1315- وعنْ أنَسٍ رضي اللَّه عَنْهُ ، قالَ انْطَلقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا المشْركِينَ إلى بَدرٍ ، وَجَاءَ المُشرِكونَ ، فقالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا يَقْدمنَّ أحَدٌ مِنْكُمْ إلى شيءٍ حَتَّى أكُونَ أنا دُونَهُ » فَدَنَا المُشرِكونَ ، فقَال رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « قُومُوا إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمواتُ وَالأَرْضُ » قال : يَقولُ عُمَيْرُ بنُ الحُمَامِ الأنْصَارِيُّ رضي اللَّه عَنْهُ : يا رسولَ اللَّه جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمواتُ والأرضُ ؟ قالَ : « نَعم » قالَ : بَخٍ بَخٍ ، فقالًَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ما يَحْمِلُكَ على قَولِكَ بَخٍ بخٍ ؟ » قالَ لا وَاللَّهِ يا رسُول اللَّه إلاَّ رَجاءَ أن أكُونَ مِنْ أهْلِها ، قال : « فَإنَّكَ مِنْ أهْلِهَا » فَأخْرج تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ ، فَجَعَل يَأْكُلُ منْهُنَّ، ثُمَّ قَال لَئِنْ أنَا حَييتُ حتى آكُل تَمَراتي هذِهِ إنَّهَا لحَيَاةٌ طَويلَةٌ ، فَرَمَى بمَا مَعَهُ مَنَ التَّمْرِ . ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ . رواهُ مسلمٌ .
« القرَنَ » بفتح القاف والراءِ : هو جُعْبَةُ النُشَّابِ .
1316- وعنه قال : جاءَ ناسٌ إلى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أنِ ابْعث معنَا رجالاً يُعَلِّمونَا القُرآنَ والسُّنَّةَ، فَبعثَ إلَيْهِم سبعِينَ رجلا مِنَ الأنْصارِ يُقَالُ لهُمُ : القُرَّاءُ ، فيهِم خَالي حرَامٌ ، يقرؤُون القُرآنَ ، ويتَدَارسُونَهُ باللَّيْلِ يتعلَّمُونَ ، وكانُوا بالنَّهار يجيئُونَ بالماءِ ، فَيَضعونهُ في المسجِدِ ، ويحْتَطِبُون فَيبيعُونه ، ويَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعام لأهلِ الصُّفَّةِ ولِلفُقراءِ ، فبعثَهم النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فعرضوا لهم فقتلُوهُم قبل أنْ يبلُغُوا المكانَ ، فقَالُوا : اللَّهُمَّ بلِّغ عنَّا نَبيَّنَا أَنَّا قَد لَقِينَاكَ فَرضِينَا عنْكَ ورضيت عَنا ، وأَتى رجُلٌ حراماً خالَ أنس مِنْ خَلْفِهِ ، فَطعنَهُ بِرُمحٍ حتى أنْفَذهُ ، فَقَال حرامٌ : فُزْتُ وربِّ الكَعْبةِ ، فقال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إنَّ إخْوانَكم قَد قُتِلُوا وإنهم قالُوا : اللَّهُمَّ بلِّغ عنَّا نبينا أَنَّا قَد لَقِيناكَ فَرضِينَا عنكَ ورضِيتَ عَنَّا » متفقٌ عليه، وهذا لفظ مسلم .
1317-وعنهُ قال : غَاب عَمِّي أنسُ بنُ النضْر رضي اللَّه عنْهُ عنِ قِتَالِ بدرٍ ، فقال : يا رسول اللَّه غِبتُ عن أوَّلِ قِتالٍ قاتَلتَ المُشرِكينَ ، لئِنِ اللَّه أشْهَدني قِتالَ المُشرِكِينَ ليَرينَّ اللَّه ما أَصنع . فلمَّا كانَ يومُ أحُدٍ انكشفَ المُسلِمُونَ ، فقال : اللَّهُمَّ إنِّي أَعتَذِرُ إلَيك مِمًَّا صنع هَؤُلاءِ ¬ يعْني أصْحابهُ ¬ ؤأَبْرأُ إليكَ مِمَّا صنع هَؤُلاءِ ¬ يعني المُشركينَ ¬ ثُمَّ تقدَّم فاستَقبلهُ سعدُ بنُ مُعاذٍ فقال : يا سعدُ بنَ مُعاذٍ الجنَّةُ وربِّ النَّضْرِ ، إنِّي أجِدُ رِيحَهَا مِن دونِ أُحدٍ ، قال سعدٌ : فما استَطعتُ يا رسول اللَّهِ مَا صنَع ، قال أنسٌ : فَوجدْنَا بِهِ بِضعاً وثَمانِينَ ضربةً بالسَّيفِ ، أوْ طَعنةَ برُمْحٍ أوْ رميةً بِسهمٍ ، ووجدناهُ قد قُتِلَ ومثَّلَ بِهِ المُشرِكونَ ، فَما عرفَهُ أحدٌ إلا أُختُهُ بِبنانِهِ . قال أنسٌ : كُنَّا نَرى ¬ أوْ نَظُنُّ ¬ أَنَّ هذِهِ الآيةَ نَزَلَتْ فِيهِ وفي أَشبَاهِهِ : { مِنَ المُؤْمِنينَ رِجَالٌ صدقُوا ما عَاهَدوا اللَّه عليْهِ فَمِنْهُمْ منْ قَضَى نَحْبَهُ } إلى آخرهَا [ الأحزاب : 23 ] .
متفقٌ عليه ، وقد سبَقَ في باب المُجاهدة .