منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته Empty
مُساهمةموضوع: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته   وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 04, 2015 1:25 pm

{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }الحج78
78 - (وجاهدوا في الله) لإقامة دينه (حق جهاده) باستفراغ الطاقة فيه ونصب حق على المصدر (هو اجتباكم) اختاركم لدينه (وما جعل عليكم في الدين من حرج) أي ضيق بأن سهله عند الضرورات كالقصر والتيمم وأكل الميتة والفطر للمرض والسفر (ملة أبيكم) منصوب بنزع الخافض الكاف (إبراهيم) عطف بيان (هو) أي الله (سماكم المسلمين من قبل) أي قبل هذا الكتاب (وفي هذا) أي القرآن (ليكون الرسول شهيدا عليكم) يوم القيامة أنه بلغكم (وتكونوا) أنتم (شهداء على الناس) أن رسلهم بلغوهم (فأقيموا الصلاة) داوموا عليها (وآتوا الزكاة واعتصموا بالله) ثقوا به (هو مولاكم) ناصركم ومتولي أموركم (فنعم المولى) هو (ونعم النصير) أي الناصر لكم
جهد اجتبائي
{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }الحج78

{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ(78)}
معنى {حَقَّ جِهَادِهِ..} [الحج: 78] كالذي قلناه في {مَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ} [الحج: 74] لأن الجهاد أيضاً يحتاج إلى إخلاص، وأنْ تجعل الله في بالك، فربما خرجتَ لمجرد أن تدفع اللوم عن نفسك وحملتَ السلاح فعلاً ودخلت المعركة، لكن ما في بالك أنها لله وما في بالك إعلاء كلمة الله، كالذي يقاتل للشهرة وليرى الناس مكانته، أو يقاتل طمعاً في الغنائم، أو لأنه مغتاظ من العدو وبينه وبينه ثأر، ويريد أن ينتقم منه، هذه وغيرها أمور تُخرِج القتال عن هدفه وتُفرغه من محتواه.
لذلك لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، فمَنْ في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» وهذا هو حق الجهاد، وأنت فيه حكَم على نفسك، لأن ميزان ذلك في يدك.
وقد تسأل: ولماذا الجهاد؟ قالوا: لأنك إذا انتفعتَ بالمنهج تطبيقاً له بعد التحقيق الذي أتى به الرسل تنفع نفسك، لكن ربك- عز وجل- يريد أنْ يُشيع النفع لمن معك أيضاً، وهذا لا يتأتّى إلا بالجهاد بالنفس أو المال أو أي شيء محبوب، وإلا فكيف ستربح الصفقة التي قال الله تعالى عنها: {إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجنة..} [التوبة: 111].
وكما أن للجنود في ساحة القتال مهمة، كذلك لمن قعد ولم يخرج مهمة: الجندي حين يقتحم الأهوال والمخاطر ويُعرِّض نفسه للموت، فهذا يعني أنه دخل المعركة وما عرَّض نفسه للموت، فهذا يعني أنه ما دخل المعركة وما عرَّض نفسه للقتل إلا وهو واثق تمام الثقة، أن ما يذهب إليه بالقتل خير مما يناله بالجُبْن، وهذا يشجع الآخرين ويحثّهم على القتال.
لذلك، في غزوة بدر لما سمع الصحابي كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أجر الشهيد وكان في فمه تمرة يمصُّها، فقال: يا رسول الله، أليس بيني وبين الجنة إلا أنْ أُقتل في سبيل الله؟ قال: «نعم»، فألقى التمرة من فيه وخرج لتوِّه إلى الجهاد لأنه واثق تمام الثقة أن ما سيذهب إليه بالشهادة خير مما ترك.
أما الذين بَقَوْا ولم يخرجوا، فمهمتهم أن يحملوا المنهج، وأنْ يحققوه، وإلا لو خرج الجميع إلى القتال واستشهدوا جميعاً، فمَنْ يحمل منهج الله وينشره؟
وجاءءت كلمة الجهاد عامة لتشمل كل أنواع الجهاد، فإذا ما أثمر الجهاد ثمرته وتعلبنا على الكفر فلم يَعُدْ هناك كفار، أو خَلَّوْا طريق دعوتنا وتركونا، وأحبوا أنْ يعيشوا في بلادنا أهل ذمة، فلا داعي- إذن- للقتال، ويتحول الجهاد إلى ميدان آخر هو جهاد النفس.
لذلك قال تعالى بعدها: {هُوَ اجتباكم..} [الحج: 78] يعني: اختاركم واصطفاكم لتكونوا خير أمة أُخرجت للناس، وثمن هذا الاجتباء أن نكون أهلاً له، وعلى مستوى مسئوليته، وأنْ نحقق ما أراده الله منّا.
كما ننصح جماعة من أهل الدعوة الذين حملوا رايتها، نقول لهم: لقد اختاركم الله، فكونوا أَهْلاً لهذا الاختيار، واجعلوا كلامه تعالى في محلّه.
ثم يقول سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدين مِنْ حَرَجٍ..} [الحج: 78] يعني: ما اجتباكم ليُعنتكم، أو ليُضيِّق عليكم، أو ليُعسِّر عليكم الأمور، إنما جعَل الأمر كله يُسْر، وشرعه على قَدْر الاستطاعة، ورخَّص لكم ما يُخفِّف عنكم، ويُذهِب عنكم الحرج والضيق، فمَنْ لم يستطع القيام صلى قاعداً، ومَنْ كان مريضاً أفطر، والفقير لا زكاة عليه ولا حج.. إلخ.
كما قال سبحانه في موضع آخر: {وَلَوْ شَآءَ الله لأَعْنَتَكُمْ..} [البقرة: 220] لكنه سبحانه ما أعنتكم ولا ضَيَّق عليكم، وما كلَّفكم إلا ما تستطيعون القيام به.
وقوله تعالى: {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78] كلمة(ملة) جاءت هكذا بالنصب، لأنها مفعول به لفعل تقديرهSadالزموا) مِلة أبيكم إبراهيم؛ لأنكم دعوته حين قال: {رَبَّنَا واجعلنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ..} [البقرة: 128].
ومن دعوة إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ..} [البقرة: 129] لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أنا دعوة أبي إبراهيم، وبُشْرى عيسى».
يعني: من ذريته وذرية ولده إسماعيل {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا..} [البقرة: 128] أعطنا التكاليف، وكأنه مُتشوِّق إلى تكاليف الله، وهل يشتاق الإنسان للتكليف إنْ كان فيه ضيق أو مشقة؟
وكذلك كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم يعشقون تكاليف الإسلام، ويسألون عنها رسول الله رغم قوله لهم: (ذروني ما تركتكم) إلا أنهم كانوا يسألون عن أمور الدين ليبنوا حياتهم الجديدة، لا على ما كانت الجاهلية تفعله، بل على ما أمر به الإسلام.
ولنا مَلْحظ في قوله تعالى: {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ..} [الحج: 78].
نقول: الإسلام انقياد عَقَديٌّ للجميع، وفي أمة الإسلام مَنْ ليس من ذرية إبراهيم، لكن إبراهيم عليه السلام أبٌ لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، والرسول أب لكل مَنْ آمن به؛ لأن أبوة الرسول أبوة عمل واتباع، كما جاء في قول الله تعالى في قصة نوح عن ابنه: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ..} [هود: 46].
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم أباً لكل مَنْ آمن به سَمَّى الله زوجاته أمهات للمؤمنين، فقال سبحانه: {النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ..} [الأحزاب: 6].
وما دامت الأزواج أمهات، فالزوج أب، وبناءً على هذه الصلة يكون إبراهيم عليه السلام أباً لأمة الإسلام، وإنْ كان فيهم مَنْ ليس من سلالته.
ونجد البعض ممَّنْ يحبون الاعتراض على كلام الله يقولون في مسألة أبوة الرسول لأمته: لكن القرآن قال غير ذلك، قال في قصة زيد بن حارثة: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ..} [الأحزاب: 40] فنفى أن يكون محمد أباً لأحد، وفي هذا ما يناقض كلامكم.
نقول: لو فهمتم عن الله ما اعترضتُم على كلامه، فالله يقول: ما كان محمد أباً لأحدكم، بل هو أب للجميع، فالمنفيّ أن يكون رسول الله أباً لواحد، لا أن يكون أباً لجميع أمته. وقال بعدها: {ولكن رَّسُولَ الله..} [الأحزاب: 40] وما دام رسول الله، فهو أب للكل.
ثم يقول تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {هُوَ سَمَّاكُمُ المسلمين مِن قَبْلُ..} [الحج: 78] يعني: إبراهيم عليه السلام سماكم المسلمين، فكأن هذه مسألة واضحة وأمْر معروف أنكم مسلمون منذ إبراهيم عليه السلام: {وَفِي هذا لِيَكُونَ الرسول شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس..} [الحج: 78].
وفي موضع آخر يحدث تقديم وتأخير، فيقول سبحانه: {لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة: 143].
لماذا؟ قالوا: لأن رسول الله بلَّغ رسالة الله، وأشهد الله على ذلك حين قال: (اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد) أشهد أنِّي بلغتُ، وهو صلى الله عليه وسلم يريد من أمته أن يكون كل شخص فيها حاملاً لهذه الرسالة، مُبلِّغاً لها حتى يسمع كلام الرسول مَنْ لم يحضره ولم يَرَهُ، وهكذا يكون الرسول شهيداً على مَنْ آمن به، ومَنْ آمن شهيداً على مَنْْ بلّغه.
لذلك من شرف أمة محمد أولاً أنه لا يأتي بعده رسول؛ لأنهم مأمونون على منهج الله، وكأن الخير لا ينطفيء فيهم أبداً. وقلنا: إن الرسل لا يأتون إلا بعد أنْ يعُمَّ الفساد، ويفقد الناس المناعة الطبيعية التي تحجزهم عن الشر، وكذلك يفقدها المجتمع كله فلا ينهى أحد أحداً عن شر؛ عندها يتدخل الحق سبحانه برسول ومعجزة جديدة ليُصلح ما فسد.
فختام الرسالات بمحمد صلى الله عليه وسلم شهادة أن الخير لا ينقطع من أمته أبداً، ومهما انحرف الناس سيبقى جماعة على الجادة يحملون المنهج ويتمسكون به ويكونون قدوة لغيرهم. لذلك حدَّد رسول الله هذه المسألة فقال: (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته.
ثم يعود السياق إلى الأمر بالصلاة: {فَأَقِيمُواْ الصلاة وَآتُواْ الزكاة..} [الحج: 78] لأنها الفريضة الملازمة للمؤمن، وفيها إعلاء الولاء المكرر في اليوم خمس مرات، وبها يستمر ذِكْر الله على مدى الزمن كله لا ينقطع أبداً في لحظة من لحظات الزمن حين تنظر إلى العالم كله، وتضم بعضه إلى بعض.
والمتأمل في الزمن بالنسبة للحق تبارك وتعالى يجده دائماً لا ينقطع، فاليوم مثلاً عندنا أربع وعشرون ساعة، واليوم عند الله ألف سنة مما تعدُّون، واليوم في القيامة خمسون ألف سنة، وهناك يوم اسمه يوم الآن أي: اللحظة التي نحن فيها، وهو يوم الله الذي قال عنه: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] لذلك يقول: ما شغل ربك الآن وقد صَحَّ أن القلم قد جَفَّ؟ قال: (أمور يبديها ولا يبتديها، يرفع أقواماً، ويضع آخرين).
فيوم الآن يوم عام، لا هو يوم مصر، ولا يوم سوريا، ولا يوم اليابان إذن: في كل لحظة يبدأ لله يوم ينتهي يوم، فيومه تعالى مستمر لا ينقطع.
ونقرأ في الحديث النبوي الشريف: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسِيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل).
نهار مَنْ؟ وليل مَنْ؟ فالنهار والليل في الزمن دائم لا ينقطع، وفي كل لحظة من لحظات الزمن ينتهي يوم ويبدأ يوم، وينتهي ليل ويبدأ ليل. إذن: فالله تعالى يده مبسوطة دائماً لا يقبضها أبداً، كما قال سبحانه: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ..} [المائدة: 64].
ثم يقول سبحانه: {واعتصموا بالله} [الحج: 78] الجئوا إليه في الشدائد، وهذا يعني أنكم ستُواجهون وتُضطهدون، فما من حامل منهج لله إلا اضُطهد، فلا يؤثر فيكم هذا ولا يفُتُّ في عَضُدكم، واجعلوا الله ملجأكم ومعتصمكم في كل شدة تداهمكم، كما قال سبحانه: {لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ} [هود: 43].
واعتصامكم بالله أمر لا تأتون إليه بأنفسكم إنما {هُوَ مَوْلاَكُمْ} [الحج: 78] يعني: المتولّي لشأنكم، وما دام هو سبحانه مولاكم {فَنِعْمَ المولى وَنِعْمَ النصير}  

{وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }العنكبوت6
6 - (ومن جاهد) جهاد حرب أو نفس (فإنما يجاهد لنفسه) فإن منفعة جهاده له لا لله (إن الله لغني عن العالمين) الإنس والجن والملائكة وعن عبادتهم

{وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ(6)}
وكلمة {جَاهَدَ...} [العنكبوت: 6] تناسب النجاح في الابتلاء، والجهاد: بذْل الجهد في إنفاذ المراد، ومنه اجتهد فلان في كذا يعني: عمل أقصى ما في وُسْعه من الجدِّ والاجتهاد في أن يستنبط الحكم.
والجهاد له مجالان: مجال في النفس يجاهدها ليقْوَى بمجاهدة نفسه على مجاهدة عدوه.
وجاهد: مفاعلة، كأن الشيء الذي تريده صعب، يحتاج إلى جهد منك ومحاولة، والمفاعلة تكون من الجانبين: منك ومن الشيء الذي يقابلك، وأول ميادين الجهاد النفس البشرية؛ لأن ربك خلق فيك غرائز وعواطف لمهمة تؤديها، ثم يأتي منهج السماء ليكبح هذه الغرائز ويُرقِّيها، حتى لا تنطق معها إلى ما لا يُباح.
فحب الاستطلاع مثلاً غريزة محمودة في البحث العلمي والاكتشافات النافعة، أمّا إنْ تحوّل إلى تجسُّس وتتبع لعورات الناس فهو حرام؛ الأكل والشرب غريزة لتقتات به، وتتولد عندك القدرة على العمل، فإنْ تحوَّل إلى نهم وشراهة فقد خرجت بالغريزة عن مرادها والهدف منها.
وعجيب أمر الناس في تناول الطعام، فالسيارة مثلاً لا نعطيها خليطاً من الوقود، إنما هو نوع واحد، أما الإنسان فلا تكفيه عدة أصناف، كل منها لها تفاعل في الجسم، حينما تتجمع هذه التفاعلات تضر أكثر مما تنفع.
إذن: هذه الغرائز تحتاج منك إلى مجاهدة؛ لتظل في حَدِّ الاعتدال، عملاً بالأثر: (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع، ولا نشرب حتى نظمأ، وإذا شربنا لا نقنع).
ولو عملنا بهذا الحديث لَقضيْنا على القنبلة الذرية للاقتصاد في بلادنا، وكم تحلو لك اللقمة بعد الجوع مهما كانت بسيطة وغير مكلِّفة؛ لذلك يقولون: نعم الإدام الجوع، ثم إذا أكلتَ لا تملأ المعدة، ودع كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفَسه».
وبهذا المنهج الغذائي الحكيم نضمن بنية سليمة وعافية لا يخالطها مرض.
فالغرائز خلقها الله فيك لمهمة، فعليك أنْ تقف بها عند مهمتك. ومثل الغرائز العواطف من حب وكُرْه وشفقه وحُزْن.. إلخ، وهذه ليس لها قانون إلا أنْ تقفَ بها عند حدود العاطفة لا تتعداها إلى النزوع، فأحبب مَنْ شئتَ وأبغض مَنْ شئتَ، لكن لا تتعدَّ ولا تُرتِّب على العاطفة حكماً.
وقد ذكرنا لهذه المسألة مثالاً بسيدنا عمر- رضي الله عنه- وكان له أخٌ اسمه زيد قُتل، ثم أسلم قاتله، فكان عمر كلما رآه يقول له: ازْوِ عني وجهك- يعني: أنا لا أحبك- فيقول: أو عدم حبك لي يمنعني حقاً من حقوقي؟ قال: لا، قال: إنما يبكي على الحب النساء. يعني: الحب والكره مسائل يهتم بها النساء، والمهم العمل، وما يترتب على هذه العواطف.
ومن المجاهدة مجاهدة مَنْ سُلِّط عليك من جبار أو نحوه، تجاهده وتصبر على إيذائه، فحبُّك للحق يجعلك تصبر عليه، يقول تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31].
كل هذه بلاءات تحتاج إلى مجاهدة، فإنْ كان لك غريم فإنْ قدرت أن تدفع أذاه بالتي هي أحسن فافعل، وإنْ أردت أنْ تعاقب فعاقب بالمثل، وهذه مسألة صعبة؛ لأنك لا تستطيع تقدير المثلية أو ضبطها، بحيث لا تتعدى، فمثلاً لو ضربك خصمك ضربة، أتستطيع أنْ تردَّ عليه بمثلها دون زيادة؟
إذن: فلا تُدخل نفسك في هذه المتاهة، وأَوْلَى بك أنْ تأخذ بقوله تعالى: {والعافين عَنِ الناس...} [آل عمران: 134] وتنتهي المسألة.
فإذا كانت المصيبة لا غريمَ لك فيها، كالمرض والموت وغيرهما من القدريات التي يُجريها الله عليك، فقُلْ إن ربي أراد بي خيراً، فبها تُكفّر الذنوب والسيئات وبها أنال أجر الصابرين، وربما أنني غفلت عن ربي أو غرَّتني النعمة، فابتلاني الله ليلفتني إليه ويُذكِّرني به.
ومن المجاهدة مجاهدة النفس في تلقِّي المنهج بافعل ولا تفعل، والتكليف عادةً ما يكون شاقاً على النفس يحتاج إلى مجاهدة، وإياك أنْ تنقلَ مدلول افعل في لا تفعل، أو تنقل مدلول لا تفعل في افعل. وحين تستقصي(افعل ولا تفعل) في منهج الله تجده يأخذ نسبة سبعة بالمائة من حركاتك في الحياة، والباقي مباحات، لك الحرية تفعلها أو تتركها.
وقد يتعرض الإنسان المستقيم للاستهزاء والسخرية حتى مِمَّن هو على دينه، لأن المنحرف دائماً يشعر بنقص فيتضاءل ويصغَر أمام نفسه، ويحاول أن يجر الآخرين إلى نفس مستواه حتى يتساوى الجميع، وإلا فكيف تكون أنت مهتدياً مستقيماً وهو عاصٍ ضالٌّ؛ لذلك تراه يسخر منك ويُهوِّن من شأنك، لماذا؟ ليُزهِّدك في الطاعة، فتصير مثله.
واقرأ إنْ شئتَ قوله تعالى: {إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الذين آمَنُواْ يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمُ انقلبوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قالوا إِنَّ هؤلاء لَضَالُّونَ وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ فاليوم الذين آمَنُواْ مِنَ الكفار يَضْحَكُونَ عَلَى الأرآئك يَنظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الكفار مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [المطففين: 29-36].
ولا شكَّ أن مثل هذا يحتاج منك إلى صبر على أذاه، ومجاهدة للنفس حتى لا تقع في الفخِّ الذي ينصبه لك.
وقد تأتيك الوسوسة من الشيطان فيُزيِّن لك الشر، ويُحبِّب إليك المعصية، وعندها تذكر قول الله تعالى: {يابني ءَادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشيطان كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ الجنة يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَآ...} [الأعراف: 27].
فعليك- إذن- أن تتذكّر العداوة الأولى بين أبيك آدم وبين الشيطان لتكون منه على حذر، وسبق أن أوضحنا كيف نفرق بين المعصية التي تأتي من النفس، والتي تأتي من وسوسة الشيطان، فالنفس تقف بك عند معصية بعينها لا تريد غيرها، أما الشيطان فإنْ تأبيتَ عليه في ناحية نقلك إلى أخرى، المهم عنده أنْ يُوقِعك على أي حال.
إذن: أعداؤك كثيرون، يحتاجون منك إلى قوة إرادةَ وإلى مجاهدة.
ومجيء هذه الآية التي تذكر الجهاد بعد قوله تعالى: {فَإِنَّ أَجَلَ الله لآتٍ وَهُوَ السميع العليم} [العنكبوت: 5] يطلب من الإنسان الذي يعتقد أن أجلَ الله بلقاء الآخرة أتٍ، وذلك أمر لا شكَّ فيه- يطلب منه أنْ يستعدَّ لهذا اللقاء.
وقال تعالى: {فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ الله لَغَنِيٌّ عَنِ العالمين} [العنكبوت: 6] لأن الإنسان طرأ على كون مُهيأ لاستقباله بسمائه وأرضه وشمسه وقمره ومائه وهوائه، فكل ما في الكون خادم لك، ولن تزيد أنت في مُلْك الله شيئاً، وكل سَعْيك وفكرك لترف حياتك أنت، فحين تفعل الخير فلن يستفيدَ منه إلا أنت وربك غني عن عطائك.
فإنْ جاهدتَ فإنما تجاهد لنفسك، كما لو امتنَّ عليك خادمك بالخدمة فتقول له: بل خدمتَ نفسك وخدمتَ عيالك حينما خدمتَ لتوفر لك ولهم أسباب العيش، وأنا الذي تعبتُ وعرقتُ لأوفر لك المال الذي تأخذه.
وكذلك الحق سبحانه يقول لنا {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ...} [العنكبوت: 6] أي: حينما يطبق المنهج ويسير على هُداه، والحق سبحانه يؤكد هذه القضية في آيات عديدة {مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: 46].
ويقول الحق سبحانه: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا...} [الإسراء: 7].
ويقول سبحانه: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت...} [البقرة: 286].
إذن: المسألة منك وإليك، ولا دخلَ لنا فيها إلا حرْصنا على صلاح الخَلْق وسلامتهم، كصاحب الصَّنْعة الذي يريد لصنعته أن تكون على خير وجه وأكمله، لذلك أفيضُ عليه من قدراتي قدرة، ومن علمي علماً، ومن بَسْطي بَسْطاً، ومن جبروتي جبروتاً، وأعطيه من صفاتي.
لذلك قال بعض العارفين: (تخلقوا بأخلاق الله).
لأن العون في وهب الصفات ومجال الصفات في الفعل ليس في أنْ أفعل لك، إنما في أنْ أُعينك لتفعل أنت، فالواحد منا حينما يرى عاجزاً لا يستطيع حَمْل متاعه، ماذا يفعل؟ يحمله عنه، أي: يُعدِّي إليه أثر قوته، إنما يظل العاجز عاجزاً والضعيف ضعيفاً كلما أراد شيئاً احتاج لمن يقوم له به.
أما الحق سبحانه وتعالى فيفيض عليك من قوته، ويهبُ لك من قدرته وغِنَاه لتفعل أنت بنفسك؛ لذلك مَنْ يتخلق بأخلاق الله يقول: لا تعْطَ الفقير سمكة، إنما علِّمه كيف يصطاد، حتى لا يحتاج لك في كل الأوقات، أفِضْ عليه ما يُديم له الانتفاع به.
إذن: الحق سبحانه يهَبُ القادرين القدرةَ، ويهَبُ الأغنياء الغِنَي، والعلماء العلمَ والحكماءَ الحكمةَ. وهذه من مظاهر عظمته تعالى ألاَّ يُعدِّي أثر الصفة إلى عباده، إنما يُعدِّي بعض الصفة إليهم، لتكون ذاتية فيهم.
بل ويعطي سبحانه ما هو أكثر من ذلك، يعطيك الإرادة التي تفعل بها لمجرد أن تفكر في الفعل، بالله ماذا تفعل لكي تقوم من مكانك؟ ماذا تفعل حينما تريد أنْ تحمل شيئاً أو تحرك عضواً من أعضائك؟ هل أمرتك أمراً؟ هل قلت لها افعلي كذا وكذا؟
حين تنظر إلى(البلدوزر) مثلاً أو(الونش) كيف يتحرك، وكيف أن لكل حركة فيه زراً يحركها وعمليات آلية معقدة، تأمل في نفسك حين تريد أن تقوم مثلاً بمجرد أن تفكر في القيام، تجد نفسك قائماً، مرادك أنت في الأعضاء أن تفعل وتنفعل لك.
إذن، حينما يقول لك ربك: {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [يس: 82] فصدِّقه؛ لأنك شاهدتها في نفسك وفي أعضائك، فما بالك بربك- عز وجل- أيعجز أن يفعل ما تفعله أنت؟ ماذا تفعل إنْ أردتَ أنْ تنام أو تبطش بيدك؟
لا شيء غير الإرادة في داخلك؛ لأن ربك خلع عليك من قدرته، وأعطاك شيئاً من قوله(كُنْ) وقدرة من قدرته، لكن لم يشأ أنْ يجعلها ذاتية فيك حتى لا تغترّ بها.
لذلك إنْ أراد سبحانه سَلبَها منك لقوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّ الإنسان ليطغى أَن رَّآهُ استغنى} [العلق: 6-7] فتأتي لتحرك ذراعك مثلاً فلا يطاوعك، لقد شُلَّ ويأبى عليك بعد أنْ كان طَوْع إرادتك، ذلك لتعلم أنه هِبَة من الله، إنْ شاء أخذها فهي ليست ذاتية فيك.
فالمجاهدة تشمل ميادين عديدة، مجاهدة الغرائز والعواطف، ومجاهدة مشقة المنهج في افعل ولا تفعل، ومجاهدة شياطين الإنس والجن، ومجاهدة خصوم الإسلام الذين يريدون أنْ يُطفئوا نور الله.
وروى البخاري (أن خباب بن الأرتّ دخل على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إننا في شدة، ألاَ تستنصر لنا؟ أَلاَ تدعو لنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنه كان الرجل فيمن قبلكم تُحفر له الحفرة، فيُوضع فيها، ثم يُؤتَى بالمنشار فيُقَدُّ نصفين، ثم يُمشَطُ لحمه عن عظمه بأمشاط الحديد، فلا يصرفه ذلك عن دين الله).
ثم يطمئنه رسول الله على أن هذه الفترة- فترة الابتلاء- لن تطول، فيقول: (والله لَيتِمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئبَ على غنمه).
والنبي صلى الله عليه وسلم وهو خاتم النبيين، يدخل عليه سيدنا أبو سعيد الخدري فيجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكي حرارة الحمى، فوضع يده على اللحاف الذي يلتحف به سيدنا رسول الله، فيُحِسّ حرارته من تحت اللحاف، فقال له: يا رسول الله، إنها لشديدة عليك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «يا أبا سعيد، إنه يُضعَّف لنا البلاء كما يُضعَّف لنا الجزاء».
ذلك ليثبت أن البلاء لا يكون فقط من الأعداء، إنما قد يكون من الله تعالى، لماذا؟ لأن الله يباهي ملائكته بخَلْقه الطائعين المخبتين الصابرين، فيقولون: كيف لا يحبونك ويقبلون على طاعتك، وقد أنعمتَ عليهم بكذا وكذا، ويذكرون حيثيات هذه الطاعة، فيقول تعالى: وأسلب كل ذلك منهم ويحبونني، أي: يحبونني لذاتي.
ثم تختم هذه الآية بقوله تعالى: {إِنَّ الله لَغَنِيٌّ عَنِ العالمين} [العنكبوت: 6] لأن ميادين الجهاد هذه لا يعود منها شيء إلى الله تعالى، ولا تزيد في مُلكه شيئاً، إنما يستفيد منها العبد؛ لأنه سبحانه الغني عن طاعة الطائعين وعبادة المتعبدين، ليس غنياً عنهم وفقط، إنما هو سبحانه الذي يُغنيهم ويُفيض عليهم من فَضلْه ومن غِناه.
ثم يقول الحق سبحانه: {والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات...}.

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69
69 - (والذين جاهدوا فينا) في حقنا (لنهدينهم سبلنا) طريق السير إلينا (وإن الله لمع المحسنين) المؤمنين بالنصر والعون

يتبع --- 1
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ , قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً) فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته - يتبع --- 1
» {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ---[الحج: 78]
» وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ
» {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ-----78)}
»  78- الخامس‏:‏ عن جابر رضي الله عنه أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معهم، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرق الناس يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله ---

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: ;"> >>> خواطر دينية <<<
 ::  قسم إيمانيات وأخرى ( إيمانيات ومعاني وغير ذلك )
-
انتقل الى: