منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
آداب عامة  باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم    وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
آداب عامة  باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم    وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
آداب عامة  باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم    وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
آداب عامة  باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم    وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
آداب عامة  باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم    وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
آداب عامة  باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم    وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
آداب عامة  باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم    وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
آداب عامة  باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم    وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
آداب عامة  باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم    وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع --- I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 آداب عامة باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع ---

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

آداب عامة  باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم    وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع --- Empty
مُساهمةموضوع: آداب عامة باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع ---   آداب عامة  باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم    وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع --- I_icon_minitimeالأحد أغسطس 14, 2016 1:04 am


باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم

قال الله تعالى: { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ } وقال تعالى: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } وقال تعالى: { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } وقال تعالى: { مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا }

الشَّرْحُ

قال المؤلف - رحمه الله تعالى - ( باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم )، فالمسلم له حق على أخيه المسلم بل له حقوق متعددة، بينها النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة .
منها: إذا لقيه فليسلم عليه، يلقي عليه السلام، يقول: السلام عليك أو السلام عليكم، ولا يحل له أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيركما الذي يبدأ بالسلام .
ولكن لك أن تهجره لمدة ثلاثة أيام، إذا رأيت في هذا مصلحة، ولك أن تهجره أكثر إذا رأيته على معصية أصر عليها ولم يتب منها، فرأيت أن هجره يحمله على التوبة، ولهذا كان القول الصحيح في الهجر أنهم رخصوا فيه خلال ثلاثة أيام، وما زاد على ذلك فينظر فيه للمصلحة، إن كان فيه خير فليفعل، وإلا فلا، حتى لو جهر بالمعصية، فإذا لم يكن في هجره مصلحة فلا تهجره .
ثم ساق المؤلف عدة آيات منها قوله تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ من يعظم حرماته: أي ما جعله محترماً من الأماكن أو الأزمان أو الأشخاص، فالذي يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه، ومن كان يكره أو يشق عليه تعظيم هذا المكان كالحرمين مثلاً والمساجد، أو الزمان كالأشهر الحرم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب وما أشبه ذلك، فليحمل على نفسه وليكرهها على التعظيم .
ومن ذلك: تعظيم إخوانه المسلمين، وتنزيلهم منزلتهم، فإن المسلم لا يحل له أن يحقر أخاه المسلم، قال النبي عليه الصلاة والسلام: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم بحسب الباء هنا زائدة والمعنى: حسبه من الشر أن يحقر أخاه المسلم بقلبه، أو أن يتعدى فوق ذلك بلسانه أو بيده على أخيه المسلم، فإن ذلك حسبه من الإثم والعياذ بالله، وكذلك أيضاً تعظيم ما حرمه الله عز وجل في المعاهدات التي تكون بين المسلمين وبين الكفار، فإنه لا يحل لأحد أن ينقض عهداً بينه وبين غيره من الكفار .
ولكن المعاهدون ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: قسم: أتموا عهدهم فهؤلاء نتمم عهدهم .
وقسم آخر: خانوا أو نقضوا قال تعالى: { فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } فهؤلاء ينتقض عهدهم كما فعلت قريش في الصلح الذي جرى بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية، فإنهم وضعوا الحرب بينهم عشر سنين، ولكن قريشاً نقضوا العهد فهؤلاء ينتقض عهدهم، ولا يكون بيننا بينهم عهد، وهؤلاء قال الله فيهم: { أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } والقسم الثالث: من لم ينقض العهد لكن نخاف منه أن ينقض العهد، فهؤلاء نخبرهم بألا عهد بيننا وبينهم، كما قال تعالي: { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ } فهذه من حرمات الله عز وجل، وكل شيء جعله الله محترماً من زمان أو مكان أو عيان فهو من حرمات الله عز وجل، فإن الواجب على المسلم أن يحترمه، ولهذا قال تعالى: { وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ } وقال { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } الشعائر: العبادات الظاهرة سواء كانت كبيرة أم صغيرة، مثل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والأذان والإقامة وغيرهما من شعائر الإسلام، فإنها إذا عظمها الإنسان كان ذلك دليلاً على تقواه، فإن التقوى هي التي تحمل العبد على تعظيم الشعائر .
أما الآية الثالثة: فهي قوله تعالى: { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } وفي الآية الأخرى: { لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } والمعنى تذلل لهم ولن لهم في المقال والفعال ؛ لأن المؤمن مع أخيه المؤمن رحيم به، شفيق به، كما قال الله تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه: { أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } وفي قوله: { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } دليل على أن الإنسان مأمور بالتواضع لإخوانه، وإن كان رفيع المنزلة، كما يرتفع الطير بجناحيه، فإنه وإن كان رفيع المنزلة فليخفض جناحه وليتذلل وليتطامن لإخوانه، وليعلم أن من تواضع لله رفعه عز وجل، والإنسان ربما يقول: لو تواضعت للفقير وكلمت الفقير، أو تواضعت للصغير وكلمته أو ما أشبه ذلك، فربما يكون في هذا وضع لي، وتنزيل من رتبتي، ولكن هذا من وساوس الشيطان، فالشيطان يدخل على الإنسان في كل شيء، قال تعالى عنه: { فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ( 16 ) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } فالشيطان يأتي الإنسان ويقول له: كيف تتواضع لهذا الفقير ؟ كيف تتواضع لهذا الصغير ؟ كيف تكلم فلاناً ؟ كيف تمشي مع فلان ؟ ولكن من تواضع لله رفعه الله عز وجل، حتى وإن كان عالماً أو كبيراً أو غنياً، فإنه ينبغي أن يتواضع لمن كان مؤمنا، أما من كان كافراً فإن الإنسان لا يجوز له أن يخفض جناحه، لكن يجب عليه أن يخضع للحق بدعوته إلى الدين، ولا يستنكف عنه، ويستكبر فلا يدعوه، بل يدعوه ولكن بعزة وكرامة، دون إهانة له فهذا معنى قوله: { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } .
وفي الآية الثانية: { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين }، فهذه وظيفة المسلم مع إخوانه، أن يكون هيناً ليناً بالقول والفعل ؛ لأن هذا مما يوجب المودة والألفة بين الناس، وهذه الألفة والمودة أمر مطلوب للشرع، ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن كل ما يوجب العداوة والبغضاء، مثل البيع على بيع المسلم، والسوم على سوم المسلم، وغير ذلك مما هو معروف لكثير من الناس والله الموفق .
وقال تعالى: { مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا }

222 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه .
متفق عليه .

الشَّرْحُ

سبق ذكر عدة آيات في بيان تعظيم حرمات المسلمين، والرفق بهم والإحسان إليهم ومن جملة الآيات التي فيها بيان تعظيم حرمة المسلم قوله تعالى: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا، بين الله في هذه الآية أن من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ؛ لأن حرمة المسلمين واحدة، ومن انتهك حرمة شخص من المسلمين، فكأنما انتهك حرمة جميع المسلمين، كما أن من كذب رسولاً واحداً من الرسل، فكأنما كذب جميع الرسل، ولهذا اقرأ قوله تعالى: { كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ }، مع أنهم لم يكذبوا إلا واحداً، فإنه، لم يبعث رسول قبل نوح، وما بعد نوح لم يدركه قومه، لكن من كذب رسولاً واحداً فكأنما كذب جميع الرسل، ومن قتل نفساً محرمة، فكأنما قتل الناس جميعاً ؛ لأن حرمة المسلمين واحدة، ومن أحياها - أي سعى في إحيائها وإنقاذها من هلكة - فكأنما أحيا الناس جميعاً .
وإحياؤها وإنقاذها من الهلكة تارة يكون من هلكة لا قبل للإنسان بها فتكون من الله، مثل أن يشب حريق في بيت رجل، فتحاول إنقاذه، فهذا إحياء للنفس، وأما القسم الثاني: فهو ما للإنسان فيه قبل، مثل أن يحاول رجل العدوان على شخص ليقتله، فتحول بينه وبينه وتحميه من القتل، فأنت الآن أحييت نفساً، ومن فعل ذلك فكأنما أحيا الناس جميعاً ؛ لأن إحياء شخص مسلم كإحياء جميع الناس .
وقوله عز وجل: { بِغَيْرِ نَفْسٍ } يستفاد منه أن من قتل نفساً بنفس فهو معذور ولا حرج عليه، قال الله تعالى: { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ }، فإذا قتل شخصاً بحق أي بنفس أخرى فلا لوم عليه ولا إثم، ويرث القاتل من المقتول إذا قتله بحق، ولا يرث القاتل من المقتول إذا قتله بغير حق .
ولنضرب لهذا مثلاً بثلاثة إخوة قتل الكبير منهم الصغير عمداً فالذي يرث الصغير أخوه الأوسط، وأخوه الكبير لا يرثه لأنه قتله بغير حق، ثم طالب الأوسط بدم أخيه الصغير فقتل أخاه الكبير قصاصا فهل يرث الأوسط من أخيه الكبير وهو قاتله ؟ نعم يرث لأنه قتله بحق والكبير الذي قتل الصغير لا يرث لأنه قتله بغير حق .
فالقتل بحق لا لوم فيه وليس له أثر لأنه قصاص والله تعالى يقول { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } .
وقوله عز وجل { أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ } والفساد في الأرض ليس معناه أن يسلط الإنسان الحفار فيهدم بيتا ولو كان ذلك بغير حق فهذا وإن كان فسادا لكن لا يحل به دم مسلم الفساد في الأرض إنما يكون بنشر الأفكار السيئة أو العقائد الخبيثة أو قطع الطريق أو ترويج المخدرات أو ما أشبه ذلك هذا هو الفساد في الأرض فمن أفسد في الأرض على هذا الوجه فدمه هدر حلال يقتل لأنه ساع في الأرض بالفساد .
بل إن الله قال في نفس السورة { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ } .
على حسب جريمتهم إن كانت كبيرة فبالقتل وإن كانت دونها فبالصلب وإن كانت دونها فتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى وإن كان دون ذلك فينفوا من الأرض إما بالحبس مدى الحياة كما قال بذلك بعض أهل العلم وإما بالطرد عن المدن كما قاله آخرون لكن إذا كان لا يندفع شرهم بطردهم من المدن حبسوا إلى الموت .
فالحاصل أن من قتل نفسا لإفسادها في الأرض فلا لوم عليه بل إن قتل النفس التي تسعى للإفساد واجب وقتل النفس بالنفس مباح إلا على رأي الإمام مالك - رحمه الله - وشيخ الإسلام ابن تيمية فإن قتل الغيلة واجب فيه القصاص يعني من غافل شخصا فقتله فإنه يقتل حتى ولو عفا أولياء المقتول لأن الغيلة شر وفساد ولا يمكن التخلص منها .
مثلا يجئ إنسان لشخص أثناء نومه فيقتله فهذا يقتل على كل حال حتى ولو قال أولياء المقتول عفونا عنه ولا نبغي شيئا هذا رأى الإمام مالك وشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهو القول الحق أنه إذا قتل إنسان غيلة فلابد من قتل القاتل ولا خيار لأولياء المقتول في ذلك فالحاصل أن الله بين في هذه الآية أن قتل نفس واحدة بغير نفس أو فساد في الأرض كقتل جميع الناس وإحياء نفس واحدة كإحياء جميع الناس وهذا يدل على عظم القتل ولو أن إنسانا أحصى كم قتل من بني آدم بغير حق لم يقدر ومع ذلك فكل نفس تقتل فعلى ابن آدم الأول الذي قتل أخاه كفل منها وعليه من إثمه نصيب وابن آدم الذي قتل أخاه قتله حسدا حيث كان أول ما جاء آدم من الأبناء اثنين من بني آدم أول ما جاء آدم من الأبناء في أول بطن وقد قربا قربانا قربة إلى الله فتقبل الله من واحد ولم يتقبل من الآخر فقال الثاني الذي لم يتقبل الله منه لأخيه لأقتلنك لماذا يتقبل اله منك ولا يتقبل مني حسده على فضل الله تعالى عليه فقال له ربه { إنما يتقبل الله من المتقين } يعني اتق الله ويقبل الله منك لكن من توعد أخاه بالقتل فليس بمتق لله في النهاية قتله والعياذ بالله { فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين } خسر والعياذ بالله بهذه الفعلة الشنيعة التي أقدم عليها ويقال إنه بقي يحمل أخاه الذي قتله أربعين يوما على ظهره ما يدري ماذا يفعل به لأن القبور ما عرفت في ذلك الوقت فبعث الله غرابا يبحث في الأرض يعني بأظافره ليريه كيف يواري سوءة أخيه وقيل إن غرابين اقتتلا فقتل أحدهما الآخر فحفر أحدهما للثاني فدفنه فاقتدى به هذا القاتل ودفن أخاه وهذا من العجائب أن تكون الغربان هي التي علمت بني آدم الدفن فالحاصل أن كل نفس تقتل بغير حق فعلى القاتل الأول من إثمها نصيب والعياذ بالله وهكذا أيضا من سن القتل بعد أمن الناس وصار يغتال الناس وما أشبه ذلك وتجرأ الناس على هذا من أجل فعله فإن عليه من الإثم نصيبا لأنه هو الذي كان سببا في هذا ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم الدين نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من دعاة الخير وفاعليه إنه جواد كريم

223 - وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا ومعه نبل فليمسك أو ليقبض على نصالها بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين منها بشيء متفق عليه

225 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن حابس فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من لا يرحم لا يرحم متفق عليه

الشَّرْحُ

ذكر المؤلف رحمه الله جملة من أحاديث الرفق بالمسلمين منها حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا ومعه نبل فليمسك أو ليقبض على نصالها بكفه النبل السهام التي يرمى بها وأطرافها تكون دائما دقيقة تنفذ فيما تصيبه من المرمى فإذا أمسك الإنسان بها وقى الناس شرها وإذا تركها هكذا فربما تؤذي أحدا من الناس ربما يأتي أحد بسرعة فتخدشه أو يمر الرجل الذي يمسك بها وهي مفتوحة غير ممسكة فتخدشهم أيضا ومثل ذلك أيضا العصي إذا كان معك عصا فأمسكها طولا يعني اجعل رأسها إلى السماء ولا تجعلها عرضا لأنك إذا جعلتها عرضا آذيت الناس الذين وراءك وربما تؤذي الذين أمامك ومثله الشمسية أيضا إذا كان معك شمسية وأنت في السوق فارفعها لئلا تؤذي الناس فكل شيء يؤذي المسلمين أو يخشى من أذيته فإنه يتجنبه الإنسان لأن أذية المسلمين ليست بالهينة قال الله تعالى والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ومن الأحاديث التي ذكرها المصنف حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحسن بن علي بن أبي طالب وكان عنده الأقرع بن حابس والحسن بن علي بن أبي طالب هو ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجده من أمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوه علي بن أبي طالب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الحسن والحسين لأنهما سبطاه ويفضل الحسن على الحسين فالحسن قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين فكان الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما حصلت الفتنة في زمن معاوية وآلت الخلافة إلى الحسن بعد أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه تنازل عنها رضي الله عنه لمعاوية بن أبي سفيان حنا لدماء المسلمين لأنه يعلم أن في الناس أشرار وأنهم ربما يأتون إليه ويغرونه كما فعلوا بأخيه الحسين بن علي رضي الله عنهم غره أهل العراق وحصل ما حصل من المقتلة العظيمة في كربلاء وقتل الحسين أما الحسن رضي الله عنه فإنه تنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان فصار ذلك مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين كان عند النبي صلى الله عليه وسلم الأقرع بن حابس من زعماء بني تميم والغالب أن أهل البادية وأشباههم يكون فيهم جفاء فقبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم أعوذ بالله من قلب قاس ما يقبلهم ولو كانوا صغارا فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: من لا يرحم لا يرحم يعني أن الذي لا يرحم عباد الله لا يرحمه الله ويفهم من هذا أن من رحم عباد الله رحمه الله وهو كذلك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن ففي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يستعمل الرحمة في معاملة الصغار ونحوهم وأنه ينبغي للإنسان أن يقبل أبناءه وأبناء بناته وأبناء أبنائه يقبلهم رحمة بهم واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم أما ما يفعله بعض الناس من الجفاء والغلظة بالنسبة للصبيان فتجده لا يمكن صبيه من أن يحضر إلى مجلسه ولا أن يمكن صبيه من أن يطلب منه شيئا وإذا رآه عند الرجال انتهره فهذا خلاف السنة وخلاف الرحمة كان النبي عليه الصلاة والسلام يصلي بالناس إحدى صلاتي العشي إما العصر وإما الظهر فجاءته بنت بنته أمامة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحملها وهو يصلي بالناس إذا قام حلمها وإذا سجد وضعها أين هذا الخلق من أخلاقنا اليوم الآن لو يجد الإنسان صبيه في المسجد أخرجه فضلا عن كونه يحمله في الصلاة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوما من الأيام ساجدا فجاءه الحسن أو الحسين فركب عليه أي جعله راحلة فأطال النبي صلى الله عليه وسلم السجود فلما سلم قال: إن ابني ارتحلني وإني كرهت أن أقوم حتى يقضي نهمته وكان صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوما على المنبر فأقبل الحسن والحسين وعليهما ثوبان جديدان يعثران بهما فنزل النبي صلى الله عليه وسلم وحملهما بين يديه وقال صدق الله { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } نظرت إلى هذين الصبيين يعثران فلم أصبر يعني فما طابت نفسه حتى نزل وحملهما ففي هذا كله وأمثاله دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يرحم الصغار ويلطف بهم وأن ذلك سبب لرحمة الله عز وجل نسأل الله أن يعمنا وإياكم برحمته ولطفه وإحسانه

226 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبيانكم فقال: نعم قالوا: لكنا والله ما نقبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أملك إن كان الله نزع من قلوبكم الرحمة متفق عليه

227 - وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله متفق عليه

228 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء متفق عليه وفي رواية وذا الحاجة

الشَّرْحُ

قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء قوم من الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوا هل تقبلون صبيانكم قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم والأعراب كما نعلم جميعا جفاة وعندهم غلظة وشدة ولاسيما رعاة الإبل منهم فإن عندهم من الغلظة والشدة ما يجعل قلوبهم كالحجارة نسأل الله العافية قالوا إنا لسنا نقبل صبياننا قال النبي عليه الصلاة والسلام أو أملك إن كان الله نزع من قلوبكم الرحمة يعني لا أملك لكم شيئا إذا نزع الله الرحمة من قلوبكم وفي هذا دليل على تقبيل الصبيان شفقة عليهم ورقة لهم ورحمة بهم وفيه دليل على أن الله تعالى قد أنزل في قلب الإنسان الرحمة وإذا أنزل الله في قلب الإنسان الرحمة فإنه يرحم غيره وإذا رحم غيره رحمه الله عز وجل كما في الحديث الثاني حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله نسأل الله العافية الذي لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل والمراد بالناس الناس الذين هم أهل للرحمة كالمؤمنين وأهل الذمة ومن شابههم وأما الكفار الحربيون فإنهم لا يرحمون بل يقتلون لأن الله تعالى في وصف النبي وأصحابه أشداء على الكفار رحماء بينهم وقال تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير } ذكر الله تعالى هذه الآية في سورتين من القرآن الكريم بهذا اللفظ نفسه { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير } ذكرها الله في سورة التوبة وفي سورة التحريم وقال تعالى { ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح } وكذلك أيضا رحمة الدواب والبهائم فإنها من علامات رحمة الله عز وجل للإنسان لأنه إذا رق قلب المرء رحم كل شيء ذي روح وإذا رحم كل شيء ذي روح رحمه الله قيل يا رسول الله ألنا في البهائم أجر قال نعم في كل ذات كبد رطبة أجر ومن الشفقة والرحمة بالمؤمنين أنه إذا كان الإنسان إماما لهم فإنه لا ينبغي له أن يطيل عليهم في الصلاة ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن من ورائه السقيم والضعيف وذا الحاجة والكبير يعني من ورائه أهل الأعذار الذين يحتاجون إلى التخفيف والمراد بالتخفيف ما وافق سنة النبي صلى الله عليه وسلم هذا هو التخفيف وليس المراد بالتخفيف ما وافق أهواء الناس حتى صار الإمام يركض في صلاته ولا يطمئن قال أنس بن مالك رضي الله عنه ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فكان يقرأ في فجر الجمعة ألم تنزيل السجدة كاملة في الركعة الأولى وهل أتى على الإنسان كاملة في الركعة الثانية وكان يقرأ بسورة الدخان في المغرب ويقرأ فيها بالمرسلات ويقرأ فيها بالطور وربما قرأ فيها بالأعراف ومع هذا فهي خفيفة قال أنس رضي الله عنه ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من النبي صلى الله عليه وسلم وليس هذا الحديث حجة للذين يريدون من الأئمة أن يخففوا تخفيفا ينقص الأجر ويخالف السنة ثم اعلم أنه قد يكون التخفيف عارضا طارئا مثل ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل كان يدخل في الصلاة وهو يريد أن يطيل فيها فيسمع بكاء الصبي فيوجز مخافة أن تفتن أمه فإذا حصل طارئ يوجب أن يخفف الإنسان صلاته فليخفف لكن على وجه لا يخل بالواجب فالتخفيف نوعان تخفيف دائم وهو ما وافق سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتخفيف طارئ يكون أخف وهو ما دعت إليه الحاجة وهو أيضا من السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع بكاء الصبي خفف الصلاة حتى لا تفتن أمه والمهم أنه ينبغي للإنسان مراعاة أحوال الناس ورحمتهم

229 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم متفق عليه

230 - وعنها رضي الله عنها قالت نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم فقالوا: إنك تواصل قال: إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني متفق عليه معناه يجعل في قوة من أكل وشرب

الشَّرْحُ

قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عائشة رضي الله عنها في باب الرفق بالمسلمين والشفقة عليهم قالت عائشة رضي الله عنها إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يفعله خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم قولها إن كان إن هذه مخففة من الثقيلة وأصلها إن ويقول النحويون إن اسمها محذوف ويسمونه ضمير الشأن وجملة كان ليدع خبرها فالجملة هنا ثبوتية وليست سلبية والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يترك العمل وهو يحب أن يفعله لئلا يعمل به الناس فيفرض عليهم فيشق عليهم ومن ذلك ما فعله في رمضان عليه الصلاة والسلام صلى في رمضان ذات ليلة فعلم به أناس من الصحابة فاجتمعوا إليه وصلوا معه وفي الليلة الثانية صلوا أكثر وفي الثالثة أكثر وأكثر ثم ترك الصلاة في المسجد فقال عليه الصلاة والسلام أما بعد فإنه لم يخف على مكانكم يعني ما جرى منهم من الاجتماع ولكني كرهت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها فترك هذا القيام جماعة خوفا من أن تفرض على الأمة وهذا من شفقته وكان يقول لولا أن أشق على أمتي لفعلت كذا وكذا أو لأمرت بكذا وكذا مثل قوله لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ومثله قوله صلى الله عليه وسلم حين تأخر في صلاة العشاء حتى ذهب عامة الليل فقال إنه لوقتها يعني آخر الوقت ثم قال لولا أن أشق على أمتي فهو عليه الصلاة والسلام كان يدع العمل ويدع الأمر بالعمل خوفا من أن يشق على الأمة ومن ذلك أيضا ما روته عائشة رضي الله عنها أنه نهاهم عن الوصال رحمة بهم يعني نهى الصحابة عن الوصال والوصال يعني أن يصل الإنسان يومين فأكثر في الصيام من غير فطر يعني يصوم الليل والنهار يومين أو ثلاثة أو أكثر فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولكنهم رضي الله عنهم فهموا أنه نهاهم رحمة بهم لا كراهة للعمل فواصلوا ثم واصلوا حتى هل شهر شوال فقال صلى الله عليه وسلم لو تأخر الهلال لزدتكم يعني لأبقيتكم تواصلون قال ذلك تنكيلا لهم حتى يعرفوا ألم الجوع والعطش ويكفوا عن الوصال من أنفسهم المهم أنه نهاهم عن الوصال رحمة بهم فقالوا إنك تواصل ونحن نقتدي بك فقال: إني لست كهيئتكم إني يطعمني ربي ويسقيني يعني أنه عليه الصلاة والسلام ليس كالأمة بل هو يبيت عند ربه يطعمه ويسقيه ومعنى ذلك أنه عليه الصلاة والسلام يتهجد بالليل ويخلو بالله عز وجل بذكره وقراءة كلامه وغير ذلك مما يغنيه عن الأكل والشرب لأن الإنسان إذا اشتغل بالشيء نسي الأكل والشرب خصوصا إذا كان الشيء مما يحبه ويرضاه ولهذا قال الشاعر في محبوبته
لها أحاديث من ذكراك تشغلها ...
عن الشراب وتلهيها عن الزاد
يعني أنها إذا قعدت تتحدث عن هذا الرجل تكثر من ذكره حتى يلهيها ذلك عن الطعام والشراب وهو أمر واقع واضح حتى إن الإنسان قد يكون في الأشغال يشتغل بها فيلهو عن الأكل والشرب مثل طالب العلم الذي يكون منهوما بالعلم شغوفا به ربما يبقى في مكتبته يطالع من الصباح إلى السماء فينسى الأكل والشرب ينسى الغداء والعشاء وربما ينسى النوم وكذلك طالب الدنيا منهوم لا يشبع ربما يبقى في دفاتره وحساباته فينشغل عن الأكل والشرب ويذكر أن رجلا غنيا كان يشتغل بحساباته وبكتاباته وماله وله زوجة وكان له جار فقير متزوج وكانوا يشعرون بأن هذا الجار الفقير يعاشر زوجته بالمعروف فغارت زوجة الغني لأن الغني غافل عنها فقالت له ألا تنظر إلى جارنا يعاشر زوجته بالمعروف ويستأنس مع أهله ففطن الرجل العني لهذا فدعا الرجل الفقير وقال له إنك رجل فقير تحتاج إلى المال وأنا سأعطيك مالا تتجر به فأعطاه المال يتجر به فانشغل به الفقير عن أهله وصار لا يعاشرهم ولا يؤانسهم فصار مثل التاجر فالحاصل أن الإنسان إذا انشغل بالشيء المحبوب إليه أنساه كل شيء ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني فلست كهيئتكم وما زعمه بعض أهل العلم من أن المراد بالإطعام والإسقاء الإطعام من الجنة والإسقاء من الجنة فليس بصحيح لأنه لو طعم طعاما حسيا وشرب شرابا حسيا لم يكن واصلا وإنما المراد بالطعام والسقي ما يشتغل به صلى الله عليه وسلم من ذكر الله بقلبه ولسانه وجوارحه فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

231 - وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأقوم إلى الصلاة وأريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه رواه البخاري

232 - وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله في ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جنهم رواه مسلم

الشَّرْحُ

ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في باب الرفق بالمسلمين فيما نقله عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني لأقوم إلى الصلاة وأريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية أن أشق على أمه هذا الحديث من النماذج التي تدل على رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته كما وصفه الله تعالى به في قوله: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم فهو يدخل في صلاة الجماعة يريد أن يطيل فيها والمراد الإطالة النسبية ليست الإطالة الزائدة عن ما كان يفعله من قبل فإذا سمع بكاء الصبي أوجز وخفف مخافة أن يشق على أمه لأن أمه إذا سمعت بكاءه فإنه يشق عليها أن تسمع بكاء ابنها وربما يشغلها كثيرا عن الصلاة فيخفف عليه الصلاة والسلام لأجل ذلك .
ففي هذا الحديث فوائد منها أولا رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته وشفقته عليها ثانيا جواز حضور النساء إلى المساجد ليصلين مع الجماعة وهذا ما لم تخرج المرأة على وجه لا يجوز مثل أن تخرج متعطرة أو متبرجة فإن ذلك لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا صلاة العشاء ثالثا جواز إدخال الصبيان للمسجد هذا إذا كان صبيها معها وإن كان خارج المسجد قريبا منه فليس فيه دلالة ولكنه يصعب أن تسمع المرأة بكاء صبيها في البيت وهي في المسجد فالظاهر أن صبيانهن كانوا معهن فيكون فيه دليل على جواز إدخال الصبيان المساجد لكن بشرط أن لا يحصل منهم أذية لا على المسجد ولا على المصلين فإن كان يخشى منهم أذية على المسجد كتلويثه بالبول والنجاسة فإنهم يمنعون وكذلك إذا كان يخشى منهم التشويش على الناس بالصراخ والركض والجلبة فإنهم يمنعون أيضا أما إذا لم يكن منهم بأس فإنه لا بأس أن يؤتى بهم إلى المساجد وإما حديث جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم فهو ضعيف رابعا أنه يجوز للمصلي أن يسمع ما حوله ولا يلزمه أن يسد أذنيه بل له أن يسمع لكن إذا كان ما حوله يشوش عليه إذا سمعه فلا يصلين حوله وإنما يبعد كما لو أراد الإنسان أن يصلي في المسجد وحوله حلقة ذكر أو حلقة قرآن ويخشى أن يشوشوا عليه إذا دنا منهم فليبعد وأما إذا لم يشوشوا فلا بأس أن يسمع بخلاف الاستماع فإن المصلي لا يستمع إلا إلى قراءة الإمام وعلى هذا إذا كنت تصلي وجاء القارئ يقرأ حديثا أو موعظة فلا تشد سمعك إليه لا تستمع إليه ولا تجعل تركيزك معه أما إذا سمعته ولكنك ماض في صلاتك لم تهتم به ولم تلفتت إليه فلا بأس خامسا ومن فوائد هذا الحديث أن يجوز للمصلي أن يغير نيته من تطويل إلى تقصير أو العكس إذا وجد سببا لذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل في الصلاة ناويا أن يطيلها فيوجز لما ذكره من السبب ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الفجر فهو في ذمة الله الفجر هي الصلاة الأولى عند بعض العلماء وعند بعض العلماء أن الصلاة الأولى هي صلاة الظهر ولكن الأصح أن الصلاة الأولى هي صلاة الفجر والثانية الظهر والثالثة العصر وهي الوسطى والرابعة المغرب والخامسة العشاء وصلاة الفجر تأتي وكثير من الناس نيام ولهذا يتكاسل عنها المنافقون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا وهي صلاة العصر أفضل الصلوات الخمس لقول النبي صلى الله عليه وسلم من صلى البردين دخل الجنة والبردان هما الفجر والعصر لأن الفجر براد الليل والعصر براد النهار وقوله من صلى الفجر ظاهره من صلى في جماعة أو غير جماعة .
وقوله فهو في ذمة الله أي في عهده يعني أنه دخل في عهد الله فكأنه معاهد لله عز وجل أن لا يصيبه أحد بسوء ولهذا قال عليه الصلاة والسلام فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء يعني لا يترك عهده على من صلى الفجر لأنه في ذمة الله وفي عهده فإياكم أن يطلبكم الله تعالى من ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في النار ففي هذا دليل على أنه يجب احترام المسلمين الذي صدقوا إسلامهم بصلاة الفجر لأن صلاة الفجر لا يصليها إلا مؤمن فالمنافقون لا يشهدون الجماعة ولا يصلون الفجر أبدا لأنهم إنما يصلون مراءاة للناس فإذا لم يكن الناس ينتبهون لهم فإنهم لا يصلون والفجر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ليست كالفجر في يومنا بل كان الليل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ليلا حالكا لا يرى الناس فيه فيأتي الإنسان ويذهب وهو لا يعرف لكن الآن ليلنا والحمد كنهارنا بما أنعم الله علينا به من هذه الإضاءة بالكهرباء لكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لظلمة الليل وعدم وضوح الرؤية كان المنافقون لا يصلون الفجر والعشاء جماعة والمهم أن هذا الحديث يدل على وجوب احترام المسلمين الذين برهنوا على إسلامهم بصلاة الفجر وأنه لا يجوز لأحد أن يعتدي عليهم

233 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة متفق عليه

الشَّرْحُ

قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم يعني في الدين كما قال الله تبارك وتعالى فأصبحتم بنعمته إخوانا وقال الله تعالى { فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين } وهذه الأخوة هي أوثق الأخوات أوثق من أخوة النسب فإن أخوة النسب قد يختلف مقتضاها فيكون أخوك من النسب عدوا لك كارها لك وذلك يكون في الدنيا وفي الآخرة قال الله تعالى { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } أما أخوة الدين فإنها أخوة ثابتة راسخة في الدنيا وفي الآخرة تنفع الإنسان في حياته وبعد مماته لكن هذه الأخوة لا يترتب عليها ما يترتب على إخوة النسب من التوارث ووجوب النفقة وما أشبه ذلك ثم قال: لا يظلمه ولا يسلمه لا يظلمه لا في ماله ولا في بدنه ولا في عرضه ولا في أهله يعني لا يظلمه بأي نوع من الظلم ولا يسلمه يعني لا يسلمه لمن يظلمه فهو يدافع عنه ويحميه من شره فهو جامع بين أمرين الأمر الأول أنه لا يظلمه والأمر الثاني أنه لا يسلمه لمن يظلمه بل يدافع عنه ولهذا قال العلماء رحمهم الله يجب على الإنسان أن يدافع عن أخيه في عرضه وبدنه وماله في عرضه يعني إذا سمع أحدا يسبه ويغتابه يجب عليه أن يدافع عنه وكذلك أيضا في بدنه إذا أراد أحد أن يعتدي على أخيك المسلم وأنت قادر على دفعه وجب عليك أن تدافع عنه وكذلك في ماله لو أراد أحد أن يأخذ ماله فإنه يجب عليك أن تدافع عنه ثم قال عليه الصلاة والسلام والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة أخيه يعني أنك إذا كنت في حاجة أخيك تقضيها وتساعده عليها فإن الله تعالى يساعدك في حاجتك ويعينك عليها جزاء وفاقا ويفهم من ذلك أن الإنسان إذا ظلم أخاه فإن أخوته ناقصة وإذا أسلمه إلى من يظلمه فإن أخوته ناقصة وإذا لم يكن في حاجته فإن هذا يفوته الخير العظيم وهو كون الله تعالى في حاجته ثم قال ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة الكرب ما يضيق على الإنسان ويشق عليه ويجد له في نفسه هما وغما فإذا فرجت عن أخيك هذه الكربة فرج الله عنك كربة من كرب يوم القيامة وتفريج الكربات يكون في أمور متعددة إن كانت كربة مالية فبإعطائه المال الذي تزول به الكربة وإن كانت كربة معنوية فبالحرص على رد معنويته ورد اعتباره حتى تزول عنه الكربة وإذا كانت كربة هم وغم فبأن توسع عليه وتنفس له وتبين له أن الأمور لا تدوم وأن داوم الحال من المحال وتبين له ما في هذا من الأجر والثواب العظيم حتى تهون عليه الكربة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ستر يعني غطى عيبه ولم يبينه فإن الله يستره في الدنيا والآخرة وهذا ليس على إطلاقه فهناك نصوص تدل على أنه غير مطلق فالستر قد يكون مأمورا به محمودا وقد يكون حراما فإذا رأينا شخصا على معصية وهو رجل شرير منهمك في المعاصي لا يزيده الستر إلا طغيانا فإننا لا نستره بل نبلغ عنه حتى يردع ردعا يحصل به المقصود أما إذا لم تبدر منه بوادر سيئة ولكن حصلت منه هفوة فإن من المستحب أن تستره ولا تبينه لأحد لا للجهات المسئولة ولا لغيرها فإذا سترته ستر الله عليك في الدنيا والآخرة ومن ذلك أيضا أن تستر عنه العيب الخلقي إذا كان فيه عيب في خلقته كجروح مؤثرة في جلده أو برص أو بهق أو ما أشبه ذلك وهو يتستر ويحب ألا يطلع عليه الناس فإنك تستره إذا سترته سترك الله في الدنيا والآخرة وكذلك إذا كان سيئ الخلق لكنه يتظاهر للناس بأنه حسن الخلق وواسع الصدر وأنت تعرف عنه خلاف ذلك فاستره فمن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة فالستر كما قلت بالنسبة للأعمال السيئة التي يقول بها الإنسان ينقسم إلى قسمين قسم يكون من شخص منهمك في المعاصي مستهتر فهذا لا نستر عليه قسم آخر حصل منه هفوة فهذا هو الذي نستر عليه أما الأمور الأخرى فالستر فيها أكمل وأفضل والله المستعان

234 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه التقوى هاهنا بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم رواه الترمذي وقال: حديث حسن

الشَّرْحُ

قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم أخو المسلم وقد تقدم الكلام على هذه الجملة وأن هذه الأخوة أخو الإيمان وأنها أقوى رابطة وأوثق من أخوة النسب وبينا وجه ذلك فيما سبق وبين هنا في هذا الحديث أنه لا يظلمه ولا يخونه ولا يكذبه لا يخونه يعني لا يغدر به في محل الائتمان إذا ائتمنه على شيء أو على مال أو على سر أو على غير ذلك فإنه لا يخونه والخيانة هي الغدر بالشخص في موضع الائتمان ولا يجوز لأحد أن يخون أخاه المسلم حتى وإن خانه يعني وإن خانك أخوك المسلم فلا تخنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك فلو فرضنا أن شخصا خانك في مال بأن أقرضته مالا أي سلفته ثم أنكر بعد ذلك وقال لم تقرضني شيئا فإنه لا يحل لك أن تخونه فتقترض منه ثم تنكره بل أد إليه أمانته واسأل الله الحق الذي لك لقوله عليه الصلاة والسلام لا تخن من خانك كذلك أيضا لا يكذبه أي لا يحدثه بكذب والكذب حرام وكلما كانت آثاره أسوأ كان أشد إثما وليس في الكذب شيء حلالا وأما ما ادعاه بعض العامة حيث يقولون إن الكذب نوعان أسود وأبيض فالحرام هو الأسود والحلال هو الأبيض فجوابه أن الكذب كله أسود ليس فيه شيء أبيض لكن يتضاعف إثمه بحسب ما يترتب عليه فإذا كان يترتب عليه أكل مال المسلم أو غرر على مسلم صار أشد إثما وإذا كان لا يترتب عليه أي شيء من الأضرار فإنه أخف ولكنه حرام لكن ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص في الكذب عند الإصلاح بين الناس وفي الحرب وفي حديث الرجل امرأته وحديثها إياه ولكن كثيرا من العلماء قال إن المراد بالكذب في هذا الحديث ليس الكذب الصريح وإنما هو التورية والتروية تسمى كذبا كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين يأتي الناس له يوم القيامة ليشفع لهم إنه كذب ثلاث كذبات وهو لم يكذب ولكنه ورى تورية يعني أظهر للمخاطب شيئا غير الذي يريده هو فبعض العلماء يقول إن هذا الحديث الذي فيه أن الكذب يجوز في هذه الأشياء الثلاثة يراد به كذب التورية لا الكذب الصريح وعلى هذا فلا يستثنى من الكذب شيء وكل الكذب حرام ثم اعلم أن الكذب يحار فيه الإنسان ويعجز عن معالجته كما قيل
لي حيلة في من ينم ...
وليس في الكذاب حيلة
من كان يخلق ما يقول ...
فحيلتي فيه قليلة
الذي ينم وهو الذي يلقي النميمة بين الناس لي فيه حيلة أي يمكن أن أحتال وأتخلص منه ومن شره لكن الذي يكذب يقول فعلت وفعلت وهو كاذب ليس لي فيه حيلة إذا كان يخلق ما يقول وما شاء قاله فهذا مشكل ليس لي فيه حيلة ولهذا قال هنا ولا يكذبه وفي لفظ ولا يحقره ولا يستصغره حتى وإن كان أكبر منه سنا وإن كان أكثر منه مالا وإن كان أغزر منه علما فلا يحقره واحتقار الناس من الكبر والعياذ بالله قال النبي صلى الله عليه وسلم الكبر بطر الحق وغمط الناس بطر الحق يعني رده وغمط الناس يعني احتقارهم وازدراءهم فالمسلم يرى أخاه بعين الإكبار ويحترمه ويعظمه والعامة يقولون احترم الناس يحترموك واحتقر الناس يحتقروك يعني من رأى الناس بعين الاحتقار رأوه بعين الاحتقار ومن رآهم بعين الإكبار والإجلال رأوه بعين الإكبار والإجلال وهذا شيء مشاهد ولهذا تجد الرجل المتواضع اللين الهين محترما عند الناس كلهم لا أحد يكرهه ولا أحد يسبه والإنسان الشامخ بأنه المستكبر المحتقر لغيره تجده مكروها مذموما عند الناس ولولا حاجة الناس إليه إذا كانوا يحتاجون إليه ما كلمه أحد لأنهم يحتقرونه ثم قال عليه الصلاة والسلام التقوى هاهنا أشار إلى صدره ثلاث مرات يعني أن التقوى في القلب فإذا اتقى القلب اتقت الجوارح وإذا لم يتق القلب لم تتق الجوارح وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب فإذا كان في قلب الإنسان تقوى لله عز وجل وخوف منه وخشية له استقامت أعماله الظاهرة لأن الأعمال الظاهرة تتبع القلب وقد مثل بعض العلماء ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه القلب بالملك المطاع مع جنوده فالملك المطاع مع جنوده إذا أمرهم بشيء أطاعوه ولكن بعض العلماء قال: إن هذا المثال أنقص من قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلحت صلح الجسد كله وذلك لأن الملك مع جنوده وإن كان مطاعا فإنهم لا يصلحون بصلاحه لكن القلب إذا صلح صلح الجسد وإذا اتقى اتقى الجسد واعلم أن من الناس من يجادل بالباطل بهذا الحديث فإذا أمرته بمعروف أو نهيته عن منكر قال التقوى هاهنا تقول له لا تحلق لحيتك فحلق اللحية حرام وحلق اللحية من هدي المجوس والمشركين وإعفاء اللحية من هدي النبيين والمرسلين وأولياء الله الصالحين إذا قلت له هذا قال التقوى هاهنا التقوى هاهنا نقول له كذبت وإنه ليس في قلبك تقوى لو كان في قلبك تقوى لاتقيت الله لأن القلب إذا اتقى اتقت الجوارح وإذا انهمك في معصية الله انهمكت الجوارح وفي قوله التقوى هاهنا وإشارته إلى صدره دليل على أن العقل في القلب الذي في الصدر وهذا هو المطابق للقرآن تماما قال الله تعالى أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور فقال { قلوب يعقلون بها } ثم قال: { ولكن تعمي القلوب التي في الصدور } وليس القلب هو المخ كما يظنه بعض الجهال فالعقل في القلب ولكن المخ لا شك أن له أثرا في أعمال العبد في حركاته وفي سكناته لكنهم قالوا إن المخ مثل الخادم يهيئ الأشياء ويطبخها ثم يبعث بها إلى القلب ثم يصدر القلب الأوامر على المخ من أجل أن المخ يدبر الأعصاب وبقية الجسم فيكون هذا المخ خادما للقلب عند تصدير الأشياء إليه واستصدارها منه فالأشياء تمر من القلب ذاهبة وآتية إلى المخ والمخ هو الذي يحرك البدن ولذلك إذا اختل المخ اختل كل شيء ثم قال صلى الله عليه وسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه كل المسلم على المسلم حرام دمه فلا يعتدي على المسلم بقتل أو جرح أو غير ذلك وماله فلا يؤخذ ماله لا غصبا ولا سرقة ولا خيانة ولا دعوى ما ليس له ولا غير ذلك بأي طريق فلا يحل لك أن تأخذ مال أخيك بغير حق فإنه حرام عليك وعرضه بأن لا تنتهك عرضه وتتكلم فيه بين الناس سواء كنت صادقا فيما تقول أو كاذبا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الغيبة فقال: ذكرك أخاك بما يكره قالوا: يا رسول الله أرأيت إن كان في أخي ما أقول قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته فالواجب على المسلم أن يحترم أخاه في ماله وعرضه ودمه كما قال صلى الله عليه وسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه

235 -
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
آداب عامة باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم وأخرى من 222 – إلى 235 / تابع ---
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تابع --- باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم
» تابع --- باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم
» تابع --- باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم
» تعظيم حرمات المسلمين Maximizing the sanctity of Muslims رياض الصالحين مترجما للإنجليزية باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم
» تعظيم حرمات المسلمين Maximizing the sanctity of Muslims رياض الصالحين مترجما للإنجليزية باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: شرح رياض الصالحين - فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - وأخرى-
انتقل الى: