منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88] I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88] I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88] I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88] I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88] I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88] I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88] I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88] I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88] I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88]

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88] Empty
مُساهمةموضوع: خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88]   خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88] I_icon_minitimeالخميس أغسطس 20, 2015 3:31 am

فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88]

(14/8730)

لا ينفي عنهم أن يأتُوا بقرآن، بل بمثل القرآن، فإذا كانوا لا يأتون بالصورة، فهل يقدرون على الأصل؟!
ثم يقول تعالى زيادةً في التحدِّي: {وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء: 88]
والظهير: هو المعاون والمساعد والمعين على الأمر، ومنه قوله تعالى: {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4] لأنه قد يقول قائل: إن هذه المهمة لا يقوم بها فرد واحد، فقال لهم سبحانه: بل هاتوا كل ما لديكم من طاقات إبداعية وعبقريات بيانية، واستعينوا بما تزعمون من إلهام الجن، وتعاونوا جميعاً في سبيل هذا التحدي، حتى إذا كان في أحدكم نقص أكمله الآخر.
لكن، هل ظَلَّ التحدي قائماً على أنْ يأتُوا بمثل القرآن؟
المتتبع لهذا الموضوع في القرآن الكريم يجد الحق تبارك وتعالى يتنزل معهم في القدر المطلوب للتحدِّي، وهذا التنزَّل يدل على ارتقاء التحدِّي، فبعد أنْ تحدّاهم بأنْ يأتوا بمثل القرآن، تحدّاهم بعشْر سُور، ثم تحدّاهم بسورة واحدة، وكلما تنزل معهم درجة ارتقى بالتحدي، فلا شكَّ أن تحديهم بسورة واحدة أبلغ من تحديهم بمثل هذا القرآن.
وهذا التنزُّيل الذي يفيد الارتقاء كما نجمع مثلاً بين المتناقضات،

(14/8731)

فنقول: صعد إلى الهاوية، وانحدر إلى القمة. ومع هذا التنزُّل لم يستطيعوا الإتيان بمثل آية واحدة من كتاب الله.
ويجب أن نلتفت إلى مغزى آخر من وراء هذا التحدّي، فليس الهدف منه تعجيز القوم، بل أن نثبت لهم السواسية بين الخَلْق، فالجميع أمام الإله الواحد سواء، وهذه هي القضية التي تُزعجهم وتقضّ مضاجعهم، والقرآن سيثبت لهم صِدْق محمد، وسيرفع من مكانته بين القوم، وهم الذين يحاولون إيذاءه ويُدبِّرون لقتله.
ولذلك من غبائهم أن قالوا: {لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ} [الزخرف: 31]
إذن: فاعتراضهم ليس على القرآن في حَدِّ ذاته، بل على محمد الذي نزل القرآن عليه، فهم يحسدونه على هذه المكانة، كما قال تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ الناس على مَآ آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ. .} [النساء: 54]
وسبحان الله، إذا كان الخَلْق يختلفون أمام رحمة الله في مسائل الدنيا التي لهم فيها أسباب وسَعْي واجتهاد، فكيف بالأمر الذي ليس في أيديهم؟ كيف يريدون التدخُّل فيه: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحياة الدنيا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ. .} [الزخرف: 32]
ثم يتحدث الحق سبحانه عن طبيعة الأداء القرآني، فيقول: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا القرآن مِن كُلِّ مَثَلٍ. .} .

(14/8732)

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)

التصريف: هو التحويل والتنويع بأساليب مختلفة لزيادة البيان،

(14/8732)

والمراد أن القرآن الكريم لا يعالج القضايا بأسلوب رتيب جامد، بل يُحوِّل الكلام بين أساليب متعددة؛ لأنه يخاطب طباعاً متعددة، ويتعرض أيضاً لموضوعات متعددة ومعاني مختلفة، فلا بُدَّ أن يصرف الأسلوب ويَقلِبه على أكثر من وجه، فالذي لا يفهم هذه يفهم هذه، فيعرض المعنى الواحد بأساليب متعددة وأمثال مختلفة.
ونأخذ مثالاً على ذلك قضية القمة، وهي الألوهية ووحدانية الله تعالى، فنرى القرآن يعرضها في معارض مختلفة هكذا: {لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا. .} [الأنبياء: 22]
أي: في السماء والأرض.
وهذا الأسلوب قد لا يفهمه غير العربي؛ لأنه يفتقد الملَكَة اللغوية التي يتلقّى بها كلام الله، وقد يعترض فيقول: (إلا) أداة استثناء. فالمعنى: لو كان فيهما آلهة خارج منهم الله لَفَسدتَا، فلو كانت هناك آلهة ومعهم الله فهذه لا تجوز؛ لأنها مشاركة، لكنها تفيد أن الله تعالى موجود، وإنْ كان معه آخرون، والمنطق في هذه الحالة يقول: لو كان في السماء والأرض آلهة ومعهم الله لا تفسد.
لكن الحقيقة أن {إِلاَّ} هنا ليس للاستثناء، بل هي اسم بمعنى (غير) . فالمعنى إذن: لو كان فيهما آلهة غير الله لَفسدَتا.
ثم يعرضها بأسلوب آخر، فيقول تعالى: {مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ. .} [المؤمنون: 91]
فالحق تبارك وتعالى مُنزّه عن الولد والشريك، إذ لو كان معه إله

(14/8733)

آخر لَذهبَ كل إله بما خلق، واختصّ نفسه بمنطقة معينة، ولعلا بعضُهم على بعض، فإن أرادوا إبراز شيء للوجود، فأيّهما يبرزه؟ إنْ قدر على إبراز واحد فالآخر عاجز، وإنْ لم يقدر عليه واحد بمفرده، فهما عاجزان لا يصلحان للألوهية.
ثم يعرض نفس القضية بأسلوب آخر، فيقول: {قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إلى ذِي العرش سَبِيلاً} [الإسراء: 42]
أي: إنْ كان مع الله آلهة كما يدَّعي المشركون لَذهَب هؤلاء الآلهة إلى ذي العرش يُعاتبونه أو يُؤدِّبونه، أو يُعاقبونه؛ لأنه انفرد بالملْك من دونهم.
وبأسلوب آخر يقول تعالى: {شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ. .} [آل عمران: 18]
ولم يَأْتِ مَنْ ينازعه هذه المكانة، أو يدَّعيها لنفسه، إذن: فقد ثبتتْ له هذه القضية إلى أنْ يُوجَد معارض، فالمختلف فيه يتفق عليه إنْ لم يظهر له معارض.
وسبق أن ضربنا لذلك مثلاً، ولله المثل الأعلى: هَبْ أن جماعة انصرفوا من مجلس، ثم وجد صاحب البيت حافظة نقود في مكان مجلسهم فعرضها عليهم، فلم يدَّعها أحد لنفسه إلا رجل واحد قال: هي لي، أيشكُّ صاحب البيت أنها له؟
نرى هذا التصرف أيضاً في أسلوب القرآن في مسألة ادعاء أن لله تعالى ولداً، تعالى الله عما يقول المبطلون عُلُواً كبيراً، فيعرضها القرآن هكذا:
{وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابن الله وَقَالَتْ النصارى المسيح ابن

(14/8734)

الله} [التوبة: 30]
فيردُّ القرآن هذا الزعْم بقوله تعالى: {بَدِيعُ السماوات والأرض أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ. .} [الأنعام: 101]
وفي موضع آخر يعرض المسألة هكذا: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البنات سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ} [النحل: 57]
أي: فإن كنتم تريدون مقاسمة الخالق سبحانه، فهل يليق أنْ تأخذوا أنتم البنين؛ لأنهم المفضلون حَسْب زعمكم، وتتركوا له تعالى البنات: {أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى} [النجم: 21 - 22] أي: قسمة جائرة.
وهكذا يُصرِّف القرآن أسلوبه، ويُحوّله ليقنع به جميع العقول؛ ليناسب كل الطبائع. وتمتاز لغة العرب بالمثل والحكمة؛ لذلك كان من التصريف في أسلوب القرآن استخدام المثل، وهو تعبير مُوجَز، يحمل المعاني الكثيرة وتتعشق لفظه، وتقوله كما هو دون تغيير إذا جاءت مناسبته.
فإذا أرسلتَ أحداً في مهمة أو جماعة، فيمكنك حين عودتهم تقول لهم مستفهماً: (ماذا وراءكِ يا عصام؟) هكذا بصيغة المؤنثة المفردة، لأن المثل قيل هكذا، حيث أرسل أحدهم امرأة تسمى عصام لتخطب له إحدى النساء وحينما أقبلت عليه خاطبها بهذه العبارة، فصارت مثلاً.
وكما تقول لصاحبك الذي يتعالى عليك: (إن كنت ريحاً فقد لاقيت إعصاراً) إذن: المثل يمتاز بأنه يثبت على لفظه الأول ولا يتغير عنه.
أما الحكمة فهي: قول شارد يقوله كل واحد، وهو كلام يقلُّ لفظه، ويجِلُّ معناه.

(14/8735)

كما تقول: «رُبَّ أخ لك لم تَلِدْهُ أمك» .
«لا تُعلِّم العَوانُ الخِمْرة» .
«إن المنبتَّ لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى» أي: أن الذي يُجهِد دابته في السير لن يصل إلى ما يريد؛ لأنها ستنقطع به ولا تُوصِّله.
ومن الحكمة هذه الأبيات الشعرية التي صارت حكمة متداولة:
وَمَنْ يكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ ... يَجِدْ مُرّاً بِهِ المَاءَ الزُّلاَلاَ
وقوله:
وَأَتْعَس النَّاسِ حَظَّاً مَنْ تكونُ لَه ... نَفْسُ الملُوكِ وحالاتُ المسَاكين
وهَبْ أن ولدك أهمل دروسه طوال العام وعند الامتحان أخذ يجدّ ويَجْتهد ويُرهِق نفسه، هنا يمكنك أن تقول له: (قبل الرماء تُملأُ الكنائن) والكنانة هي المخلاة التي تُوضَع بها السهام، وهذه لا بُدَّ أنْ يُعِدّها الصياد قبل صَيْده لا وقت الصيد.
إذن: لأهمية المثل في لغة العرب جعله القرآن لَوْناً أسلوبياً، وأداةٍ للإقناعٍ، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا. .} [البقرة: 26]
لأن الله تعالى يخاطب بالقرآن عقولاً مختلفة وطبائع متعددة؛ لذلك لا يستحي أن يضرب المثل بأحقر مخلوقاته لِيُقنِعَ الجميع كُلاً بما يناسبه.

(14/8736)

وقوله: {فَمَا فَوْقَهَا} قد يقول قائل: ولماذا قال {فَمَا فَوْقَهَا} ، فالعجيب هنا مسألة الصِّغَر؟
نقول: المراد بما فوقها.
أي: في المعنى المراد، وهو الصِّغر. أي: ما فوقها في الصِّغر لا أكبر منها.
ثم يأتي بالمعنى في صورة أخرى: {ياأيها الناس ضُرِبَ مَثَلٌ فاستمعوا لَهُ إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ اجتمعوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذباب شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطالب والمطلوب} [الحج: 73]
وفي آية أخرى يقول سبحانه: {مَثَلُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ العنكبوت اتخذت بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ البيوت لَبَيْتُ العنكبوت لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 41]
إذن: يُصرِّف الله الأمثال ويُحوِّلها ليأخذ كل طَبْع ما يناسبه وما يقتنع به، وليس القرآن على وتيرة واحدة أو مزيج واحد يعطي للجميع. بل يُشخّص الداءات ويُحلِّلها ويعالجها بما يناسبها؛ لذلك يأتي الأسلوب مختلفاً.
وهذه المسألة واضحة في الحديث النبوي الشريف، حيث كان الصحابة يسألون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ السؤال الواحد، وتأتي الإجابة مختلفة من شخص لآخر، فقد سُئِل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كثيراً: ما أفضل الأعمال يا رسول الله؟ فقال للسائل: «الصلاة لوقتها» وقال لآخر: «

(14/8737)

بر الوالدين» وقال لآخر: «أنْ تلقىَ أخاك بوجه طَلْق» .
وهكذا جاءت الإجابة مختلفة من شخص لآخر؛ لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يراعي حال سائله، ويحاول أنْ يعالج نقطة الضعف فيه، فالأمر ليس (أكلشيه) ثابتاً يعطيه للجميع، بل هي مراعاة الأحوال والطباع.
ثم يقول تعالى: {فأبى أَكْثَرُ الناس إِلاَّ كُفُوراً} [الإسراء: 89]
نعرف أن (إلاّ) أداة استثناء، تُخرِج ما بعدها من حكم ما قبلها، كما تقول: جاء القوم إلا زيداً، ولو طبَّقْنَا هذه القاعدة على الآية لا يستقيم معناها، كما لو قلت: ضربت إلا زيدا، والآية أسلوب عربي فصيح.
نقول: لأن معنى أبى: لم يقبل ولم يَرْضَ، فالمراد: لم يَرْضَ إلا الكفور، فلا بُدَّ للاستثناء المفرّغ أنْ يُسبق بنفي.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً} .

(14/8738)

وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90)

(لَنْ) تفيد تأبيد نَفْي الفعل في المستقبل، تقول: أنا لم أصنع هذا، ولن أصنعه. أي: في المستقبل.
ومعلوم أن الإنسان ابن أغيار، ولا يحكمه حال واحد بل هو مُتقلِّب بين أحوال شتى طوال حياته، والله تعالى وحده هو الذي لا يتغيّر، وما دام الإنسان ابنَ أغيار ويطرأ عليه حال بعد حال، فليس له أنْ يحكمَ على شيء حُكْماً قاطعاً في مستقبل هو لا يملكه، فالذي يملك الحكم القاطع هو الحق سبحانه الذي لا تتناوله الأغيار.
لذلك فالإنسان مثلاً إذا صعد حتى القمة نخاف عليه الهبوط؛ لأنه من أهل الأغيار، ولا يدوم له حال، إذن: فماذا بعد القمة؟
وقد عَبَّر الشاعر عن هذا المعنى بقوله:
إذَا تَمَّ شَيءٌ بَدَا نَقْصُهُ ... تَرقَّبْ زَوَالاً إذَا قِيل تَمّ
والعجيب أن الناس يتطلعون في نعمة الله إلى التمام، فيقول أحدهم: يا حبَّذا، لو حدث كذا لَتَمتْ هذه النعمة، وهم لا يدرون أن هذا النقص في النعمة سبب بقائها، فلو تَمَّتْ لك النعمة وأنت من أهل الأغيار، فماذا تنتظر إلا زوالها؟
فَلْيَرْضَ كلٌّ صاحب نعمة بما فيها من نقص، فلعل هذا النقص يردُّ عنه عَيْن حاسد، أو حقد حاقد.
فبعض الناس يرزقه الله بالأولاد ويُعينه على تربيتهم، ولحكمة يفشل أحدهم فيحزن لذلك ويألم أشد الألم، ويقول: لو أن هذا الولد. . وهو لا يدرك حكمة الله من وراء هذا النقص، وأنه حارسٌ للنعمة في الآخرين، وأنه التميمة التي تحميه وتردُّ عنه ما يكره.

(14/8739)

لذلك لما أراد المتنبي أن يمدح سيف الدولة قال له:
شَخِصَ الأَنامُ إلى كَمَالِكَ فَاسْتَعِذْ ... مِنْ شَرِّ أَعْيُنِهِمْ بعَيْبٍ وَاحِد
أي: نظروا إليك معجبين بما فيك من كمال، فاعمل عملاً سيئاً واحداً يصد عنك شرَّ أعينهم.
إذن: (لن) تفيد تأبيد النفي في المستقبل، وهذا أمر لا يملكه إلا مالك الأحداث سبحانه وتعالى، أمّا صاحب الأغيار فليس له ذلك، والذين آمنوا فيما بعد برسول الله ممَّنْ قالوا هذه المقولة: {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً} [الإسراء: 90]
نستطيع أن نقول لهم: لقد أوقعتْكم (لن) في الكذب؛ لأنكم أبَّدتُم نَفْي الإيمان، وها أنتم مؤمنون، ولم يُفجِّر لكم النبي ينبوعاً من الأرض.
وعند فتح مكة وقف عكرمة بن أبي جهل وقال في الخَنْدَمَة

(14/8740)

ما قال، ثم رجع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مؤمناً معتذراً وخرج محارباً مع خالد بن الوليد في اليرموك، وحين طُعِن الطعنة المميتة، وحمله خالد، فإذا به يقول له: أهذه ميتة تُرضِي عني رسول الله؟
إذن: مَنْ يقول كلمة عليه أن يكون قادراً على تنفيذها، مالكاً لزمامها، ضامناً لنفسه أَلاَّ يتغير، وأَلاَّ تتناوله الأغيار، ولا يملك ذلك إلا الله سبحانه وتعالى.
والمتدبّر لأسلوب القرآن في سورة (الكافرون) يجد هذه المسألة واضحة، حيث يقول تعالى: {قُلْ ياأيها الكافرون لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ} [الكافرون: 1 - 4]
هكذا نفتْ الآية عبادة كل منهما لإله الآخر في الزمن الحاضر، ثم يقول تعالى: {وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ} [الكافرون: 4 - 5] لينفي أيضاً احتمال العبادة في المستقبل، إذن: فليس في الآية تكرار، كما يرى بعض قِصَار النظر.
ولك الآن أنْ تسألَ: كيف نفى القرآن الحديث في المستقبل؟ نقول: لأن المتكلّم هنا هو الحق سبحانه وتعالى الذي يملك الأحداث ولا تُغيِّره الأغيار، ولا تتسلط عليه، فحكم على المستقبل هذا الحكم القاطع وأبَّد النَّفي فيه.

(14/8741)

ثم يقول تعالى: {حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً} [الإسراء: 90]
وفي آية أخرى قال: {وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً. .} [القمر: 12]
فالتفجير: أن تعمل في الأرض عملية تُخرِج المستتر في باطنها على ظهرها، وعين الماء تُخرِج لك الماء من الأرض، وتأخذ من حاجتك فلا ينقص؛ لأنها تعوض ما أُخِذ منها بقانون الاستطراق، وقد يحدث أن يغيض الماء فيها قليلاً.
أما الينبوع فتراه يفيض باستمرار دون أن ينقص فيه منسوب الماء، كما في زمزم مثلاً، ولا شكَّ أن هذا المطلب منهم جاء نتيجة حرمانهم من الماء، وحاجتهم الشديدة إليه.
ويذكر الحق سبحانه أنهم واصلوا حديثهم للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فقالوا: {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأنهار خِلالَهَا تَفْجِيراً} .

(14/8742)

أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91)

سبق أن طلبوا الماء لأنفسهم، وهنا يطلبون للرسول {جَنَّةٌ} أي: بستان أو حديثة من النخيل والعنب؛ لأنهما الصِّنْفان المشهوران عن العرب {فَتُفَجِّرَ الأنهار خِلالَهَا تَفْجِيراً} [الإسراء: 91] أي: خلال هذه الحديقة حتى تستمر ولا تذبل.
ويواصلون تحديهم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فيقولون: {أَوْ تُسْقِطَ السمآء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بالله والملائكة قَبِيلاً} .

(14/8742)

أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92)

الزَّعْم: هو القبول المخالف للواقع، ويقولون: الزعم مطّية

(14/8742)

الكذب، قال تعالى: {زَعَمَ الذين كفروا أَن لَّن يُبْعَثُواْ. .} [التغابن: 7]
وإنْ كانوا اتهموا رسول الله بالزعم، فما هو إلا مُبلِّغ عن الله، وناقل إليهم منهج ربه، فإنْ أرادوا أنْ يتَّهموا فليتهموا الحق سبحانه وتعالى؛ لأن رسوله لا ذنبَ له، وقد جاءوا بمسألة إسقاط السماء عليهم؛ لأن الحق سبحانه سبق أنْ قال عنهم: {أَفَلَمْ يَرَوْاْ إلى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ السمآء والأرض إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرض أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السمآء} [سبأ: 9]
ولذلك طلبوا من رسول الله أنْ يُوقِع بهم هذا التهديد.
و {كِسَفاً. .} [الإسراء: 92] أي: قِطَعاً، ومفردها كسفة كقطعة.
ويقول تعالى: {أَوْ تَأْتِيَ بالله والملائكة قَبِيلاً} [الإسراء: 92] أي: نراهم أمامنا هكذا مُقابلةً عياناً، وقد جاء هذا المعنى أيضاً في قوله تعالى: {وَقَالَ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا الملائكة أَوْ نرى رَبَّنَا. .} [الفرقان: 21]
والمتأمل فيما طلبه الكفار من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يجده تعجيزاً بعيداً كُلَّ البعد عن الواقع، مما يدلنا على أنهم ما أرادوا الإيمان والهداية، بل قصدوا الجدل والعناد؛ لذلك يقول الحق سبحانه رَدّاً على لَجَج هؤلاء وتعنُّتهم: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملائكة وَكَلَّمَهُمُ الموتى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ ليؤمنوا} [الأنعام: 111]

(14/8743)

ثم يقول تعالى عنهم أنهم قالوا: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ ترقى فِي السمآء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ. .} .

(14/8744)

أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)

البيت: هو المكان المعدّ للبيتوتة، والزخرف: أي المزيِّن، وكان الذهب وما يزال أجمل أنواع الزينة؛ لأن كل زُخْرف من زخارف الزينة يطرأ عليه ما يُغيِّره فيبهت لونه، وينطفئ بريقه، وتضيع ملامحه إلا الذهب، ونقصد هنا الذهب الخالص غير المخلوط بمعدن آخر، فالذهب الخالص هو الذي لا يتأكسد ولا يتفاعل مع غيره؛ لذلك يظل على بريقه ورَوْنقه، فإنْ كان البيت نفسه من زخرف، فماذا سيكون شكله؟
ونرى الذين يُحبُّون أن ينافقوا نفاقَ الحضارات، ويتبارَوْنَ في زخرفة الصناعات يُلصِقون على المصنوعات الخشبية مثلاً طبقة أو قشرة من الذهب؛ لتظلَّ محتفظة بجمالها، كما في الأطقم الفرنساوي أو الإنجليزي مثلاً.
ثم يقول تعالى: {أَوْ ترقى فِي السمآء. .} [الإسراء: 93]
أي: يكون لك سُلَّم تصعد به في السماء، ويظهر أنهم تسرعوا في هذا القول، ورَأَوْا إمكانية ذلك، فسارعوا إلى إعلان ما تنطوي عليه نفوسهم من عناد: {وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ. .} [الإسراء: 93]

(14/8744)

وكأنهم يُبيِّتون العناد لرسول الله، فهم كاذبون في الأولى وكاذبون في الثانية، ولو نزَّل الله عليهم الكتاب الذي أرادوا ما آمنوا، وقد رَدَّ عليهم الحق سبحانه بقوله: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الذين كَفَرُواْ إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} [الأنعام: 7]
وانظر إلى رد القرآن على كل هذا التعنت السابق: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي. .} [الإسراء: 93] وكلمة {سُبْحَانَ} كلمة التنزيه العُلْيا للحق سبحانه وتعالى، وقد تحدَّى بها الكون كله؛ لأنها كلمة لا تُقَال إلا لله تعالى، ولم يحدث أبداً بين الناس أنْ قالها أحد لأحد، مع ما في الكون من جبابرة وعُتَاة، يحرص الناس على منافقتهم وتملُّقهم، وهذه كلمة اختيارية يمكن أن يقولها كل إنسان، لكن لم يجرؤ أحد على قَوْلها لأحد.
والحق سبحانه وتعالى يتحدَّى الكون كله بأمور اختيارية يقدرون عليها، وتحدى المختار في المثل معناها أنه سبحانه عالم بأن قدرته لن تستطيع أن تفعل ذلك، ومثال ذلك قول الحق تبارك وتعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَآ أغنى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سيصلى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: 1 - 3]
نزلت هذه الآيات في أبي لهب، وهو كافر، ويحتمل منه الإيمان كما آمن غيره من الكفرة، فقد آمن عمر والعباس وغيرهم، فما كان يُدرِي رسول الله أن أبا لهب لن يؤمن، لكنه يُبلِّغ قول ربه قرآناً يُتلَى

(14/8745)

ويُحفظ ويُسجَّل، وفيه تقرير وشهادة بأن أبا لهب سيموت كافراً، وأن مصيره النار.
وهنا نقول: أَمَا كان في إمكان أبي لهب أنْ يُكذّب هذا القول، فيقوم في قومه مُنادياً بلا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله ولو نِفَاقاً وله بعد ذلك أن يتهم محمداً وقرآن محمد بالكذب؟
لكن هذا لم يحدث؛ لأن المتكلم هو الله ربُّ العالمين.
ومن هذا التحدي أن الحق سبحانه له صفات وله أسماء، الأسماء مأخوذة من الصفات، إلا اسم واحد مأخوذ للذات، هو لفظ الجلالة (الله) ، فهو عَلَم على الذات الإلهية لم يُؤخَذ من صفة من صفاته تعالى، فالقادر والغفور والحيّ القيوم وغيرها من الأسماء مأخوذة من صفات، إنما (الله) عَلَم على الذات الجامعة لكُلِّ هذه الصفات.
لذلك تحدَّى الخالق سبحانه جميع الخَلْق، وقد أعطاهم الحرية في اختيار الأسماء أنْ يُسمُّوا أنفسهم أو أبناءهم بهذا الاسم (الله) ، ويعلن هذا التحدي في كتابه الكريم وعلى رؤوس الأشهاد يقول: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: 65] ؟
ومع ذلك لم يجرؤ كافر واحد على أنْ يُسمِّيَ هذا الاسم ليظلَّ هذا التحدي قائماً إلى قيام الساعة؛ لأن الله تعالى حق، والإيمان به وبوجوده تعالى متغلغل حتى في نفوس الكفار، فلو كانوا يعلمون أن هذه الكلمة كذب، أو لا وجودَ لها لأقدموا على التسمية بها دون أن يُبالُوا شيئاً، أَمَا وهم يعلمون أن الله حق فلن يجرؤ أحد، ويُجرِّب هذه التسمية في نفسه؛ لأنه يخشى عاقبة وخيمة لا يدري ما هي.

(14/8746)

لذلك رَدَّ الحق سبحانه على تعنُّت الكفار فيما طلبوه من رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قائلاً: {سُبْحَانَ رَبِّي. .} [الإسراء: 93] لأن الأمور التي طلبوها أمور بلغتْ من العجب حَدَّاً، ولا يمكن أن يُتعجب منها إلا بسبحان الله؛ لأنها كلمة التعجُّب الوحيدة والتي لا تُطلَق لغير الله، وكأنه أرجع الأمور كلها لله، ولقد كان لهم غِنىً عن ذلك في كتاب الله الذي نزل إليهم: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلك لَرَحْمَةً وذكرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 51]
والهمزة هنا للاستفهام المراد به التعجُّب أيضاً: أيطلبون هذه الآيات، ولم يكْفِهم أنَّا أنزلنا عليك الكتاب، وقد كان فيه غناءٌ لهم.
ثم يقول تعالى: {هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً} [الإسراء: 93]
هل ادعيْتُ لكم أَنِّي إله؟! ما أنا إلا بشر أبلغكم رسالة ربي، وأفعل ما يأمرني به، كما في قوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نفسي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَيَّ إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس: 15]
ثم يقول الحق سبحانه: {وَمَا مَنَعَ الناس أَن يؤمنوا إِذْ جَآءَهُمُ الهدى إِلاَّ أَن قالوا أَبَعَثَ الله بَشَراً رَّسُولاً} .

(14/8747)

وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)

أي: ما منعهم من الإيمان إلا هذه المسألة: أن يكون الرسول بشراً، هذه هي القضية التي وقفت في حلوقهم: {أَبَعَثَ الله بَشَراً رَّسُولاً} [الإسراء: 94]
والمتأمِّل في مسألة التبليغ عن الله يجد أنها لا يمكن أنْ تتم إلا ببشر، فكيف يبلغ البشر جنس آخر، ولا بُدَّ للتلقِّي عن الله من وسائط بين الحق سبحانه وتعالى وبين الناس؛ لأن البشر لا يستطيع أنْ يتلقّى عن القُوة العليا مباشرة، فإذنْ: هناك مراحل: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشورى: 51]
لكن الرسول البشري كيف يُكلِّم الله؟ لا بُدَّ أنْ نأتي برسول من الجنس الأعلى: {الله يَصْطَفِي مِنَ الملائكة رُسُلاً. .} [الحج: 75] وهذا مرحلة، ثم يصطفي رسولاً من البشر يتلقّى عن الملَكِ كي يستطيع أنْ يُبلِّغكم؛ لأنكم لا تقدرون على اللقاء المباشر يتلقى عن الملك كي يستطيع أن يبلغكم؛ لأنكم لا تقدرون على اللقاء المباشر مع الحق سبحانه.
ونضرب لذلك مثلاً ولله المثل الأعلى: أنت إذا أردتَ إضاءة لمبة صغيرة وعندك تيار كهربائي عالٍ، هل يمكن أنْ تُوصِّله بهذه اللمبة؟ لا لأنها ستحرق فوراً، إذن: ما الحل؟ الحل أنْ تأتي بجهاز وسيط يُقلِّل لك هذا التيار القوي، ويعطي اللمبة على قَدْر حاجتها فتضيء.
كذلك الحق سبحانه يصطفي من الملائكة رسلاً يمكنهم التلقِّي عن الله ويصطفي من البشر رسلاً يمكنهم التلقِّي عن الملائكة، ثم يُبلّغ الرسول المصطفى من البشر بني جنسه. إذن: فماذا يُزعجكم في أنْ يكون الرسول بشراً؟ ولماذا تعترضون على هذه المسألة وهي أمر طبيعي؟
يقول تعالى: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إلى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ الناس. .} [يونس: 2]

(14/8748)

وفي موضع آخر يقول سبحانه: {واضرب لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ القرية إِذْ جَآءَهَا المرسلون إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ اثنين فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فقالوا إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ الرحمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ} [يس: 13 - 15]
إذن: فاعتراضهم على بشرية الرسول أمر قديم توارثه أهل الكفر والعناد من أيام نوح عليه السلام ألم يَقُلْ له قومه: {فَقَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا. .} [هود: 27]
وقالوا: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ} [المؤمنون: 34]
وقالوا: {أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ} [القمر: 24]
لذلك يدعونا الحق سبحانه وتعالى إلى النظر في السُّنة المتبعة في الرسل: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ. .} [النحل: 43]
أي: ليسوا ملائكة، لا بُدَّ أنْ يكونوا رجالاً لِيتمّ اللقاء بينكم، وإلاّ فلو جاء الرسول مَلَكاً كما تقولون، هل ستروْن هذا الملَك؟ قالوا: لا هو مُستتر عنَّا، لكنه يرانا، لكن تبليغ الرسالة لا يقوم على مجرد الرؤية، فتبليغ الرسالة يحتاج إلى مخالطة ومخاطبة، وهنا لا بُدَّ أنْ يتصوّر لكم الملَك في صورة رجل ليؤدي مهمة البلاغ

(14/8749)

عن الله، وهكذا نعود من حيث بدأنا؛ لأنها الطبيعة التي لا يمكن لأحد الخروج عنها.
لذلك يقول سبحانه: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9] إذن: لا داعي للتمحُّك والعناد، ومصادمة الفطرة التي خلقها الله، والطبيعة التي ارتضاها لخَلْقه.
ثم يقول الحق سبحانه: {قُل لَوْ كَانَ فِي الأرض ملائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السمآء مَلَكاً رَّسُولاً} .

(14/8750)

قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95)

{قُلْ} أي: رَدَّاً عليهم: لو أن الملائكة يمشون في الأرض مطمئنين لَنزَّلنا عليهم مَلَكاً رسولاً لكي يكون من طبيعتهم، فلا بُدَّ أنْ يكون المبلِّغ من جنس المبلَّغ، وهذا واضح في حديث جبريل الطويل حينما جاء إلى رسول الله يسأله عن بعض أمور الدين لِيُعلم الصحابة: ما الإحسان؟ ما الإيمان؟ ما الإسلام. فيأتي جبريل مجلس رسول الله في صورة رجل من أهل البادية، وبعد أنْ أدَّى مهمته انصرف دون أنْ يشعر به أحد، فلما سألوا عنه قال لهم رسول الله: «إنه جبريل، أتاكم لِيُعلِّمكم أمور دينكم» .
شيء آخر يقتضي بشرية الرسول، وهو أن الرسول أسوة سلوك لقومه، كما قال تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. .} [الأحزاب: 21]

(14/8750)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
خواطر--يتبع—20-- فالحق سبحانه في قوله: {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ. .} [الإسراء: 88]
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خواطر--يتبع—37 -- ثم يقول الحق سبحانه: {وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ}
» خواطر--يتبع—7-- ، وقوله: {خَشْيَةَ إِمْلاقٍ. .} [الإسراء: 31]
» خواطر--يتبع—10-- ثم يقول تعالى: {حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ. .} [الإسراء: 34]
» خواطر--يتبع—19-- وقوله تعالى: {إِنَّ الباطل كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء: 81]
» خواطر--يتبع—30 -- ، ثم يقول الحق سبحانه: {أولئك لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ ... } .

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: ;"> >>> خواطر دينية <<<
 ::  قسم إيمانيات وأخرى ( إيمانيات ومعاني وغير ذلك )
-
انتقل الى: