77 - الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير رواه مسلم قيل: معناه متوكلون وقيل قلوبهم رقيقة
78 - الخامس: عن جابر رضي الله عنه أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معهم فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس يستظلون بالشجر ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة فعلق بها سيفه ونمنا نومة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا وإذا عنده أعرابي فقال إن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا قال: من يمنعك مني ؟ قلت: الله ـ ثلاثا ـ ولم يعاقبه وجلس متفق عليه وفي رواية: قال جابر: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة فاخترطه فقال: تخافني ؟ قال: لا قال: فمن يمنعك مني ؟ قال: الله وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في صحيحه فقال من يمنعك مني ؟ قال: الله فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فقال: قوله: قفل أي: رجع و العضاه الشجر الذي له شوك و السمرة بفتح السين وضم الميم الشجرة من الطلح وهي العظام من شجر العضاه و اخترط السيف أي: سله وهو في يده صلتا أي: مسلولا وهو بفتح الصاد وضمها
79 - السادس: عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا رواه الترمذي وقال: حديث حسن معناه: تذهب أول النهار خماصا: أي ضامرة البطون من الجوع وترجع آخر النهار بطانا: أي ممتلئة البطون
الشَّرْحُ
قوله: حق توكله أي: توكلا حقيقيا تعتمدون على الله اعتمادا كاملا في طلب رزقكم وفي غيره لرزقكم كما يرزق الطير الطير رزقها على الله عز وجل لأنها طيور ليس لها مالك فتطير في الجو وتغدو إلى أوكارها وتستجلب رزق الله عز وجل تغدو خماصا الغدو: الذهاب في أول النهار وخماصا: جائعة كما قال الله فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم مخمصة مجاعة تغدو خماصا ليس في بطونها شيء لكنها متوكلة على ربها عز وجل وتروح بطانا تروح أي: ترجع في آخر النهار لأن الرواح هو آخر النهار بطانا أي: ممتلئة البطون من رزق الله عز وجل ففي هذا دليل على مسائل أولا: أنه ينبغي للإنسان أن يعتمد على الله حق الاعتماد ثانيا: أنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها حتى الطير في جو السماء لا يمسكه في جو السماء إلا الله ولا يرزقه إلا الله كل دابة في الأرض من أصغر ما يكون كالذر أو أكبر ما يكون كالفيلة وأشباهها فإن على الله رزقها كما قال الله { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها } ولقد ضل ضلالا مبينا من أساء الظن بربه فقال: لا تكثروا الأولاد: تضيق عليكم الأرزاق فرزق أولادك وأطفالك على الله عز وجل هو الذي يفتح لك أبواب الرزق من أجل أن تنفق عليهم لكن أكثر الناس عندهم سوء ظن بالله ويعتمدون على الأمور المادية المنظورة ولا ينظرون إلى المدى البعيد وإلى قدرة الله وأنه هو الذي يرزق ولو كثر الأولاد أكثر من الأولاد تكثر لك الأرزاق هذا هو الصحيح وفي هذا: دليل على أن الإنسان إذا توكل على الله حق التوكل فليفعل الأسباب وضل من قال: لا أفعل السبب وأنا متوكل فهذا غير صحيح المتوكل هو الذي يفعل الأسباب معتمدا على الله عز وجل ولهذا قال كما يرزق الطير تغدو خماصا تذهب لتطلب الرزق ليست الطيور في أوكارها ولكنها تغدو وتطلب الرزق فأنت إذا توكلت على الله حق التوكل فلابد أن تفعل الأسباب التي شرعها الله لك من طلب الرزق من وجه حلال بالزراعة بالتجارة بالعمالة بأي شيء من أسباب الرزق اطلب الرزق معتمدا على الله ييسر الله لك الرزق ومن فوائد هذا الحديث أن الطيور وغيرها من مخلوقات الله تعرف الله كما قال الله تعالى { تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده } أي: ما من شيء إلا يسبح بحمد الله { ولكن لا تفقهون تسبيحهم } { ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء } فالطيور تعرف خالقها عز وجل وتطير تطلب الرزق بما جلبها الله عليه من الفطرة التي تهتدى بها إلى مصالحها وتغدو إلى أوكارها في آخر النهار بطونها ملأى وهكذا دواليك في كل يوم والله عز وجل يرزقها وييسر لها الرزق وانظر إلى حكمة الله كيف تغدو هذه الطيور إلى محلات بعيدة وتهتدى بالرجوع إلى أماكنها لا تخطئها لأن الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى والله الموفق