161 - السادس عن أبي موسى رضي الله عنه قال احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل فلما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأنهم قال إن هذه النار عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم متفق عليه .
الشَّرْحُ
ذكر المؤلف في باب الحث على اتباع السنة وآدابها هذا الحديث الذي وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن قوما احترق عليهم بيتهم في الليل فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن هذه النار عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم هذه النار التي خلقها الله عز وجل وأنشأ شجرتها امتن الله بها على عباده فقال سبحانه وتعالى: أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُون أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ والجواب بل أنت يا ربنا الذي أنشأتها { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ } تذكرة يتذكر الإنسان بها جهنم فإن هذه النار جزء من ستين جزءا من نار جهنم كل نار الدنيا الشديدة الحرارة والخفيفة كلها جزء من ستين جزءا من نار جهنم أعاذني الله وإياكم منها وجعلها الله تذكرة حتى إن بعض السلف كان إذا هم بمعصية ذهب إلى النار ووضع أصبعه عليها يعني يقول لنفسه اذكري هذه الحرارة حتى لا تتجرأ نفسه على المعصية التي هي سبب لدخول النار .
نسأل الله العافية .
ومع هذا يقول تعالى: { ومتاعا للمقوين } يعني: جعلناها متاعا للمسافرين وغيرهم من المحتاجين إليها يتمتعون بها ويستدفئون بها في الشتاء ويسخنون بها مياههم ويطبخون عليها أطعمتهم ففيها فوائد ومنافع ولكن قد تكون مضرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: إن هذه النار عدو لكم فهي عدو إذا لم يحسن الإنسان ضبطها وقيدها وصارت عدوا إذا فرط فيها أو تعدي فرط فيها بأن لم يبعد ما تكون سببا لاشتعاله أو تعدى فيها بأن أوقدها حول ما يشتعل سريعا كالبنزين والغاز وما أشبه ذلك فإنها تكون عدوا للإنسان وفي هذا: دليل على أن الإنسان ينبغي أن يتخذ الاحتياط في الأمور التي يخشى شرها ولهذا أمر الإنسان عند النوم أن يطفئ النار ولا يقول هذه سهلة أنا آمن من ذلك ربما يظن هذا الظن ولكن يحدث ما لا يخطر على باله ومن ذلك أيضا صمامات الغاز التي حدثت في عصرنا الحاضر فصمامات الغاز يجب على الإنسان أن يتفقدها لئلا يكون فيها شيء من التسريب فتملأ الجو من الغاز فإذا أشعل النار احترق المكان كله .
ومن ذلك أيضا أفياش الكهرباء ينبغي على الإنسان أن يكون حريصا منها ومتفقدا لها وأن يكون الذي يركبها شخصا عارفا مهندسا حتى لا تركب على وجه الخطأ فيحصل بذلك الاحتراق إما احتراقا كليا للبيت كله أو الجزء منه .
وإذا كان هذا في نار الدنيا فكذلك يجب أن يحترس مما يكون سببا لعذاب النار في الآخرة من أسباب المعاصي ووسائلها وذرائعها ولهذا قال أهل العلم - رحمهم الله -: إن الوسائل لها أحكام المقاصد وإن الذرائع يجب أن تسد إذا كانت ذريعة إلى محرم خشية من الوقوع في الهلاك .
خشية من الوقوع في الهلاك .
162 -