129 - الثالث عشر: عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مستها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب رواه مسلم .
الشَّرْحُ
ذكر المؤلف - رحمه الله - فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه في فضائل الوضوء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كانت بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب والوضوء أمر الله به في كتابه في قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .
هذا الوضوء تطهر فيه هذه الأعضاء الأربعة الوجه واليدان والرأس والرجلان وهذا التطهير يكون تطهيرا حسيا ويكون تطهيرا معنويا أما كونه تطهيرا حسيا فظاهر لأن الإنسان يغسل وجهه ويديه ورجليه ويمسح الرأس وكان الرأس بصدد أن يغسل كما تغسل بقية الأعضاء ولكن الله خفف في الرأس لأن الرأس يكون فيه الشعر والرأس هو أعلى البدن فلو غسل الرأس ولا سيما إذا كان فيه الشعر لكان في هذا مشقة على الناس ولا سيما في أيام الشتاء ولكن من رحمة الله عز وجل أن جعل فرض الرأس المسح فقط فإذا توضأ الإنسان لا شك أنه يطهر أعضاء الوضوء تطهيرا حسيا وهو يدل على كمال الإسلام حيث فرض على معتنقيه أن يطهروا هذه الأعضاء التي هي غالبا ظاهرة بارزة .
أما الطهارة المعنوية وهي التي ينبغي أن يقصدها المسلم فهي تطهيره من الذنوب فإذا غسل وجهه خرجت كل خطايا نظر إليها بعينه وذكر العين والله أعلم إنما هو على سبيل التمثيل وإلا فالأنف قد يخطئ والفم قد يخطئ فقد يتكلم الإنسان بكلام حرام وقد يشم أشياء ليس له حق أن يشمها ولكن ذكر العين لأن أكثر ما يكون الخطأ في النظر .
فلذلك إذا غسل الإنسان وجهه بالوضوء خرجت خطايا عينيه فإذا غسل يديه خرجت خطايا يديه فإذا غسل رجليه خرجت خطايا رجليه حتى يكون نقيا من الذنوب ولهذا قال تعالى حين ذكر الوضوء والغسل والتيمم { مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } يعني ظاهرا وباطنا حسا ومعنى { وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } فينبغي للإنسان إذا توضأ أن يستشعر بهذا المعنى أي أن وضوءه يكون تكفيرا لخطيئاته حتى يكون بهذا الوضوء محتسبا الأجر على الله عز وجل .