حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أبي سهل ، ثنا عبد الله بن أبي شيبة ، ثنا محمد بن فضيل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن عبد الله القرشي ، عن عبد الله بن عكيم ، قال : خطبنا أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - فقال : أما بعد ، فإني أوصيكم بتقوى الله ، وأن تثنوا عليه بما هو له أهل ، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة ، وتجمعوا الإلحاف بالمسألة ، فإن الله تعالى أثنى على زكريا وعلى أهل بيته ، فقال : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) ، ثم اعلموا عباد الله أن الله تعالى قد ارتهن بحقه أنفسكم ، وأخذ على ذلك مواثيقكم ، واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي ، وهذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه ، ولا يطفأ نوره ، فصدقوا قوله ، وانتصحوا كتابه ، واستبصروا فيه ليوم الظلمة ، فإنما خلقكم للعبادة ، ووكل بكم الكرام الكاتبين ، يعلمون ما تفعلون ، ثم اعلموا عباد الله أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه ، فإن استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل الله فافعلوا ، ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله ، فسابقوا في مهل آجالكم قبل أن تنقضي آجالكم ، فيردكم إلى أسوأ أعمالكم ، فإن أقواما جعلوا آجالهم لغيرهم ، ونسوا أنفسهم ، فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم ، الوحا الوحا ، النجا النجا ، إن وراءكم طالبا حثيثا ، أمره سريع .
حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ، ثنا أزهر بن عمير وكان بالثغر قال : حدثني أبو الهذيل ، عن عمرو بن دينار ، قال : خطب أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - فقال : أوصيكم بالله لفقركم وفاقتكم أن تتقوه ، وأن تثنوا عليه بما هو أهله ، وأن تستغفروه إنه كان غفارا . فذكر نحو حديث عبد الله بن عكيم ، وزاد : واعلموا أنكم ما أخلصتم لله عز وجل فربكم أطعتم ، وحقكم حفظتم ، فأعطوا ضرائبكم في أيام سلفكم ، واجعلوها نوافل بين أيديكم ، تستوفوا سلفكم حين فقركم وحاجتكم ، ثم تفكروا عباد الله فيمن كان قبلكم أين كانوا أمس ، وأين هم اليوم . أين الملوك الذين كانوا أثاروا الأرض [ ص: 36 ] وعمروها ؟ قد نسوا ونسي ذكرهم ، فهم اليوم كلا شيء : ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) وهم في ظلمات القبور : ( هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) وأين من تعرفون من أصحابكم وإخوانكم ؟ قد وردوا على ما قدموا ، فحلوا الشقوة والسعادة ، إن الله تعالى ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب يعطيه به خيرا . ولا يصرف عنه سوءا ، إلا بطاعته واتباع أمره ، وأنه لا خير بخير بعده النار ، ولا شر بشر بعده الجنة ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة قال : ثنا أبو المغيرة ، ثنا حريز بن عثمان ، عن نعيم بن نمحة ، قال : كان في خطبة أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - : أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون في أجل معلوم . فذكر نحو حديث عبد الله بن عكيم ، وزاد : ولا خير في قول لا يراد به وجه الله تعالى ، ولا خير في مال لا ينفق في سبيل الله عز وجل ، ولا خير فيمن يغلب جهله حلمه ، ولا خير فيمن يخاف في الله لومة لائم .