منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
الملك - من أسماء الله الحسنى I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
الملك - من أسماء الله الحسنى I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
الملك - من أسماء الله الحسنى I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
الملك - من أسماء الله الحسنى I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
الملك - من أسماء الله الحسنى I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
الملك - من أسماء الله الحسنى I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
الملك - من أسماء الله الحسنى I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
الملك - من أسماء الله الحسنى I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
الملك - من أسماء الله الحسنى I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 الملك - من أسماء الله الحسنى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

الملك - من أسماء الله الحسنى Empty
مُساهمةموضوع: الملك - من أسماء الله الحسنى   الملك - من أسماء الله الحسنى I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 19, 2014 12:11 am


الملك
ملك الشيء أي حازه وانفرد باستعماله والانتفاع به أو التصرف فيه والاسم مالك .. وأملكه الشيء أو ملكه الشيء أي جعله ملكا له .. وتملك الشيء أي امتلكه والملك بفتح الميم واللام هو واحد الملائكة , وهو جنس من خلق الله تعالى نوراني لطيف كجبريل وعزرائيل أما الملك بفتح الميم وكسر اللام فهو اسم من أسماء الله الحسنى .. وهو يعني ذو الملك وصاحب التصرف فيما يملك بجميع الوجوه ما علمنا منها وما لم نعلم حين يملك الإنسان شيئا يقال له مالك .. ولكن يلاحظ أنه يأتي دائما مضافا .. كأن نقول ملك بلجيكا أي ولي السلطة ببلجيكا هذا عن ملك الإنسان .. أما عن ملك الحق جل وعلا فإن الأمر يختلف , لأن سبحانه وتعالى ليس مالكا فحسب .. بل هو الملك الذي يملك الأشياء ويملك من ملكها
إذ امتلك إنسان قطعة أرض فإنه يصير مالكا .. أما الحق جل وعلا فهو الملك لأنه يملك هذا الإنسان ويملك قطعة الأرض معا بحكم كونه الخالق لهما وللكون بأكمله إن من يشتري شيئا يصير مالكا له .. فمن باب أولى أن ملكية الخالق لما خلق أجلى وأوضح وملك الله تبارك وتعالى لكونه يتضمن مفهوم الملكية البسيط والمستقى من ملكية الناس لبعض متاع الدنيا ويزيد عليه بوجوه أخرى .. فملكية الإنسان ملكية رمزية , أما ملكية الله جل وعلا فهي ملكية حقيقية إن الحق تبارك وتعالى يملك مخلوقاته ولا يشاركه في هذه الملكية أحد وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) سورة البقرة ويقول عز وجل : (وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) سورة آل عمرآن ويقول تبارك وتعالى : ( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) سورة النور ويقول سبحانه : ( لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ) سورة المائدة ولقد كلف الله رسله عليهم أفضل الصلاة والتسليم بإخبار الناس بهذه الملكية .. وبالفعل كان الرسل جميعا يدعون الناس إلى الإيمان بملكية الحق تبارك وتعالى لكونه , كما يدعونهم إلى الإيمان بعقيدة التوحيد الخالص , ولقد كلف الله نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بأن يخبر الناس بأنه جل وعلا هو الملك الذي له ملك السماوات والأرض .. فقال جل وعلا : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) سورة الأعراف ومن آثار ملكه عز وجل لكونه أنه يملك استبدال هذا الكون أو بعض منه بخلق جديد .. وفي ذلك يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ* إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ* وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) سورة فاطر كما يملك أيضا أن يضيف إلى كونه ما ليس فيه كما قال جل وعلا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة فاطر ومن هذه الآثار أيضا أنه تبارك وتعالى يحي ويميت من يشاء حين يشاء ولا يشاركه في ذلك أحد .. وقد رأينا ذلك الذي حاج إبراهيم في ربه هذا الرجل الذي آتاه الله ملكا , فتخيل بجهله أنه يملك الأحياء والإماتة فظن أنه إذا حكم على إنسان بالموت ثم عفا عنه فقد أحياه .. وإذ نفذ فيه الحكم فقد أماته . كان يملك سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يقول له : إن عفوك عن هذا الإنسان بعد أن حكمت عليه بالموت ليس إحياء , لأن الإحياء يكون من العدم أو يكون من الموت , وأنت لم تفعل هذا ولا ذاك , وإن افترضنا جدلا أنك عفوت عنه بعد أن حكمت عليه بالموت , فإنك بذلك لا تكون قد أحييته .. وإنما أبقيت على حياته والتي كانت له قبل أن تحكم عليه أو تعفو عنه .. أما عن ادعائك بأنك نفذت الحكم فإنك تكون بذلك قد أمته , فإن ذلك فهم مغلوط , لأنك في حقيقة الأمر نفذت إرادة الله بموته , ولم تمته بإرادتك وقدرتك . ولكن سيدنا إبراهيم لم يلجأ إلى كل هذا الجدل , لأن حجج قهر الكافرين المجادلين بالباطل لا تحصى , لكنه اختار حجة يسيرة لم يملك هذا الرجل لها دفعا ولا ردا .. وفي ذلك يقول جل وعلا : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) سورة البقرة ومنها أنه سبحانه وتعالى يعلم عن كونه كل شيء .. يعلم كل صغيرة وكبيرة وفي ذلك يقول جل وعلا : ( وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ) سورة الأنعام ويقول سبحانه : ( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) سورة فاطر ويقول عز وجل : ( لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ) سورة المائدة ويقول الحق تبارك وتعالى : ( قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ) سورة الأنبياء ويقول عز من قائل : (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) سورة الفرقان ومن آثار ملكه أيضا أن كل ما يستجد في الكون , وهو الغيب بالنسبة لنا يستجد بإرادته وبعلمه .. وفي ذلك يقول سبحانه : ( قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) سورة الزمر ويقول سبحانه وتعالى : ( ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) سورة التوبة ولم يقف علمه عند هذه الدرجة فحسب , بل انه يعلم ما يجول بخواطر البشر , وما تنطوي عليه صدورهم , وفي ذلك يقول جل وعلا : ( وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) سورة النمل ويقول سبحانه : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ) سورة النمل ومن هذه الأثار أيضا ان مآل كل شيء إليه .. فكما كانت البداية منه فإن النهاية تكون لديه .. كما قال عز وجل : ( لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) سورة الحديد وانه مالك يوم الدين .. كما قال سبحانه وتعالى : ( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ* مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) سورة الفاتحة وكما قال عز وجل : ( لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) سورة غافر وأنه سبحانه وتعالى منفرد بالملك , بلا شريك ينازعه في ملكه وربوبيته وألوهيته في الدنيا والأخرة.. كما قال جل وعلا : ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) سورة الإسراء وإذا كان الحق تبارك وتعالى هو الملك في الدنيا والأخرة فهو إذن وحده وبلا شريك الذي يملك النفع والضر , وفي ذلك يقول عز وجل : (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا) سورة المائدة ويقول سبحانه : ( قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ) سورة يونس ويقول المولى تبارك وتعالى : ( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا) سورة النحل ويقول الحق سبحانه : ( قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا) سورة الفتح ويقول ربنا تبارك وتعالى : (فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً) سورة الإسراء ويقول قوله الحق : ( وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ) سورة الفرقان وإذا فهمنا ذلك فإنه ينبغي علينا أن ننصرف إليه وحده بالدعاء في كل صغيرة وكبيرة , لأن الدعاء لغيره دعاء لمن لا يملك شرا ولا نفعا .. بل إن جميع السبل التي يلجأ إليها الإنسان لتحقيق أغراضه ومصالحه كالرشوة والوساطة وغيرها كلها أسباب بيد الله . وينبغي أن نفهم جيدا أن الأسباب لا تحقق ما لا يريد الله تحقيقه , وإذا صادف أن تحققت مصلحة بأحد هذه السبل , فإنها تكون قد تحققت لأن إرادة الله قد شاءت لها أن تتحقق .. فالإرادة الإلهية تحرك الأسباب , بينما لا تملك الأسباب أن تؤثر في الإرادة أو تحقق ما يخالفها . والحق تبارك وتعالى يحثنا على أن نتوجه له سبحانه بالدعاء دون أن نشرك معه غيره مع الثقة أن كل شيء منه .. فيقول جل شأنه : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة آل عمرآن ولقد أدرك نبي الله سليمان عليه السلام هذه الحقيقة .. فدعا الله وحده أن يهبه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده .. فاستجاب الحق تبارك وتعالى لدعوته وسخر له كل عناصر الكون .. وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى : ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ* فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ* وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ* وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ* هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ* فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ) سورة ص إنه سبحانه وتعالى الملك .. الآمر الناهي في ملكه .. المعز المذل .. الذي يقلب شؤون عباده ويصرفها كيف يشاء .. والإقرار له جل وعلا بالملك في الدنيا والآخرة والانفراد بهذا الملك فرض على المسلم . وقد التزم المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذا الفرض .. فكان عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يقول دوما صباحا ومساء : أمسينا وأمسى الملك لله . وفي الصباح يقول أصبحنا وأصبح الملك لله . وكان يقول : الحمد الله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , اللهم إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها , وأعوذ بك من الكسل والهم وسوء الكبر وفتنة الدنيا وعذاب القبر . والملك من الناس هو الذي يستغني عن كل شيء سوى الله وتلك رتبة الأنبياء عليهم السلام , وقد قال أحد المريدين لشيخه : أوصني .. فقال له : كن ملكا في الدنيا وملكا في الآخرة . فقال: وكيف ؟ قال الشيخ : اقطع طعمك وشهوتك عن الدنيا تكن ملكا في الدنيا والآخرة , فإن الملك في الحرية والاستغناء

القدوس
تقدّس في اللغة يعني تطهر .. ومنها التقديس أي التطهير .. والقدس بسكون الدال وضمها تعنى الطهر ومنها سميت الجنة حظيرة القدس .. وسمى جبريل روح القدس . والقداسة تعنى الطهر والبركة .. وقدس الرجل لله أي طهر نفسه بعبادته وطاعته , وعظمه وكبره ومنها قوله تعالى : وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون .
والقدوس بالضم والشد اسم من أسماء الله الحسنى وهو يعني المطهر . ولكن نبادر فنقول : إن مفهوم الطهارة الإلهية يختلف عن مفهوم الطهارة البشرية .. الطهارة البشرية لها أكثر من معنى .. منها الطهارة من الدنس .. ومن كل ما يكون سببا للإصابة بالآفات والأمراض كما في قوله تعالى : ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ) وقوله سبحانه وتعالى : ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) وقوله جل وعلا : ( فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ) ومنا أيضا الطهارة من الآفات القلبية والنفسية كالحقد والحسد والبغض والبخل .. كما في قوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) وكما في قوله : ( أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) ومنها أيضا التخلص من كل عبادة غير عبادة الحق جل وعلا والتخلص من معصيته . كما في قوله تعالى على لسان قوم لوط : أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون أي يتطهرون من المعاصي وقوله تعالى : إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا ومن الطهارة البشرية أيضا .. الطهارة من الجنابة .. كما في قوله تعالى : وإن كنت جنبا فاطهروا هذا عن الطهارة البشرية .. فماذا عن مفهوم القداسة الإلهية ؟ هل يمكن أن تكون بمعنى الطهارة من الدنس أو الجنابة أو المعصية أو غير ذلك من الوجوه المبطلة للطهارة البشرية ؟ بالقطع لا يمكن أن تكون القداسة أو الطهارة الإلهية بهذا المعنى , بل أنها تختلف اختلافا مطلقا عن الطهارة البشرية . ولكي نفهم هذا الاختلاف ينبغي أن ندرك أن النجاسة خاصة المادية كالبول والبراز وخلافه مرتبطة بالبنية المادية للإنسان , فلولا الجسد لما كان هناك بول أو براز أو عرق أو دم الحيض . ونظرا لأن الإنسان يتكون من روح وجسد فإنه لم يخل من كافة وجوه الدنس المرتبطة بتركيبه المادي . أما الحق جل وعلا فهو مبرأ من المادة .. أي أن المادة لا تدخل في تركيبة , وكيف تدخل المادة في تركيبه وهي مخلوق من مخلوقاته عز وجل .. لقد كان الحق تبارك وتعالى ولم يكن معه شيء على الإطلاق كان الله ولم تكن المادة . وكونه سبحانه وتعالى مبرأ من المادة يجعله مبرأ تبعا لذلك من جميع وجوه النجاسة والدنس التي تصيب البشر بسبب بنيتهم المادية . وإذا انتقلنا إلى النجاسة أو الدنس المعنوي كالكفر والشرك والمعصية نجد أنها منتفية في حق الله عز وجل لأنه غير خاضع لتكليف حتى يوصف بهذه الأوصاف . وبالنسبة للآفات القلبية فهي أيضا منتفية في حقه تعالى , لأنه واحد أحد فرد صمد وليس له شبيه أو مثيل حتى ينظر إليه نظرة الحاسد أو الحاقد . فإذا كانت الطهارة الإلهية تختلف هذا الاختلاف الجذري عن مفهوم الطهارة البشرية .. فماذا تعنى القداسة أو الطهارة الإلهية إذن ؟ نجيب على هذا السؤال فنقول : إن القداسة الإلهية تعنى أن الحق جل وعلا مبرأ من كل عيب أو نقص يتعارض مع كماله المطلق . ولكن ما هي العيوب أو النقائص التي تتعارض مع الكمال الإلهي قلنا من قبل : إن الكمال المطلق للحق تبارك وتعالى يقتضي كمال صفاته العلية , وهذا يعني أن جميع صفات الله عز وجل مطلقة وليست نسبية . خذ على سبيل المثال صفة القدرة .. هذه الصفة نسبية لدى الإنسان بمعنى أنه يقدر على أشياء ولا يقدر على أخرى .. بينما نجد صفة القدرة لدى الحق جل وعلا مطلقة .. بمعنى أنه سبحانه قادر على كل شيء .. فلا يعجزه شيء .. ولا يقف ضد إرادته حائل . والقدوس في هذا الصدد تعنى أنه تبارك وتعالى مطهر عن النقص والعجز في الصفات .. فجميع صفاته مطلقة ..أي تبلغ منتهى الكمال في الوصف , فرحمته مطلقة وعلمه مطلق , وحكمته مطلقة وسمعه مطلق , وعزته مطلقة وعدله مطلق , وهكذا شأن جميع صفاته تبارك وتعالى وقلنا أيضا : إن صفات الحق جل وعلا تنقسم إلى قسمين .. قسم مقابل .. وهو الأسماء الحسنى التي يكون عملها في مخلوقات الله عن وجل .. ومنها المعز المذل .. النافع الضار .. فالحق سبحانه وتعالى يعز من خلقه من يشاء ويذل من يشاء .. وينفع من يشاء ويضر من يشاء وقسم لا يقبل العكس أي أسماء ليس لها مقابل .. وهذه الأسماء هي أسماء للذات الإلهية العلية .. فمن أسمائه عز وجل الحي بينما ليس من أسمائه الميت لأن اسمه الحي من أسماء ذاته .. وأسماء الذات لا تقبل العكس . ومثل ذلك أيضا العزيز لا يصح أن نقول إن من أسمائه الذليل . والقدوس في هذا الصدد تعنى المطهر عما يناقض أسماء ذاته العلية .. فهو سبحانه وتعالى الحي المطهر عن الموت .. العزيز المطهر عن الذل .. القادر المطهر عن العجز .. الكريم المطهر عن البخل .. العليم المطهر عن الجهل .. وهكذا شأن سائر أسماء ذاته الإلهية العلية . وهو سبحانه وتعالى مطهر عن أن يكون له مثيل أو شبيه ونؤكد على هذه الحقيقة نظرا لأن هناك عقائد عبر التاريخ يعتقد معتنقوها أن الحق جل وعلا خلق الإنسان على صورته ومثاله . فنقول لهم إن هذا الاعتقاد باطل من جميع الوجوه , لأنه إذا قيل إن المماثلة في القالب المادي .. قلنا لهم إن الحق عز وجل ليس بمادة .. أي لا تدخل المادة في تكوينه على الإطلاق .. وكلنا يعلم أنه مر حين من الدهر كان الله تبارك وتعالى ولم يكن معه شيء على الإطلاق .. فالمادة مخلوق من مخلوقاته عز وجل .. فكيف يدخل المخلوق في تكوين الخالق تبارك وتعالى عما يصفون علوا كبيرا . إذن المماثلة الشكلية يرفضها العقل متفقا مع ما قرره القرآن الكريم . وإذا قيل أن المقصود المماثلة في الصفات .. قلنا لهم : إن هذه أيضا يرفضها العقل .. ولتوضيح ذلك ينبغي أن نعلم أن صفات الحق تبارك وتعالى قسمين : قسم خاص به .. وهو مجموعة الصفات الخاصة به والتي لا توجد في أي من مخلوقاته بأي درجة من الدرجات .. ومن هذه الصفات الوحدانية والخلق من العدم والإحياء والإماتة والبعث والأزلية والأبدية والقيومية . وأنه سبحانه وتعالى لا تأخذه سنة ولا نوم , وأنه سبحانه فعال لما يريد , وكونه سبحانه الأول والآخر . كل هذه الصفات خاصة بالحق جل وعلا ولا توجد لدى مخلوقاته مطلقا .. وهذه الصفات لا يمكن أن نتصور فيها المماثلة بين الله عز وجل والإنسان لأنها غير موجودة لدى الإنسان . أما القسم الثاني فهو الصفات الموجودة لدى الله والإنسان كالسمع والبصر والكلام والقدرة وغيرها من الصفات المشتركة . ونقول لأنصار المماثلة : أنه حتى بالنسبة لهذه الصفات أيضا لا يمكن تصور المماثلة بين الله عز وجل والإنسان .. لأن الاشتراك هنا اشتراك لفظي أو مجازي فقط وليش اشتراكا أو مماثلة حقيقة خذ على سبيل المثال صفة القدرة لدى الإنسان .. تجد أن جميع ما توصل إليه الإنسان من مبتكرات قد توصل إليه بقدرته العقلية أو البدنية أو الاثنين معا .. فإذا تساءلنا من خلق الإنسان وخلق له قدرته العقلية والبدنية ؟ معا .. فسنجد أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإنسان ومنحه القدرة العقلية والبدنية . إذن انتفت لدينا قدرة الإنسان وصارت مظهرا من مظاهر قدرة الله عز وجل .. وانتفت المماثلة تماما . إن الصفة لدى الإنسان مماثلة للصفة لدى الله تبارك وتعالى . فالحق سبحانه وتعالى ولو كره الكافرون ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) وهو جل وعلا منزه ومطهر عن المثيل والشبيه والند والسمي والكفؤ والمضاد , فتباركت ربنا وتعاليت .. لا نتقول عليك شيئا فنتبوأ مقعدنا من النار , ولا نصفك إلا بما وصفت به نفسك في كتابك أو على لسان نبيك .. وقد وصفت نفسك فقلت وقولك الحق : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) سورة الحشر
المصوّر
صور الشيء أي جعل له شكلا معلوما .. ويطلق هذا الفعل على من يقوم بعمل تمثال مجسم للشيء .. أو يرسمه على الورق .. أو يلتقط له صورة بآلة تصوير .. والاسم مصور . والمصور بأل التعريف اسم من أسماء الله الحسنى . وصور الله عز وجل الأشياء أي جعل لكل منها شكلا معلوما , وإذا تأملت الكون المحيط بك تجد أن المولى عز وجل قد جعل لكل نوع من المخلوقات شكلا يميزه عن غيره من الأنواع , فالإنسان يختلف عن الجمل ويختلف عن القرد وهكذا .
كما أنه جل وعلا قد جعل لكل فرد داخل النوع الواحد صورة تميزه عن غيره من أفراد نوعه , فإذا نظرت إلى زيد من الناس فإنك تعرفه بمجرد النظر إلى وجهه , وهذه من معجزات التصوير الإلهي , فرغم أن تركيب الوجه لا يختلف من إنسان إلى آخر .. إذ يتكون من العينين والأنف والأذنين والفم , إلا أنه تبارك وتعالى يصور من هذه التركيبة عددا لا نهاية له من الوجوه . ورغم أن يد الإنسان تتكون من خمسة أصابع لها نفس التركيب إلا أن كل إنسان له يد تختلف في الشكل عن أيدي غيره من البشر , فالحق سبحانه وتعالى يصور من التركيبة الواحدة عددا لا نهائيا من الأشكال . ومن نعم الله عز وجل على الإنسان أنه اختصه بحسن الصورة وجعله أجمل المخلوقات شكلا فجعله منتصب القامة سوى الأعضاء حسنها , وفي ذلك يقول جل وعلا : الإنسان على صورة الله ومثاله .. يكون المولى تبارك وتعالى له فم وهنا نتساءل : ما وظيفة هذا الفم بالنسبة لله عز شأنه ؟ فإذا قلنا أنه يأكل به فقد نسبنا له نقصا لا يتناسب مع كماله المطلق لأنه تبارك وتعالى غنى عن الطعام والشراب , إذ كيف يأكل ويشرب وهو القيوم القائم بنفسه قياما مطلقا والمقيم لغيره من المخلوقات التي خلقها ؟ بل كيف يأكل ويشرب وقد كان جل وعلا موجودا من قبل ولم يكن هناك كون ولم يكن هناك طعام ولا شراب .. إن الطعام والشراب من مخلوقاته جل وعلا فهل يليق بالخالق أن يحتاج إلى مخلوقاته لكي يظل ويبقى على قيد الحياة . وإذا قلنا إن الله عز وجل لا يأكل بهذا الفم .. فهل يتكون جل شأنه من أعضاء ليس لها استعمال .. وقل نفس الكلام عن أعضاء التبول والتبرز وغيرها من الأعضاء البشرية . ومن جهة أخرى وكما قلنا من قبل لو كان الإنسان على صورة الله ومثاله إذن فهو جل شأنه مركب من أجزاء , والأجزاء مكونة من المادة .. وهنا نسأل : كيف يتكون الله عز وجل من المادة وقد كان تبارك وتعالى منذ الأزل ولم تكن هناك مادة قبل خلق الكون , بل كيف يتكون من المادة وهي مخلوق وكيف يكون مركبا , والمركب يحتاج إلى من يسبقه في الوجود ويركب له أجزاؤه في حين أن الحق تبارك وتعالى أزلي بلا بداية ولم يسبقه أحد في الوجود . إذن الاعتقاد بأن الله عز وجل قد خلق الإنسان على صورته ومثاله هو اعتقاد فاسد باطل , والنصوص الواردة في هذا الشأن صريحة ولا يمكن تأويلها لتؤدى معاني أخرى , وهي نصوص باطلة بأي وجه من وجوه التأويل : ( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ) ويقول سبحانه أيضا : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ) والتصوير يبدأ من الرحم كما قال المولى عز وجل : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وقد ورد عن النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أنه قال : إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعين ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظمها ثم قال : يارب أذكر أم أنثى فيقضى ربك ما يشاء ويكتب الملك . وفي مجال الحديث عن التصوير الإلهي أود أن أشير كما أشرت قبلا إلى قضية بالغة الخطورة ألا وهي أن بعض العقائد تزعم أن الله عز وجل قد خلق الإنسان على صورته ومثاله .. أي أن الإنسان قد خلق على صورة الله عز وجل . وهذا اعتقاد فاسد واضح البطلان لأن الإنسان وإن كان مخلوقا على أحسن صورة إلا أنه مخلوق , وقد شاءت الإرادة الإلهية أن يكون به نقائص معينة سوف تزال عنه إن قدر له أن يحظى بالجنة , وهذه النقائص وإن اعتبرها البعض أنها ليست نقائص إذا نسبت إلى الإنسان , فإنها لا محاولة نقائص إذا نسبت إلى الله عز وجل . المولى تبارك وتعالى خلق للإنسان فم ليمضغ به الطعام , فإذا قلنا إن والتفسير , لأن لا تشابه ألبته بين الله عز وجل والإنسان في وجه من الوجوه . حتى الاشتراك بين الله عز وجل والإنسان في بعض الصفات كالسمع والبصر والقدرة هو اشتراك لفظي أو مجازي , لأن الصفة لدى الإنسان ما هي إلا مظهر من مظاهر الصفة لى الحق تبارك وتعالى .. فعلى سبيل المثال قدرة الإنسان ليست إلا هبة ومنحة من قدرة الله جل شأنه . هذا التشابه اللفظي أو المجازي لا يجعل الإنسان يرقى بأي حال من الأحوال إلى أن يكون على صورة الله ومثاله , وذلك أيا كان المعنى المستفاد من نصوص المماثلة بين الله والإنسان . أما عن حديث خلق آدم الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال : خلق الله عز وجل آدم على صورته , طوله ستون ذراعا , فلما خلقه قال : اذهب فسلم على أولئك النفر , وهم نفر من الملائكة جلوس , فاستمع ما يحيونك به , فإنها تحيتك وتحية ذريتك قال : السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله , فزادوه ورحمة الله قال : فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعا , فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن . وهنا نبادر فنقول : أن الضمير الوارد في كلمة صورته عائد على آدم . وعبارة طوله ستون ذراعا جاءت توضيحا لهذه الصورة .. أي صورة آدم .. يضاف إلى ذلك ما عرف عن الشريعة الإسلامية من أنها تميزت عن سائر الشرائع السماوية وغير السماوية بأنها تنزه الله عز وجل عن أن يكون له شبه أو نظير أو ند أو مماثل , نذكر من ذلك قول الحق تبارك وتعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) يضاف إلى ذلك أن حديث خلق آدم قد ورد برواية في صحيح البخاري بدون عبارة على صورته .. أي خلق الله آدم طوله ستون ذراعا إلى آخر الحديث . فتبارك ربنا الملك الحق الذي صورنا على غير مثال سبق وفي أحسن تقويم دون أن نرقى إلى مماثلته أو مشابهته .
العزيــز
عزّ أي قوى وسلم من الذل .. وعز فلان على فلان أي كرم عليه , وعز علي كذا أي شق علي .. وعز فلانا أي غلبه وقهره .. وأعزه أي جعله قويا عزيزا . والعزيز اسم من أسماء الله الحسنى ويعني الغالب الذي لا يهزم , وهو اسم يضم ثناياه العديد من الصفات : كالقوة والغلبة والقدرة على كل شيء والقيومية .
وهذه العزة تتجلى في العديد من الآيات القرآنية الكريمة منها قوله تعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) فالحق تبارك وتعالى بعزة قوة يحول دون تهدم المساجد والصوامع والبيع .. وبعزة قوته ينصر من يشاء من عباده , ولا يعوقه عن هذا النصر عائق , لأنه سبحانه العزيز بقوته التي لا تدانيها قوة ومن هذه الآيات أيضا قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ* مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) فبعد أن لفتنا الحق جل وعلا إلى عجز وضعف الآلهة الباطلة والتي لا تستطيع مجتمعة أن تخلق ذبابة .. بل انهم لا يستطيعون استرداد ما سلبه الذباب منهم , ويلفتنا في نفس الوقت إلى قوته وعزته , فهو سبحانه وتعالى قادر على ما يعجز عنه غيره . ويلاحظ من التقابل في هذه الآية الكريمة أن الضعف قرين المذلة والقوة قرينة العز . فضعف هذه الآلهة الزائفة بما يترتب عليه من عجز وذل وانكسار يلفتنا إلى استحالة كونها آلهة . في حين نجد العكس بالنسبة لله عز وجل , فقوته وقدرته على إنفاذ إرادته بما يترتب على ذلك من عزته تبارك وتعالى يلفتنا إلى حقيقة ألوهيته , والحق تبارك وتعالى ختم الآية السابقة بقوله تعالى : ( وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِإن الله لقوي عزيز ). فإذا عجز من في الأرض جميعا على خلق ذبابة ولو اجتمعوا لذلك , فهذا يلفتنا إلى قوة الله عز وجل وقدرته اللا محدودة . إنه تبارك وتعالى قد خلق هذا الذباب الذي عجزنا عن خلقه رغم ضآلة , وخلقه بكلمة ( كُن) دون عناء أو إعياء , وإذا كنا لا نستطيع أن نستنقذ ما سلبه الذباب منا فهو جل وعلا قادر على ذلك . فالقوة الإلهية اللانهائية تستوجب العزة للذات الإلهية , فالحق جل وعلا لا يضعف فينكسر ولا يذل لقوي يعينه أو يعجز فينكسر , أو يذل إلى قادر ينجز له ما عجز عنه . ولقد قرن الحق تبارك وتعالى صفة القوة بصفة العزة في آيات أخرى متعددة , منها قوله تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) وقوله تعالى : ( كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) إنه تبارك وتعالى عزيز بقوته فلا يهزم ولا يغلب , بل هو الغالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون , وهو عزيز بقدرته فلا يعجزه شيء وكيف يعجز والعجز ذله وانكسار وهو سبحانه العزيز ؟ وإذا كانت العزة تعنى القوة والغلبة .. فإن ذلك لا يعني أن عزة قوته تبارك وتعالى مبنية على الظلم , أو أن عزة غلبته مبنية على القهر , لأنه جل وعلا منزه عن القهر .. ولذلك أشار عز وجل إلى أن عزته موصوفة بالعلم فقال : (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) وقال جل شأنه والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ووصفها تبارك وتعالى بالحكمة حتى لا يظن أحد أنها عزة بطش أو ظلم أو قهر أو استكبار فقال تعالى : (وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وقال جل وعلا : (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) وقال سبحانه : ( وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وموصوفة بالرحمة كما في قوله تعالى : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ* الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ) كما قال سبحانه : (إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) وموصوفة بالمغفرة كما في قوله تعالى : (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) وكما قال سبحانه : (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) فتبارك ربنا الملك الحق العزيز بقوته , العزيز بقدرته , العزيز بقيوميته وغناه عمن سواه . فندعوه جل وعلا أن يهبنا من عزته عزا في الدنيا والآخرة .. وندعوه كما علمنا في قوله تعالى : ( وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) سورة الممتحنة .

الخالــق
خلق الله العالم أي أوجده من العدم , والخالق بالألف واللام لا تطلق إلا على الحق عز وجل , فيجوز أن يطلق على الإنسان وصف خالق ولا حرج , بينما لا يجوز أن يوصف أو يسمى الخالق ويؤخذ ذلك من قوله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ*ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) . سورة المؤمنون
فدل قوله تعالى فتبارك الله أحسن الخالقين على أنه عز وجل أطلق على الإنسان وصف خالق وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن خلق الإنسان هو خلق معدوم من موجود , بينما خلق الله هو خلق موجود من معدوم . خذ على سبيل المثال : السيارة تجد أن الإنسان يخلقها من مواد موجودة في الكون كالمعدن وخلافه , ولو لم تكن هذه المواد موجودة لما استطاع الإنسان أن يخلق أو يصنع سيارة . أما بالنسبة للحق جل وعلا فإن الأمر مختلف .. إذ أنه يخلق الشيء من العدم المطلق .. والعدم المطلق هو اللا شيئية .. فهو تبارك وتعالى يخلق الشيء دون أن يكون له سابقة وجود على الإطلاق , ولقد أكد عز وجل على مسألة الخلق من العدم المطلق في العديد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى : ( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) . سورة مريم وقوله تعالى : (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا) أي أن الإنسان لم يكن له وجود قبل أن يخلقه الله عز وجل . وقوله تعالى : (إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ) . سورة يونس وقوله تعالى : ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) سورة يونس وقوله تعالى : (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) سورة الأنبياء والحق سبحانه وتعالى لم يؤكد حقيقة الخلق من العدم فحسب , وإنما أكد حقيقة أخرى ألا وهي أن كل شيء عدا الله عز وجل مخلوق له خاضع لأمره , ولا استثناء في هذه القاعدة , وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) سورة الفرقان وقوله تعالى : ( قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) سورة الرعد وقوله تعالى : (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) سورة الزمر وقوله جل وعلا : ( ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ) سورة الأنعام وقوله عز وجل : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) سورة غافر فالمولى عز وجل نظرا لخطورة هذه المسألة أراد أن يغلق الباب في وجه المبتدعين .. فلم يكتف بالإجمال الوارد في الآيات السابقة .. وإنما فصل هذه الآية بآيات أخرى ليؤكد أن كل شيء مخلوق ويؤكد أنه خالق كل : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) سورة البقرة وقوله : ( الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) سورة الأنعام وقوله سبحانه : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) سورة الأنبياء وقوله عز وجل : ( الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) سورة الأعراف وقول الحق : ( الرحمان * علم القرءان * خلق الإنسان * علمه البيان ) . وقوله سبحانه : (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ) سورة الرحمن وصفه الخلق من العدم لدى الله عز وجل ليست معجزة واحدة فحسب بل معجزات متعددة متداخلة ولا يمكن لاجتهاد العقل أن يحصرها , فإحداث الشيء من اللاشيء إعجاز يعجز العقل عن تصوره , وخلق كائن حي يدرك ذاته ويدرك الكون المحيط به ويدرك خالقه إعجاز آخر , وقد لفتنا جل وعلا إلى إعجاز استحداث الكائنات الروحية ولفتنا أيضا إلى أنه وحده القادر على هذه الكائنات فقال جل وعلا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) سورة الحج لقد خلق الإنسان السيارة والقطار والطائرة والصاروخ والقمر الصناعي والتلفاز والمذياع وغير ذلك كثير , ولكن البشرية جمعاء لن تستطيع خلق ذبابة ولو اجتمعت في صعيد واحد , والسبب هو أن الذبابة كائن روحي تدب فيه الحياة بنفخة من الله عز وجل لا يملكها سواه .. إنها سر من أسراره جل وعلا : ومن معجزات الخلق أيضا أنه بين الكاف والنون , فالحق سبحانه وتعالى إذا أراد أن يخلق شيئا فإنما يقول له ( كُن فَيَكُونُ) دون أدنى جهد أو إعياء , وفي ذلك يقول تبارك وتعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) سورة آل عمرآن حينما ادعى اليهود أن الله استراح بعد أن خلق الخليقة رد عليهم الحق عز وجل بقوله : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ) أي إعجاز هذا ؟ كلمة واحدة من الله عز وجل كفيلة باستحداث المخلوق دون جهد ودون عناء . كيف للإنسان أن يتصور الحجم الحقيقي لهذه القدرة وهذا الإعجاز ؟ ومن معجزات الخلق أيضا أن الحق تبارك وتعالى يخلق ما يشاء , فإذا أراد أن يخلق شيئا لن يحول دون هذا الخلق حائل . وقد أكد جل وعلا هذه الحقيقة بقوله تعالى : (قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء) سورة آل عمرآن وقوله تعالى : ( يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) والخلق الإلهي ليس خلقا عشوائيا .. بل هو خلق محكم مبنى على علم إلهي مطلق , فإذا تأملت الكون وما به من تكامل وتناسق بين المخلوقات علمت مدى القدرة الإلهية على الخلق والإبداع . انظر إلى أي مخلوق من مخلوقات الله عز وجل على حدة .. يهيأ لك أنه كائن مستقل بذاته منفصل عما حوله , ولكن دقق النظر تجد أن هذا المخلوق ليس مستقلا بذاته منفصل عن الكون بل هو جزء من كل . فالإنسان مثلا لا يمكن أن يتصور وجوده بدون الهواء الذي يحيط به في كل مكان على سطح الكرة الأرضية , أو الماء الذي وفره له الله عز وجل , أو الطعام الذي تنبته له الأرض بإذنه . وبهذه النظرة يبدو الإنسان وكأنه ترس في ساعة الكون لا انفصال ولا وجود لأحدهما بدون الآخر , فالحق سبحانه وتعالى خلق المخلوقات الحية وخلق لها مقومات الحياة في إبداع لا يدانيه إبداع , وعلم لا يدانيه علم , وحسن لا يدانيه حسن , وفي ذلك يقول تبارك وتعالى : ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ) سورة السجدة فإذا كان الحق سبحانه وتعالى قد خلق الكون بهذا الإبداع وهذا الإحكام فهل يمكن أن نتصور أنه خلق بلا غاية وبلا هدف , وأن المسألة أرحام تدفع وقبور تبلع كما قال الدهريون : (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ) سورة الجاثية وكما قالوا : (وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا) سورة الإسراء فيرد الحق تبارك وتعالى على هؤلاء الدهريين قائلا : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ ) سورة الحجر وكما قال سبحانه : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ) سورة الأنبياء وكما قال عز وجل : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) سورة المؤمنون فالخلق إذن ليس عبثا وليس زوالا وفناء , وإنما لحكمة أرادها سبحانه وتعالى , وفي ذلك يقول جل وعلا في الحديث القدسي : كنت كنزا مخفيا فأردت أن أعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني ويقول في محكم التنزيل : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فقد شاءت حكمة المولى أن يخلق الكون ويخلق الإنسان , ويجعل الحياة الدنيا دارا للاختبار والآخرة دارا للجزاء والقرار .. هل سيشكر الإنسان على هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى أم سيكفر ويشرك ويجحد ؟ . فالخلق إذن لغاية والبعث حقيقة لا مراء فيها , وفي ذلك يقول جل شأنه : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) سورة الحج والمسألة لا تقف عند حد قدرته سبحانه وتعالى على البعث , بل هو قادر على تغيير الجنس البشري بأكمله بمخلوقات أخرى , وما ذلك عليه بعزيز وفي ذلك يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ*إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ* وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) سورة فاطر فإذا كان الحق جل وعلا هو الخالق المحدث المبدع .. فإنه إذن وحده المستحق للعبادة والمستحق للشكر , وعبادة غيره ظلم للنفس وحياد عن الحق , وفي ذلك يقول جل شأنه : ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) سورة النحل ويقول سبحانه : ( وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) سورة الفرقان والمولى تبارك وتعالى يحثنا على التأمل في مخلوقاته .. لما في ذلك من حث على الإيمان بوجوده والإيمان بكمال صفاته ورسله وكتبه واليوم الآخر , وفي ذلك يقول جل شأنه : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) سورة البقرة ويقول سبحانه : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) سورة آل عمرآن والأسماء الحسنى بما تعطيه من أوصاف قديمة قدم الله عز وجل .. فهو جل شأنه الخالق قبل أن يخلق الخلق , ولم لم يكن المولى عز وجل موصوفا بهذا الوصف منذ الأزل لما استطاع أن يخلق , إنه تبارك وتعالى يخلق ما يشاء في الوقت الذي يشاء وفي ذلك يقول جل وعلا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) سورة فاطر مهما تحدث المتحدثون عن هذا الاسم وغيره من الأسماء الحسنى ومن خلال ما كشف الله لهم في كتابه وسنة نبيه فإنهم لن يستكشفوا جلال أسمائه عز وجل وأسرار صفاته , فإذا كنا نعجز عن الإلمام بما كشفه لنا الله تبارك وتعالى فماذا عن المحجوب الذي لم نتهيأ بعد لاستقباله والذي احتفظ به جل وعلا في علمه ؟ . إن الخالق هو المبدع للخلق , والمخترع له على غير مثال .. ندعوه عز وجل أن يعلمنا من علمه الفياض : (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) سورة الأعراف .
                                           
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
الملك - من أسماء الله الحسنى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أسماء الله الحسنى هي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد الله وصفات كمال الله
» والحروف نوعان: حرف مَبْنَى وحرف معنى. ومن أسماء الله سبحانه وتعالى له مقابل، ومن أسماء الله الحسنى ما لا تجد له مقابلا
» والحروف نوعان: حرف مَبْنَى وحرف معنى. ومن أسماء الله سبحانه وتعالى له مقابل، ومن أسماء الله الحسنى ما لا تجد له مقابلا - تابع ----
»  إننا نجد أن بعضا من أسماء الله سبحانه وتعالى له مقابل، ومن أسماء الله الحسنى ما لا تجد له مقابلا. فإذا قيل “المحيي” تجد “المميت” لكن الصفة إن لم يوجد لها مقابل نسميها صفة ذات، فهو “حي” ولا نأتي بالمقابل
» هذه الكلمة ({اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) هي قمة العقيدة، وقوله تعالى: {لَهُ الأسمآء الحسنى} [طه: 8] الحُسْنى: صيغة تفضيل مثل: كُبْرى،: فهناك أسماء حسنة هي أسماء الخَلْق، أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال،

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء ::  >>> المنتديات الاسلامية <<<
 ::  خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله وأخرى
-
انتقل الى: