أمة الإسلام أمة مرحومة
أمة النبي أمةٌ فضَّلها الله وميَّزها على سائر الأمم، كما قال تعالى ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) ، ولكن هذه الخيرية مقيدة بما جاء في الآية نفسها (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)،
فبينت الآية أن الأمة خير الأمم بهذا القيد، فإن تركت ذلك فقدت خيريتها، وإن تحققت به استحقت ما ميزها بها رب العالمين
وقد ذكر البخاري في صحيحه هذه الآية، ثم ساق كلام أبي هريرة ونصه " قال خير الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام " وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله يقول «إنكم وفيتم سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله» سنن ابن ماجه والدارمي . وقال ابن كثير في تفسيره «وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات بنبيها محمد ، فإنه أشرف خلق الله، وأكرم الرسل على الله، وبعثه الله بشرع كامل عظيم لم يُعْطَه نبيّ قبله ولا رسول من الرسل» تفسير ابن كثير والله قد رحم هذه الأمة برحمات متعددة، لم تنلها قبلها أمة من الأمم، ففي حديث أبي موسى أن رسول الله قال «أمتي هذه أمة مرحومةٌ، ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل» أخرجه أبو داود
والمعنى أنهم مجزيُّون بخطاياهم في الدنيا بالمِحَن والأمراض وأنواع البلايا، وقد ورد هذا في قوله تعالى مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ النساء ، والمراد بقوله «ليس عليها عذاب في الآخرة» أي أن عذابهم ليس كعذاب الكفار، كما أن الغالب في حقهم المغفرة وعن أبي موسى عن النبي قال «إن الله عزَّ وجلَّ إذا أراد رحمة أمة من عباده؛ قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطًا وسلفًا بين يديها، وإذا أراد هلكة أمة؛ عذبها ونبيها حيّ، فأهلكها وهو ينظر، فأقر عينه بهلَكتها حين كذبوه وعصوا أمره» مسلم وقد أورد الإمام مسلم هذا الحديث تحت باب «إذا أراد الله تعالى رحمة أمة؛ قبض نبيها قبلها» صحيح مسلم ، وتحت باب سعة رحمة الله تعالى، وفداء كل مسلم بكافر ساق الإمام مسلم أحاديث منها ما جاء عن أبي موسى قال قال رسول الله «إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهوديًّا أو نصرانيًّا، فيقول هذا فكاكك من النار» مسلم
ومنها ما جاء عن أبي بردة يحدث عن أبيه أبي موسى عن النبي قال «لا يموت رجل مسلم؛ إلا أدخل الله مكانه النار يهوديًّا أو نصرانيًّا» مسلم
قال النووي في شرحه «ومعنى هذا الحديث ما جاء في حديث أبي هريرة لكل أحد منزل في الجنة ومنزل في النار، فالمؤمن إذا دخل الجنة؛ خلفه الكافر في النار؛ لاستحقاقه ذلك بكفره، ومعنى «فكاكك من النار» أنك كنت معرّضًا لدخول النار، وهذا فكاكك؛ لأن الله تعالى قدر لها عددًا يملؤها، فإذا دخلها الكفار بكفرهم وذنوبهم؛ صاروا في معنى الفكاك للمسلمين وأما رواية «يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب»، فمعناه أن الله تعالى يغفر تلك الذنوب للمسلمين، ويسقطها عنهم، ويضع على اليهود والنصارى مثلها؛ بكفرهم وذنوبهم فيدخلهم النار بأعمالهم لا بذنوب المسلمين، ولا بد من هذا التأويل؛ لقوله تعالى وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى الأنعام ويحتمل أن يكون المراد آثامًا كان للكفار سببٌ فيها بأن سنّوها؛ فتسقط عن المسلمين بعفو الله تعالى، ويوضع على الكفار مثلها؛ لكونهم سنّوها، ومن سن سنة سيئة؛ كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها، والله أعلم» شرح النووي على مسلم
ومن مظاهر رحمة الله بهذه الأمة أن الله لا يهلكها بعذاب وقحط يشملهم جميعًا ويعمهم، ولله الحمد والشكر على ذلك، ويؤيد هذا ما جاء في حديث ثوبان قال قال رسول الله «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها، وأُعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي أن لا يهلكها بِسَنةٍ عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال يا محمد، إني إذا قضيت قضاء؛ فإنه لا يُرَدّ، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسَنَةٍ عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها» مسلم
ومن مظاهر رحمة الله بهذه الأمة أن خيريتها لا تنقطع، فالخير يعمها، وهو باقٍ فيها إلى يوم القيامة من أولها إلى أخرها، كما جاء في حديث أنس قال قال رسول الله «مَثَل أمتي مَثَل المطر، لا يُدرى أوله خير أم أخره» الترمذي ومعنى الحديث أن الخير شامل لجميع الأمة، وإن كان معلومًا أن القرن الأول خير من الثاني وهكذا، وقد رجّح ابن عبد البر أن الأفضلية المذكورة في حديث «خير الناس قرني»، إنما هي بالنسبة إلى المجموع لا الأفراد» انظر فتح الباري
وقال ابن كثير بعد ذكره لهذا الحديث «فهذا الحديث بعد الحكم بصحة إسناده محمول على أن الدين كما هو محتاج إلى أول الأمة في إبلاغه إلى من بعدهم، كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها، وتثبيت الناس على السنة وروايتها وإظهارها، والفضل للمتقدم، وكذلك الزرع هو محتاج إلى المطر الأول، وإلى المطر الثاني، ولكن العمدة الكبرى على الأول، واحتياج الزرع إليه آكد، والغرض أن هذه الأمة أشرف من سائر الأمم، والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزلة؛ لشرف دينها وعظم نبيها» ومن مظاهر رحمة الله بهذه الأمة أنه يضاعف لها الأجر، فتعمل العمل القليل، وتأخذ عليه الأجر الكبير، كما في حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب أن رسول الله قال «إنما مثَلكم واليهود والنصارى كرجل استعمل عمالاً، فقال من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعملت اليهود على قيراط قيراط، ثم عملت النصارى على قيراط قيراط، ثم أنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغارب الشمس على قيراطين قيراطين، فغضبت اليهود والنصارى، وقالوا نحن أكثر عملاً وأقل عطاءً؟ قال هل ظلمتكم من حقكم شيئًا؟ قالوا لا قال فذلك فضلي أوتيه من أشاء» البخاري قال ابن حجر «وفي الحديث تفضيل هذه الأمة، وتوفير أجرها مع قلة عملها» فتح الباري
ومن رحمة الله بهذه الأمة وفضله الواسع عليها أن عفا عن حديث النفس والوسوسة، فلا يحاسبهم عليها، فعن أبي هريرة يرفعه إلى النبي «إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدّثت به أنفسها، ما لم تعمل به أو تكلم» البخاري
قال ابن حجر «وفي الحديث إشارة إلى عظيم قدر الأمة المحمدية؛ لأجل نبيها ؛ لقوله تجاوز لي وفيه إشعار باختصاصها بذلك، بل صرّح بعضهم بأنه كان حكم الناسي كالعامد في الإثم، وأن ذلك من الإصر الذي كان على من قبلنا»
ويؤيده الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال «لما نزلت هذه الآية وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ البقرة ، قال دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من قبل، فقال النبي «قولوا سمعنا وأطعنا وسلَّمْنا» قال فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا قال قد فعلتُ ، رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ، قال قد فعلتُ، رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ، قال قد فعلت، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ، قال قد فعلتُ» مسلم وهذا فضل عظيم، ومنة كبيرة من الرب الكريم على أمة الإسلام، ولم تنل أيّ أمة ما نالته هذه الأمة من المغفرة والرحمة وهذا يدل على عظيم مكانتها، وتقدمها على غيرها، وأن رسالتها هي الرسالة التي تصلح بها البشرية، وقد خوطبت بها منذ بعثة النبي فاللهم لك الحمد على ذلك، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين
من مظاهر بهذه الأمة :أن خيريتها لا تنقطع ,فالخير يعمها ,وهو باق فيها إلى يوم القيامة من أولها إلى أخرها ,كما جاء الحديث انس قال: قال رسول الله : )مثل أمتى مثل المطر ,لا يدرى أوله خير ام أخره (....
ومعنى الحديث :إن الخير شامل لجميع الأمة.وان كان معلوما أن القرن الأول خير من الثاني وهكذا .وقد رجح ابن عبد البر أن الأفضلية المذكورة في الحديث :::خير الناس قرني )إنما هي بالنسبة إلى المجموع لا الأفراد وقال ابن الكثير بعد ذكره لهذا الحديث- بعد الحكم بصحة إسناده_محمول على أن الدين كما هو محتاج إلى أول ألامه في إبلاغه إلى من بعدهم ,كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها ,وتثبيت الناس على السنة وروايتها وإظهارها.,,,والفضل للمتقدم ,,,وكذلك الزرع هو محتاج الى المطر الأول ,,,والى المطر الثاني ...ولكن العمدة الكبرى على الأول واحتياج الزرع إليه أكد....والغرض :أن هذه الأمة اشرف من سائر الأمم والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزله ,,لشرف دينها وعظم نبيها د: أحمد سعيد الودود
http://vb.tafsir.net/tafsir41221/#.V1uIGdSrTMo