأ صاحبه يمشي ويسير أليس ينتهي بسرعة ؟ بلى ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا والإنسان عليه أن يقيس ما يستقبل من عمره بما مضى فالذي مضي كأنه لا شيء حتى أمسك الأدنى كأنك لم تمر به أو كأنه حلم، وكذلك فما يستقبل من دنياك فهو كالذي تقدم، ولهذا لا ينبغي الركون إلى الدنيا ولا الرضى بها، وكأن الإنسان مخلد فيها . ولذلك كان ابن عمر رضي الله عنه يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك
الشَّرْحُ
472 -