منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي  " حول القرآن"  I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي  " حول القرآن"  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي  " حول القرآن"  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي  " حول القرآن"  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي  " حول القرآن"  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي  " حول القرآن"  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي  " حول القرآن"  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي  " حول القرآن"  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي  " حول القرآن"  I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي " حول القرآن"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي  " حول القرآن"  Empty
مُساهمةموضوع: من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي " حول القرآن"    من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي  " حول القرآن"  I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 08, 2013 8:35 am


خواطر فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما علمنا أن نحمد، وصلى الله وسلم على رحمته وخاتم رسله سيدنا محمد وبعد ...
فهذا حصاد عمري العلمي ، وحصيلة جهادي الإجتهادي.
شرفي فيه أنى عشت كتاب الله ، وتفانيت لأستقبال فيض الله ولعلى أكون قد وفيت حق إيماني وأديت واجب عرفاني وأسأل الله سبحانه أن تكون خواطري هذه مفتاح خواطر من يأتى بعدي ، وكتاب الله لا تنقضى عجائبه حتى يرث الله الأرض ومن عليها ،
وحينئذ نعلم من الله ما أدخره لمن هداه
وحسبنا الله ونعم الوكيل
بسم الله الرحمن الرحيم .. والحمد لله رب العالمين ..
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
خواطري حول القرآن لا تعني تفسيراً للقرآن .. وإنما هى هبات صفائية .. تخطر على قلب مؤمن فى آية أو بضع آيات .. ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر .. لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره .. لأن عليه نزل وبه إنفعل وله بلغ وبه علم وعمل .. وله ظهرت معجزاته . ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. اكتفى أن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التى تبين لهم أحكام التكليف فى القرآن الكريم وهى إفعل ولا تفعل .. تلك الأحكام التى يثاب عليها الإنسان إن فعلها ويعاقب إن تركها .. هذه هى أسس العبادة لله سبحانه وتعالى ..
التى أنزلها فى القرآن الكريم كمنهج لحياة البشر على الأرض ..

أما الأسرار المكتنزة فى القرآن حول الوجود، فقد إكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما علم منها .. لأنها بمقياس العقل فى هذا الوقت لم تكن العقول تستطيع أن تتقبلها ، وكان طرح هذه الموضوعات سيثير جدلا يفسد قضية الدين، ويجعل الناس ينصرفون عن فهم منهج الله فى العبادة إلى جدل حول قضايا لن يصلوا فيها إلى شيء والقرآن لم يأت ليعلمنا أسرار الكون، ولكنه جاء بأحكام التكليف واضحة وأسرار الوجود مكتنزة .. حتى تتقدم الحضارات ويتسع فهم العقل البشري ..

فيكشف الله سبحانه وتعالى من أسرار الكون ما يجعلنا أكثر فهماً لعطاءات القرآن لأسرار الوجود، فكلما تقدم الزمن وكشف الله للإنسان عن سر جديد فى الكون ظهر إعجاز فى القرآن .. لأن الله سبحانه وتعالى قد أشار الى هذه الأيات الكونية فى كتابه العزيز .. وقد تكون الإشارة إلى آية واحدة أو بضع آيات .. ولكن هذه الآية أو الآيات تعطينا إعجازاً لا يستطيع العلم أن يصل إلى دقته.

والقرآن الكريم حمل معه وقت نزوله معجزات .. تدل على صدق البلاغ عن الله سبحانه وتعالى .. وعن صدق رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وكانت أول معجزة أن القرآن كلام الله .. فيه عطاء الله ما تحبه النفس البشرية ويستميلها ..

إنه يخاطب ملكات خفية فى النفس لا نعرفها نحن ولكن يعرفها الله سبحانه وتعالى خالق الإنسان وهو أعلم به .. هذه الملكات تنفعل حين تسمع القرآن فتلين القلوب ويدخل الإيمان إليها .. ولقد تنبه الكفار إلى تأثير القرآن الكريم فى النفس البشرية .. تأثيراً لا يستطيع أن يفسره أحد .. ولكنه يجذب النفس إلى طريق الإيمان ويدخل الرحمة فى القلوب.

لذلك كان أئمة الكفر يخافون أكثر ما يخافون .. من سماع الكفار للقرآن .. ويحاولون منع ذلك بأية وسيلة .. ويعتدون على من يتلو القرآن .. ولو أن هذا القرآن لم يكن كلام الله الذى وضع فيه من الأسرار ما يخاطب ملكات خفية فى النفس البشرية .. ما هتم أئمة الكفر أن يستمع أحد للقرآن أو لا يسمع .. ولكن شعورهم بما يفعله كلام الله .. جعلهم لا يمنعون سماع القرآن فقط .. بل قالوا كما يروى لنا القرآن الكريم:

"وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ " 26 سورة فصلت

وهكذا نعرف أنه حتى أهل الكفر كانوا لا يمنعون سماع القرآن فقط .. بل يطلبون من أنصارهم أن يلغوا فيه، ومعناها (يشوشرون عليه) .. ولا يمكن أن يكون هذا هو مسلكهم وتلك هى طريقتهم الا خوفاً مما يفعله القرآن فى كسب النفس البشرية إلى الإيمان .. إن مجرد تلاوته تجذب النفس الكافرة إلى منهج الله .

ولو نأخذ مثلاً قصة اسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. نجد أنه علم أن اخته فاطمة وزوجها ابن عمه سعيد بن زيد قد أسلما .. فأسرع اليهما ليبطش بهما وحاول أن يفتك بسعيد بن زيد .. فلما تدخلت زوجته فاطمة لحمايته .. ضربها حتى سال منها الدم .. وعندما رأى عمر الدم يسيل من وجه أخته فاطمة .. رق قلبه وحدث فى قلبه انفعال بالرحمة بدلاً من انفعال الإيذاء .. فخرج العناد من قلبه وملأه الصفاء .. فطلب من أخته صحيفة القرآن التى كانا يقرآن منها .. وقرأ من أول سورة طه ثم قال ما أحسن هذا الكلام وأكرمه .. ثم أسرع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلن اسلامه .. ولذلك فإنه اذا خرج العناد والكفر من القلب .. واستمع الإنسان بصفاء إلى القرآن دخل الإيمان إلى قلبه .

لقد سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه القرآن قبل ذلك ولم يسلم .. ولكنه عندما رأى الدم يسيل على وجه أخته وتبدل انفعال الإيذاء فى قلبه بإنفعال الرحمة .. استقبل القرآن بنفس صافية فأمتلأ قلبه بالإيمان وأسرع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلن اسلامه

ولذلك كان الكفار يحاولون إهاجة مشاعر الكفر فى القلوب حتى لا يدخلها القرآن .. لأنه لكي تستقبل الإيمان يجب أن تخلص قلبك من الكفر أولاً .

وهكذا نرى أن القرآن الكريم لأنه كلام الله .. فان له تأثير خاص فى النفس البشرية .. حتى ان الكفار كانوا يسترقون سماع القرآن من وراء بعضهم البعض .. وكانوا يقولون ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة .. وان أعلاه لمثمر ..وان أسفله لمغدق .. وإنه يعلو ولا يعلى عليه .. وكان هذا أول اعجاز لأن القرآن هو كلام الله تبارك وتعالى .

ولقد وقف الصحابة والمؤمنون الذين عاصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عطاء القرآن وقت نزوله فيما استطاعت عقولهم ان تطيقه من اسرار الكون .. ومن اسرار القرآن الكريم .. فلم نجد صحابياً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى آيات الكون فى القرآن .. أو عن عطاءات القرآن فى اللغة .. فمثلاً لم يسأل عن معنى " ألم" .. أو عن " عسق" .. أو "حم" .. مع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستقبل كثيرين يؤمنون بكتاب الله .. وكثيرين يكفرون بما أنزل الله .. وكان هؤلاء الكفار يريدون أن يقيموا الحجة ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضد القرآن الكريم .. لم نسمع أن أحداً منهم .. وهم قوم بلغاء فصحاء عندهم اللغة ملكة وموهبة وليست صناعة .. لم نسمع أحداً من الكفار قال ماذا تعني " ألم" .. أو "حم" .. أو "عسق ".

كيف يمر الكافر على فواتح السور هذه ولا يجد فيها ما يستطيع ان يواجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجادله؟! .. لقد كانت هذه هي فرصتهم فى المجادلة .. ولا شك ان عدم استخدام الكفار لفواتح السور هذه .. دليل على انهم انفعلوا بها وان لم يؤمنوا بها .. ولم يجدوا فيها ما يمكن ان يستخدموه لهدم القرآن او التشكيك فيه .. ولو ان هذه الحروف فى فواتح السور كانت تخدم هدفهم .. لقالوا للناس وجاهروا بذلك.

رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو الذى عليه القرآن نزل – فسر وبين كل ما يتعلق بالتكليف الإيماني .. وترك ما يتعلق بغير التكليف للأجيال القادمة .. ويمر الزمن ويتيح الله لعباده من أسرار آياته فى الأرض ما يشاء .. فيكون عطاء القرآن متساوياً مع قدرة العقول .. لماذا ؟ لأن الرسالات التى سبقت الإسلام كانت محدودة الزمان والمكان .. أما القرآن الكريم فزمنه حتى يوم القيامة .. ولذلك فلا بد ان يقدم اعجازاً لكل جيل .. ليظل القرآن معجزة فى كل عصر .

ونظرة واحدة فيما قال الله سبحانه وتعالى فى كونيات الحياة التى أتيحت للعقل البشرى فى القرن العشرين .. نجد أن القرآن الكريم يشير إليها لأن العمر فى الرسالة القرآنية إلى قيام الساعة .. ومادام إلى أن تقوم الساعة .. يظل القرآن معجزة حتى قيام الساعة ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى:
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53) سورة فصلت
أي أن القرآن له عطاءان فى الإعجاز .. العطاء الأول آيات فى الآفاق ، وهذه هى الآيات الكونية..والعطاء الثانى "آيات فى انفسهم" وهذه هى الآيات التى تتعلق باسرار الجسد البشري..وقول الحق " حتى يتبين لهم انه الحق" أي أن القرآن هو الحق ولذلك يمكن أن تقول ان آيات الكون ستأتي موافقة لآيات القرآن الكريم ..أي أن الله سبحانه وتعالى وضع فى القرآن الكريم من آيات الكون واسراره وعن الجسد البشرى وتكوينه آيات يمكن أن يعطيها المؤمنين وغير المؤمنين..
ولقد أعطى الله تبارك وتعالى من آيات الكون المؤمنين .. فبرع المسلمون الأوائل فى العلوم .. مثل جابر بن حيان الذى وضع أساس علم الكيمياء ..وابن سيناء الذى وضع أساس علم الطب والفلك والرياضيات..وابن النفيس الذى اكتشف الدورة الدموية ووصفها وصفاً علمياً دقيقاً ..وابن الهيثم الذى برع فى الرياضيات والطبيعيات والطب وكان أول من شرح تركيب العين وكيف تعمل وأبو القاسم الذى نبغ فى العمليات الجراحية وغيرها.
ثم أعطى الله سبحانه وتعالى من آيات الكون غير المؤمنين بما تشهده الآن من نهضة علمية فى دول الغرب ..وذلك يفسر قوله تبارك وتعالى : " حتى يتبن لهم أنه الحق" أي أن آيات الكون .. ستجعل المنكرين للقرآن الكريم يعترفون أنه الحق .. ذلك أن المؤمن يعرف أن القرآن هو الحق .. ولكن المنكر للإسلام يكشف الله له آية فى أمر معجز .. يبين له أن هذا الدين حق . ولقد حدث أخيراً فى مؤتمرات الإعجاز العلمى للقرآن الكريم أن أعلن عدد من العلماء إعتناقهم للدين الإسلامى.
وإذا أردنا أن نعرف شيئاً عن معجزة القرآن فانظر ماذا قال عن الكون وكروية الأرض ودورانها حول نفسها .. وما يحدث فى أعماق البحار وغير ذلك مما لا يكتشف إلا فى القرن العشرين ..وإذا أردنا أن نعرف الإعجاز فى القرآن فى قوله "وفى انفسهم" فلننظر إلى مراحل تكوين الجنين ومراكز الأعصاب فى الجسد البشرى وتكوين الأذن والعين وغير ذلك من إعجاز لا يمكن أن يتحدث عنه بهذه الدقة الا خالقه .. وهذا ما شهدوا به علماء نبغوا فى علومهم بينما هم منكرون للإسلام وللقرآن! وهذه الحقائق العلمية التى أشار اليها القرآن لا يستطيع أحد أن ينكرها الآن لأنها أصبحت ثابتة الوجود.
والقرآن حين يتحدى فإنه لا يمكن أن يأتى بمعجزة لا يعرف عنها الخلق شيئا فأنت لاتتحدى كسيحاً فى سرعة المشى .. ولا شيخاً كبيراً ضعيفاً فى حمل الأثقال .. ولكنك إذا تحديت فلا بد أن تتحدى مجموعة من الناس فيما نبغوا فيه ولذلك إذا قلنا أن القرآن جاء يتحدى العرب فى إعجاز الأسلوب واللغة ..فهذه شهادة للعرب أنهم نبغوا فى دنيا الكلمة..وهنا عندما يغلبهم القرآن ويعجزهم يكون هذا هو التحدي ..تحد فيما نبغوا فيه وتفوقوا فيه ..ولذلك كان لا بد أن يكون العرب عندهم نبوغ فطري فى الكلمة .. ويكون الأداء الجيد المميز للكلمة مألوفاً لديهم شعراً ونثراً وخطابة .
وحين جاء القرآن الكريم يتحدى غير العرب .. تحداهم فى آيات الكون والخلق ولذلك نجد مثلا قول الحق سبحانه وتعالى عن أصحاب النار
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً(56) سورة النساء
هذه الآية الكريمة عندما نزلت فهمت بأنه كلما احترقت الجلود تجددت ، وعندما توصل العلم الحديث إلى أن مراكز الأعصاب موجودة تحت الجلد بحيث أنه إذا احترق الجلد ضاع الإحساس بالألم ، كانت هذه معجزة جديدة للدنيا فى عصرنا .. يريد بعض الناس أن يتخذ العلم إلهاً من دون الله . وهكذا كان الإعجاز المتجدد الذى يجعل القرآن معجزة خالدة .. وهذا دليل جديد على أن القرآن من عند الله وأنه كلام الله .
نأتى بعد ذلك إلى معجزة اخرى فى اختيار رسول الله عليه الصلاة والسلام وإعداده للرسالة .. أننا إذا تتبعنا حياة رسول الله صلى الله عليه نجد أن الله تبارك وتعالى اختاره أمياً لا يقرأ ولا يكتب ، ومع ذلك أجرى عليه معجزات كلها تنطق بصدق رسالته صلى الله عليه وسلم .. أولها أنه لم يشتهر عليه الصلاة والسلام أنه نبغ فى شعر أو نثر مثل قس بن ساعدة واكثم بن صيفي..ومن هنا كان حظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاغة حظاً عادياً دون نبوغ
ومع ذلك فقد جاءت رسالته عليه الصلاة والسلام تتحدى قومه فى البلاغة وفى اللغة . ولو أنه صلى الله عليه وسلم كان مشهوراً بالشعر أو النثر أو الخطابة لقالوا أن القرآن عبقرية ادائية لمواهب كانت موجودة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ الصغر .. ومواهب الناس عادة كانت تظهر قبل سن العشرين أو الثلاثين إذا كانت المواهب متأخرة، ولكنها لا تظهر فجأة على الإنسان فى سن الأربعين، ولا توجد عبقرية تتأخر أبداً حتى الأربعين .. ولكن الناس فوجئوا بأن محمداً عليه الصلاة والسلام الذى ما خطب ولا كتب وما قال شعراً يأتي بقرآن يعجز عنه أشهر البلغاء ..وأكثرهم موهبة فى فن الكلام .. من أين أتى بهذا الكلام المعجز الذى تحدى به الإنس والجن وهو فى هذه السن ؟!
بعض الناس يدعون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عنده الإعجاز اللغوى ..وأخفاه عن الناس حتى سن الأربعين وبعد ذلك أظهره .. نقول ان هذا الكلام لا يتفق مع العقل .. لأننا نعيش فى عالم أغيار يموت فيه الناس قبل سن العشرين وقبل سن الثلاثين وقبل سن الأربعين ..فمن الذى أخبر محمداً عليه الصلاة والسلام أنه لن يموت قبل سن الأربعين حتى يكتم هذه العبقرية إلى هذه السن ؟.. لقد مات أبوه وهو فى بطن امه .. وماتت أمه وهو طفل صغير .. هذه المقدمات لا يمكن أن توحي إلى محمد عليه الصلاة والسلام أن يكتم عبقريته عن الناس حتى يصل إلى هذه السن ، لأن أباه وأمه قد ماتا وهو طفل صغير .
ولذلك عندما جاء الكفار وطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغير القرآن كما يروي لنا القرآن الكريم فى قوله تعالى:
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(15) سورة يونس
ولو أن القرآن من عند محمد عليه الصلاة والسلام ربما بدله حتى يؤمن من كفر ، ولكن الحق سبحانه وتعالى يعلم رسوله صلى الله عليه وسلم ليرد عليهم بالحجة البالغة:
قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ(16) سورة يونس
الله سبحانه وتعالى يعلم رسوله الكريم أن يرد على الكفار أنه عاش معهم أربعين سنة قبل الرسالة .. لم يشتهر بينهم بالخطابة والشعر أو البلاغة .. فلو أنهم فكروا بعقولهم لعرفوا أن هذا القرآن ليس من عند رسول الله ، بل من عند الله . ثم من الذى ينب اليه الكمال فيرفضه ؟.. ويقول ليس من عندى .. مع أن الناس تدّعي كمالات الغير..فكم من إنسان رأى اعجاب الناس بعمل من الأعمال .. لم يعرف صاحبه فنسبه إلى نفسه .. بل إن الناس تتصارع على نسب الأشياء الجيدة لنفسها .. وكم رأينا نزاعاً أمام القضاء بين أشخاص مختلفين كل منهم يدعى ملكيته لعمل جيد.
ثم تأتى لفتة اخرى: رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى لم يقرأ ولم يكتب ..هل يمكن أن تكون له ثلاثة اساليب متميزة تختلف بعضاً عن بعض تماماً .. وهى أسلوب القرآن الكريم وأسلوب الأحاديث القدسية وأسلوب الأحاديث النبوية.. لا توجد عبقرية فى الدنيا من يوم أن خلقت إلى يومنا هذا لها ثلاثة أساليب لكل منها طابع مميز لا يتشابه مع الأخر...كيف يمكن أن يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم بين القرآن الكريم والحديث القدسى والحديث النبوي .. بحيث يعطى كلا منها طابعاً وأسلوباً يميزه عن الأخر..
إن لكل شخص اسلوبه الذى يتميز به .. وأنت إذا كنت مطلعاً فى علوم اللغة والأدب .. فبمجرد أن تقرأ الكلام تقول هذا كلام فلان ، لأن لكل شخص منا أسلوباً يميزه .. فكيف استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم كلامه .. فيقول هذا قرآن وهذا حديث قدسى وهذا حديث نبوي؟؟؟
إذن فاختلاف القرآن الكريم والأحاديث القدسية والأحاديث النبوية .. أكبر دليل على أن القرآن والأحاديث القدسية ليست من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ..لأن الشخصية الأسلوبية لأى انسان هى شخصية مميزة .. ولا يمكن أن ينفعل احد باحداث الحياة .. فيكتب كل مرة باسلوب مختلف تماماً عن الأسلوب الآخر .. أو يكتب اليوم بأسلوب وغداً بأسلوب وبعد غد بأسلوب .. ثم يعود بعد ذلك إلى الأسلوب الأول .. أنه إذا قرأ احدهم القرآن نقول هذا قرآن ، وإن تلا أحدهم حديثاً قدسياً نقول هذا حديث قدسي .. وإذا قال أحدهم حديثاً نبوياً قلنا حديث نبوي .. ولكل إنسان منا شخصية أسلوبية واحدة .. أذا حاول أن يخرج منها فإنها تغلبه .. والفروق الهائلة فى الأساليب بين القرآن والأحاديث القدسية والنبوية أكبر دليل على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم .
واحتار الكفار ماذا يفعلون .. ولم يجدوا ثغرة من منطق ينفذون منها .. فماذا قالوا؟ .. قالوا ساحر!! وكان الرد ببساطة أن المسحور ليست له إرادة مع الساحر .. بحيث يستطيع دفع السحر عن نفسه ، وأن الساحر يسحر من امامه رغماً عن إرادتهم...فإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم ساحراً فلماذا لم يسحركم أنتم حتى تؤمنوا به .. وبأي شيء رددتم السحر عن أنفسكم ؟؟
إن ادعاءكم هذا يكذب حجتكم لأن كونكم الآن جالسين تقولون ساحر فمعنى ذلك أنه لم يسحركم .. ولو كان ساحراً حقيقياً لأجبركم بسحره على أن تتبعوه .
وقالوا مجنون .. نقول لهم الجنون عمل بغير رتابة .. بمعنى أنك لا تستطيع أن تتنبأ بما يفعله المجنون فى اللحظة القادمة فقد يجلس يتحدث معك وبعد دقيقة واحدة يضربك .. وتجده يبكى وبعد ثوان قليلة يضحك .. ورد تبارك وتعالى عليهم :
ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ(1) مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ(2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ(3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(4) سورة القلم
والشهادة من الله بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلق عظيم .. لا يتصادم مع ما يعرفه الكفار عنه قبل الرسالة .. فهو بشهادتهم كان معروفاً بالصدق والأمانة والخلق الحسن وكانوا يلقبونه بالأمين .. وكانوا يأمنونه على أموالهم وكل شىء له قيمة .. ولتعرف كيف يتناقض الكفار مع أنفسهم نقول لهم كيف تأتمنون انساناً مجنوناً
على أغلى ما تمتلكون؟ .. هل هذا يتمشى مع العقل .. أيذهب الإنسن بأغلى ما عنده ويضعه عند رجل مجنون ؟..طبعاً مستحيل لا يمكن أن يكون المجنون على خلق عظيم .
وقالوا شاعر وكاهن.. فرد القرآن الكريم بقوله تبارك وتعالى:
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ(40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ(41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ(42) سورة الحاقة
وقولهم شاعر مردود عليهم .. بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل شعراً فى حياته .. والمواهب لا تأتى فجأة بل لا بد أن تصقلها التجربة والخطأ .. تماماً كالذي يقود السيارة .. عندما يبدأ لا بد أن يكون معه إنسان يعرف قيادة السيارة .. ويعلمه فيخطيء ويصيب .. ثم بعد ذلك يقود السيارة ..
ورسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانت عنده ملكة الشعر ولا دربه أحد عليه .. اما قولهم كاهن فالإنسان ينسى بمرور الوقت ، لذلك قيل إذا كنت كذوباً فكن ذكوراً.
وإذا أردنا أن نعرف الحقيقة فإننا نسأل الإنسان على فترات .. فإن كان كاذباً فإنه يتخبط فى اقواله .. ورسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب .. كان ينزل عليه الوحي بالآيات فيتلوها على اصحابه .. ثم يؤذن للصلاة بعد ذلك بساعات .. فيتلو رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصلاة.. الآيات التى نزلت عليه دون أن يتغير منها حرف واحد .. ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى :
"قليلا ما تذكرون " .. لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان يأتي بالقرآن من عنده لنسي ولغير وبدل .. لأن الذاكرة لا يمكن أن تستوعب بنفس الألفاظ ما قالته. ولو أنك جئت بانسان وطلبت منه أن يتحدث فى موضوع معين وسجلته له .. ثم طلبت منه ان يعيد بعد نصف ساعة ما قاله .. لا يمكن أن يأتي بنفس الكلام أو بنفس الألفاظ أو بنفس الترتيب.
والحق سبحانه وتعالى يعطى رسله منهجه بالوحي .. ويكون عطاؤه غيبياً لأن الله غيب .. فالله سبحانه وتعالى يقول :
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ(51) سورة الشورى
وذلك لأن التكوين البشري لا يمكن أن يستقبل من الله مباشرة .. والوحي إعلام بخفاء ، ولكى نقرب المعنى من الأذهان .. نقول أنك لو كنت لا تريد أن تقابل ضيفاً ثقيلاً فإنك تتفق مع خادمك على إشارة معينة .. فإذا جاء وأخبرك أمام الحاضرين بأن فلان وصل .. تعطيه إشارة فلا يدخل إلى المنزل .. هذه الإشارة المتفق عليها .. لا يفهمها أحد من الحاضرين ولا يعرف معناها ..
هذا هو معنى الوحي إعلام بخفاء .. لا يفهمه إحد إلا الموحِي ومن يوحَى إليه .. والوحي ما دام إعلاماً بخفاء فإنه يقتضى موجهاً .. وموحَى إليه وموحَى به ..
هذا هو معنى الوحي إعلام بخفاء .. لا يفهمه إحد إلا الموحِي ومن يوحَى إليه .. والوحي ما دام إعلاماً بخفاء فإنه يقتضى موجهاً .. وموحَى إليه وموحَى به ..

ولقد أوحى الله للرسل وأوحى إلى غير الرسل .. فأوحى للملائكة وإلى أم موسى وإلى الحواريين وللنحل وللأرض .. وهناك وحي من الشيطان لأوليائه هذا هو الوحي اللغوي .. أما الوحي الشرعي فيكون وحياً من الله لرسله .وكان وحي الله لموسى عليه السلام أن كلمه من وراء حجاب .. وكان وحي الحق جل جلاله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. بأن ارسل له جبريل عليه السلام .. ويجىء الملك بالوحي فيسمع رسول الله عليه الصلاة والسلام صلصلة الجرس تنبيهاً .. ويتم اللقاء بين جبريل والرسول فتتغير كيماويات جسد الرسول .. حتى أنه حينما جاءه الوحي لامست ركبته الشريفة ركبة صحابي كان يجلس بجواره فأحس كأنها جبل .. وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم راكباً الناقة .. فتنام او تبرك الناقة على الأرض ولا تستطيع السير .. وكانت لفتة اخرى من الله تبارك وتعالى .. إنه لا تناقض مطلقاً بين القرآن وبين العلم ..فإذا جاءت نظرية علمية تناقض القرآن الكريم .. فالقرآن على حق والنظرية على باطل .. وهناك نظريات أخفاها الله سبحانه وتعالى عنا .. ولكن إخفاءه لها لا يضرنا بشيء
فالشمس ينتفع بها كل الناس ولا يعلم حقيقتها أحد .. وكذلك الظواهر الكونية الأخرى .. فكل ما أخفاه الله عنا هو جهل لا يضر ولا يقلل انتفاعنا بالكون.

والقرآن كلام الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. ولقد حمل منهج الله للبشر ليحمي حركة الإنسان الإختيارية فى الكون .. وما دام الإنسان يلتزم حياته بالقرآن الكريم فإنه يستمتع بالجمال فى الكون .. أما إذا خالفه فيكون الإنسان قد سعى إلى شقائه . ولقد ظهرت الداءات والأمراض فى المجتمعات عندما خالف الإنسان منهج السماء ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى :
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً(82) سورة الإسراء
لماذا قدم الله سبحانه وتعالى الشفاء على الرحمة .. لأن الرحمة تقي الناس من أي شر قادم ولكن لا بد من الشفاء أولاً .. وعندما نزل القرآن كانت الأمراض والداءات تملأ المجتمعات .. الظلم وأكل حقوق الناس واستعباد الإنسان للإنسان وغير ذلك من أمراض المجتمع .. فجاء الأسلام أولاً ليشفي هذه الأمراض إذا اتبع منهجه .. ثم بعد ذلك تأتي الرحمة وتمنع عودة هذه الداءات . فإذا حدثت غفلة عن منهج الله .. جاءت الداءات والأمراض .. فإذا عدت إلى صيدلية القرآن تأخذ منها الدواء يتم الشفاء .
والقرآن نزل يتحدى العرب فى اللغة والبلاغة .. ولكن لأنه دين للناس جميعاً .. فلابد أن يتحدى غير
العرب فيما نبغوا فيه .. ولذلك نزل متحدياً لغير العرب وقت نزوله .. فقد حدثت حرب بين الروم والفرس وقت نزول القرآن .. وكانت الروم والفرس يمثلان فى عصرنا الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي .. كانا اعظم واقوى دولتين فى ذلك العصر .. وحدثت الحرب بينهما وانهزم الروم .. واذا بالقرآن ينزل بقوله تعالى :
الم (!)غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ(3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ(4) سورة الروم
لو ان هذا القرآن من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فما الذى يجعله يدخل فى قضية كهذه ؟ او يطلب أحد منه ان يدخل فيها .. وكيف يغامر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كلام متعبد بتلاوته إلى يوم القيامة ولا يتغير ولا يتبدل باعلان نتيجة معركة ستحدث بعد سنين؟ .. وماذا كان يمكن ان يحدث لقضية الدين كله لو ان الحرب حدثت وانتصر الفرس مرة اخرى .. او ان الحرب لم تحدث وتوصل الطرفان إلى صلح ؟ انها كانت ستضيع قضية الدين كله .. ولكن لأن الله سبحانه وتعالى هو القائل وهو الفاعل جاءت هذه الآية كمعجزة لغير العرب وقت نزول القرآن ..وحدثت المعركة فعلا وانتصر فيها الروم كما اخبر القرآن الكريم .
ولكن القرآن لم ينزل معجزة لفترة محدودة .. بل هو معجزة حتى قيام الساعة .. والقرآن هو كلام الله ، والكون هو خلق الله .. ولذلك جاء القرآن يعطي اعجازاً لكل جيل فيما نبغوا فيه .. اذا اخذنا العلوم الحديثة التى اكتشفت فى القرن العشرين واصبحت حقائق علمية .. نجد ان القرآن الكريم قد اشار اليها باعجاز مذهل .. بحيث ان اللفظ لا يتصادم مع العقول وقت نزول القرآن الكريم .. ولا يتصادم معها بعد تقدم العلم واكتشاف آيات الله فى الأرض .. ولا يقدر على هذا الأعجاز المذهل الا الله سبحانه وتعالى .. اقرأ مثلاً قول الحق تبارك سبحانه وتعالى:
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(7) سورة ق
والمد معناه البسط .. وعندما نزل القرآن الكريم بقوله تعالى : "والأرض مددناها " .. لم يكن هذا يمثل مشكلة .. للعقول التى عاصرها نزول القرآن الكريم فالناس ترى ان الأرض ممدودة .. والقرآن الكريم يقول :"والأرض مددناها".. وتقدم العلم وعرف الناس ان الأرض كروية .. وانطلق الإنسان إلى الفضاء ورأى الأرض على هيئة كرة .. هنا احست بعض العقول بأن هناك تصادمات بين القرآن الكريم والعلم .. نقول لهم أقال الله سبحانه وتعالى أي أرض تلك المبسوطة؟.. لم يقل ولكنه قال الأرض على إطلاقها .. أى كل مكان على الأرض ترى فيه الأرض أمامك مبسوطة.
إذا نزلت القطب الشمالى تراها مبسوطة .. وإذا كنت فى القطب الجنوبى تراها مبسوطة .. وعند خط الإستواء تراها مبسوطة .. وإذا سرت من نقطة على الأرض وظللت تسير إلى هذه النقطة فالأرض أمامك مبسوطة .. ولا يمكن أن يحدث هذا أبداً إلا إذا كانت الأرض كروية .. فلو أن الأرض مثلثة أو مربعة أو مسدسة .. أو على أي شكل هندسي أخر .. لوصلت فيها إلى حافة ليس بعدها شىء .. ولكن لكي تكون الأرض مبسوطة أمامك فى أي مكان تسير فيه لا بد أن تكون على هيئة كرة.
هذا الإعجاز الذى يتفق مع قدرات العقول .. وقت نزول القرآن الكريم .. فإذا تقدم العلم ووصل إلى حقيقة لما يعتقده الناس .. تجد أن آيات القرآن تتفق مع الحقيقة العلمية إتفاقاً مذهلاً .. ولا يقدر على ذلك إلا الله سبحانه وتعالى .
ولو أن النبى صلى الله عليه وسلم تعرض لهذه الآيات الكونية تعرضاً لا يتناسب مع إستعدادات العقول وقت نزول القرآن .. فإنه ربما صرف العقول عن أساسيات الدين إلى جدل فى أسرار كون لا يستطيع العقل أن يستوعبها أو يفهمها .. ولكن الحق تبارك وتعالى ترك فى الكون أشياء لوثبات العقول فى العلم .. بحيث كلما تقدم العلم وجد خيطاً يربط بين آيات الله فى الكون وآياته فى القرآن الكريم ..ولو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر كونيات القرآن وقت نزوله لجمد القرآن ..لأنه لا أحد منا يستطيع أن يفسر بعد تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم ..وبذلك يكون عطاء القرآن قد جمد..ولكن ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم للتفسير أتاح الفرصة لعطاءات متجددة للقرآن الكريم إلى قيام الساعة .. وهكذا كان المنع هو عين العطاء .. وهذه معجزة أخرى من إعجاز القرآن الكريم
كلمة قرآن ساعة تسمعها تفهم أنه يقرأ .. قرآن مصدر قرأ مثل غفر غفراناً .. ولكن بعد نزول القرآن الكريم أصبح لفظ قرآن إسماً بكلام موحى به من الله سبحانه وتعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقصد التحدي ..ويسميه الله تبارك وتعالى كتاب .. إذن هو قرآن إذا أخذنا أنه يقرأ .. وهو كتاب إذا أخذنا أنه يكتب .. والقراءة تستلزم حافظاً والكتابة لا تستلزم حافظاً .. فالإنسان حين يقرأ من كتاب ليس محتاجا إلى الحفظ، ولذلك فللقرآن وسيلتان من وسائل التلاوة: يحفظ فى الصدور ويسجل فى السطور .. بحيث تستطيع فى أي وقت أن تقرأ من الكتاب .
وحين بدأ تدوين القرآن الكريم كتابة كان لا يكتب منه آية إلا إذا كانت مكتوبة على جذوع النخل او الجلود .. أو أية وسيلة اخرى من وسائل الكتابة فى عصر نزول القرآن .. وزيادة على أن الآية تكون مكتوبة ..كان لا بد أن يكون هناك إثنان على الأقل من الصحابة الحافظين لها .. إلا آية واحدة لم توجد مكتوبة بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عند حافظ واحد فقط وكان القياس يقتضي ألا تكتب وهي قوله سبحانه وتعالى
" مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23) سورة الأحزاب
ولكن انظر إلى الخواطر الإيمانية يقذفها الحق سبحانه وتعالى فى قلوب المؤمنين ليكمل منهجه .. هذه الآية لم يوجد من يحفظها إلا خزيمة بن ثابت ، وعندما ثار الجدل حول تدوينها ، ذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من شهد له خزيمة فحسبُه) رواه البخارى وأحمد والنسائى والترمذى وقال :حسن صحيح
عن زيد بن ثابت قال :لما نسخنا المصحف فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه الذى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين (من المؤمنين رجال ......)
وكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد أعطى خزيمة بن ثابت وحده نصاب شهادة رجلين ... وهذه لها قصة ...أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إبتاع فرساً من أعرابي .. فاستتبعه النبى صلى الله عليه وسلم ليعطيه ثمن الفرس .. فأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي.. وأبطأ الأعرابي فطفق رجال (أي أخذ رجال ) يعترضون الأعرابي ليساوموه فى الفرس دون أن يعرفوا ان النبى صلى الله عليه وسلم قد ابتاعه .. فنادى الأعرابي رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال :إن كنت مبتاعاً هذا الفرس وإلا بعته .. أي هل تريد شراء الفرس أو أبيعه ؟
فقال النبى صلى الله عليه وسلم :أوليس ابتعته منك ؟ ....فقال الأعرابي ما بعته (أي ما بعته لك ) ..فقال النبى صلى الله عليه وسلم :بل قد ابتعته منك ...فقال الأعرابي هلم شهيداً ..أي ائتني بشاهد..فقال خزيمة بن ثابت أنا أشهد أنك بايعته (أي بعته له).
وبعد أن انصرف الناس ..أقبل النبى صلى الله عليه وسلم على خزيمة...
فقال: بم تشهد؟ .. (اي كيف شهدت على هذا ) .. ولم تكن موجوداً وقت المبايعة بيني وبين الأعرابي؟ .فقال خزيمة: بتصديقك يا رسول الله ..(أي هل نصدقك فى كل ما تأتينا به من خبر السماء ونكذبك فى هذه؟..فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين .. فأخذت شهادته بشهادة رجلين وتم تدوين الآية .. وكان خزيمة يدعى ذو الشهادتين .. لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز شهادته بشهادتين . من سير أعلام النبلاء . الجزء الثانى . ص 486 وإسناده صحيح
إذا أردنا ان نعرف القرآن ..فإنه لا بد أن يخرج عن مقاييس البشر ..فالناس حين يعرفون الأشياء يقولون : حده كذا ..ورسمه كذا ..إلى اخره ..ولكن كى نعرف القرآن الكريم نقول أن القرآن هو ابتداء من قوله تعالى :
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ(1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(2) فاتحة الكتاب
إلى أن نصل إلى قوله
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ(1) مَلِكِ النَّاسِ(2) إِلَهِ النَّاسِ(3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ(4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ(5) مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ(6) سورة الناس
أي أنه من أول سورة الفاتحة ..إلى آخر سورة الناس .. على أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ..قبل أن نقرأ أية آية من القرآن الكريم ..كما علمنا الحق سبحانه وتعالى فى قوله :
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ(98) سورة النحل
لكن العلماء أرادوا التخفيف على الناس فى تعريف القرآن الكريم ..فقالوا هو كلام الله .. نزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بقصد التحدي والإعجاز ليبين للناس منهج الله . والقرآن يتفق مع المناهج التى سبقته ، ولكنه يضيف عليها ويصحح ما حذف منها لأنه موحى به من الله ..فالتوراة والإنجيل والزبور من الله .. ولكنها تحمل المنهج فقط .. أما القرآن الكريم .. فهو المنهج والمعجزة الدالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
التوراة كانت منهج موسى وكانت معجزته العصى .. والإنجيل منهج عيسى ومعجزاته إبراء الأكمه والأبرص بإذن الله ..إذن بالنسبة للرسل السابقين ..كانت المعجزة شيئ والمنهج شيء آخر، ولكن القرآن تميز أنه المنهج والمعجزة معاً .. ذلك أن المناهج التى أرسلها الله على الرسل السابقين أنزلها على نية تغيرها..
ولكن القرآن الكريم ..نزل على نية الثبات إلى يوم القيامة . ولذلك كان لا بد أن يؤيد المنهج بالمعجزة حتى يستطيع أي واحد من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول محمد رسول الله وتلك معجزاته ..ولكن معجزات الرسل السابقين حدثت وانتهت لأنها معجزات حسية ..من رآها آمن بها .. ومن لم يرها فهو غير مقصود بها .لأنها حدثت لتثبيت المؤمنين..الذين يتبعون الرسول .. فمعجزة عيسى عليه السلام لا يمكن أن تعود الآن من جديد..وعصى موسى التى شقت البحر لا يستطيع أتباع موسى أن يأتوا بها الآن ليقولوا هذه معجزته..
إذن فالرسل السابقون لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان لكل منهم منهج ومعجزة ولكن كليهما منفصل عن الأخر ..فالمنهج عين المعجزة حالة مفقودة فى الرسالات كلها .. ولكنها فى رسالة محمد صلى الله عليه وسلم أمر موجود يمكن أن يشار اليه فى أي وقت من الأوقات           ..               **** يتبع بحول الله ****            
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي " حول القرآن"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي في تفسير القرآن
»  رابط خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله تفسير .
» من خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي في تفسير " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"
» تفسير سور القرآن الكريم من الفاتحة إلى الأحزاب - الشيخ محمد متولي الشعراوي - نداء الإيمان
» تفسير سور القرآن الكريم من الفاتحة إلى الأحزاب - الشيخ محمد متولي الشعراوي - نداء الإيمان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء ::  >>> المنتديات الاسلامية <<<
 :: قسم المواضيع الإسلامية
-
انتقل الى: