منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
 تفسير سورة النّحل -  من آية 98 - إلى نهاية الآية 128 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة النّحل -  من آية 98 - إلى نهاية الآية 128 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة النّحل -  من آية 98 - إلى نهاية الآية 128 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
 تفسير سورة النّحل -  من آية 98 - إلى نهاية الآية 128 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
 تفسير سورة النّحل -  من آية 98 - إلى نهاية الآية 128 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
 تفسير سورة النّحل -  من آية 98 - إلى نهاية الآية 128 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
 تفسير سورة النّحل -  من آية 98 - إلى نهاية الآية 128 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
 تفسير سورة النّحل -  من آية 98 - إلى نهاية الآية 128 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
 تفسير سورة النّحل -  من آية 98 - إلى نهاية الآية 128 I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

  تفسير سورة النّحل - من آية 98 - إلى نهاية الآية 128

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

 تفسير سورة النّحل -  من آية 98 - إلى نهاية الآية 128 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة النّحل - من آية 98 - إلى نهاية الآية 128    تفسير سورة النّحل -  من آية 98 - إلى نهاية الآية 128 I_icon_minitimeالجمعة مارس 15, 2013 12:40 pm

فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ * إِنّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىَ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىَ رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ * إِنّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىَ الّذِينَ يَتَوَلّوْنَهُ وَالّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ



هذا أمر من الله تعالى لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا قراءة القرآن أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم، وهذا أمر ندب ليس بواجب، حكى الإجماع على ذلك أبو جعفر بن جرير وغيره من الأئمة. وقد قدمنا الأحاديث الواردة في الاستعاذة مبسوطة في أول التفسير، ولله الحمد والمنة. والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة لئلا يلبس على القارىء قراءته، ويخلط عليه ويمنعه من التدبر والتفكر، ولهذا ذهب الجمهور إلى أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة، وحكي عن حمزة وأبي حاتم السجستاني أنها تكون بعد التلاوة، واحتجا بهذه الاَية، ونقل النووي في شرح المهذب مثل ذلك عن أبي هريرة أيضاً ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي والصحيح الأول لما تقدم من الأحاديث الدالة على تقدمها على التلاوة، والله أعلم

وقوله: {إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} قال الثوري: ليس له عليهم سلطان أن يوقعهم في ذنب لا يتوبون منه، وقال آخرون: معناه لا حجة له عليهم. وقال آخرون كقوله: {إلا عبادك منهم المخلصين}، {إنما سلطانه على الذين يتلونه} قال مجاهد: يطيعونه، وقال آخرون: اتخذوه ولياً من دون الله {والذين هم به مشركون} أي أشركوا في عبادة الله تعالى. أي أشركوه في عبادة الله، ويحتمل أن تكون الباء سببة، أي صاروا بسبب طاعتهم للشيطان مشركين بالله تعالى. وقال آخرون: معناه أنه شركهم في الأموال والأولاد





وَإِذَا بَدّلْنَآ آيَةً مّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ قَالُوَاْ إِنّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * قُلْ نَزّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رّبّكَ بِالْحَقّ لِيُثَبّتَ الّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَىَ لِلْمُسْلِمِينَ



يخبر تعالى عن ضعف عقول المشركين وقلة ثباتهم وإيقانهم، وأنه لا يتصور منهم الإيمان وقد كتب عليهم الشقاوة، وذلك أنهم إذا رأوا تغيير الأحكام ناسخها بمنسوخها قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : {إنما أنت مفتر} أي كذاب، وإنما هو الرب تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وقال مجاهد: {بدلنا آية مكان آية} أي رفعناها وأثبتنا غيرها، وقال قتادة: هو كقوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها} الاَية، فقال تعالى مجيباً لهم {قل نزله روح القدس} أي جبريل {من ربك بالحق} أي بالصدق والعدل {ليثبت الذين آمنوا} فيصدقوا بما أنزل أولاً وثانياً، وتخبت له قلوبهم {وهدى وبشرى للمسلمين} أي وجعله هاديا وبشارة للمسلمين الذين آمنوا بالله ورسله





وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنّهُمْ يَقُولُونَ إِنّمَا يُعَلّمُهُ بَشَرٌ لّسَانُ الّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيّ وَهَـَذَا لِسَانٌ عَرَبِيّ مّبِينٌ



يقول تعالى مخبراً عن المشركين ما كانوا يقولونه من الكذب والافتراء والبهت أن محمداً إنما يعلمه هذا الذي يتلوه علينا من القرآن بشر، ويشيرون إلى رجل أعجمي كان بين أظهرهم غلام لبعض بطون قريش، وكان بياعاً يبيع عند الصفا، وربما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس إليه ويكلمه بعض الشيء، وذاك كان أعجمي اللسان لا يعرف العربية أو أنه كان يعرف الشيء اليسير بقدر ما يرد جواب الخطاب فيما لا بد منه، فلهذا قال الله تعالى: راداً عليهم في افترائهم ذلك {لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين} أي القرآن، أي فكيف يتعلم من جاء بهذا القرآن في فصاحته وبلاغته ومعانيه التامة الشاملة التي هي أكمل من معاني كل كتاب نزل على بني أُرسل، كيف يتعلم من رجل أعجمي ؟ لا يقول هذا من له أدنى مسكة من العقل

قال محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني ـ كثيراً ما يجلس عند المروة إلى مبيعة غلام نصراني يقال له جبر، عبد لبعض بني الحضرمي، فأنزل الله {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين} وكذا قال عبد الله بن كثير، وعن عكرمة وقتادة: كان اسمه يعيش . وقال ابن جرير: حدثني أحمد بن محمد الطوسي، حدثنا أبو عامر، حدثنا إبراهيم بن طهمان عن مسلم بن عبد الله الملائي، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم قيناً بمكة، وكان اسمه بلعام، وكان أعجمي اللسان، وكان المشركون يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليه ويخرج من عنده، فقالوا: إنما يعلمه بلعام، فأنزل الله هذه الاَية {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين}، وقال الضحاك بن مزاحم: هو سلمان الفارسي، وهذا القول ضعيف، لأن هذه الاَية مكية، وسلمان إنما أسلم بالمدينة، وقال عبيد الله بن مسلم: كان لنا غلامان روميان يقرآن كتاباً لهما بلسانهما فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بهما فيقوم فيسمع منهما، فقال المشركون: يتعلم منهما، فأنزل الله هذه الاَية. وقال الزهري عن سعيد بن المسيب: الذي قال ذلك من المشركين رجل كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارتد بعد ذلك عن الإسلام وافترى هذه المقالة، قبحه الله





إِنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * إِنّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ



يخبر تعالى أنه لا يهدي من أعرض عن ذكره وتغافل عما أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يكن له قصد إلى الايمان بما جاء من عند الله، فهذا الجنس من الناس لا يهديهم الله إلى الايمان بآياته وما أرسل به رسله في الدنيا، ولهم عذاب أليم موجع في الاَخرة، ثم أخبر تعالى أن رسوله صلى الله عليه وسلم ليس بمفتر ولا كذاب، لأنه إنما يفتري الكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم شرار الخلق، {الذين لا يؤمنون بآيات الله} من الكفرة والملحدين المعروفين بالكذب عند الناس، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان أصدق الناس وأبرهم وأكملهم علماً وعملاً وإيماناً وإيقاناً، معروفاً بالصدق في قومه، لا يشك في ذلك أحد منهم بحيث لا يدعى بينهم إلا بالأمين محمد صلى الله عليه وسلم ، ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن تلك المسائل التي سألها من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيما قال له: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قال: لا ، فقال هرقل: فما كان ليدع الكذب على الناس ويذهب فيكذب على الله عز وجل





مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنّ بِالإِيمَانِ وَلَـَكِن مّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنّهُمُ اسْتَحَبّواْ الْحَيَاةَ الْدّنْيَا عَلَىَ الاَخِرَةِ وَأَنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَـَئِكَ الّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لاَ جَرَمَ أَنّهُمْ فِي الاَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ



أخبر تعالى عمن كفر به بعد الإيمان والتبصر، وشرح صدره بالكفر واطمأن به، أنه قد غضب عليه لعلمهم بالإيمان ثم عدولهم عنه، وأن لهم عذابا عظيماً في الدار الاَخرة، لأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الاَخرة، فأقدموا على ما أقدموا عليه من الردة لأجل الدنيا، ولم يهد الله قلوبهم ويثبتهم على الدين الحق، فطبع على قلوبهم، فهم لا يعقلون بها شيئاً ينفعهم، وختم على سمعهم وأبصارهم فلا ينتفعون بها، ولا أغنت عنهم شيئاً فهم غافلون عما يراد بهم، {لا جرم} أي لا بد ولا عجب أن من هذه صفته {أنهم في الاَخرة هم الخاسرون} أي الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ـ وأما قوله: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} فهو استثناء ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه مكرهاً لما ناله من ضرب وأذى، وقلبه يأبى ما يقول، وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله

وقد روى العوفي عن ابن عباس أن هذه الاَية نزلت في عمار بن ياسر حين عذبه المشركون حتى يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فوافقهم على ذلك مكرهاً، وجاء معتذراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله هذه الاَية. وهكذا قال الشعبي وقتادة وأبو مالك، وقال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن عبد الكريم الجزري، عن أبي عبيدة محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «كيف تجد قلبك ؟} قال: مطمئناً بالإيمان. قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إن عادوا فعد» ورواه البيهقي بأبسط من ذلك، وفيه أنه سب النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر آلهتهم بخير، فشكا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله ما تركت حتى سببتك وذكرت آلهتهم بخير، قال: «كيف تجد قلبك ؟» قال: مطمئناً بالإيمان، فقال «إن عادوا فعد»، وفي ذلك أنزل الله {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} ولهذا اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يوالي إبقاء لمهجته، ويجوز له أن يأبى كما كان بلال رضي الله عنه يأبى عليهم ذلك وهم يفعلون به الأفاعيل، حتى إنهم ليضعوا الصخرة العظيمة على صدره في شدة الحر، ويأمرونه بالشرك بالله فيأبى عليهم، وهو يقول: أحد، أحد. ويقول: والله لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها، رضي الله عنه وأرضاه. وكذلك حبيب بن زيد الأنصاري لما قال له مسيلمة الكذاب: أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ فيقول: نعم. فيقول: أتشهد أني رسول الله ؟ فيقول: لا أسمع. فلم يزل يقطعه إرباً إرباً وهو ثابت على ذلك. وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب عن عكرمة أن علياً رضي الله عنه حرق ناساً ارتدوا عن الأسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تعذبوا بعذاب الله» وكنت أقاتلهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من بدل دينه فاقتلوه» فبلغ ذلك علياً فقال: ويح أم ابن عباس، رواه البخاري

وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر عن أيوب عن حميد بن هلال العدوي، عن أبي بردة قال: قدم على أبي موسى معاذ بن جبل باليمن، فإذا رجل عنده، قال: ما هذا ؟ قال: رجل كان يهودياً فأسلم، ثم تهود ونحن نريده على الإسلام منذ قال أحسبه شهرين، فقال: والله لا أقعد حتى تضربوا عنقه، فضربت عنقه، فقال: قضى الله ورسوله أن من رجع عن دينه فاقتلوه أو قال: «من بدل دينه فاقتلوه» وهذه القصة في الصحيحين بلفظ آخر. والأفضل والأولى أن يثبت المسلم على دينه ولو أفضى إلى قتله، كما ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن حذافة السهمي أحد الصحابة أنه أسرته الروم، فجاءوا به إلى ملكهم فقال له: تنصر وأنا أشركك في ملكي وأزوجك ابنتي، فقال له: لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما تملكه العرب على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما فعلت، فقال: إذاً أقتلك، فقال: أنت وذاك، قال: فأمر به فصلب، وأمر الرماة فرموه قريباً من يديه ورجليه وهو يعرض عليه دين النصرانية فيأبى، ثم أمر به فأنزل، ثم أمر بقدر، وفي رواية ببقرة من نحاس فأحميت، وجاء بأسير من المسلمين فألقاه وهو ينظر، فإذا هو عظام تلوح، وعرض عليه فأبى، فأمر به أن يلقى فيها، فرفع في البكرة ليلقى فيها، فبكى فطمع فيه ودعاه، فقال: إنما بكيت لأن نفسي إنما هي نفس واحدة تلقى في هذه القدر الساعة في الله، فأحببت أن يكون لي بعدد كل شعرة في جسدي نفس تعذب هذا العذاب في الله. وفي بعض الروايات أنه سجنه ومنع منه الطعام والشراب أياماً، ثم أرسل إليه بخمر ولحم خنزير فلم يقربه، ثم استدعاه فقال: ما منعك أن تأكل ؟ فقال: أما إنه قد حل لي، ولكن لم أكن لأشمتك بي، فقال له الملك: فقبل رأسي وأنا أطلقك، فقال: وتطلق معي جميع أسارى المسلمين ؟ قال: نعم، فقبل رأسه فأطلقه وأطلق معه جميع أسارى المسلمين عنده، فلما رجع قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة، وأنا أبدأ، فقام فقبل رأسه رضي الله عنهما





ثُمّ إِنّ رَبّكَ لِلّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنّ رَبّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رّحِيمٌ * يَوْمَ تَأْتِي كُلّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نّفْسِهَا وَتُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ



هؤلاء صنف آخر كانو مستضعفين بمكة مهانين في قومهم فوافقوهم على الفتنة، ثم إنهم أمكنهم الخلاص بالهجرة فتركوا بلادهم وأهليهم وأموالهم ابتغاء رضوان الله وغفرانه، وانتظموا في سلك المؤمنين، وجاهدوا معهم الكافرين، وصبروا، فأخبر تعالى أنه من بعدها، أي تلك الفعلة وهي الإجابة إلى الفتنة لغفور لهم رحيم بهم يوم معادهم {يوم تأتي كل نفس تجادل} أي تحاج {عن نفسها} ليس أحد يحاج عنها لا أب ولا ابن ولا أخ ولا زوجة {وتوفى كل نفس ما عملت} أي من خير وشر {وهم لا يظلمون} أي لا ينقص من ثواب الخير، ولا يزاد على ثواب الشر، ولا يظلمون نقيراً. )





وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مّطْمَئِنّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مّنْهُمْ فَكَذّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ



هذا مثل أريد به أهل مكة، فإنها كانت آمنة مطمئنة مستقرة يتخطف الناس من حولها، ومن دخلها كان آمنا لا يخاف، كما قال تعالى: {وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أو لم نمكن لهم حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقاً من لدنا}، وهكذا قال ههنا: {يأتيها رزقها رغداً} أي هنيئاً سهلاً {من كل مكان فكفرت بأنعم الله} أي جحدت آلاء الله عليها وأعظمها بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إليهم، كما قال تعالى: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار} ولهذا بدلهم الله بحاليهم الأولين خلافهما، فقال: {فأذاقها الله لباس الجوع والخوف} أي ألبسها وأذاقها الجوع بعد أن كان يجبى إليهم ثمرات كل شيء، ويأيتها رزقها رغداً من كل مكان، وذلك لمّا استعصوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوا إلا خلافه فدعا عليهم بسبع كسبع يوسف، فأصابتهم سنة أذهبت كل شيء لهم، فأكلوا العلهز وهو وبر البعير يخلط بدمه إذا نحروه

وقوله: {والخوف} وذلك أنهم بدلوا بأمنهم خوفاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين هاجروا إلى المدينة من سطوته وسراياه وجيوشه، وجعل كل ما لهم في دمار وسفال حتى فتحها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك بسبب صنيعهم وبغيهم وتكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله فيهم منهم، وامتن به عليهم في قوله: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم} الاَية. وقوله تعالى: {فاتقوا الله يا أولي الألباب * الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكراً رسولاً} الاَية، وقوله: {كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ـ الى قوله ـ ولا تكفرون} وكما أنه انعكس على الكافرين حالهم فخافوا بعد الأمن، وجاعوا بعد الرغد، فبدل الله المؤمنين من بعد خوفهم أمناً، ورزقهم بعد العيلة، وجعلهم أمراء الناس وحكامهم وسادتهم وقادتهم وأئمتهم، وهذا الذي قلناه من أن هذا المثل ضرب لأهل مكة قاله العوفي عن ابن عباس، وإليه ذهب مجاهد وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وحكاه مالك عن الزهري رحمهم الله

وقال ابن جرير: حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا نافع بن يزيد، حدثنا عبد الرحمن بن شريح أن عبد الكريم بن الحارث الحضرمي حدثه أنه سمع مشرح بن هاعان يقول: سمعت سليم بن عتر يقول: صدرنا من الحج مع حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان رضي الله عنه محصور بالمدينة، فكانت تسأل عنه ما فعل ؟ حتى رأت راكبين فأرسلت إليهما تسألهما فقالا: قتل، فقالت حفصة: والذي نفسي بيده إنها القرية ـ تعني المدينة ـ التي قال الله تعالى: {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله} قال ابن شريح: وأخبرني عبيد الله بن المغيرة عمن حدثه أنه كان يقول إنها المدينة





فَكُلُواْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ إِن كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنّمَا حَرّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدّمَ وَلَحْمَ الْخَنْزِيرِ وَمَآ أُهِلّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ * وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـَذَا حَلاَلٌ وَهَـَذَا حَرَامٌ لّتَفْتَرُواْ عَلَىَ اللّهِ الْكَذِبَ إِنّ الّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىَ اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ



يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين بأكل رزقه الحلال الطيب وبشكره على ذلك فإنه المنعم المتفضل به ابتداء الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له، ثم ذكر تعالى ما حرمه عليهم مما فيه مضرة لهم في دينهم ودنياهم من الميتة والدم ولحم الخنزير {وما أهل لغير الله به} أي ذبح على غير اسم الله، ومع هذا {فمن اضطر} إليه أي احتاج من غير بغي ولا عدوان {فإن الله غفور رحيم}. وقد تقدم الكلام على مثل هذه الاَية في سورة البقرة بما فيه كفاية عن إعادته، ولله الحمد

ثم نهى تعالى عن سلوك سبيل المشركين الذين حللوا وحرموا بمجرد ما وصفوه واصطلحوا عليه من الأسماء بآرائهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وغير ذلك، مما كان شرعاً لهم ابتدعوه في جاهليتهم، فقال: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب} ويدخل في هذا كل من ابتدع بدعة ليس له فيها مستند شرعي، أو حلل شيئاً مما حرم الله، أو حرم شيئاً مما أباح الله بمجرد رأيه وتشهيه، وما في قوله: {لما تصف} مصدرية، أي ولا تقولوا الكذب لوصف ألسنتكم، ثم توعد على ذلك فقال: {إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} أي في الدنيا ولا في الاَخرة، أما في الدنيا فمتاع قليل، وأما في الاَخرة فلهم عذاب أليم، كما قال: {نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ} وقال {إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون}





وَعَلَىَ الّذِينَ هَادُواْ حَرّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـَكِن كَانُوَاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * ثُمّ إِنّ رَبّكَ لِلّذِينَ عَمِلُواْ السّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوَاْ إِنّ رَبّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رّحِيمٌ



لما ذكر تعالى أنه إنما حرم علينا الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به وإنما أرخص فيه عند الضرورة ـ وفي ذلك توسعة لهذه الأمة التي يريد الله بها اليسرى ولا يريد بها العسرى ـ ذكر سبحانه وتعالى ما كان حرمه على اليهود في شريعتهم قبل أن ينسخها، وما كانوا فيه من الاَصار والتضييق والأغلال والحرج، فقال: {وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل} أي في سورة الأنعام في قوله: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ماحملت ظهورهما ـ إلى قوله ـ لصادقون} ولهذا قال ههنا: {وما ظلمناهم} أي فيما ضيقنا عليهم {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} أي فاستحقوا ذلك، كقوله: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً} ثم أخبر تعالى تكرماً وامتناناً في حق العصاة المؤمنين أن من تاب منهم إليه تاب عليه، فقال: {ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة} قال بعض السلف: كل من عصى الله فهو جاهل {ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} أي أقلعوا عما كانوا فيه من المعاصي وأقبلوا على فعل الطاعات {إن ربك من بعدها} أي تلك الفعلة والزلة {لغفور رحيم}





إِنّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِراً لأنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الْدّنْيَا حَسَنَةً وَإِنّهُ فِي الاَخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ * ثُمّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ اتّبِعْ مِلّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ



يمدح تعالى عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء ووالد الأنبياء، ويبرئه من المشركين ومن اليهودية والنصرانية، فقال: {إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً} فأما الأمة: فهو الإمام الذي يقتدى به، والقانت: هو الخاشع المطيع، والحنيف: المنحرف قصداً عن الشرك إلى التوحيد، ولهذا قال: {ولم يك من المشركين} قال سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل، عن مسلم البطين عن أبي العبيدين: أنه سأل عبد الله بن مسعود عن الأمة القانت، فقال: الأمة معلم الخير، والقانت: المطيع لله ورسوله، وعن مالك قال: قال ابن عمر: الأمة الذي يعلم الناس دينهم، وقال الأعمش عن يحيى بن الجزار عن أبي العبيدين أنه جاء إلى عبد الله فقال: من نسأل إذا لم نسألك ؟ فكأن ابن مسعود رق له، فقال: أخبرني عن الأمة، فقال: الذي يعلم الناس الخير

وقال الشعبي: حدثني فروة بن نوفل الأشجعي قال: قال ابن مسعود: إن معاذاً كان أمة قانتاً لله حنيفاً، فقلت في نفسي: غلط أبو عبد الرحمن، وقال إنما قال الله: {إن إبراهيم كان أمة} فقال: أتدري ما الأمة وما القانت ؟ قلت: الله أعلم، فقال: الأمة الذي يعلم الخير، والقانت المطيع لله ورسوله، وكذلك كان معاذ. وقد روي من غير وجه عن ابن مسعود، أخرجه ابن جرير. وقال مجاهد: أمة أي أمة وحده، والقانت المطيع وقال مجاهد أيضاً: كان إبراهيم أمة أي مؤمناً وحده والناس كلهم إذ ذاك كفار. وقال قتادة: كان إمام هدى، والقانت المطيع لله. وقوله: {شاكراً لأنعمه} أي قائماً بشكر نعم الله عليه، كقوله تعالى: {وإبراهيم الذي وفى} أي قام بجميع ما أمره الله تعالى به

وقوله: {اجتباه} أي اختاره واصطفاه كقوله: {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين}، ثم قال: {وهداه إلى صراط مستقيم} وهو عبادة الله وحده لا شريك له على شرع مرضي. وقوله: {وآتيناه في الدنيا حسنة} أي جمعنا له خير الدنيا من جميع ما يحتاج المؤمن إليه في إكمال حياته الطيبة {وإنه في الاَخرة لمن الصالحين}. وقال مجاهد في قوله: {وآتيناه في الدنيا حسنة} أي لسان صدق. وقوله: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً} أي ومن كماله وعظمته وصحة توحيده وطريقه، أنا أوحينا إليك ياخاتم الرسل وسيد الأنبياء {أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} كقوله في الأنعام: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم * ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} ثم قال تعالى منكراً على اليهود





إِنّمَا جُعِلَ السّبْتُ عَلَىَ الّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنّ رَبّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ



لا شك أن الله تعالى شرع في كل ملة يوماً من الأسبوع يجتمع الناس فيه للعبادة فشرع تعالى لهذه الأمة يوم الجمعة لأنه اليوم السادس الذي أكمل الله فيه الخليقة واجتمعت فيه وتمت النعمة على عباده، ويقال: إن الله تعالى شرع ذلك لبني إسرائيل على لسان موسى فعدلوا عنه، واختاروا السبت لأنه اليوم الذي لم يخلق فيه الرب شيئاً من المخلوقات الذي كمل خلقها يوم الجمعة فألزمهم تعالى به في شريعة التوراة، ووصاهم أن يتمسكوا به وأن يحافظوا عليه مع أمره إياهم بمتابعة محمد صلى الله عليه وسلم إذا بعثه وأَخْذِه مواثيقهم وعهودهم على ذلك، ولهذا قال تعالى: {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه} قال مجاهد: اتبعوه وتركوا الجمعة ثم إنهم لم يزالوا متمسكين به حتى بعث الله عيسى ابن مريم، فيقال: إنه حولهم إلى يوم الأحد، ويقال إنه لم يترك شريعة التوراة إلا ما نسخ من بعض أحكامها، وإنه لم يزل محافظا على السبت حتى رفع، وإن النصارى بعده في زمن قسطنطين هم الذين تحولوا إلى يوم الأحد مخالفة لليهود، وتحولوا إلى الصلاة شرقاً عن الصخرة، والله أعلم.

وقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول لله صلى الله عليه وسلم قال: «نحن الاَخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع: اليهود غداً والنصارى بعد غد» لفظ البخاري. وعن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الاَخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، والمقضى بينهم قبل الخلائق» رواه مسلم





ادْعُ إِلِىَ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنّ رَبّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ



يقول تعالى آمراً رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يدعو الخلق إلى الله بالحكمة. قال ابن جرير: وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة {والموعظة الحسنة}، أي بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس، ذكرهم بها ليحذروا بأس الله تعالى، وقوله: {وجادلهم بالتي هي أحسن} أي من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب، كقوله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم} الاَية، فأمره تعالى بلين الجانب كما أمر به موسى وهارون عليهما السلام حين بعثهما إلى فرعون في قوله: {فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى}

وقوله: {إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله} الاَية، أي قد علم الشقي منهم والسعيد، وكتب ذلك عنده وفرغ منه، فادعهم إلى الله ولا تذهب نفسك على من ضل منهم حسرات، فإنه ليس عليك هداهم إنما أنت نذير عليك البلاغ وعلينا الحساب {إنك لا تهدي من أحببت}، {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء}





وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لّلصّابِرينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مّمّا يَمْكُرُونَ * إِنّ اللّهَ مَعَ الّذِينَ اتّقَواْ وّالّذِينَ هُم مّحْسِنُونَ



يأمر تعالى بالعدل في القصاص والمماثلة في استيفاء الحق، كما قال عبد الرزاق عن الثوري عن خالد، عن ابن سيرين أنه قال في قوله تعالى: {فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} إن أخذ منكم رجل شيئاً فخذوا مثله، وكذا قال مجاهد وإبراهيم والحسن البصري وغيرهم واختاره ابن جرير. وقال ابن زيد: كانوا قد أمروا بالصفح عن المشركين فأسلم رجال ذوو منعة فقالوا: يارسول الله لو أذن الله لنا لا نتصرنا من هؤلاء الكلاب. فنزلت هذه الاَية، ثم نسخ ذلك بالجهاد

وقال محمد بن إسحاق عن بعض أصحابه عن عطاء بن يسار قال: نزلت سورة النحل كلها بمكة، وهيمكية إلا ثلاث آيات من آخرها نزلت بالمدينة بعد أحد حين قتل حمزة رضي الله عنه ومثل به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لئن أظهرني الله عليهم لأمثلن بثلاثين رجلاً منهم» فلما سمع المسلمون ذلك قالوا: والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلهاأحد من العرب بأحد قط، فأنزل الله {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} إلى آخر السورة، وهذا مرسل وفيه رجل مبهم لم يسم

وقد روي هذا من وجه آخر متصل، فقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا الحسن بن يحيى، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا صالح المري عن سليمان التيمي عن أبي عثمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول لله صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه حين استشهد، فنظر إلى منظر لم ينظر إلى منظر أوجع للقلب منه، أو قال لقلبه، فنظر إليه وقد مثل به، فقال: «رحمة الله عليك إن كنت ما علمتك إلا وصولاً للرحم، فعولاً للخيرات، والله لولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتى يحشرك الله من بطون السباع ـ أو كلمة نحوها ـ أما والله على ذلك لأمثلن بسبعين كمثلتك» فنزل جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم بهذه السورة وقرأ {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به} إلى آخر الاَية، فكفر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني عن يمينه وأمسك عن ذلك، وهذا إسناد فيه ضعف، لأن صالحاً هو ابن بشير المري ضعيف عند الأئمة، وقال البخاري: هو منكر الحديث، وقال الشعبي وابن جريج: نزلت في قول المسلمين يوم أحد فيمن مثل بهم لنمثلن بهم فأنزل الله فيهم ذلك

وقال عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه: حدثنا هدية بن عبد الوهاب المروزي، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا عيسى بن عبيد عن الربيع بن أنس عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال: لما كان يوم أحد قتل من الأنصار ستون رجلاً، ومن المهاجرين ستة، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن كان لنا يوم مثل هذا من المشركين لنربيّن عليهم، فلما كان يوم الفتح قال رجل: لا تعرف قريش بعد اليوم، فنادى مناد: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمن الأسود والأبيض إلا فلاناً وفلاناً ـ ناساً سماهم ـ فأنزل الله تبارك وتعالى {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به} إلى آخر السورة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نصبر ولا نعاقب» وهذه الاَية الكريمة لها أمثال في القرآن، فإنها مشتملة على مشروعية العدل والندب إلى الفضل كما في قوله: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} ثم قال: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} الاَية. وقال: {والجروح قصاص} ثم قال {فمن تصدق به فهو كفارة له} وقال في هذه الاَية: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} ثم قال {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}

وقوله تعالى: {واصبر وما صبرك إلا بالله} تأكيد للأمر بالصبر وإخبار بأن ذلك لا ينال إلا بمشيئة الله وإعانته، وحوله وقوته، ثم قال تعالى: {ولا تحزن عليهم} أي على من خالفك فإن الله قدر ذلك {ولا تك في ضيق} أي غم {مما يمكرون} أي مما يجهدون أنفسهم في عداوتك وإيصال الشر إليك، فإن الله كافيك وناصرك ومؤيدك ومظهرك ومظفرك بهم. وقوله: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} أي معهم بتأييده ونصره ومعونته وهديه وسعيه وهذه معية خاصة كقوله: {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا} وقوله لموسى وهارون: { لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى} وقول النبي صلى الله عليه وسلم للصديق وهما في الغار: « لا تحزن إن الله معنا» وأما المعية العامة فبالسمع والبصر والعلم، كقوله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير} وكقوله تعالى: {ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا} وكما قال تعالى: { وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً} الاَية، ومعنى {الذين اتقوا} أي تركوا المحرمات، {والذين هم محسنون} أي فعلوا الطاعات، فهؤلاء الله يحفظهم ويكلؤهم وينصرهم ويؤيدهم ويظفرهم على أعدائهم ومخالفيهم، وقال ابن أبي حاتم: حدثناأبي، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا مسعر عن عون عن محمد بن حاطب: كان عثمان رضي الله عنه من الذين اتقوا والذين ه
م محسنون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة النّحل - من آية 98 - إلى نهاية الآية 128
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة النّحل - من آية 1 - إلى نهاية الآية 25
»  تفسير سورة النّحل - من آية 26 - إلى نهاية الآية 62
» تفسير سورة النّحل - من آية 63 - إلى نهاية الآية 74
»  تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97
»  تفسير سورة طه - من آية 83 - إلى نهاية الآية 104

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير"-
انتقل الى: