123 - السابع: عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح متفق عليه .
النزل: القوت والرزق وما يهيأ للضيف .
124 - الثامن عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة متفق عليه .
قال الجوهري الفرسن من البعير: كالحافر من الدابة قال وربما استعير في الشاة .
125 - التاسع: عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان متفق عليه .
البضع من ثلاثة إلى تسعة بكسر الباء وقد تفتح والشعبة القطعة .
الشَّرْحُ
هذه الأحاديث الثلاثة التي نقلها المؤلف - رحمه الله - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أما الأول: فهو أنه صلى الله عليه وسلم قال: من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح غدا: بمعنى ذهب غدوة أي ذهب أول النهار وذلك مثل أن يذهب إلى المسجد لصلاة الفجر راح: الرواح يطلق على بعد الزوال مثل الذهاب إلى صلاة الظهر أو العصر وقد يطلق الرواح على مجرد الذهاب كما في قول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة: من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى ..
إلى آخر الحديث فإن معنى راح في الساعة الأولى: أي ذهب إلى المسجد في الساعة الأولى لكن إذا ذكرت الغدوة مع الرواح صارت الغدوة أو النهار والرواح آخر النهار .
وظاهر الحديث أن من غدا إلى المسجد أو راح سواء غدا للصلاة أو لطلب علم أو لغير ذلك من مقاصد الخير أن الله يكتب له في الجنة نزلا والنزل ما يقدم للضيف من طعام ونحوه على وجه الإكرام أي أن الله تعالى يعد لهذا الرجل الذي ذهب إلى المسجد صباحا أو مساء يعد له في الجنة نزلا إكراما له .
ففي هذا الحديث إثبات هذا الجزاء العظيم لمن ذهب إلى المسجد أول النهار أو آخره وفيه بيان فضل الله عز وجل على العبد حيث يعطيه على مثل هذه الأعمال اليسيرة هذا الثواب الجزيل .
وأما حديثه الثاني: فهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة فالرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث حث على الهدية للجار ولو شيئا قليلا قال: ولو فرسن شاة الفرسن: ما يكون في ظلف الشاة وهو شيء بسيط زهيد كأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: لا تحقرن من المعروف شيئا ولو قل .
وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك حتى المرق إذا أعطيته جيرانك هدية فإنك تثاب على ذلك كذلك أيضا لا تحقرن شيئا ولو أن تلق أخاك بوجه طلق فإن هذا من المعروف إذا لم تلق أخاك بوجه عبوس مكفهر بل بوجه منطلق منشرح فإن هذا من الخير ومن المعروف لأن أخاك إذا واجهته بهذه المواجهة يدخل عليه السرور ويفرح وكل شيء يدخل السرور على أخيك المسلم فإنه خير وأجر وكل شيء تغيظ به الكافر فإنه خير وأجر قال الله تعالى وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ .
أما الحديث الثالث: فهو قول النبي عليه الصلاة والسلام: الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان فهذا الحديث بين فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن الإيمان ليس خصلة واحدة أو شعبة واحدة ولكنه شعب كثيرة بضع وسبعون يعني من ثلاث وسبعين إلى تسع وسبعين أو بضع وستون شعبة ولكن أفضلها كلمة واحدة: وهي لا إله إلا الله هذه الكلمة لو وزنت بها السماوات والأرض لرجحت بها لأنها كلمة الإخلاص وكلمة التوحيد الكلمة التي أسأل الله أن يختم لي ولكم بها من كانت آخر كلامه من الدنيا دخل الجنة هذه الكلمة هي أفضل شعب الإيمان وأدناهما إماطة الأذى عن الطريق يعني إزالة الأذى عن الطريق وهو كل ما يؤذي المارين من حجر أو شوك أو زجاج أو خرق أو غير ذلك كل ما يؤذي المارين إذا أزلته فإن ذلك من الإيمان .
والحياء شعبة من الإيمان وفي حديث آخر الحياء من الإيمان والحياء: حالة نفسية تعتري الإنسان عند فعل ما يخجل منه وهي صفة حميدة كانت خلق النبي عليه الصلاة والسلام فكان من خلقه عليه الصلاة والسلام الحياء حتى إنه كان أكثر حياء من العذراء في خدرها عليه الصلاة والسلام إلا أنه كان لا يستحي من الحق .
فالحياء صفة محمودة لكن الحق لا يستحي منه فإن الله يقول { وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ } وقال تعالى { إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } الحق لا يستحي منه ولكن ما سوى الحق فإن من الأخلاق الحميدة أن تكون حييا ضد ذلك من لا يستحي فلا يبالي بما فعل ولا يبالي بما قال ولهذا جاء في الحديث إن مما أدرك الناس من النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت .