627 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال: تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .
628 - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح . هذه الأحاديث في بيان فضل حسن الخلق ومنها عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: ما أكثر ما يدخل الجنة ؟ يعني ما هو الشيء الذي يكون سببا لدخول الجنة كثيرا ؟ فقال: تقوى الله وحسن الخلق تقوى الله تعالى: وهذه كلمة جامعة لفعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه فأن تفعل ما أمرك الله به وأن تدع ما نهاك عنه، هذه هي التقوى لأن التقوى مأخوذة من الوقاية وهي أن يتخذ الإنسان ما يقيه من عذاب الله ولا شيء يقي من عذاب الله إلا فعل الأوامر واجتناب النواهي . وأكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج الفم يعني بذلك قول اللسان فإن الإنسان قد يقول كلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا، والعياذ بالله أي سبعين سنة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: أفلا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله فأخذ بلساني وقال كف عليك هذا قلت يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ يعني هل نؤاخذ بالكلام قال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم ولما كان عمل اللسان سهلا صار إطلاقه سهلا لأن الكلام لا يتعب به الإنسان ليس كعمل اليد وعمل الرجل وعمل العين يتعب فيه الإنسان فعمل اللسان لا يتعب فيه الإنسان فتجده يتكلم كثيرا بأشياء تضره كالغيبة غيبة والنميمة واللعن والسب والشتم وهو لا يشعر بذلك فيكتسب بهذا آثاما كثيرة أما الفرج فالمراد به الزنا وأخبث منه اللواط، فإن ذلك أيضا تدعو النفس إليه كثير - ولا سيما من الشباب - فتهوى بالإنسان وتدرجه حتى يقع في الفاحشة وهو لا يعلم . ولهذا سد النبي صلى الله عليه وسلم كل باب يكون سببا لهذه الفاحشة فمنع من خلو الرجل بالمرأة ومنع المرأة من كشف وجهها أمام الرجال الأجانب ونهى المرأة أن تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، إلى غير ذلك من السياج المنيع الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم حائلا دون فعل هذه الفاحشة لأن هذه الفاحشة تدعو إليها النفس، فهذا أكثر ما يدخل الناس النار: أعمال اللسان، وأعمال الفرج نسأل الله الحماية . ثم ذكر أيضا من فضائل حسن الخلق أن أحسن الناس أخلاقا هم أكمل الناس إيمانا قال النبي صلى الله عليه وسلم: أكمل الناس إيمانا أحسنهم خلقا وفي هذا دليل على أن الإيمان يتفاوت وأن الناس يختلفون فيه فبعضهم في الإيمان أكمل من بعض بناء على الأعمال وكلما كان الإنسان أحسن خلقا كان أكمل إيمانا وهذا حث واضح على أن الإنسان ينبغي له أن يكون حسن الخلق بقدر ما يستطيع . قال: وخياركم خياركم لنسائهم المراد خيركم خيركم لأهله، كما جاء ذلك في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركم خيركم لأهله وأنا خيرك لأهلي فينبغي للإنسان أن يكون مع أهله خير صاحب وخير محب وخير مربي لأن الأهل أحق بحسن خلقك من غيرهم فابدأ بالأقرب فالأقرب . على العكس من ذلك حال بعض الناس اليوم وقبل اليوم تجده مع الناس حسن الخلق، لكن مع أهله سيئ الخلق - والعياذ بالله - وهذا خلاف هدى النبي صلى الله عليه وسلم والصواب أن تكون مع أهلك حسن الخلق ومع غيرهم أيضا لكن هم أولى بحسن الخلق من غيرهم . ولهذا لما سئلت عائشة ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟ قالت: كان في مهنة أهله . أي يساعدهم على مهمات البيت حتى إنه صلى الله عليه وسلم كان يحلب الشاة لأهله ويخصف نعله ويرقع ثوبه وهكذا ينبغي للإنسان مع أهله أن يكون من خير الأصحاب لهم .
الشَّرْحُ
629 -