141-باب بيان أن السنة إذا قيل للمستأذن : من أنت ؟
أن يقول : فلان فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أو كنية وكراهة قوله أنا ونحوها
874- عن أنس رضي الله عنه في حديثه المشهور في الإسراء قال : قال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، « ثُمَّ صَعِدَ بي جِبْريلُ إلى السّماء الدُّنيا فاستفتح » فقيل : منْ هذا ؟ قال : جبْريلُ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَك ؟ قال : مُحمَّدٌ . ثمَّ صَعِدَ إلى السَّماء الثّانية فاستفتح ، قيل : مَنْ هذا ؟ قال : جبريلُ ، قيل : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قال : مُحَمدٌَّ » والثّالثة والرَّابعة وَسَائرهنَّ وَيُقالُ في باب كل سماء : مَنْ هذا ؟ فَيقُولُ : جبريل متفق عليه .
عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لما كان ليلة أسري بي ـ
رواية بريدة بن الحصيب الأسلمي :
قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا عبد الرحمن بن المتوكل ويعقوب بن إبراهيم واللفظ له، قالا: حدثنا أبو نميلة، حدثنا الزبير بن جنادة عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لما كان ليلة أسري بي ـ قال ـ فأتى جبريل الصخرة التي ببيت المقدس ـ قال ـ فوضع أصبعه فيها فخرقها فشد بها البراق» ثم قال البزار: لا نعلم رواه عن الزبير بن جنادة إلا أبو نميلة، ولا نعلم هذا الحديث إلا عن بريدة، وقد رواه الترمذي في التفسير من جامعه عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي به، وقال غريب
رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب قال: قال أبو سلمة: سمعت جابر بن عبد الله يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت المقدس، قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه» أخرجاه في الصحيحين من طرق عن حديث الزهري به. وقال البيهقي: حدثنا أحمد بن الحسن القاضي، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا العباس بن محمد الدوري: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انتهى إلى بيت المقدس لقي فيه إبراهيم وموسى وعيسى، وأنه أتي بقدحين: قدح من لبن وقدح من خمر، فنظر إليهما، ثم أخذ قدح اللبن، فقال جبريل: أصبت هديت للفطرة، لو أخذت الخمر لغوت أمتك، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فأخبر أنه أسري به فافتتن ناس كثير كانوا قد صلوا معه، وقال ابن شهاب: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: فتجهز، أو كلمة نحوها، ناس من قريش إلى أبي بكر فقالوا: هل لك في صاحبك يزعم أنه جاء إلى بيت المقدس ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة ؟ فقال أبو بكر: أو قال ذلك ؟ قالوا: نعم، قال: فأنا أشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: فتصدقه بأن يأتي الشام في ليلة واحدة ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح ؟ قال: نعم أنا أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء، قال أبو سلمة: فبها سمي أبو بكر الصديق. قال أبو سلمة: فسمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت المقدس، قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه»
رواية حذيفة بن اليمان رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا سليمان عن شيبان، عن عاصم، عن زر بن حبيش قال: أتيت على حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وهو يحدث عن ليلة أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهو يقول: فانطلقا حتى أتيا بيت المقدس فلم يدخلاه، قال: قلت: بل دخله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتئذ وصلى فيه، قال: ما اسمك يا أصلع ؟ فأنا أعرف وجهك، ولا أدري ما اسمك، قال: قلت أنا زر بن حبيش، قال: فما علمك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فيه ليلتئذ ؟ قال: قلت القرآن يخبرني بذلك، قال: فمن تكلم بالقرآن فلج اقرأ، قال: فقلت: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا} قال: يا أصلع، هل تجد صلى فيه ؟ قلت: لا. قال: والله ما صلى فيه رسول الله ليلتئذ، لو صلى فيه لكتبت عليكم صلاة فيه كما كتب عليكم صلاة في البيت العتيق، والله ما زايلا البراق حتى فتحت لهما أبواب السماء فرأيا الجنة والنار ووعد الاَخرة أجمع، ثم عادا عودهما على بدئهما، قال: ثم ضحك حتى رأيت نواجذه. قال: ويحدثونه أنه ربطه لا يفر منه، وإنما سخره له عالم الغيب والشهادة، قلت: يا عبد الله، أي دابة البراق ؟ قال: دابة أبيض طويل، هكذا خطوه مد البصر. ورواه أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة، عن عاصم به. ورواه الترمذي والنسائي في التفسير من حديث عاصم وهو ابن أبي النجود به. وقال الترمذي: حسن، وهذا الذي قاله حذيفة رضي الله عنه وما أثبته غيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربط الدابة بالحلقة، ومن الصلاة ببيت المقدس مما سبق وما سيأتي مقدم على قوله، والله أعلم بالصواب
رواية أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري :
قال الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا أبو محمد راشد الحماني عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له أصحابه: يا رسول الله، أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها. قال: قال الله عز وجل {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً} الاَية: قال: فأخبرهم، قال: «فبينما أنا نائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني، فاستيقظت فلم أر شيئاً، فإذا أنا بكهيئة خيال فأتبعته بصري حتى خرجت من المسجد الحرام، فإذا أنا بدابة أدنى شبهاً بدوابكم هذه، بغالكم هذه، غير أنه مضطرب الأذنين يقال له البراق، وكانت الأنبياء تركبه قبلي، يقع حافره عند مد بصره، فركبته، فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع من يميني: يا محمد انظرني أسألك، يا محمد انظرني أسألك، يا محمد انظرني أسألك، فلم أجبه ولم أقم عليه، فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يساري: يا محمد انظرني أسألك، فلم أجبه ولم أقم عليه، فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله، فقالت: يا محمد، انظرني أسألك، فلم ألتفت إليها ولم أقم عليها حتى أتيت بيت المقدس، فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء توثقها بها ، ثم أتاني جبريل عليه السلام بإنائين: أحدهما خمر والاَخر لبن، فشربت اللبن وأبيت الخمر، فقال جبريل: أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك، فقلت: الله أكبر الله أكبر، فقال جبريل: ما أريت في وجهك هذا ؟ قال: فقلت بينما أنا أسير إذا دعاني داع عن يميني: يا محمد انظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه، قال ذاك داعي اليهود، أما إنك لو أجبته أو وقفت عليه لتهودت أمتك ـ قال ـ فبينما أنا أسير إذ دعاني داع عن يساري قال: يا محمد انظرني أسألك فلم ألتفت ولم أقم عليه، قال: ذاك داعي النصارى أما إنك لو أجبته لتنصرت أمتك ـ قال ـ فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله تقول: يا محمد انظرني أسألك فلم أجبها ولم أقم عليها، قال: تلك الدنيا، أما إنك لو أجبتها أو قمت عليها لاختارت أمتك الدنيا على الاَخرة ، قال: ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس، فصلى كل واحد منا ركعتين، ثم أتيت بالمعراج الذي كانت تعرج عليه أرواح بني آدم فلم ير الخلائق أحسن من المعراج أما رأيت الميت حين يشق بصره طامحاً إلى السماء، فإنما يشق بصره طامحاً إلى السماء عجبه بالمعراج، قال: فصعدت أنا وجبريل، فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب السماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنوده مائة ألف ملك، قال: قال الله عز وجل: {وما يعلم جنود ربك إلا هو} قال: فاستفتح جبريل باب السماء، قيل: من هذا ؟ قال جبريل. قيل: ومن معك ؟ قال: محمد. قيل: أوقد بعث إليه ؟ قال: نعم، فإذا أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله عز وجل على صورته، فإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته من المؤمنين، فيقول: روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار، فيقول: روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين، فمضيت هنيهة فإذا أنا بأخونة عليها لحم مشرح ليس يقربها أحد، وإذا أنا بأخونة أخرى عليها لحم قد أروح وأنتن عندها أناس يأكلون منها، قلت: يا جبريل من هؤلاء ؟ قال: هؤلاء من أمتك يأتون الحرام ويتركون الحلال، قال: ثم مضيت هنيهة، فإذا أنا بأقوام مشافرهم كمشافر الإبل، قال: فتفتح أفواههم فيلقمون من ذلك الجمر، ثم يخرج من أسافلهم فسمعتهم يضجون إلى الله عز وجل فقلت: من هؤلاء يا جبريل ؟ قال: هؤلاء من أمتك {الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً} قال: ثم مضيت هنيهة، فإذا أنا بنساء تعلقن بثديهن، فسمعتهن يضججن إلى الله عز وجل، قلت: يا جبريل من هؤلاء النساء ؟ قال: هؤلاء الزناة من أمتك. قال: ثم مضيت هنيهة، فإذا أنا بأقوام بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر فيقول: اللهم لاتقم الساعة. قال: وهم على سابلة آل فرعون، قال: فتجيء السابلة فتطؤهم، قال فسمعتهم يضجون إلى الله ـ قال ـ قلت يا جبريل من هؤلاء ؟ قال: هؤلاء من أمتك {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} قال: ثم مضيت هنيهة، فإذا أنا بأقوام يقطع من جنوبهم اللحم فيلقمونه، فيقال له: كل كما كنت تأكل من لحم أخيك، قلت: يا جبريل من هؤلاء ؟ قال: هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون، قال: ثم صعدنا إلى السماء الثانية، فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله عز وجل قد فضل الناس في الحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب، قلت: ياجبريل من هذا ؟ قال: هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه فرد عليّ
ثم صعدنا إلى السماء الثالثة، واستفتح فإذا أنا بيحيى وعيسى عليهما السلام، ومعهما نفر من قومهما، فسلمت عليهما وسلما عليّ، ثم صعدنا إلى السماء الرابعة، فإذا أنا بإدريس قد رفعه الله مكاناً علياً، فسلمت عليه فسلم عليّ ، قال: ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء تكاد لحيته تصيب سرته من طولها، قلت: يا جبريل من هذا ؟ قال: هذا المحبب في قومه، هذا هارون بن عمران ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه وسلم عليّ ، ثم صعدت إلى السماء السادسة، فإذا أنا بموسى بن عمران رجل آدم، كثير الشعر، لو كان عليه قميصان لنفذ شعره دون القميص، فإذا هو يقول: يزعم الناس أني أكرم على الله من هذا، بل هذا أكرم على الله مني. قال: قلت يا جبريل من هذا ؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران عليه السلام ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه وسلم عليّ، ثم صعدت إلى السماء السابعة، فإذا أنا بأبينا إبراهيم خليل الرحمن، ساند ظهره إلى البيت المعمور كأحسن الرجال، قلت: يا جبريل من هذا ؟ قال: هذا أبوك إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه فسلم عليّ. وإذا أنا بأمتي شطرين: شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس، وشطر عليهم ثياب رمد قال ـ فدخلت البيت المعمور، ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض وحجب الاَخرون الذين عليهم الثياب السود وهم على خير، فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور، ثم خرجت أنا ومن معي، قال والبيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة. قال: ثم رفعت إلى سدرة المنتهى، فإذا كل ورقة منها تكاد تغطي هذه الأمة، وإذا فيها عين تجري يقال لها سلسبيل فينشق منها نهران (أحدهما) الكوثر (والاَخر) يقال له نهر الرحمة، فاغتسلت فيه فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر ، قال إني رفعت إلى الجنة فاستقبلتني جارية، فقلت: لمن أنت يا جارية ؟ قالت: لزيد بن حارثة، وإذا بأنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وإذا رمانها كالدلاء عظماً، وإذا أنا بطيرها كأنها بختكم هذه، فقال عندها صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى قد أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ـ قال ـ ثم عرضت علي النار، فإذا فيها غضب الله وزجره ونقمته، لو طرحت فيها الحجارة والحديد لأكلتها ثم أغلقت دوني ، ثم إني رفعت إلى سدرة المنتهى فتغشاني فكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى. قال وينزل على كل ورقة منها ملك من الملائكة ـ قال ـ وفرضت علي خمسون صلاة، وقال لك بكل حسنة عشر، فإذا هممت بالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة، فإذا عملتها كتبت لك عشراً، وإذا هممت بالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء، فإن عملتها كتبت عليك سيئة واحدة ، ثم رجعت إلى موسى فقال بم أمرك ربك ؟ فقلت: بخمسين صلاة. قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، ومتى لا تطيقه تكفر، فرجعت إلى ربي فقلت: يا رب خفف عن أمتى، فإنها أضعف الأمم، فوضع عني عشراً وجعلها أربعين، فما زلت أختلف بين موسى وربي كلما أتيت عليه قال لي مثل مقالته، حتى رجعت إليه، فقال لي: بم أمرت ؟ فقلت أمرت بعشر صلوات. قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فناداني عندها تممت فريضتي وخففت عن عبادي وأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها ، ثم رجعت إلى موسى فقال: بم أمرت ؟ فقلت بخمس صلوات. قال: ارجع إلى ربك فإنه لا يؤوده شيء، فاسأله التخفيف لأمتك، فقلت: رجعت إلى ربي حتى استحييت. ثم أصبح بمكة يخبرهم بالأعاجيب: إني أتيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء، ورأيت كذا وكذا، فقال أبو جهل يعني ابن هشام: ألا تعجبون مما قال محمد ؟ يزعم أنه أتى البارحة بيت المقدس، ثم أصبح فينا وأحدنا يضرب مطيته مصعدة شهراً ومقفلة شهراً، فهذه مسيرة شهرين في ليلة واحدة، قال: فأخبرتهم بعير لقريش لما كنت في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا، وأنها نفرت، فلما رجعت وجدتها عند العقبة، وأخبرهم بكل رجل وبعيره كذا وكذا، ومتاعه كذا وكذا، فقال أبو جهل: يخبرنا بأشياء، فقال رجل منهم: أنا أعلم الناس ببيت المقدس، وكيف بناؤه وهيئته، وكيف قربه من الجبل، فإن يك محمد صادقاً فسأخبركم وإن يك كاذباً فسأخبركم، فجاء ذلك المشرك فقال: يا محمد أنا أعلم الناس ببيت المقدس فأخبرني: كيف بناؤه، وكيف هيئته، وكيف قربه من الجبل ؟ قال فرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المقدس من مقعده، فنظر إليه كنظر أحدنا إلى بيته، قال: بناؤه كذا وكذا، وهيئته كذا وكذا، وقربه من الجبل كذا وكذا، فقال الاَخر: صدقت، فرجع إليهم فقال: صدق محمد فيما قال أو نحواً من هذا الكلام
وكذا رواه الإمام أبو جعفر بن جرير بطوله عن محمد بن عبد الأعلى، عن محمد بن ثور عن معمر عن أبي هارون العبدي، وعن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر، عن أبي هارون العبدي به. ورواه أيضاً من حديث ابن إسحاق حدثني روح بن القاسم عن أبي هارون به نحو سياقه المتقدم، ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أحمد بن عبدة، عن أبي عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد، عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري، فذكره بسياق طويل حسن أنيق، أجود مما ساقه غيره على غرابته وما فيه من النكارة. ثم ذكره البيهقي أيضاً من رواية نوح بن قيس الحداني وهشيم ومعمر عن أبي هارون العبدي واسمه عمارة بن جوين وهو مضعف عند الأئمة، وإنما سقنا حديثه ههنا لما فيه من الشواهد لغيره، ولما رواه البيهقي: أخبرنا الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو نعيم أحمد بن محمد بن إبراهيم البزار، حدثنا أبو حامد بن بلال، حدثنا أبو الأزهر، حدثنا يزيد بن أبي حكيم قال: رأيت في النوم رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله، رجل من أمتك يقال له سفيان الثوري لا بأس به. فقال رسول الله «لا بأس به» حدثنا عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري عنك يا رسول الله ليلة أسري بك، قلت رأيت في السماء، فحدثته بالحديث فقال لي «نعم» فقلت له: يا رسول الله إن ناساً من أمتك يحدثون عنك في السرى بعجائب ؟ قال لي «ذلك حديث القصاص»
رواية شداد بن أوس :
قال الإمام أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن الضحاك الزبيدي حدثنا عمرو بن الحارث عن عبد الله بن سالم الأشعري عن محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي حدثنا الوليد بن عبد الرحمن عن جبير بن نفير حدثنا شداد بن أوس قال: قلنا يا رسول الله كيف أسري بك ؟ قال «صليت لأصحابي صلاة العتمة بمكة معتماً فأتاني جبريل عليه السلام بدابة أبيض أو قال بيضاء فوق الحمار ودون البغل فقال اركب فاستصعب عليّ فرازها بأذنها ثم حملني عليها فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث انتهى طرفها حتى بلغنا أرضاً ذات نخل فأنزلني فقال صل فصليت ثم ركبت فقال أتدري أين صليت ؟ قلت الله أعلم، قال صليت بيثرب صليت بطيبة ، فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها عند منتهى طرفها ثم بلغنا أرضاً قال انزل ثم قال صل فصليت ثم ركبنا فقال أتدري أين صليت ؟ قلت الله أعلم، قال صليت بمدين عند شجرة موسى، ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها ثم بلغنا أرضاً بدت لنا قصور فقال انزل فنزلت فقال صل فصليت ثم ركبنا فقال أتدري أين صليت ؟ قلت الله أعلم، قال صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني فأتى قبلة المسجد فربط فيه دابته ودخلنا المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمر فصليت من المسجد حيث شاء الله وأخذني من العطش أشد ما أخذني فأتيت بإنائين في أحدهما لبن وفي الاَخر عسل أرسل إلي بهما جميعاً فعدلت بينهما ثم هداني الله عز وجل فأخذت اللبن فشربت حتى قرعت به جبيني وبين يدي شيخ متكىء على مثواة له فقال أخذ صاحبك الفطرة إنه ليهدى ، ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي فيه المدينة فإذا جهنم تنكشف عن مثل الروابي قلت يا رسول الله كيف وجدتها ؟ قال وجدتها مثل الحمة السخنة ثم انصرف بي فمررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيراً لهم قد جمعه فلان فسلمت عليهم فقال بعضهم هذا صوت محمد ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة فأتاني أبو بكر رضي الله عنه فقال يا رسول الله أين كنت الليلة فقد التمستك في مظانك، فقال علمت أني أتيت من بيت المقدس الليلة، فقال يا رسول الله إنه مسيرة شهر فصفه لي، قال ففتح لي صراط كأني إليه لا يسألني عن شيء إلا أنبأته به، فقال أبو بكر أشهد أنك لرسول الله، وقال المشركون انظروا إلى ابن أبي كبشة يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة، قال فقال إن من آية ما أقول لكم أني مررت بعير لكم في مكان كذا وكذا وقد أضلوا بعيراً لهم فجمعه فلان وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم بكذا ويأتونكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغراراتان سوداوان ، فلما كان ذلك اليوم قد أشرف الناس ينظرون حين كان قريباً من نصف النهار حتى أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم . هكذا رواه البيهقي من طريقين عن أبي إسماعيل الترمذي به ثم قال بعد تمامه هذا إسناد صحيح، وروى ذلك مفرقاً من أحاديث غيره ونحن نذكر من ذلك إن شاء الله ما حضرنا ثم ساق أحاديث كثيرة في الإسراء كالشاهد لهذا الحديث، وقد روى هذا الحديث عن شداد بن أوس بطوله الإمام أبو عبد الرحمن بن أبي حاتم في تفسيره عن أبيه عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي به، ولا شك أن هذا الحديث أعني الحديث المروي عن شداد بن أوس مشتمل على أشياء منها ما هو صحيح كما ذكره البيهقي ومنها ما هو منكر كالصلاة في بيت لحم. وسؤال الصديق عن نعت بيت المقدس وغير ذلك والله أعلم
رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :
قال الإمام أحمد: حدثنا عثمان بن محمد، حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه قال: حدثنا ابن عباس قال: ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ، دخل الجنة فسمع في جانبها وخشاً فقال: يا جبريل ما هذا ؟ قال: هذا بلال المؤذن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين جاء إلى الناس «قد أفلح بلال رأيت له كذا وكذا» قال: فلقيه موسى عليه السلام، فرحب به قال: مرحباً بالنبي الأمي، قال: وهو رجل آدم طويل، سبط شعره مع أذنيه أو فوقهما، فقال: من هذا يا جبريل ؟ قال: هذا موسى، قال: فمضى فلقيه شيخ جليل متهيب فرحب به وسلم عليه، وكلهم يسلم عليه، قال: من هذا يا جبريل ؟ قال: هذا أبوك إبراهيم ـ قال ـ ونظر في النار فإذا قوم يأكلون الجيف، قال: من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ورأى رجلاً أحمر أزرق جداً قال: من هذا يا جبريل ؟ قال: هذا عاقر الناقة ـ قال ـ فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجدالأقصى، قام يصلي فإذا النبيون أجمعون يصلون معه، فلما انصرف جيء بقدحين أحدهما عن اليمين والاَخر عن الشمال، في أحدهما لبن وفي الاَخر عسل،فأخذ اللبن فشرب منه، فقال الذي كان معه القدح: أصبت الفطرة، إسناد صحيح، ولم يخرجوه
طريق أخرى: ـ قال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ثابت أبو زيد، حدثنا هلال، حدثني عكرمة عن ابن عباس قال: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، ثم جاء من ليلته فحدثهم بمسيره وبعلامة بيت المقدس وبعيرهم، فقال الناس: نحن لا نصدق محمداً بما يقول، فارتدوا كفاراً فضرب الله رقابهم مع أبي جهل، وقال أبو جهل: يخوفنا محمد بشجرة الزقوم، هاتوا تمراً وزبداً فتزقموا، ورأى الدجال في صورته رؤيا عين ليس برؤيا منام وعيسى وموسى وإبراهيم، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال فقال «رأيته فيلمانياً أقمر هجاناً، إحدى عينيه قائمة كأنها كوكب دري، كأن شعر رأسه أغصان شجرة، ورأيت عيسى عليه السلام أبيض، جعد الرأس حديد البصر، ومبطن الخلق، ورأيت موسى عليه السلام أسحم آدم، كثير الشعر، شديد الخلق، ونظرت إلى إبراهيم عليه السلام فلم أنظر إلى أرب منه إلا نظرت إليه مني حتى كأنه صاحبكم، قال جبريل: سلم على مالك، فسلمت عليه» . ورواه النسائي من حديث أبي زيد ثابت عن هلال، وهو ابن خباب به، وهو إسناد صحيح
طريق أخرى: قال البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو بكر الشافعي، أنبأنا إسحاق بن الحسن، حدثنا الحسين بن محمد، حدثنا شيبان عن قتادة عن أبي العالية قال: حدثنا ابن عم نبيكم صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلاً طوالاً جعداً، كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى بن مريم عليه السلام مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس» وأرى مالكاً خازن جهنم والدجال في آيات أراهن الله إياه، قال: {فلا تكن في مرية من لقائه} فكان قتادة يفسرها أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد لقي موسى عليه السلام {وجعلناه هدى لبني إسرائيل} قال: جعل الله موسى هدى لبني إسرائيل، رواه مسلم في الصحيح عن عبد بن حميد عن يونس بن محمد، عن شيبان، وأخرجاه من حديث شعبة عن قتادة مختصراً
طريق أخرى: وقال البيهقي: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنبأنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا دبيس المعدل، حدثنا عفان قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة، فقلت: ما هذه الرائحة ؟ قالوا: ماشطة بنت فرعون وأولادها، سقط المشط من يدها فقالت: باسم الله، فقالت بنت فرعون أبي، قالت ربي وربك ورب أبيك، قالت أولك رب غير أبي ؟ قالت نعم ربي وربك ورب أبيك الله.. قال: فدعاها، فقال: ألك رب غيري ؟ قالت نعم ربي وربك الله عز وجل. قال فأمر بنقرة من نحاس، فأحميت ثم أمر بها أن تلقى فيها، قالت: إن لي إليك حاجة، قال: ما هي ؟ قالت: تجمع عظامي وعظام ولدي في موضع، قال: ذاك لك لما لك علينا من الحق، قال: فأمر بهم فألقوا واحداً واحداً حتى بلغ رضيعاً فيهم، فقال: يا أمه قعي ولا تقاعسي، فإنك على الحق، قال: وتكلم أربعة في المهد وهم صغار: هذا وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى بن مريم عليه السلام. إسناد لا بأس به، ولم يخرجوه