تحقيق الشهادتين :
(لا إله إلا الله ، محمد رسول الله)
قال الإمام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم : قال الله تعالى : {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} .
هذان الأصلان ( ) هما تحقيق الشهادتين اللتين هما رأس الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله ، وشهادة أن محمداً رسول الله .
1- فإن الشهادة لله بأنه لا إله إلا هو : تتضمن إخلاص الألوهية له ، فلا يجوز أن يتأله القلب غيره ، لا بحب ، ولا خوف ، ولا رجاء ، ولا إجلال ، ولا إكبار ، ولا رغبة ، ولا رهبة ، بل لا بد أن يكون لدين كله لله ... فإن بعض الدين لله وبعضه لغيره كان في ذلك من الشرك بحسبه .
2- والشهادة بأن محمداً رسول الله : تتضمن تصديقه في كل ما أخبر ، وطاعته في كل ما أمر ، فما أثبته وجب إثباته ، وما نفاه وجب نفيه ، كما يجب على الخلق أن يثبتوا ما أثبته الرسول لربه من الأسماء والصفات ، وينفوا عنه ما نفاه عنه من مماثلة المخلوقات عليهم أن يفعلوا ما أمرهم به ، وينتهوا عمّا نهى عنه ، ويحلوا ما أحله ويحرموا ما حرمه ، فلا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ، ولا دين إلا ما شرعه الله ورسوله ، ولهذا ذم الله المشركين في سورة الأنعام والأعراف ، وغيرهما لكونهم حرموا ما لم يحرمه الله ، ولكونهم شرعوا ديناً لم يأذن له الله ، وقد قال تعالى لنبيه : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} .
فأخبره بأنه أرسله داعياً إليه بإذنه .
فمـن دعا إلى غير الله فقد أشرك ، ومن دعا إليه بغير إذنه فقد ابتدع ، والشرك بدعة ، والمبتدع يؤول إلى الشرك ولم يوجد مبتدع إلا مر فيه نوع من الشرك كما قال تعالى : {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
وكان من شركهم : أنهم أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم ، وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم : قال الله تعالى : {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } .
ففرق بعدم إيمانهم بالله واليوم الآخر : أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق ، والمؤمنون صدقوا الرسول فيما أخبر به عن الله واليوم الآخر : فآمنوا بالله واليوم الآخر وأطاعوه فيما أمر ونهى ، وحلل وحرم ، فحرموا ما حرم الله ورسوله ، ودانوا دين الحق .
فإن الرسول يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، ويحل لهم الطيبات ، ويحرم عليهم الخبائث فأمرهم بكل معروف ، ونهاهم عن كل منكر ، وأحل لهم كل طيب ، وحرم عليهم كل خبيث .
الأنبياء دينهم واحد :
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم) ولما كان أصل الدين الذي هو دين الإسلام واحداً وإن تنوعت شرائعه : قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( إنا معشر الأنبياء ديننا واحد ، والأنبياء إخوة وإن أولى الناس بابن مريم لأنا ، فليس بيني وبينه نبي) .
فدينهم واحد : وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، وهو يُعبد في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت ، وهو دين الإسلام في ذلك الوقت فمن خرج عن شريعة موسى قبل النسخ ( ) لم يكن مسلماً ، ومن لم يدخل في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بعد النسخ لم يكن مسلماً .
ولم يشرع الله لنبي من الأنبياء أن يعبد غير الله البتة ، قال الله تعالى : {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} .
متى تنفع لا إله إلا الله :
إن المسلم ينتفع بهذه الكلمة إذا عرف معناها ، وعمل بمقتضاها ولما كانت هناك أحاديث يتوهم منها أن مجرد التلفظ بها يكفي ، وقد تعلق بهذا الوهم بعض المسلمين ، فكان لا بد من إزالة هذا الوهم :
1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجهه) .
2- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلا حرمه الله على النار) .
3- وقال صلى الله عليه وسلم : (أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك ، فيحجب عن الجنة) .
4- وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنة) .
5- وقال صلى الله عليه وسلم : ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) .
وأحسن ما قيل في معناها ما قاله شيخ الإسلام ابن تيميه وغيره .
إن هذه الأحاديـث إنما هي فيمن قالها ومات عليها ، كما جاءت مقيدة ، قالها خالصاً من قلبه ، مستيقناً بها قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين ، فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله جملة فيمن شهد أن لا إله إلا الله خالصاً من قلبه لأن الإخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى ، بأن يتوب من الذنوب توبة نصوحاً ، فإذا مات على تلك الحال نال ذلك ، فإنه قد تواتـرت الأحاديث بأنه يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله ، وكان في قلبه ما يزن شعيرة ، وما يزن خردلة ، وما يزن ذرة ،
وتواترت بأن كثيراً ممن يقول : لا إله إلا الله يدخل النار ، ثم يخرج منها ، وتواترت بأن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم ، فهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون لله ، وتواترت بأنه يحرم على النار من قال لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال ، وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص ولا اليقين ، ومن لا يعرف ذلك يخشى أن يُفتن عنها عند الموت فيحال بينه وبينها .
وأكثر من يقولها يقولها تقليداً وعادة لم يخالط الإيمان بشاشة قلبه ، وغالب من يُفتن عند الموت وفي القبول أمثار هؤلاء كما في الحديث . ( سمعت الناس يقولون فقلته) .
وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد وإقتداء بأمثالهم وهم أقرب الناس من قوله تعالى : {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} .
وحينئذٍ فلا منافاة بين الأحاديث ، فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحال مصراً على ذنب أصلاً ، فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شئ ، فإذا لا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله ، ولا كراهية لما أمر الله ، وهذا هو الذي يحرم على النار ، وإن كانت له ذنوب قبل ذلك ، فإن هذا الإيمان وهذه التوبة ، وهذا الإخلاص وهذه المحبة ، وهذا اليقين لا تترك له ذنباً إلا يُمحى كما يُمحى الليل بالنهار .
الرد على بعض الشبهات :
بعض الناس يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أسامة قتل من قال : ( لا إله إلا الله ) وقال : ( أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله) .
وأحاديث أخرى في الكف عمّن قالها ، والجواب :
1- إن أسامة قتل رجلاً ادعى الإسلام بسبب أنه ظن أنه ما ادعاه من النطق بالشهادة هو الخوف على دمه وماله ، فأنكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الظن ، لأنه قتل رجلاً أظهر الإسلام ، ومن اظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك والدليل قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا)
فالآية تدل على أنه يجب الكف عن قتله حتى يظهر منه ما يخالف الإسلام ، وكل من أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يناقض الإسلام .
2- الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أنكر على أسامة قتل من قال : (لا إله إلا الله) هو الذي قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) .
3- قاتل الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود ، وخم يقولون : لا إله إلا الله .
4- قاتل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بني حنيفـة وهم يشهدون : أن لا إله إلا الله ، وأن محمدً رسول الله ويصلون ويدعون الإسلام .
5- وكذلك الذين حرقهم ( ) علي بن أبي طالب كانوا يقولون لا إله إلا الله ، أما الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم : (قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ، ويدعون أهل الأوثان ، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد) .
هؤلاء الخوارج كانوا أكثر الناس تهليلاً ، فلم تنفعهم لا إله إلا الله ولا كثرة العبادة ، ولا إدعاء الإسلام لما ظهر منهم مخالفة الشريعة ومن أخطائهم تكفير المسلم المرتكب للكبيرة والخروج على الحاكم المسلم .
فليحذر المسلمون التشبه بهم لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم) .
رد الحافظ بن رجب :
قال الحافظ بن رجب في رسالته ( كلمة الإخلاص) على قوله صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله) .
قال : ( فهم عمر وجماعة من الصحابة : أن من أتى بالشهادتين امتنع من عقوبة الدنيا بمجرد ذلك ، فتوقفوا في قتال مانعي الزكاة ، وفهم الصديق أنه لا يتمتع قتاله إلا بأداء حقوقها لقوله صلى الله عليه وسلم : فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم إلا بحقها وحسابهم على الله) .
وقال : ( والزكاة حق المال) وهذا الذي فهمه الصديق قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحاً غير واحد من الصحابة منهم ابن عمر وأنس وغيرهما وأنه قال : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) . وقد دل على ذلك قول الله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
كما دل قوله تعالى : (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) . على أن الأخوة لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد فإن التوبة من الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد فلما قرر أبو بكر هذا للصحابة رجعوا إلى قوله ورأوه صواباً فإذا علم أن عقوبة الدنيا لا ترتفع عمن أدى الشهادتين مطلقاً ، بل ويعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام فكذلك عقوبة الآخرة ، وقال أيضاً : وقالت طائفة من العلماء المراد من هذه الأحاديث أن التلفظ بلا إله إلا الله سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ومقتضى لذلك .
ولكن المقتضى لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه ، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع – وهذا قول الحسب ووهب بن منبه وهو الأظهر – ثم ذكر عن الحسن البصري أنه قال للفرزدق وهو يدفن امرأته : ما أعددت لهذا اليوم ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة ، قال الحسن نعم العدة ، لكن للا إله إلا الله شروط فإياك وقذف المحصنات ، وقيل للحسن إن أناساً يقولـون من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فقال : من قال لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة.
وقال وهب بن منبه لمن سأله : أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة قال : بلى ، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لكم وإلا لم يفتح لك .
وأظن أن في هذا القدر الذي نقلته من كلام أهل العلم كفاية في رد هذه الشبهة التي تعلق بها من ظن أو من قال لا إله إلا الله لا يكفر ، ولو فعل ما فعل من أنواع الشرك الأكبر التي تمارس اليوم عند الأضرحة وقبور الصالحين مما يناقض كلمة لا إله إلا الله تمام المناقضة ويضادها تمام المضادة ، وهذه طريقة أهل الزيغ الذي يأخذون من النصوص ما يظنون أنه حجة لهم من النصوص المجملة ، ويتركون ما تبينه وتوضحه النصوص المفصلة كحال الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ، وقد قال الله تعالى في هذا النوع من الناس : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ * رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) .
اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا اجتنابه وصل اللهم على محمد وآله وصحبه أجمعين .
أفضل شعب الإيمان :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) .
وقد لخص الحافظ في الفتح ما أورده العلماء بقوله :
إن هذه الشعب تتفرع من أعمال القلب وأعمال اللسان وأعمال البدن .
1- فأعمال القلب المعتقدات والنيات ، وهي أربع وعشرون خصلة : الإيمان بالله ، ويدخل فيه الإيمان بذاته ، وصفاته وتوحيده بأنه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) .
واعتقاد حدوث ما دونه ، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله ، وبالقدر خيره وشره ، والإيمان باليوم الآخر ، ويدخل فيه السؤال في القبر ( ونعيمه وعذابه) والبعث والنشور ، والحساب والميزان والصراط ، والجنة والنار ، ومحبة الله ، والحب والبغض فيه ، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم واعتقاد تعظيمه : ويدخل فيه الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، واتباع سنته ، والإخلاص : ويدخل فيه ترك الرياء والنفاق ، والتوبة والخوف ، والرجاء والشكر والوفاء ، والصبر ، والرضاء بالقضاء والقدر والتوكل والرحمة والتواضع , ويدخل فيه توقير الكبير ، ورحمة الصغير ، وترك الكبر ، والعجب ، وترك الحسد ، والحقد ، وترك الغضب .
2- وأعمال اللسان : وتشتمل على سبع خصال :
التلفظ بالتوحيد ( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ) وتلاوة القرآن ، وتعلم العلـم وتعليمه ، والدعاء والذكر ويدخل فيه الاستغفار (والتسبيح) واجتناب اللغو .
3- وأعمال البدن : وتشتمل على ثمان وثلاثين خصلة :
أ- منها ما يتعلق بالأعيان ، وهي خمس عشرة خصلة :
التطهر حساً وكماً : ويدخل فيه اجتناب النجاسات ، وستر العورة ، والصلاة فرضاً ونفلاً ، والزكاة كذلك ، وفك الرقاب ، والجود : ويدخل في إطعام الطعام ، وإكرام الضيف ، والصيام فرضاً ونفلاً ، والاعتكاف ، والتماس ليلة القدر ، والحج والعمرة ، والطواف كذلك ، والفرار بالدين : ويدخل فيه الهجرة من دار الشرك إلى دار الإيمان والوفاء بالنذر والتحري في الإيمان : ( بأن يكون الحلف عند الحاجة) ، وأداء الكفارات : (مثل كفارة اليمين وكفارة الجماع في نهار رمضان) .
ب- ومنها ما يتعلق بالإتباع وهي ست خصال :
التعفف بالنكاح والقيام بحقوق العيال ، وبر الوالدين : ويدخل فيه اجتناب العقوق ، وتربية الأولاد ، وصلة الرحم ، وطاعة السادة (في غير معصية الله) ، والرفق بالعبيد) .
ج- ومنها ما يتعلق بالعامة ، وهي سبعة عشرة خصلة :
القيام بالإمارة مع العدل ، ومتابعة الجماعة ، وطاعة أولي ( ) الأمر ، والإصلاح بين الناس : ويدخل فيه قتال الخوارج ( ) والبغاة ، والمعاونة على البر والتقوى : ويدخل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإقامة الحدود ، والجهاد : ومنه المرابطة ، وأداء الأمانة ، ومنه أداء الخُمس ، والقرض مع وفائه ، وإكرام الجار ، وحسن المعاملة ، ويدخل فيه جمع المال من حله ، وإنفاقه في حقه ، ويدخل فيه ترك التبذير والإسراف ، ورد السلام ، وتشميت العاطس ، وكف الأذى عن النـاس ، واجتناب اللهو ، وإماطة الأذى عن الطريق .
فهذه 69 خصلة ، ويمكن عدها 79 خصلة باعتبار أفراد ما ضُم بعضه إلى بعض مما ذكر ، والله اعلم ؛؛
أقول : هذا الحديث المتقدم يدل على أن التوحيد هو كلمة لا إله إلا الله أعلى مراتب الإيمان وأفضلها .
فعلى الدعاة أن يبدأوا بالأعلى ثم الأدنى ، وبالأساس قبل البناء ، وبالأهم فالمهم ، لأن التوحيد هو الذي جمع الأمة العربية والأعجمية على الإسلام ، وكون منهم الدولة المسلمة دولة التوحيد .
شروط لا إله إلا الله :
س1: ماهي شروط لا إله إلى الله ، وما معناها ؟
ج1 : أعلم يا أخي المسلم - هدانا الله وإياك - أن لا إله إلا الله مفتاح الجنة ، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان ، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك ، والا لم يفتح لك ، وأسنان هذا المفتاح هي شروط لا إله إلا الله الآتية :-
1- العلم بمعناها : وهو نفي المعبود بحق عن غير الله ، وإثباته لله وحده ، قال الله تعالى :{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} ( أي لا معبود في السموات والأرض بحق إلا الله) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة) .
2- اليقين المنافي للشك : وذلك أن يكون القلب مستيقناً بها بلا شك ، قال الله تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} - لم يرتابوا : أي لم شكوا - .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك ، فيُحجب عنه الجنة) .
3- القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه ، قال الله تعالى حكاية عن المشركين : {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ} . ( أي يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصــم منـي ماله ونفسه إلا بحق الإسلام وحسابه على الله عز وجل) .
4- الانقياد والاستسلام لما دلت عليه ، قال الله تعالى : {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} (أي أرجعوا إلى ربكم واستسلموا له) .
5- الصدق المنافي للكذب ، وهو أن يقولها صدقاً من قلبه ، قال الله تعالى : {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار) .
6- الإخلاص : وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك ، قال الله تعالى : {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ، أو نفسه ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل) .
7- المحبة لهذه الكلمة الطيبة ، ولما اقتضت ودلت عليه ، ولأهلها العاملين بها الملتزمين بشروطها ، وبُغض ما ناقض ذلك ، قال الله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} . ( أنداداً : شركاء) .
وقال صلى الله عليه وسلم : (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان) : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ، كما يكره أن يُقذف في النار) .
8- أن يكفر بالطاغوت : وهو الشيطان وما يدعو إليه من عبادة غير الله ، ويؤمن بالله رباً ومعبوداً بحق : قال الله تعالى :{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله ، وكفر بما يُعبد من دون الله حرم ماله ودمه) .
9- ومن شروطها أن تقال كاملة ، فلا يجوز الفصل بين النفي والإثبات : فلا يقال ( لا إله) عدة مرات ويقال بعد ذلك ( إلا الله) عدة مرات كما يفعل الصوفية لأن ذلك من البدع المحدثة ، ولأن فيها نفي الألوهية عن الله ، وذلك صريح الكفر ثم الإثبات بعد ذلك بمدة لا يفيد شيئاً وهو من التلاعب في ذكر الله ، ولو مات القائل بعد النفي كيف يكون حاله؟ .
10- والذكر بالاسم المفرد لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم كقولهم : (الله) ويكررونها آلاف المرات ، ويحتج الصوفية على ذلك بقول الله تعالى (قل الله) ولو قرأوا أول الآية لعرفوا خطأ استدلال ، وأولها :
{قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} أي قل الله أنزله .
11- لا يجوز استبدال كلمة (الله) بكلمة (هو) كما يفعل الصوفية حينما يقولون ( يا هو) لأن (هو) ليست من أسماء الله ، بل هو ضمير منفصل مثل قوله تعالى : {اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} . فكلمة (هو) ضمير يعود على الإله .
حقيقة لا إله إلا الله :
فيها نفي الإلهية عن غير الله ، وإثباتها لله وحده .
1- قال تعالى : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} ، فالعلم بمعناها واجب ومقدم على سائر أركان الإسلام .
2- وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنة) . والمخلص هو الذي يفهمها ، ويعمل بها ، ويدعو إليها قبل غيرها ، لأن فيها التوحيد الذي خلق الله العالم لأجله .
3- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب حين حضره الموت يا عم قل : (لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله ، وأبى أن يقول لا إله إلا الله) .
4- بقـى الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاثة عشر عاماً ، يدعو العرب قائلاً قولوا : ( لا إله إلا الله ، فقالوا إلهاً واحداً ما سمعنا بهذا ؟ لأن العرب فهموا معناها ، وأن من قالها لا يدعو غير الله ، فتركوها ولم يقولوها ، قال الله تعالى عنهم في سورة الصافات :
{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ}
{وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ}
{بَلْ جَاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ}
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله ، وكفر بما يُعبد من دون الله ، حرم الله ماله ودمه) .
ومعنى الحديث أن التلفظ بالشهادة يستلزم أن يكفر وينكر كل عبادة لغير الله ، كدعاء الأموات وغيره . والغريب أن بعض المسلمين يقولونها بألستنهم ، ويخالون معناها بأفعالهم ودعائهم لغير الله .
5- (لا إله إلا الله) أساس التوحيد والإسلام ، ومنهج كامل للحياة ، يتحقق بتوجيه كل أنواع العبادة لله ، وذلك إذا خضع المسلم لله ، ودعاه وحده ، واحتكم لشرعه دون غيره .
6- قال ابن رجب ( الإله) هو الذي يطاع ولا يعصى هيبة له وإجلالاً ، ومحبة ، وخوفاً ورجاء ، وتوكلاً عليه ، وسؤالاً منه ، ودعاء له ، ولا يصلح هذا كله إلا لله عز وجل ، فمن أشرك مخلوقاً في شئ من هذه الأمور التي هي من خصائص الإله ، كان ذلك قدحاً في إخلاصه في قوله (لا إله إلا الله) وكان فيه من عبودية المخلوق يحسب ما فيه من ذلك .
7- إن كلمة ( لا إله إلا الله) تنفع قائلها إذا لم ينقضها بشرك ، فهي شبيهة بالوضوء الذي ينقضه الحدي . قال صلى الله عليه وسلم : ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) .
معنى محمد رسول الله :
الإيمان بأنه مرسل من عند الله ، فنصدقه فيما أخبر ، ونطيعه فيما أمر ، ونترك ما نهى عنه وزجر ، ونعبد الله بما شرع .
1- يقول الشيخ أبو الحسن الندوي في كتاب النبوة ما نصه : ( الأنبياء عليهم السلام كان أول دعوتهم ، وأكبر هدفهم في كل زمان وفي كل بيئة ، هو تصحيح العقيدة في الله تعالى وتصحيح الصلة بين العبد وربه ، والدعوة إلى إخلاص الدين لله ، وإفراد العبادة لله وحده ، وأنه النافع والضار المستحق للعبادة والدعاء والالتجاء والنسك (الذبح) وحده ، وكانت حملتهم مركزة موجهة إلى الوثنية في عصورهم ، الممثلة بصورة واضحة في عبادة الأوثان والأصنام ، والصالحين المقدسين من الأحياء والأموات .
2- وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له ربه : ({قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله) .
والإطراء : هو الزيادة والمبالغة في المدح فلا ندعوه من دون الله كما فعلت النصارى في عيسى ابن مريم ، فوقعوا في الشرك ، وعلمنا أن نقول : ( محمد عبدالله ورسوله)
3- إن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تقتضي طاعته في دعاء الله وحده ، وعدم دعاء غيره ، ولو كان رسولاً أو ولياً مقرباً ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله) .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا نزل به هم أو غمّ قال : ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث) .
أهمية التوحيد :
1- لقد خلق الله الثقلين لعبادته ، وأرسل الرسل ليدعوهم الناس إلى توحيده ، وهذا القرآن الكريم يهتم بعقيدة التوحيد في أكثر من سورة ، ويبين ضرر الشرط على الفرد والجماعة وهو سبب الهلاك في الدنيا ، والخلود في نار الآخرة .
2- إن الرسل جميعاً بدأوا دعوتهم إلى التوحيد الذي أمرهم الله بتبليغه للناس ، قال الله تعالى :{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} ، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقى ثلاثة عشر عاماً في مكة ، وهو يدعو قومه إلى توحيد الله ودعائه وحده دون سواه ، وكان فيما أنزل الله عليه : {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} .
ويربي الرسول صلى الله عليه وسلم أتباعه على التوحيد منذ الصغر ، فيقول لابن عمه عبدالله بن عباس : ( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ) .
وهـذا التوحيد هو حقيقة دين الإسلام الذي بُني عليه ، والذي لا يقبل الله من أحد سواه .
3- لقد علّم الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يبدأوا دعوتهم للناس بالتوحيد ، فقال لمعاذ حينما أرسله إلى اليمن : ( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي رواية إلى أن يوحدوا الله) .
4- إن التوحيد يتمثل في شهادة لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، ومعناها لا معبود بحق إلا الله ، ولا عبادة إلا ما جاء به رسول الله ، وهي التي يدخل بها الكفار الإسلام ، لأنها مفتاح الجنة ، وتدخل صاحبها الجنة إذا لم ينقضها بعمله .
5- لقد عرض كفار قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم الملك والمال والزواج وغيرها من مُتع الحياة مُقابل أن يترك دعوة التوحيد ، ومهاجمة الأصنام ، فلم يرض منهم ذلك ، بل استمر في دعوته يتحمل الأذى مع صحابته إلى أن انتصرت دعوة التوحيد بعد ثلاثة عشر عاماً ، وفتحت مكة بعد ذلك ، وكسرت الأصنام ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} .
6- التوحيد وظيفة المسلم في الحياة فيبدأ حياته بالتوحيد ويودعها بالتوحيد ، ووظيفته في الحياة إقامة التوحيد ، والدعوة إلى التوحيد ، لأن التوحيد يوحد المؤمنين ويجمعهم على كلمة التوحيد . فنسأل الله أن يجعل التوحيد آخر كلامنا .