منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
 تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
 تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
 تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
 تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
 تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
 تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
 تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62 I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

  تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

 تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62    تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62 I_icon_minitimeالخميس مارس 14, 2013 2:10 pm

[color=black][size=24]

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً * فَقُلْنَا اذْهَبَآ إِلَى الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا فَدَمّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً * وَقَوْمَ نُوحٍ لّمّا كَذّبُواْ الرّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً * وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ الرّسّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً * وَكُلاّ ضَرَبْنَا لَهُ الأمْثَالَ وَكُلاّ تَبّرْنَا تَتْبِيراً * وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الّتِيَ أُمْطِرَتْ مَطَرَ السّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً



يقول تعالى متوعداً من كذب رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم من مشركي قومه ومن خالفه، ومحذرهم من عقابه وأليم عذابه مما أحله بالأمم الماضية المكذبين لرسله، فبدأ بذكر موسى وأنه بعثه وجعل معه أخاه هارون وزيراً، أي نبياً مؤازراً ومؤيداً وناصراً، فكذبهما فرعون وجنوده {فدمر الله عليهم وللكافرين أمثالها} وكذلك فعل بقوم نوح حين كذبوا رسوله نوحاً عليه السلام، ومن كذب برسول فقد كذب بجميع الرسل، إذ لا فرق بين رسول ورسول، ولو فرض أن الله تعالى بعث إليهم كل رسول فإنهم كانوا يكذبون، ولهذا قال تعالى: {وقوم نوح لما كذبوا الرسل} ولم يبعث إليهم إلا نوح فقط، وقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله عز وجل، ويحذرهم نقمه {وما آمن معه إلا قليل} ولهذا أغرقهم الله جميعاً ولم يبق منهم أحداً، ولم يترك من بني آدم على وجه الأرض سوى أصحاب السفينة فقط {وجعلناهم للناس آية} أي عبرة يعتبرون بها، كما قال تعالى: {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية * لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية} أي وأبقينا لكم من السفن ما تركبون في لجج البحار لتذكروا نعمة الله عليكم في إنجائكم من الغرق، وجعلكم من ذرية من آمن به وصدق أمره

وقوله تعالى: {وعاداً وثمود وأصحاب الرس} قد تقدم الكلام على قصتيهما في غير ما سورة، كسورة الأعراف بما أغنى عن الإعادة. وأما أصحاب الرس، فقال ابن جريج عن ابن عباس: هم أهل قرية من قرى ثمود. وقال ابن جريج: قال عكرمة: أصحاب الرس بفلج، وهم أصحاب يس. وقال قتادة: فلج من قرى اليمامة. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم حدثنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم حدثنا شبيب بن بشر حدثنا عكرمة عن ابن عباس في قوله {وأصحاب الرس} قال: بئر بأذربيجان. وقال الثوري عن أبي بكير، عن عكرمة: الرس بئر رسوا فيها نبيهم، أي دفنوه بها

وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة العبد الأسود، وذلك أن الله تعالى بعث نبياً إلى أهل قرية فلم يؤمن به من أهلها إلا ذلك العبد الأسود، ثم إن أهل القرية عدوا على النبي فحفروا له بئراً فألقوه فيها، ثم أطبقوا عليه بحجر ضخم، قال: فكان ذلك العبد يذهب فيحتطب على ظهره، ثم يأتي بحطبه فيبيعه ويشتري به طعاماً وشراباً، ثم يأتي به إلى تلك البئر فيرفع تلك الصخرة، ويعينه الله تعالى عليها، فيدلي إليه طعامه وشرابه، ثم يردها كما كانت، قال: فكان ذلك ما شاء الله أن يكون، ثم إنه ذهب يوماً يحتطب كما كان يصنع، فجمع حطبه وحزم حزمته وفرغ منها، فلما أراد أن يحتملها وجد سنة، فاضطجع فنام، فضرب الله على أذنه سبع سنين نائماً، ثم إنه هب فتمطى فتحول لشقه الاَخر فاضطجع فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى، ثم إنه هب واحتمل حزمته ولا يحسب إلا أنه نام ساعة من نهار، فجاء إلى القرية فباع حزمته، ثم اشترى طعاماً وشراباً كما كان يصنع، ثم إنه ذهب إلى الحفيرة موضعها الذي كانت فيه، فالتمسه فلم يجده، وكان قد بدا لقومه فيه بداء فاستخرجوه وآمنوا به وصدقوه، قال: فكان نبيهم يسألهم عن ذلك الأسود ما فعل، فيقولون له: لا ندري، حتى قبض الله النبي، هب الأسود من نومته بعد ذلك» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن ذلك الأسود لأول من يدخل الجنة» وهكذا رواه ابن جرير عن ابن حميد عن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب مرسلاً، وفيه غرابة ونكارة، ولعل فيه إدراجاً، والله أعلم. وقال ابن جرير: لا يجوز أن يحمل هؤلاء على أنهم أصحاب الرس الذين ذكروا في القرآن، لأن الله أخبر عنهم أنه أهلكهم، وهؤلاء قد بدا لهم فآمنوا بنبيهم اللهم إلا أن يكون حدث لهم أحداث آمنوا بالنبي بعد هلاك آبائهم، والله أعلم. واختار ابن جرير أن المراد بأصحاب الرس هم أصحاب الأخدود الذين ذكروا في سورة البروج، فا لله أعلم

وقوله تعالى: {وقروناً بين ذلك كثيراً} أي وأمما أضعاف من ذكر أهلكناهم كثيرة، ولهذا قال {وكلا ضربنا له الأمثال} أي بينا لهم الحجج ووضحنا لهم الأدلة، كما قال قتادة: وأزحنا الأعذار عنهم {وكلا تبرنا تتبيراً} أي أهلكنا إهلاكاً، كقوله تعالى: {وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح} والقرن هو الأمة من الناس، كقوله {ثم أنشأنا من بعدهم قروناً آخرين} وحده بعضهم بمائة وعشرين سنة. وقيل بمائة. وقيل بثمانين، وقيل أربعين، وقيل غير ذلك، والأظهر أن القرن هم الأمة المتعاصرون في الزمن الواحد وإذا ذهبوا وخلفهم جيل فهم قرن آخر، كما ثبت في الصحيحين «خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» الحديث {ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء} يعني قرية قوم لوط، وهي سدوم ومعاملتها التي أهلكها الله بالقلب وبالمطر من الحجارة التي من سجيل، كما قال تعالى: {وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين} وقال {وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون} وقال تعالى: {وإنها لبسبيل مقيم} وقال {وإنهما لبإمام مبين} ولهذا قال {أفلم يكونوا يرونها} أي فيعتبروا بما حل بأهلها من العذاب والنكال بسبب تكذيبهم بالرسول وبمخالفتهم أوامر الله {بل كانوا لا يرجون نشوراً} يعني المارين بها من الكفار لا يعتبرون لأنهم لا يرجون نشوراً، أي معاداً يوم القيامة





وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتّخِذُونَكَ إِلاّ هُزُواً أَهَـَذَا الّذِي بَعَثَ اللّهُ رَسُولاً * إِن كَادَ لَيُضِلّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلّ سَبِيلاً * أَرَأَيْتَ مَنِ اتّخَذَ إِلَـَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً * أَمْ تَحْسَبُ أَنّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاّ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ سَبِيلاً



يخبر تعالى عن استهزاء المشركين بالرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأوه كما قال تعالى: {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزواً} الاَية، يعنونه بالعيب والنقص. وقال ههنا {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزواً أهذا الذي بعث الله رسولاً ؟} أي على سبيل التنقيص والازدراء فقبحهم الله، كما قال {ولقد استهزىء برسل من قبلك} الاَية. وقوله تعالى: {إن كاد ليضلنا عن آلهتنا} يعنون أنه كاد يثنيهم عن عبادة الأصنام لولا أن صبروا وتجلدوا واستمروا عليها. قال الله تعالى متوعداً لهم ومتهدداً {وسوف يعلمون حين يرون العذاب} الاَية

ثم قال تعالى لنبيه منبهاً أن من كتب الله عليه الشقاوة والضلال، فإنه لا يهديه أحد إلا الله عز وجل {أرأيت من اتخذ إلهه هواه} أي مهما استحسن من شيء ورآه حسناً في هوى نفسه كان دينه ومذهبه، كما قال تعالى: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً فإن الله يضل من يشاء} الاَية، ولهذا قال ههنا {أفأنت تكون عليه وكيلاً} قال ابن عباس: كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زماناً، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول. ثم قال تعالى: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون} الاَية، أي هم أسوأ حالاً من الأنعام السارحة، فإن تلك تعقل ما خلقت له، وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له، وهم يعبدون غيره ويشركون به مع قيام الحجة عليهم وإرسال الرسل إليهم





أَلَمْ تَرَ إِلَىَ رَبّكَ كَيْفَ مَدّ الظّلّ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمّ جَعَلْنَا الشّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً * ثُمّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً * وَهُوَ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيْلَ لِبَاساً وَالنّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النّهَارَ نُشُوراً



من ههنا شرع سبحانه وتعالى في بيان الأدلة الدالة على وجوده وقدرته التامة على خلق الأشياء المختلفة والمتضادة، فقال تعالى: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ؟} قال ابن عباس وابن عمر وأبو العالية وأبو مالك ومسروق ومجاهد وسعيد بن جبير والنخعي والضحاك والحسن وقتادة والسدي وغيرهم: هو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكناً} أي دائماً لا يزول، كما قال تعالى: {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً} الاَيات. وقوله تعالى: {ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً} أي لولا أن الشمس تطلع عليه لما عرف، فإن الضد لا يعرف إلا بضده، وقال قتادة والسدي: دليلاً تتلوه وتتبعه حتى تأتي عليه كله

وقوله تعالى: {ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً} أي الظل. وقيل الشمس {يسيراً} أي سهلاً، قال ابن عباس: سريعاً. وقال مجاهد: خفياً. وقال السدي: قبضاً خفياً حتى لا يبقى في الأرض ظل إلا تحت سقف أو تحت شجرة، وقد أظلت الشمس ما فوقه. وقال أيوب بن موسى في الاَية {قبضاً يسيراً} قليلاً قليلا. وقوله {وهو الذي جعل لكم الليل لباساً} أي يلبس الوجود ويغشاه، كما قال تعالى: {والليل إذا يغشى} {والنوم سباتاً} أي قاطعاً للحركة لراحة الأبدان، فإن الأعضاء والجوارح تكل من كثرة الحركة في الانتشار بالنهار في المعاش، فإذا جاء الليل وسكن، سكنت الحركات فاستراحت، فحصل النوم الذي فيه راحة البدن والروح معاً {وجعل النهار نشوراً} أي ينتشر الناس فيه لمعايشهم ومكاسبهم وأسبابهم، كما قال تعالى: {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله}الاَية





وَهُوَ الّذِيَ أَرْسَلَ الرّيَاحَ بُشْرَى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَآءً طَهُوراً * لّنُحْيِـيَ بِهِ بَلْدَةً مّيْتاً وَنُسْقِيَهِ مِمّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيّ كَثِيراً * وَلَقَدْ صَرّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذّكّرُواْ فَأَبَىَ أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً



وهذا أيضاً من قدرته التامة وسلطانه العظيم، وهو أنه تعالى يرسل الرياح مبشرات، أي بمجيء السحاب بعدها، والرياح أنواع في صفات كثيرة من التسخير، فمنها ما يثير السحاب، ومنها ما يحمله، ومنها ما يسوقه، ومنها ما يكون بين يدي السحاب مبشراً، ومنها ما يكون قبل ذلك يقم الأرض، ومنها ما يلقح السحاب ليمطر، ولهذا قال تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً} أي آلة يتطهر بها كالسحور والوقود وما جرى مجراهما، فهذا أصح ما يقال في ذلك. وأما من قال إنه فعول بمعنى فاعل، أو إنه مبني للمبالغة والتعدي، فعلى كل منهما إشكالات من حيث اللغة والحكم، ليس هذا موضع بسطها، والله أعلم

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي عن أبي جعفر الرازي إلى حميد الطويل عن ثابت البناني قال: دخلت مع أبي العالية في يوم مطير، وطرق البصرة قذرة، فصلى فقلت له، فقال {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً} قال: طهره ماء السماء، وقال أيضاً: حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا وهيب عن داود عن سعيد بن المسيب في هذه الاَية قال: أنزله الله طهوراً لا ينجسه شيء. وعن أبي سعيد قال: قيل: يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة، وهي بئر يلقى فيها النتن ولحوم الكلاب ؟ فقال «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» رواه الشافعي وأحمد وصححه وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي

وروى ابن أبي حاتم بإسناده: حدثنا أبي، حدثنا أبو الأشعث حدثنا معتمر، سمعت أبي يحدث عن سيار عن خالد بن يزيد قال: كان عند عبد الملك بن مروان فذكروا الماء، فقال خالد بن يزيد: منه من السماء، ومنه يسقيه الغيم من البحر فيغذ به الرعد والبرق، فأما ما كان من البحر فلا يكون له نبات، فأما النبات فمما كان من السماء. وروي عن عكرمة قال: ما أنزل الله من السماء قطرة إلا أنبت بها في الأرض عشبة أو في البحر لؤلؤة. وقال غيره: في البر بر وفي البحر در

وقوله تعالى: {لنحيي به بلدة ميتا} أي أرضاً قد طال انتظارها للغيث، فهي هامدة لا نبات فيها ولا شيء فلما جاءها الحياء عاشت واكتست رباها أنواع الأزاهير والألوان، كما قال تعالى: {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت} الاَية، {ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسيّ كثيراً} أي وليشرب منه الحيوان من أنعام، وأناسيّ محتاجين إليه غاية الحاجة لشربهم وزروعهم وثمارهم، كما قال تعالى: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا} الاَية، وقال تعالى: {فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها} الاَية

وقوله تعالى: {ولقد صرفناه بينهم ليذكروا} أي أمطرنا هذه الأرض دون هذه، وسقنا السحاب يمر على الأرض ويتعداها ويتجاوزها إلى الأرض الأخرى، فيمطرها ويكفيها ويجعلها غدقاً، والتي وراءها لم ينزل فيها قطرة من ماء، وله في ذلك الحجة البالغة والحكمة القاطعة. قال ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم: ليس عام بأكثر مطراً من عام، ولكن الله يصرفه كيف يشاء، ثم قرأ هذه الاَية {ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفوراً} أي ليذكروا بإحياء الله الأرض الميتة أنه قادر على إحياء الأموات والعظام الرفات، أو ليذكر من منع المطر إنما أصابه ذلك بذنب أصابه، فيقلع عما هو فيه

وقال عمر مولى غقبة: كان جبريل عليه السلام في موضع الجنائز، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «يا جبريل إني أحب أن أعلم أمر السحاب» قال: فقال له جبريل: يا نبي الله هذا ملك السحاب فسله، فقال: تأتينا صكاك مختمة، اسق بلاد كذا وكذا، كذا وكذا قطرة. رواه ابن أبي حاتم وهو حديث مرسل. وقوله تعالى: {فأبى أكثر الناس إلا كفوراً} قال عكرمة: يعني الذين يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا، وهذا الذي قاله عكرمة كما صح في الحديث المخرج في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه يوماً على أثر سماء أصابتهم من الليل «أتدرون ماذا قال ربكم ؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال «قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذاك مؤمن بي، كافر بالكواكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذاك كافر بي، مؤمن بالكواكب»





وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ نّذِيراً * فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً * وَهُوَ الّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مّحْجُوراً * وَهُوَ الّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبّكَ قَدِيراً



يقول تعالى: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً} يدعوهم إلى الله عز وجل، ولكنا خصصناك يا محمد بالبعثة إلى جميع أهل الأرض، وأمرناك أن تبلغهم القرآن {لأنذركم به ومن بلغ} {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} {لتنذر أم القرى ومن حولها} {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً}. وفي الصحيحين «بعثت إلى الأحمر والأسود»، وفيهما «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة» ولهذا قال تعالى: {فلا تطع الكافرين وجاهدهم به} يعني القرآن، قاله ابن عباس، {جهاداً كبيراً} كما قال تعالى: {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين} الاَية

وقوله تعالى: {وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج} أي خلق الماءين: الحلو والملح، فالحلو كالأنهار والعيون والاَبار، وهذا هو البحر الحلو العذب الفرات الزلال، قاله ابن جريج، واختاره ابن جرير، وهذا المعنى لا شك فيه، فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات، والله سبحانه وتعالى إنما أخبر بالواقع لينبه العباد على نعمه عليهم ليشكروه، فالبحر العذب هو هذا السارح بين الناس، فرقه الله تعالى بين خلقه لاحتياجهم إليه أنهاراً وعيوناً في كل أرض، بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأرضيهم

وقوله تعالى: {وهذا ملح أجاج} أي مالح مر زعاق لا يستساغ، وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب: البحر المحيط وما يتصل به من الزقاق، وبحر القلزم، وبحر اليمن، وبحر البصرة، وبحر فارس، وبحر الصين والهند، وبحر الروم، وبحر الخزر، وما شاكلها وما شابهها من البحار الساكنة التي لا تجري، ولكن تموج وتضطرب وتلتطم في زمن الشتاء وشدة الرياح، ومنها ما فيه مد وجزر، ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض، فإذا شرع الشهر في النقصان جزرت حتى ترجع إلى غايتها الأولى، فإذا استهل الهلال من الشهر الاَخر شرعت في المد إلى الليلة الرابعة عشرة، ثم تشرع في النقص، فأجرى الله سبحانه وتعالى ـ وهو ذو القدرة التامة ـ العادة بذلك، فكل هذه البحار الساكنة، خلقها الله سبحانه وتعالى مالحة لئلا يحصل بسببها نتن الهواء، فيفسد الوجود بذلك، ولئلا تجوى الأرض بما يموت فيها من الحيوان، ولما كان ماؤها مالحاً، كان هواؤها صحيحاً وميتتها طيبة، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن ماء البحر: أنتوضأ به ؟ فقال {هو الطهور ماؤه، الحل ميتته} رواه الأئمة مالك والشافعي وأحمد وأهل السنن بإسناد جيد

وقوله تعالى: {وجعل بينهما برزخاً وحجراً} أي بين العذب والمالح {برزخاً} أي حاجزاً وهو اليبس من الأرض، {وحجراً محجوراً} أي مانعاً من أن يصل أحدهما إلى الاَخر، كقوله تعالى: {مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فبأي آلاء ربكما تكذبان} وقوله تعالى: {أمن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً أإله مع الله ؟ بل أكثرهم لا يعلمون} وقوله تعالى: {وهو الذي خلق من الماء بشراً} الاَية، أي خلق الإنسان من نطفة ضعيفة فسواه وعدله وجعله كامل الخلقة ذكراً وأنثى، كما يشاء، {فجعله نسباً وصهراً} فهو في ابتداء أمره ولد نسيب، ثم يتزوج فيصير صهراً، ثم يصير له أصهار وأختان وقرابات، وكل ذلك من ماء مهين، ولهذا قال تعالى: {وكان ربك قديراً}





وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَىَ رَبّهِ ظَهِيراً * وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ مُبَشّراً وَنَذِيراً * قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاّ مَن شَآءَ أَن يَتّخِذَ إِلَىَ رَبّهِ سَبِيلاً * وَتَوَكّلْ عَلَى الْحَيّ الّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىَ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً * الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ اسْتَوَىَ عَلَى الْعَرْشِ الرّحْمَـَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُواْ لِلرّحْمَـَنِ قَالُواْ وَمَا الرّحْمَـَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً



يخبر تعالى عن جهل المشركين في عبادتهم غير الله من الأصنام التي لا تملك له ضراً ولا نفعاً، بلا دليل قادهم إلى ذلك، ولا حجة أدتهم إليه بل بمجرد الاَراء والتشهي والأهواء، فهم يوالونهم ويقاتلون في سبيلهم، ويعادون الله ورسوله والمؤمنين فيهم، ولهذا قال تعالى: {وكان الكافر على ربه ظهيراً} أي عوناً في سبيل الشيطان على حزب الله وحزب الله هم الغالبون، كما قال تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون} أي آلهتهم التي اتخذوها من دون الله لا تملك لهم نصراً، وهؤلاء الجهلة للأصنام جند محضرون يقاتلون عنهم، ويذبون عن حوزتهم، ولكن العاقبة والنصرة لله ولرسوله وللمؤمنين في الدنيا والاَخرة

قال مجاهد {وكان الكافر على ربه ظهيراً} قال: يظاهر الشيطان على معصية الله ويعينه. وقال سعيد بن جبير: {وكان الكافر على ربه ظهيراً} يقول: عوناً للشيطان على ربه بالعداوة والشرك وقال زيد بن أسلم {وكان الكافر على ربه ظهيراً} قال: موالياً، ثم قال تعالى لرسوله صلوات الله وسلامه عليه {وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً} أي بشيراً للمؤمنين ونذيراً للكافرين، مبشراً بالجنة لمن أطاع الله ونذيراً بين يدي عذاب شديد لمن خالف أمر الله {قل ما أسألكم عليه من أجر} أي على هذا البلاغ وهذا الإنذار من أجرة أطلبها من أموالكم، وإنما أفعل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى {لمن شاء منكم أن يستقيم} {إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً} أي طريقاً ومسلكاً ومنهجاً يقتدي فيها بما جئت به

ثم قال تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} أي في أمورك كلها كن متوكلاً على الله الحي الذي لا يموت أبداً، الذي هو {الأول والاَخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} الدائم الباقي السرمدي الأبدي الحي القيوم ورب كل شيء ومليكه اجعله ذخرك وملجأك، وهو الذي يتوكل عليه ويفزع إليه، فإنه كافيك وناصرك ومؤيدك ومظفرك، كما قال تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}

وروى ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل قال: قرأت على معقل يعني ابن عبيد الله، عن عبد الله بن أبي حسين عن شهر بن حوشب قال: لقي سلمان النبي صلى الله عليه وسلم في بعض فجاج المدينة فسجد له، فقال «لا تسجد لي يا سلمان، واسجد للحي الذي لا يموت} وهذا مرسل حسن. وقوله تعالى: {وسبح بحمده} أي اقرن بين حمده وتسبيحه، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك» أي أخلص له العبادة والتوكل، كما قال تعالى: {رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً} وقال تعالى: {فاعبده وتوكل عليه} وقال تعالى: {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا}

وقوله تعالى: {وكفى به بذنوب عباده خبيراً} أي بعلمه التام الذي لا يخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة. وقوله تعالى: {الذي خلق السموات والأرض} الاَية، أي هو الحي الذي لا يموت، وهو خالق كل شيء وربه ومليكه، الذي خلق بقدرته السموات السبع في ارتفاعها واتساعها، والأرضين السبع في سفولها وكثافتها {في ستة أيام ثم استوى على العرش} أي يدبر الأمر، ويقضي الحق، وهو خير الفاصلين

وقوله {ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيراً} أي استعلم عنه من هو خبير به عالم به، فاتبعه واقتد به، وقد علم أنه لا أحد أعلم بالله ولا أخبر به من عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه، سيد ولد آدم على الإطلاق في الدنيا والاَخرة، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فما قاله فهو الحق، وما أخبر به فهو الصدق، وهو الإمام المحكم الذي إذا تنازع الناس في شيء وجب رد نزاعهم إليه، فما وافق أقواله وأفعاله فهو الحق، وما خالفها فهو مردود على قائله وفاعله كائناً من كان، قال الله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء} الاَية، وقال تعالى: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} وقال تعالى: {وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً} أي صدقاً في الإخبار وعدلاً في الأوامر والنواهي، ولهذا قال تعالى: {فاسأل به خبيراً}

قال مجاهد: في قوله {فاسأل به خبيراً} قال: ما أخبرتك من شيء فهو كما أخبرتك وكذا قال ابن جريج. وقال شمر بن عطية في قوله {فاسأل به خبيراً} هذا القرآن خبير به. ثم قال تعالى منكراً على المشركين الذين يسجدون لغير الله من الأصنام والأنداد {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن} أي لا نعرف الرحمن، وكانوا ينكرون أن يسمى الله باسمه الرحمن، كما أنكروا ذلك يوم الحديبية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم» فقالوا: لا نعرف الرحمن ولا الرحيم، ولكن اكتب كما كنت تكتب: باسمك اللهم، ولهذا أنزل الله تعالى: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيّاً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} أي هو الله وهو الرحمن وقال في هذه الاَية {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن} أي لا نعرفه ولا نقر به {أنسجد لما تأمرنا} أي لمجرد قولك {وزادهم نفوراً} فأما المؤمنون فإنهم يعبدون الله الذي هو الرحمن الرحيم، ويفردونه بالإلهية، ويسجدون له، وقد اتفق العلماء رحمهم الله على أن هذه السجدة التي في الفرقان مشروع السجود عندها لقارئها ومستمعها، كما هو مقرر في موضعه، والله سبحانه وتعالى أعلم





تَبَارَكَ الّذِي جَعَلَ فِي السّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مّنِيراً * وَهُوَ الّذِي جَعَلَ اللّيْلَ وَالنّهَارَ خِلْفَةً لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذّكّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً



يقول تعالى ممجداً نفسه ومعظماً على جميل ما خلق في السماوات من البروج، وهي الكواكب العظام في قول مجاهد وسعيد بن جبير وأبي صالح والحسن وقتادة. وقيل: هي قصور في السماء للحرس، يروى هذا عن علي وابن عباس ومحمد بن كعب وإبراهيم النخعي وسليمان بن مهران الأعمش، وهو رواية عن أبي صالح أيضاً، والقول الأول أظهر. اللهم إلا أن يكون الكواكب العظام هي قصور للحرس، فيجتمع القولان، كما قال تعالى: {ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح} الاَية، ولهذا قال تعالى: {تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً} وهي الشمس المنيرة التي هي كالسراج في الوجود، كما قال تعالى: {وجعلنا سراجاً وهاجاً} {وقمراً منيراً} أي مشرقاً مضيئاً بنور آخر من غير نور الشمس، كما قال تعالى: {وهو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً} وقال مخبراً عن نوح عليه السلام، أنه قال لقومه {ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقاً وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً} ثم قال تعالى: {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة} أي يخلف كل واحد منهما صاحبه، يتعاقبان لا يفتران، إذا ذهب هذا جاء هذا، وإذا جاء هذا ذهب ذاك، كما قال تعالى: {وسخر لكم الشمس والقمر دائبين} الاَية، وقال {يغشي الليل والنهار يطلبه حثيثاً} الاَية، وقال {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} الاَية

وقوله تعالى: {لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً} أي جعلهما يتعاقبان توقيتاً لعبادة عباده له عز وجل، فمن فاته عمل في الليل استدركه في النهار، ومن فاته عمل في النهار استدركه في الليل، وقد جاء في الحديث الصحيح «إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل». وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا أبو حمزه عن الحسن أن عمر بن الخطاب أطال صلاة الضحى، فقيل له: صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه، فقال: إنه بقي علي من وردي شيء، فأحببت أن أتمه، أو قال أقضيه، وتلا هذه الاَية {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً}. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية: يقول من فاته شيء من الليل أن يعمله أدركه بالنهار، أو من النهار أدركه بالليل، وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير والحسن، وقال مجاهد وقتادة: خلفة، أي مختلفين، أي هذا بسواده وهذ
ا بضيائه




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة الفرقان - من آية 35 - إلى نهاية الآية 62
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الفرقان - من آية 1 - إلى نهاية الآية 34
»  تفسير سورة الفرقان - من آية 63 - إلى نهاية الآية 77
»  تفسير سورة طه - من آية 83 - إلى نهاية الآية 104
»  تفسير سورة سبأ - من آية 18 - إلى نهاية الآية 30
» تفسير سورة طه - من آية 36 - إلى نهاية الآية 40

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير"-
انتقل الى: