منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    Empty
مُساهمةموضوع: تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه    I_icon_minitimeالسبت مارس 11, 2017 10:55 pm


تابع ----

[ ص: 49 ] قوله : ( حين يخالط بشاشة القلوب ) . كذا روي بالنصب على المفعولية والقلوب مضاف إليه ، أي : يخالط الإيمان انشراح الصدور ، وروي " بشاشة القلوب " بالضم والقلوب مفعول ، أي : يخالط بشاشة الإيمان وهو شرحه القلوب التي يدخل فيها . زاد المصنف في الإيمان " لا يسخطه أحد " كما تقدم . وزاد ابن السكن في روايته في معجم الصحابة " يزداد به عجبا وفرحا " . وفي رواية ابن إسحاق " وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبا فتخرج منه " .

قوله : ( وكذلك الرسل لا تغدر ) لأنها لا تطلب حظ الدنيا الذي لا يبالي طالبه بالغدر ، بخلاف من طلب الآخرة . ولم يعرج هرقل على الدسيسة التي دسها أبو سفيان كما تقدم . وسقط من هذه الرواية إيراد تقرير السؤال العاشر والذي بعده وجوابه ، وقد ثبت الجميع في رواية المؤلف التي في الجهاد وسيأتي الكلام عليه ثم ، إن شاء الله تعالى .

( فائدة ) : قال المازني هذه الأشياء التي سأل عنها هرقل ليست قاطعة على النبوة ، إلا أنه يحتمل أنها كانت عنده علامات على هذا النبي بعينه ; لأنه قال بعد ذلك : قد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أكن أظن أنه منكم . وما أورده احتمالا جزم به ابن بطال ; وهو ظاهر .

قوله : ( فذكرت أنه يأمركم ) ذكر ذلك بالاقتضاء ; لأنه ليس في كلام أبي سفيان ذكر الأمر بل صيغته . وقوله " وينهاكم عن عبادة الأوثان " مستفاد من قوله " ولا تشركوا به شيئا ، واتركوا ما يقول آباؤكم " لأن مقولهم الأمر بعبادة الأوثان .

قوله : ( أخلص ) بضم اللام أي : أصل ، يقال خلص إلى كذا أي : وصل .

قوله : ( لتجشمت ) بالجيم والشين المعجمة ، أي : تكلفت الوصول إليه . وهذا يدل على أنه كان يتحقق أنه لا يسلم من القتل إن هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، واستفاد ذلك بالتجربة كما في قصة ضغاطر الذي أظهر لهم إسلامه فقتلوه [3] . وللطبراني من طريق ضعيف عن عبد الله بن شداد عن دحية في هذه القصة مختصرا ، فقال قيصر : أعرف أنه كذلك ، ولكن لا أستطيع أن أفعل ، إن فعلت ذهب ملكي وقتلني الروم . وفي مرسل ابن إسحاق عن بعض أهل العلم أن هرقل قال : ويحك ، والله إني لأعلم أنه نبي مرسل ، ولكني أخاف الروم على نفسي ، ولولا ذلك لاتبعته . لكن لو تفطن هرقل لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب الذي أرسل إليه " أسلم تسلم " وحمل الجزاء على عمومه في الدنيا والآخرة لسلم لو أسلم من كل ما يخافه . ولكن التوفيق بيد الله تعالى . وقوله " لغسلت عن قدميه " مبالغة في العبودية له والخدمة . زاد عبد الله بن شداد عن أبي سفيان " لو علمت أنه هو لمشيت إليه حتى أقبل رأسه وأغسل قدميه " وهي تدل على أنه كان بقي عنده بعض شك . وزاد فيها " ولقد رأيت جبهته تتحادر عرقا من كرب الصحيفة " يعني لما قرئ عليه كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي اقتصاره على ذكر غسل القدمين إشارة منه إلى أنه لا يطلب منه - إذا وصل إليه سالما - لا ولاية ولا منصبا ، وإنما يطلب ما تحصل له به البركة .

وقوله " وليبلغن ملكه ما تحت قدمي " أي : بيت المقدس ، وكنى بذلك لأنه موضع استقراره . أو أراد الشام كله لأن دار مملكته كانت حمص . ومما يقوي أن هرقل آثر [ ص: 50 ] ملكه على الإيمان واستمر على الضلال أنه حارب المسلمين في غزوة مؤتة سنة ثمان بعد هذه القصة بدون السنتين ، ففي مغازي ابن إسحاق : وبلغ المسلمين لما نزلوا معان من أرض الشام أن هرقل نزل في مائة ألف من المشركين ، فحكى كيفية الوقعة . وكذا روى ابن حبان في صحيحه عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إليه أيضا من تبوك يدعوه ، وأنه قارب الإجابة ، ولم يجب . فدل ظاهر ذلك على استمراره على الكفر ، لكن يحتمل مع ذلك أنه كان يضمر الإيمان ويفعل هذه المعاصي مراعاة لملكه وخوفا من أن يقتله قومه ، إلا أن في مسند أحمد أنه كتب من تبوك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني مسلم . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : كذب ، بل هو على نصرانيته . وفي كتاب الأموال لأبي عبيد بسند صحيح من مرسل بكر بن عبد الله المزني نحوه ، ولفظه فقال : كذب عدو الله ، ليس بمسلم . فعلى هذا إطلاق صاحب الاستيعاب أنه آمن - أي : أظهر التصديق - لكنه لم يستمر عليه ويعمل بمقتضاه ، بل شح بملكه وآثر الفانية على الباقية . والله الموفق .

قوله : ( ثم دعا ) أي : من وكل ذلك إليه ، ولهذا عدي إلى الكتاب بالباء . والله أعلم .

قوله : ( دحية ) بكسر الدال ، وحكي فتحها لغتان ، ويقال إنه الرئيس بلغة أهل اليمن ، وهو ابن خليفة الكلبي ، صحابي جليل كان أحسن الناس وجها ، وأسلم قديما ، وبعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر سنة ست بعد أن رجع من الحديبية بكتابه إلى هرقل ، وكان وصوله إلى هرقل في المحرم سنة سبع ، قاله الواقدي . ووقع في تاريخ خليفة أن إرسال الكتاب إلى هرقل كان سنة خمس ، والأول أثبت ، بل هذا غلط لتصريح أبي سفيان بأن ذلك كان في مدة الهدنة ، والهدنة كانت في آخر سنة ست اتفاقا ، ومات دحية في خلافة معاوية . وبصرى بضم أوله والقصر مدينة بين المدينة ودمشق ، وقيل هي حوران ، وعظيمها هو الحارث بن أبي شمر الغساني . وفي الصحابة لابن السكن أنه أرسل بكتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل مع عدي بن حاتم ، وكان عدي إذ ذاك نصرانيا ، فوصل به هو ودحية معا ، وكانت وفاة الحارث المذكور عام الفتح .

قوله : ( من محمد ) فيه أن السنة أن يبدأ الكتاب بنفسه ، وهو قول الجمهور ، بل حكى فيه النحاس إجماع الصحابة . والحق إثبات الخلاف . وفيه أن " من " التي لابتداء الغاية تأتي من غير الزمان والمكان كذا قاله أبو حيان ، والظاهر أنها هنا أيضا لم تخرج عن ذلك ، لكن بارتكاب مجاز . زاد في حديث دحية : وعنده ابن أخ له أحمر أزرق سبط الرأس . وفيه : لما قرأ الكتاب سخر فقال : لا تقرأه ، إنه بدأ بنفسه . فقال قيصر : لتقرأنه . فقرأه . وقد ذكر البزار في مسنده عن دحية الكلبي أنه هو ناول الكتاب لقيصر ، ولفظه " بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتابه إلى قيصر فأعطيته الكتاب " .

قوله ( عظيم الروم ) فيه عدول عن ذكره بالملك أو الإمرة ; لأنه معزول بحكم الإسلام ، لكنه لم يخله من إكرام لمصلحة التألف . وفي حديث دحية أن ابن أخي قيصر أنكر أيضا كونه لم يقل ملك الروم .

قوله : ( سلام على من اتبع الهدى ) في رواية المصنف في الاستئذان " السلام " بالتعريف . وقد ذكرت في قصة موسى وهارون مع فرعون . وظاهر السياق يدل على أنه من جملة ما أمرا به أن يقولاه . فإن قيل : كيف يبدأ الكافر بالسلام ؟ فالجواب أن المفسرين قالوا : ليس المراد من هذا التحية ، إنما معناه سلم من عذاب الله من أسلم . ولهذا جاء بعده أن العذاب على من كذب وتولى . وكذا جاء في بقية هذا الكتاب " فإن توليت [ ص: 51 ] فإن عليك إثم الأريسيين " . فمحصل الجواب أنه لم يبدأ الكافر بالسلام قصدا وإن كان اللفظ يشعر به ، لكنه لم يدخل في المراد لأنه ليس ممن اتبع الهدى فلم يسلم عليه .

قوله : ( أما بعد ) في قوله " أما " معنى الشرط ، وتستعمل لتفصيل ما يذكر بعدها غالبا ، وقد ترد مستأنفة لا لتفصيل كالتي هنا ، وللتفصيل والتقرير ، وقال الكرماني : هي هنا للتفصيل وتقديره : أما الابتداء فهو اسم الله ، وأما المكتوب فهو من محمد رسول الله . . إلخ ، كذا قال . ولفظة " بعد " مبنية على الضم ، وكان الأصل أن تفتح لو استمرت على الإضافة ، لكنها قطعت عن الإضافة فبنيت على الضم ، وسيأتي مزيد في الكلام عليها في كتاب الجمعة .

قوله : ( بدعاية الإسلام ) بكسر الدال ، من قولك دعا يدعو دعاية نحو شكا يشكو شكاية . ولمسلم " بداعية الإسلام " أي : بالكلمة الداعية إلى الإسلام ، وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، والباء موضع إلى . وقوله " أسلم تسلم " غاية في البلاغ ، وفيه نوع من البديع وهو الجناس الاشتقاقي .

قوله : ( يؤتك ) جواب ثان للأمر . وفي الجهاد للمؤلف " أسلم أسلم يؤتك " بتكرار أسلم ، فيحتمل التأكيد ، ويحتمل أن يكون الأمر الأول للدخول في الإسلام والثاني للدوام عليه كما في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله الآية . وهو موافق لقوله تعالى أولئك يؤتون أجرهم مرتين الآية . وإعطاؤه الأجر مرتين لكونه كان مؤمنا بنبيه ثم آمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، ويحتمل أن يكون تضعيف الأجر له من جهة إسلامه ومن جهة أن إسلامه يكون سببا لدخول أتباعه . وسيأتي التصريح بذلك في موضعه من حديث الشعبي من كتاب العلم إن شاء الله تعالى . واستنبط منه شيخنا شيخ الإسلام أن كل من دان بدين أهل الكتاب كان في حكمهم في المناكحة والذبائح ; لأن هرقل هو وقومه ليسوا من بني إسرائيل ، وهم ممن دخل في النصرانية بعد التبديل . وقد قال له ولقومه يا أهل الكتاب فدل على أن لهم حكم أهل الكتاب ، خلافا لمن خص ذلك بالإسرائيليين أو بمن علم أن سلفه ممن دخل في اليهودية أو النصرانية قبل التبديل . والله أعلم .

قوله : ( فإن توليت ) أي : أعرضت عن الإجابة إلى الدخول في الإسلام . وحقيقة التولي إنما هو بالوجه ، ثم استعمل مجازا في الإعراض عن الشيء ، وهي استعارة تبعية .

قوله : ( الأريسيين ) هو جمع أريسي ، وهو منسوب إلى أريس بوزن فعيل ، وقد تقلب همزته ياء كما جاءت به رواية أبي ذر والأصيلي وغيرهما هنا ، قال ابن سيده : الأريس الأكار ، أي : الفلاح عند ثعلب ، وعند كراع : الأريس هو الأمير ، وقال الجوهري : هي لغة شامية ، وأنكر ابن فارس أن تكون عربية ، وقيل في تفسيره غير ذلك لكن هذا هو الصحيح هنا ، فقد جاء مصرحا به في رواية ابن إسحاق عن الزهري بلفظ " فإن عليك إثم الأكارين " زاد البرقاني في روايته : يعني الحراثين ، ويؤيده أيضا ما في رواية المدائني من طريق مرسلة " فإن عليك إثم الفلاحين " ، وكذا عند أبي عبيد في كتاب الأموال من مرسل عبد الله بن شداد " وإن لم تدخل في الإسلام فلا تحل بين الفلاحين وبين الإسلام " قال أبو عبيدة : المراد بالفلاحين أهل مملكته ; لأن كل من كان يزرع فهو عند العرب فلاح ، سواء كان يلي ذلك بنفسه أو بغيره . قال الخطابي : أراد أن عليك إثم الضعفاء والأتباع إذا لم يسلموا تقليدا له ; لأن الأصاغر أتباع الأكابر . قلت : وفي الكلام [ ص: 52 ] حذف دل المعنى عليه وهو : فإن عليك مع إثمك إثم الأريسيين ; لأنه إذا كان عليه إثم الأتباع بسبب أنهم تبعوه على استمرار الكفر فلأن يكون عليه إثم نفسه أولى ، وهذا يعد من مفهوم الموافقة ، ولا يعارض بقوله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى لأن وزر الآثم لا يتحمله غيره ، ولكن الفاعل المتسبب والمتلبس بالسيئات يتحمل من جهتين : جهة فعله وجهة تسببه وقد ورد تفسير الأريسيين بمعنى آخر ، فقال الليث بن سعد عن يونس فيما رواه الطبراني في الكبير من طريقه : الأريسيون العشارون يعني أهل المكس . والأول أظهر . وهذا إن صح أنه المراد ، فالمعنى المبالغة في الإثم ، ففي الصحيح في المرأة التي اعترفت بالزنا " لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت " .

قوله : ( ويا أهل الكتاب إلخ ) هكذا وقع بإثبات الواو في أوله ، وذكر القاضي عياض أن الواو ساقطة من رواية الأصيلي وأبي ذر ، وعلى ثبوتها فهي داخلة على مقدر معطوف على قوله " أدعوك " ، فالتقدير : أدعوك بدعاية الإسلام ، وأقول لك ولأتباعك امتثالا لقول الله تعالى يا أهل الكتاب . ويحتمل أن تكون من كلام أبي سفيان ; لأنه لم يحفظ جميع ألفاظ الكتاب ، فاستحضر منها أول الكتاب فذكره ، وكذا الآية . وكأنه قال فيه : كان فيه كذا وكان فيه يا أهل الكتاب . فالواو من كلامه لا من نفس الكتاب ، وقيل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب ذلك قبل نزول الآية فوافق لفظه لفظها لما نزلت ، والسبب في هذا أن هذه الآية نزلت في قصة وفد نجران ، وكانت قصتهم سنة الوفود سنة تسع ، وقصة سفيان كانت قبل ذلك سنة ست ، وسيأتي ذلك واضحا في المغازي ، وقيل : بل نزلت سابقة في أوائل الهجرة ، وإليه يومئ كلام ابن إسحاق . وقيل : نزلت في اليهود . وجوز بعضهم نزولها مرتين ، وهو بعيد .

( فائدة ) : قيل في هذا دليل على جواز قراءة الجنب للآية أو الآيتين ، وبإرسال بعض القرآن إلى أرض العدو وكذا بالسفر به . وأغرب ابن بطال فادعى أن ذلك نسخ بالنهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ويحتاج إلى إثبات التاريخ بذلك . ومحتمل أن يقال : إن المراد بالقرآن في حديث النهي عن السفر به أي : المصحف ، وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه . وأما الجنب فيحتمل أن يقال إذا لم يقصد التلاوة جاز ، على أن في الاستدلال بذلك من هذه القصة نظرا ، فإنها واقعة عين لا عموم فيها ، فيقيد الجواز على ما إذا وقع احتياج إلى ذلك كالإبلاغ والإنذار كما في هذه القصة ، وأما الجواز مطلقا حيث لا ضرورة فلا يتجه ، وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الطهارة إن شاء الله تعالى .

وقد اشتملت هذه الجمل القليلة التي تضمنها هذا الكتاب على الأمر بقوله " أسلم " والترغيب بقوله " تسلم ويؤتك " والزجر بقوله " فإن توليت " والترهيب بقوله " فإن عليك " والدلالة بقوله " يا أهل الكتاب " وفي ذلك من البلاغة ما لا يخفى وكيف لا وهو كلام من أوتي جوامع الكلم - صلى الله عليه وسلم - .

قوله : ( فلما قال ما قال ) يحتمل أن يشير بذلك إلى الأسئلة والأجوبة ، ويحتمل أن يشير بذلك إلى القصة التي ذكرها ابن الناطور بعد ، والضمائر كلها تعود على هرقل . والصخب اللغط ، وهو اختلاط الأصوات في المخاصمة ، زاد في الجهاد : فلا أدري ما قالوا .

قوله : ( فقلت لأصحابي ) زاد في الجهاد : حين خلوت بهم .

[ ص: 53 ] قوله : ( أمر ) هو بفتح الهمزة وكسر الميم أي : عظم ، وسيأتي في تفسير سبحان . وابن أبي كبشة أراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن أبا كبشة أحد أجداده ، وعادة العرب إذا انتقصت نسبت إلى جد غامض ، قال أبو الحسن النسابة الجرجاني : هو جد وهب جد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمه . وهذا فيه نظر ; لأن وهبا جد النبي - صلى الله عليه وسلم - اسم أمه عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال ، ولم يقل أحد من أهل النسب إن الأوقص يكنى أبا كبشة . وقيل هو جد عبد المطلب لأمه ، وفيه نظر أيضا ; لأن أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد الخزرجي ولم يقل أحد من أهل النسب إن عمرو بن زيد يكنى أبا كبشة . ولكن ذكر ابن حبيب في المجتبى جماعة من أجداد النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبل أبيه ومن قبل أمه كل واحد منهم يكنى أبا كبشة ، وقيل هو أبوه من الرضاعة واسمه الحارث بن عبد العزى قاله أبو الفتح الأزدي وابن ماكولا ، وذكر يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن أبيه عن رجال من قومه أنه أسلم وكانت له بنت تسمى كبشة يكنى بها ، وقال ابن قتيبة والخطابي والدارقطني : هو رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان فعبد الشعرى فنسبوه إليه للاشتراك في مطلق المخالفة ، وكذا قاله الزبير ، قال : واسمه وجز بن عامر بن غالب .

قوله : ( إنه يخافه ) هو بكسر الهمزة استئنافا تعليليا لا بفتحها ولثبوت اللام في " ليخافه " في رواية أخرى .

قوله : ( ملك بني الأصفر ) هم الروم ، ويقال إن جدهم روم بن عيص تزوج بنت ملك الحبشة فجاء لون ولده بين البياض والسواد فقيل له الأصفر ، حكاه ابن الأنباري . وقال ابن هشام في التيجان : إنما لقب الأصفر ; لأن جدته سارة زوج إبراهيم حلته بالذهب .

قوله : ( فما زلت موقنا ) زاد في حديث عبد الله بن شداد عن أبي سفيان " فما زلت مرعوبا من محمد حتى أسلمت " أخرجه الطبراني .

قوله : ( حتى أدخل الله علي الإسلام ) أي : فأظهرت ذلك اليقين ، وليس المراد أن ذلك اليقين ارتفع .

قوله : ( وكان ابن الناطور ) هو بالطاء المهملة ، وفي رواية الحموي بالظاء المعجمة ، وهو بالعربية حارس البستان . ووقع في رواية الليث عن يونس " ابن ناطورا " بزيادة ألف في آخره . فعلى هذا هو اسم أعجمي .

( تنبيه ) : الواو في قوله " وكان " عاطفة ، والتقدير عن الزهري أخبرني عبيد الله فذكر الحديث ، ثم قال الزهري وكان ابن الناطور يحدث فذكر هذه القصة فهي موصولة إلى ابن الناطور لا معلقة كما زعم بعض من لا عناية له بهذا الشأن ، وكذلك أغرب بعض المغاربة فزعم أن قصة ابن الناطور مروية بالإسناد المذكور عن أبي سفيان عنه لأنه [4] رآها لا تصريح فيها بالسماع حملها على ذلك ، وقد بين أبو نعيم في دلائل النبوة أن الزهري قال : لقيته بدمشق في زمن عبد الملك بن مروان . وأظنه لم يتحمل عنه ذلك إلا بعد أن أسلم ، وإنما وصفه بكونه كان سقفا لينبه على أنه كان مطلعا على أسرارهم عالما بحقائق أخبارهم ، وكأن الذي جزم بأنه من رواية الزهري عن عبيد الله اعتمد على ما وقع في سيرة ابن إسحاق فإنه قدم قصة ابن الناطور [ ص: 54 ] هذه على حديث أبي سفيان ، فعنده عن عبيد الله عن ابن عباس أن هرقل أصبح خبيث النفس ، فذكر نحوه . وجزم الحفاظ بما ذكرته أولا ، وهذا مما ينبغي أن يعد فيما وقع من الإدراج أول الخبر . والله أعلم .

قوله : ( صاحب إيلياء ) أي أميرها ، هو منصوب على الاختصاص أو الحال ، أو مرفوع على الصفة ، وهي رواية أبي ذر ، والإضافة التي فيه تقوم مقام التعريف . وقول من زعم أنها في تقدير الانفصال في مقام المنع ، وهرقل معطوف على إيلياء ، وأطلق عليه الصحبة له إما بمعنى التبع ، وإما بمعنى الصداقة ، وفيه استعمال صاحب في معنيين مجازي وحقيقي ; لأنه بالنسبة إلى إيلياء أمير وذاك مجاز ، وبالنسبة إلى هرقل تابع وذلك حقيقة ، قال الكرماني : وإرادة المعنيين الحقيقي والمجازي من لفظ واحد جائز عند الشافعي ، وعند غيره محمول على إرادة معنى شامل لهما وهذا يسمى عموم المجاز . وقوله " سقفا " بضم السين والقاف كذا في رواية غير أبي ذر ، وهو منصوب على أنه خبر كان ، و " يحدث " خبر بعد خبر . وفي رواية الكشميهني سقف بكسر القاف على ما لم يسم فاعله ، وفي رواية المستملي والسرخسي مثله لكن بزيادة ألف في أوله ، والأسقف والسقف لفظ أعجمي ومعناه رئيس دين النصارى ، وقيل عربي وهو الطويل في انحناء ، وقيل ذلك للرئيس لأنه يتخاشع ، وقال بعضهم : لا نظير له في وزنه إلا الأسرب وهو الرصاص ، لكن حكى ابن سيده ثالثا وهو الأسكف للصانع ، ولا يرد الأترج لأنه جمع والكلام إنما هو في المفرد ، وعلى رواية أبي ذر يكون الخبر الجملة التي هي " يحدث أن هرقل " ، فالواو في قوله وكان عاطفة والتقدير عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله فذكر حديث أبي سفيان بطوله ثم قال الزهري : وكان ابن الناطور يحدث . وهذا صورة الإرسال .

قوله : ( حين قدم إيلياء ) يعني في هذه الأيام ، وهي عند غلبة جنوده على جنود فارس وإخراجهم ، وكان ذلك في السنة التي اعتمر فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرة الحديبية ، وبلغ المسلمين نصرة الروم على فارس ففرحوا . وقد ذكر الترمذي وغيره القصة مستوفاة في تفسير قوله تعالى ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله وفي أول الحديث في الجهاد عند المؤلف الإشارة إلى ذلك .

قوله : ( خبيث النفس ) أي : رديء والمراد بالخطاب المسلمون ، وأما فالنفس غير طيبها ، أي : مهموما . وقد تستعمل في كسل النفس ، وفي الصحيح لا يقولن أحدكم خبثت نفسي كأنه كره اللفظ ، والمراد بالخطاب المسلمون وأما في حق هرقل فغير ممتنع . وصرح في رواية ابن إسحاق بقولهم له " لقد أصبحت مهموما " . والبطارقة جمع بطريق بكسر أوله وهم خواص دولة الروم .

قوله : ( حزاء ) بالمهملة وتشديد الزاي آخره همزة منونة أي : كاهنا ، يقال حزا بالتخفيف يحزو حزوا أي تكهن ، وقوله " ينظر في النجوم " إن جعلتها خبرا ثانيا صح ; لأنه كان ينظر في الأمرين ، وإن جعلتها تفسيرا للأول فالكهانة تارة تستند إلى إلقاء الشياطين وتارة تستفاد من أحكام النجوم ، وكان كل من الأمرين في الجاهلية شائعا ذائعا ، إلى أن أظهر الله الإسلام فانكسرت شوكتهم وأنكر الشرع الاعتماد عليهم ، وكان ما اطلع عليه هرقل من ذلك بمقتضى حساب المنجمين أنهم زعموا أن المولد النبوي كان بقران العلويين [5] [ ص: 55 ] ببرج العقرب ، وهما يقترنان في كل عشرين سنة مرة إلا أن تستوفي المثلثة بروجها في ستين سنة ، فكان ابتداء العشرين الأولى المولد النبوي في القران المذكور ، وعند تمام العشرين الثانية مجيء جبريل بالوحي ، وعند تمام الثالثة فتح خيبر وعمرة القضية التي جرت فتح مكة وظهور الإسلام ، وفي تلك الأيام رأى هرقل ما رأى . ومن جملة ما ذكروه أيضا أن برج العقرب مائي وهو دليل ملك القوم الذين يختتنون ، فكان ذلك دليلا على انتقال الملك إلى العرب ، وأما اليهود فليسوا مرادا هنا لأن هذا لمن ينقل إليه الملك لا لمن انقضى ملكه . فإن قيل كيف ساغ للبخاري إيراد هذا الخبر المشعر بتقوية أمر المنجمين والاعتماد على ما تدل عليه أحكامهم ؟ فالجواب أنه لم يقصد ذلك ، بل قصد أن يبين أن الإشارات بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جاءت من كل طريق وعلى لسان كل فريق من كاهن أو منجم محق أو مبطل إنسي أو جني ، وهذا من أبدع ما يشير إليه عالم أو يجنح إليه محتج . وقد قيل إن الحزاء هو الذي ينظر في الأعضاء وفي خيلان الوجه فيحكم على صاحبها بطريق الفراسة . وهذا إن ثبت فلا يلزم منه حصره في ذلك بل اللائق بالسياق في حق هرقل ما تقدم .

قوله : ( ملك الختان ) بضم الميم وإسكان اللام ، وللكشميهني بفتح الميم وكسر اللام .

قوله : ( قد ظهر ) أي : غلب ، يعني دله نظره في حكم النجوم على أن ملك الختان قد غلب ، وهو كما قال ; لأن في تلك الأيام كان ابتداء ظهور النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ صالح كفار مكة بالحديبية وأنزل الله تعالى عليه إنا فتحنا لك فتحا مبينا إذ فتح مكة كان سببه نقض قريش العهد الذي كان بينهم بالحديبية ، ومقدمة الظهور ظهور .

قوله : ( من هذه الأمة ) أي : من أهل هذا العصر ، وإطلاق الأمة على أهل العصر كلهم فيه تجوز ، وهذا بخلاف قوله بعد هذا ملك هذه الأمة قد ظهر ، فإن مراده به العرب خاصة ، والحصر في قولهم إلا اليهود هو بمقتضى علمهم ; لأن اليهود كانوا بإيلياء وهي بيت المقدس كثيرين تحت الذلة مع الروم ، بخلاف العرب فإنهم وإن كان منهم من هو تحت طاعة ملك الروم كآل غسان لكنهم كانوا ملوكا برأسهم .

قوله : ( فلا يهمنك ) بضم أوله ، من أهم : أثار الهم . وقوله " شأنهم " أي : أمرهم . و " مدائن " جمع مدينة قال أبو علي الفارسي : من جعله فعيلة من قولك مدن بالمكان أي : أقام به همزه كقبائل ، ومن جعله مفعلة من قولك دين أي : ملك لم يهمز كمعايش . انتهى وما ذكره في معايش هو المشهور ، وقد روى خارجة عن نافع القاري الهمز في معايش ، وقال القزاز : من همزها توهمها من فعيلة لشبهها بها في اللفظ ، انتهى .

قوله : ( فبينما هم على أمرهم ) أي : في هذه المشورة .

قوله : ( أتي هرقل برجل ) لم يذكر من أحضره . وملك غسان هو صاحب بصرى الذي قدمنا ذكره ، وأشرنا إلى أن ابن السكن روى أنه أرسل من عنده عدي بن حاتم ، فيحتمل أن يكون هو المذكور والله أعلم .

قوله : ( عن خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) فسر ذلك ابن إسحاق في روايته فقال : خرج من بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبي ، فقد اتبعه ناس ، وخالفه ناس ، فكانت بينهم ملاحم في مواطن ، فتركهم وهم على ذلك . فبين ما أجمل في حديث الباب لأنه يوهم أن ذلك كان في أوائل ما ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 56 ] . وفي روايته أنه قال : جردوه ، فإذا هو مختتن ، فقال : هذا والله الذي رأيته ، أعطه ثوبه .

قوله : ( هم يختتنون ) في رواية الأصيلي " هم مختتنون " بالميم والأول أفيد وأشمل .

قوله : ( هذا ملك هذه الأمة قد ظهر ) كذا لأكثر الرواة بالضم ثم السكون ، وللقابسي بالفتح ثم الكسر ، ولأبي عن الكشميهني وحده يملك فعل مضارع ، قال القاضي : أظنها ضمة الميم اتصلت بها فتصحفت ، ووجهه السهيلي في أماليه بأنه مبتدأ وخبر ، أي هذا المذكور يملك هذه الأمة . وقيل يجوز أن يكون يملك نعتا ، أي هذا رجل يملك هذه الأمة . وقال شيخنا : يجوز أن يكون المحذوف هو الموصول على رأي الكوفيين ، أي هذا الذي يملك ، وهو نظير قوله " وهذا تحملين طليق " . على أن الكوفيين يجوزون استعمال اسم الإشارة بمعنى الاسم الموصول ، فيكون التقدير الذي يملك ، من غير حذف ، قلت : لكن اتفاق الرواة على حذف الياء في أوله دال على ما قال القاضي فيكون شاذا . على أنني رأيت في أصل معتمد وعليه علامة السرخسي بباء موحدة في أوله ، وتوجيهها أقرب من توجيه الأول ; لأنه حينئذ تكون الإشارة بهذا إلى ما ذكره من نظره في حكم النجوم ، والباء متعلقة بظهر ، أي : هذا الحكم ظهر بملك هذه الأمة التي تختتن .

قوله : ( برومية ) بالتخفيف ، وهي مدينة معروفة للروم . وحمص مجرور بالفتحة منع صرفه للعلمية والتأنيث . ويحتمل أن يجوز صرفه .

قوله : ( فلم يرم ) بفتح أوله وكسر الراء أي : لم يبرح من مكانه ، هذا هو المعروف ، وقال الداودي : لم يصل إلى حمص وزيفوه .

قوله : ( حتى أتاه كتاب من صاحبه ) وفي حديث دحية الذي أشرت إليه قال : فلما خرجوا أدخلني عليه وأرسل إلي الأسقف وهو صاحب أمرهم فقال : هذا الذي كنا ننتظر ، وبشرنا به عيسى ، أما أنا فمصدقه ومتبعه . فقال له قيصر : أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي ، فذكر القصة ، وفي آخره : فقال لي الأسقف : خذ هذا الكتاب واذهب إلى صاحبك فاقرأ عليه السلام وأخبره أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأني قد آمنت به وصدقته ، وأنهم قد أنكروا علي ذلك . ثم خرج إليهم فقتلوه . وفي رواية ابن إسحاق أن هرقل أرسل دحية إلى ضغاطر الرومي وقال : إنه في الروم أجوز قولا مني ، وإن ضغاطر المذكور أظهر إسلامه وألقى ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا بيضا وخرج على الروم فدعاهم إلى الإسلام وشهد شهادة الحق ، فقاموا إليه فضربوه حتى قتلوه . قال فلما رجع دحية إلى هرقل قال له : قد قلت لك إنا نخافهم على أنفسنا ، فضغاطر كان أعظم عندهم مني . قلت : فيحتمل أن يكون هو صاحب رومية الذي أبهم هنا ، لكن يعكر عليه ما قيل إن دحية لم يقدم على هرقل بهذا الكتاب المكتوب في سنة الحديبية ، وإنما قدم عليه بالكتاب المكتوب في غزوة تبوك ، فالراجح أن دحية قدم على هرقل أيضا في الأولى ، فعلى هذا يحتمل أن تكون وقعت لكل من الأسقف ومن ضغاطر قصة قتل كل منهما بسببها ، أو وقعت لضغاطر قصتان إحداهما التي ذكرها ابن الناطور وليس فيها أنه أسلم ولا أنه قتل ، والثانية التي ذكرها ابن إسحاق فإن فيها قصته مع دحية وأنه أسلم وقتل . والله أعلم .

قوله : ( وسار هرقل إلى حمص ) لأنها كانت دار ملكه كما قدمناه ، وكانت في زمانهم أعظم من دمشق . وكان فتحها على يد أبي عبيدة بن الجراح سنة ست عشرة بعد هذه القصة بعشر سنين .

[ ص: 57 ] قوله : ( وأنه نبي ) يدل على أن هرقل وصاحبه أقرا بنبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ، لكن هرقل كما ذكرنا لم يستمر على ذلك بخلاف صاحبه .

قوله : ( فأذن ) هي بالقصر من الإذن ، وفي رواية المستملي وغيره بالمد ومعناه أعلم . و " الدسكرة " بسكون السين المهملة القصر الذي حوله بيوت ، وكأنه دخل القصر ثم أغلقه وفتح أبواب البيوت التي حوله وأذن للروم في دخولها ثم أغلقها ثم اطلع عليهم فخاطبهم ، وإنما فعل ذلك خشية أن يثبوا به كما وثبوا بضغاطر .

قوله : ( والرشد ) بفتحتين ( وأن يثبت ملككم ) لأنهم إن تمادوا على الكفر كان سببا لذهاب ملكهم ، كما عرف هو ذلك من الأخبار السابقة .

قوله : ( فتبايعوا ) بمثناة ثم موحدة ، وللكشميهني بمثناتين وموحدة ، وللأصيلي " فنبايع " بنون وموحدة ( لهذا النبي ) كذا لأبي ذر وللباقين بحذف اللام .

قوله : ( فحاصوا ) بمهملتين أي : نفروا ، وشبههم بالوحوش لأن نفرتها أشد من نفرة البهائم الإنسية ، وشبههم بالحمر دون غيرها من الوحوش لمناسبة الجهل وعدم الفطنة بل هم أضل .

قوله : ( وأيس ) في رواية الكشميهني والأصيلي " ويئس " بيائين تحتانيتين وهما بمعنى قنط والأول مقلوب من الثاني .

قوله : ( من الإيمان ) أي : من إيمانهم لما أظهروه ، ومن إيمانه لأنه شح بملكه كما قدمنا ، وكان يحب أن يطيعوه فيستمر ملكه ويسلم ويسلموا بإسلامهم ، فما أيس من الإيمان إلا بالشرط الذي أراده ، وإلا فقد كان قادرا على أن يفر عنهم ويترك ملكه رغبة فيما عند الله والله الموفق .

قوله : ( آنفا ) أي : قريبا ، وهو منصوب على الحال .

قوله : ( فقد رأيت ) زاد في التفسير : فقد رأيت منكم الذي أحببت .

قوله : ( فكان ذلك آخر شأن هرقل ) أي : فيما يتعلق بهذه القصة المتعلقة بدعائه إلى الإيمان خاصة ; لأنه انقضى أمره حينئذ ومات ، أو أنه أطلق الآخرية بالنسبة إلى ما في علمه ، وهذا أوجه ; لأن هرقل وقعت له قصص أخرى بعد ذلك ، منها ما أشرنا إليه من تجهيزه الجيوش إلى مؤتة ومن تجهيزه الجيوش أيضا إلى تبوك ، ومكاتبة النبي - صلى الله عليه وسلم - له ثانيا ، وإرساله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذهب فقسمه بين أصحابه كما في رواية ابن حبان التي أشرنا إليها قبل وأبي عبيد ، وفي المسند من طريق سعيد بن أبي راشد التنوخي رسول هرقل قال : قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبوك فبعث دحية إلى هرقل فلما جاءه الكتاب دعا قسيسي الروم وبطارقتها ، فذكر الحديث ، قال فتحيروا حتى أن بعضهم خرج من برنسه ، فقال : اسكتوا ، فإنما أردت أن أعلم تمسككم بدينكم . وروى ابن إسحاق عن خالد بن بشار [6] عن رجل من قدماء الشام أن هرقل لما أراد الخروج من الشام إلى القسطنطينية عرض على الروم أمورا : إما الإسلام وإما الجزية ، وإما أن يصالح النبي - صلى الله عليه وسلم - ويبقى لهم ما دون الدرب ، فأبوا ، وأنه انطلق حتى إذا أشرف على الدرب استقبل [ ص: 58 ] أرض الشام ثم قال : السلام عليك أرض سورية - يعني الشام - تسليم المودع ، ثم ركض حتى دخل القسطنطينية . واختلف الإخباريون هل هو الذي حاربه المسلمون في زمن أبي بكر وعمر أو ابنه ، والأظهر أنه هو . والله أعلم .

( تنبيه ) : لما كان أمر هرقل في الإيمان عند كثير من الناس مستبهما ; لأنه يحتمل أن يكون عدم تصريحه بالإيمان للخوف على نفسه من القتل ، ويحتمل أن يكون استمر على الشك حتى مات كافرا ، وقال الراوي في آخر القصة فكان ذلك آخر شأن هرقل ، ختم به البخاري هذا الباب الذي استفتحه بحديث الأعمال بالنيات كأنه قال إن صدقت نيته انتفع بها في الجملة ، وإلا فقد خاب وخسر . فظهرت مناسبة إيراد قصة ابن الناطور في بدء الوحي لمناسبتها حديث الأعمال المصدر الباب به . ويؤخذ للمصنف من آخر لفظ في القصة براعة الاختتام ، وهو واضح مما قررناه . فإن قيل : ما مناسبة حديث أبي سفيان في قصة هرقل ببدء الوحي ؟ فالجواب أنها تضمنت كيفية حال الناس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الابتداء ; ولأن الآية المكتوبة إلى هرقل للدعاء إلى الإسلام ملتئمة مع الآية التي في الترجمة وهي قوله تعالى إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح الآية . وقال تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا الآية ، فبان أنه أوحى إليهم كلهم أن أقيموا الدين ، وهو معنى قوله تعالى سواء بيننا وبينكم الآية .

( تكميل ) : ذكر السهيلي أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيما له ، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة ، ثم كان عند سبطه ، فحدثني بعض أصحابنا أن عبد الملك بن سعد [7] أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب ، فلما رآه استعبر وسأل أن يمكنه من تقبيله ، فامتنع .

قلت : وأنبأني غير واحد عن القاضي نور الدين بن الصائغ الدمشقي قال : حدثني سيف الدين فليح المنصوري قال : أرسلني الملك المنصور قلاوون إلى ملك الغرب بهدية ، فأرسلني ملك الغرب إلى ملك الفرنج في شفاعة فقبلها ، وعرض علي الإقامة عنده فامتنعت ، فقال لي : لأتحفنك بتحفة سنية ، فأخرج لي صندوقا مصفحا بذهب ، فأخرج منه مقلمة ذهب ، فأخرج منها كتابا قد زالت أكثر حروفه وقد التصقت عليه خرقة حرير فقال : هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ، ما زلنا نتوارثه إلى الآن ، وأوصانا آباؤنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا ، فنحن نحفظه غاية الحفظ ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا . ، انتهى .

ويؤيد هذا ما وقع في حديث سعيد بن أبي راشد الذي أشرت إليه آنفا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض على التنوخي رسول هرقل الإسلام فامتنع ، فقال له : يا أخا تنوخ إني كتبت إلى ملككم بصحيفة فأمسكها ، فلن يزال الناس يجدون منه بأسا ما دام في العيش خير . وكذلك أخرج أبو عبيد في كتاب الأموال من مرسل عمير بن إسحاق قال : كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر ، فأما كسرى فلما قرأ الكتاب مزقه ، وأما قيصر فلما قرأ الكتاب طواه ثم رفعه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما هؤلاء فيمزقون ، وأما هؤلاء فستكون لهم بقية ، ويؤيده ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه جواب كسرى قال : مزق الله ملكه . ولما جاءه جواب هرقل قال : ثبت الله ملكه . والله أعلم .

قوله : ( رواه صالح بن كيسان ويونس ومعمر عن الزهري ) قال الكرماني يحتمل ذلك وجهين : أن [ ص: 59 ] يروي البخاري عن الثلاثة بالإسناد المذكور كأنه قال : أخبرنا أبو اليمان أخبرنا هؤلاء الثلاثة عن الزهري ، وأن يروي عنهم بطريق آخر . كما أن الزهري يحتمل أيضا في رواية الثلاثة أن يروي لهم عن عبيد الله عن ابن عباس ، وأن يروي لهم عن غيره . هذا ما يحتمل اللفظ ، وإن كان الظاهر الاتحاد . قلت : هذا الظاهر كاف لمن شم أدنى رائحة من علم الإسناد . والاحتمالات العقلية المجردة لا مدخل لها في هذا الفن ، وأما الاحتمال الأول فأشد بعدا ; لأن أبا اليمان لم يلحق صالح بن كيسان ولا سمع من يونس ، وهذا أمر يتعلق بالنقل المحض فلا يلتفت إلى ما عداه ، ولو كان من أهل النقل لاطلع على كيفية رواية الثلاثة لهذا الحديث بخصوصه فاستراح من هذا التردد ، وقد أوضحت ذلك في كتابي تغليق التعليق وأشير هنا إليه إشارة مفهمة : فرواية صالح وهو ابن كيسان أخرجها المؤلف في كتاب الجهاد بتمامها من طريق إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ، وفيها من الفوائد الزوائد ما أشرت إليه في أثناء الكلام على هذا الحديث من قبل ; ولكنه انتهى حديثه عند قول أبي سفيان " حتى أدخل الله علي الإسلام " زاد هنا " وأنا كاره " ولم يذكر قصة ابن الناطور . وكذا أخرجه مسلم بدونها من حديث إبراهيم المذكور ، ورواية يونس أيضا عن الزهري بهذا الإسناد أخرجها المؤلف في الجهاد مختصرة من طريق الليث ، وفي الاستئذان مختصرة أيضا من طريق ابن المبارك كلاهما عن يونس عن الزهري بسنده بعينه ، ولم يسقه بتمامه ، وقد ساقه بتمامه الطبراني من طريق عبد الله بن صالح عن الليث ، وذكر فيه قصة ابن الناطور ، ورواية معمر عن الزهري كذلك ساقها المؤلف بتمامها في التفسير ، وقد أشرنا إلى بعض فوائد زائدة فيما مضى أيضا ، وذكر فيه من قصة ابن الناطور قطعة مختصرة عن الزهري مرسلة . فقد ظهر لك أن أبا اليمان ما روى هذا الحديث عن واحد من الثلاثة ، وأن الزهري إنما رواه لأصحابه بسند واحد عن شيخ واحد وهو عبيد الله بن عبد الله ، وأن أحاديث الثلاثة عند المصنف عن غير أبي اليمان ، ولو احتمل أن يرويه لهم أو لبعضهم عن شيخ آخر لكان ذلك اختلافا قد يفضي إلى الاضطراب الموجب للضعف ، فلاح فساد ذلك الاحتمال ، والله سبحانه وتعالى الموفق والهادي إلى الصواب لا إله إلا هو .


http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=52&ID=2&idfrom=1&idto=12&bookid=52&startno=5
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تابع ---- وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه
»  وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب – قال هرقل : فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه
» وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب".
» وقد حارب الرسول ليحمي الاختيار بدليل أن البلاد التي فتحها الإسلام تجد بعضاً من سكانها قد ظلوا على كفرهم ولم يرغمهم أحد على الإيمان. ويقول الحق بعد ذلك: {وكذلك نُصَرِّفُ الآيات
» مدلول الإيمان هو اقتناع القلب بقضية لا تطفو للمناقشة من جديد، وكذلك اقتناع بأن هذا الكون له إله واحد، وله منهج يبلغه الرسول المؤيد من الله عز وجل بالمعجزة،

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء ::  >>> المنتديات الادبية والثقافية <<<
 ::  رسالة أبو بكر - قسم (التوجيه والمشورة وإدارة الإفتاء) Message Abu Baker - Section Of ( guidance and advice and Ifta
-
انتقل الى: