180 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملا موفرا طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين متفق عليه .
وفي رواية الذي يعطي ما أمر به وضبطوا المتصدقين بفتح القاف مع كسر النون على التثنية وعكسه على الجمع وكلاهما صحيح
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطه كاملا موفرا طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر به أحد المتصدقين متفق عليه الخازن مبتدأ وأحد المتصدقين خبر يعني أن الخازن الذي جمع هذه الأوصاف الأربعة المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به طيبة بها نفسه فهو مسلم احترازا من الكافر فالخازن إذا كان كافرا وإن كان أمينا وينفذ ما أمر به ليس له أجر لأن الكفار لا أجر لهم في الآخرة فيما عملوا من الخير قال الله تعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وقال تعالى { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } أما إذا عمل خيرا ثم أسلم فإنه يسلم على ما أسلف من خير ويعطى أجره الوصف الثاني: الأمين يعني الذي أدى ما أؤتمن عليه فحفظ المال ولم يفسده ولم يغز فيه ولم يتعد فيه الوصف الثالث الذي ينفذ ما أمر به يعني يفعله لأن من الناس من يكون أمينا لكنه متكاسل فهذا أمين ومنفذ يفعل ما أمر به فيجمع بين القوة والأمانة الوصف الرابع أن تكون طيبة به نفسه إذا نفذ وأعطى ما أمر به أعطاه وهو طيبة به نفسه يعني لا يمن على المعطي أو يظهر أن له فضلا عليه بل يعطيه طيبة به نفسه هذا يكون أحد المتصدقين مع أنه لم يدفع من ماله فلسا واحدا مثال ذلك إذا كان عند رجل مال وكان أمين الصندوق صندوق المال مسلما أمينا ينفذ ما أمره به ويعطيه صاحبه طيبة به نفسه فإذا قال لهم صاحب الصندوق يا فلان أعط هذا الفقير عشرة آلاف ريال فأعطاه على الوصف الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم إنه يكون كالذي تصدق بعشرة آلاف ريال من غير أن ينقص من أجر المتصدق شيئا ولكنه فضل من الله عز وجل ففي هذا الحديث دليل على فضل الأمانة وعلى فضل التنفيذ فيما وكل فيه وعدم التفريط فيه ودليل على أن التعاون على البر والتقوى يكتب لمن أعان مثل ما يكتب لمن فعل وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء
باب النصيحة
قال تعالى { إنما المؤمنون إخوة } وقال تعالى إخبارا عن نوح صلى الله عليه وسلم { وأنصح لكم } وعن هود صلى الله عليه وسلم { وأنا لكم ناصح أمين }
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب النصيحة النصيحة هي بذل النصح للغير والنصح معناه أن الشخص يحب لأخيه الخير ويدعوه إليه ويبينه له ويرغبه فيه وقد جعل النبي الدين النصيحة فقال الدين النصيحة ثلاث مرات قالوا لمن يا رسول الله ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم وضد النصيحة المكر والغش والخيانة والخديعة ثم صدر المؤلف هذا الباب بثلاث آيات الآية الأولى: قوله تعالى إنما المؤمنون إخوة وإذا ثبتت هذه الجملة بالمؤمن أي إذا تحققت فيهم واتصفوا بها فإنه لابد أن تكون هذه الإخوة مثمرة للنصيحة والواجب على المؤمنين أن يكونوا كما قال الله عز وجل { إنما المؤمنون إخوة } وهم إخوة في الدين، والأخوة في الدين أقوى من الأخوة في النسب بل إن الأخوة في النسب مع عدم الدين ليست بشيء ولهذا قال الله تعالى عز وجل لنوح لما قال { إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق } قال تعالى { إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح } أما المؤمنين فإنهم وإن تباعدت أقطارهم وتباينت لغاتهم فإنهم إخوة مهما كان والأخ لابد أن يكون ناصحا لأخيه مبديا له الخير مبينا ذلك له داعيا له أما الآية الثانية فهي قول نوح وهو أول الرسل يقول لقومه حين دعاهم إلى الله تعالى { وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون } يعني لست بغاش لكم ولا خادع ولا غادر ولكني ناصح أما الآية الثالثة فقول الله تعالى عن هود { وأنا لكم ناصح أمين } وعلى كل حال يجب على المرء أن يكون لإخوانه من الناصحين مبديا لهم الخير داعيا لهم إليه حتى يحقق بذلك الأخوة الإيمانية .
وأما الأحاديث
181 -