80- باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية
وتحريم طاعتهم في المعصية
قال اللَّه تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللَّه، وأطيعوا الرسول، وأولي الأمر منكم } .
663- وعن ابن عمر رضي اللَّهُ عنهما عَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « عَلى المَرْءِ المُسْلِم السَّمْعُ والطَّاعَةُ فِيما أَحَبَّ وكِرَهَ ، إِلاَّ أنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإذا أُمِر بِمعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلا طاعَةَ » متفقٌ عليه .
664- وعنه قال : كُنَّا إذا بايَعْنَا رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَلى السَّمْعِ والطَّاعةِ يقُولُ لَنَا : «فيما اسْتَطَعْتُمْ » متفقٌ عليه .
665- وعنهُ قال : سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول : « مَنْ خلَعَ يَداً منْ طَاعَةٍ لَقِى اللَّه يوْم القيامَةِ ولاَ حُجَّةَ لَهُ ، وَمَنْ ماتَ وَلَيْس في عُنُقِهِ بيْعَةٌ مَاتَ مِيتةً جَاهِلًيَّةً » رواه مسلم .
وفي روايةٍ له : « ومَنْ ماتَ وَهُوَ مُفَارِقٌ للْجَماعةِ ، فَإنَّهُ يمُوت مِيتَةً جَاهِليَّةً » . « المِيتَةُ » بكسر الميم .
666- وعَن أنَسٍ رضي اللَّهُ عنه قال : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « اسْمَعُوا وأطيعوا ، وإنِ اسْتُعْمِل علَيْكُمْ عبْدٌ حبشىٌّ ، كَأَنَّ رَأْسهُ زَبِيبَةٌ » رواه البخاري .
667- وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « عليْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعةُ في عُسْرِكَ ويُسْرِكَ وَمنْشَطِكَ ومَكْرهِكَ وأَثَرَةٍ عَلَيْك » رواهُ مسلم .
668- وعن عبدِ اللَّهِ بن عَمرو رضي اللَّه عنهما قال : كُنَّا مَع رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في سَفَرٍ ، فَنَزَلْنا منْزِلاً ، فَمِنَّا منْ يُصلحُ خِباءَهُ ، ومِنَّا منْ ينْتَضِلُ ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ في جَشَرِهِ، إذْ نادَى مُنَادي رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : الصَّلاة جامِعةٌ . فاجْتَمعْنَا إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقال : « إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نبي قَبْلي إلاَّ كَانَ حَقا علَيْهِ أنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلى خَيرِ ما يعْلَمُهُ لهُمْ ، ويُنذِرَهُم شَرَّ ما يعلَمُهُ لهُم ، وإنَّ أُمَّتَكُمْ هذِهِ جُعِلَ عَافيتُها في أَوَّلِها ، وسَيُصِيبُ آخِرَهَا بلاءٌ وأُمُورٌ تُنكِرُونَهَا، وتجيءُ فِتَنٌ يُرقِّقُ بَعضُها بَعْضاً ، وتجيء الفِتْنَةُ فَيقُولُ المؤمِنُ : هذِهِ مُهْلِكَتي ، ثُمَّ تَنْكَشِفُ ، وتجيءُ الفِتنَةُ فَيَقُولُ المُؤْمِنُ : هذِهِ هذِهِ ، فَمَنْ أَحَبَّ أنْ يُزَحْزَحَ عن النَّارِ ، ويُدْخَلَ الجنَّةَ ، فَلْتَأْتِهِ منيته وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ، ولَيَأْتِ إلى الناسِ الذي يُحِبُّ أَنْ يُؤتَى إلَيْهِ .
ومَنْ بَايع إماماً فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يدِهِ ، وثمَرةَ قَلْبهِ . فَليُطعْهُ إنِ اسْتَطَاعَ ، فَإنْ جَاءَ آخَرُ ينازعُهُ ، فاضْربُوا عُنُقَ الآخَرِ » رواهُ مسلم .
قَوْله : « ينْتَضِلُ » أي : يُسابِقُ بالرَّمْي بالنَّبْل والنُّشَّاب . « والجَشَرُ » بفتح الجيم والشين المعجمة وبالراءِ : وهي الدَّوابُّ التي تَرْعَى وتَبيتُ مَكانَها . وقوله: « يُرقَّقُ بعْضُهَا بَعضاً » أي : يُصيِّرُ بعضَها بعضاً رقِيقاً ، أي : خَفِيفاً لِعِظَمِ مابعْدَهُ ، فالثَّاني يُرقَّقُ الأَوَّلَ . وقيلَ : معناهُ: يُشَوِّقُ بَعْضُهَا إلى بعْضٍ بتحْسينها وتسْويلها وقيلَ : يُشْبهُ بعضُها بَعْضاً .
669- وعن أبي هُنَيْدةَ وائِلِ بن حُجْرٍ رضي اللَّه عنه قالَ : شأَلَ سَلَمةُ بنُ يزيدَ الجُعْفيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فقالَ : يا نبي اللَّهِ ، أرَأَيْتَ إنْ قَامَتْ علَيْنَا أُمراءُ يَسأَلُونَا حقَّهُمْ ، ويمْنَعُونَا حقَّنا ، فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَأَعْرضَ عنه ، ثُمَّ سألَهُ ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم « اسْمَعُوا وأطِيعُوا ، فَإنَّما علَيْهِمْ ماحُمِّلُوا وعلَيْكُم ما حُمِّلْتُمْ » رواهُ مسلم .
670- وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إنَّهَا ستَكُونُ بعْدِي أَثَرَةٌ ، وأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ، » قالوا : يا رسُولَ اللَّهِ ، كَيفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْركَ مِنَّا ذلكَ ؟ قَالَ : « تُؤَدُّونَ الحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ ، وتَسْأَلُونَ اللَّه الذي لَكُمْ » متفقٌ عليه .
671- وعن أبي هريرة رضي اللَّهُ عنه قال : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ أَطَاعَني فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه ، وَمَنْ عَصَاني فَقَدْ عَصَى اللَّه ، وَمَنْ يُطِعِ الأمِيرَ فَقَدْ أطَاعَني ، ومَنْ يعْصِ الأمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي » متفقٌ عليه .
672- وعن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما أن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « من كَرِه مِنْ أَمِيرِهِ شيْئاً فَليَصبِر ، فإنَّهُ مَن خَرج مِنَ السُّلطَانِ شِبراً مَاتَ مِيتَةً جاهِلِيةً » متفقٌ عليه .
673- وعن أبي بكر رضي اللَّه عنه قال : سمعت رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول : « مَن أهَانَ السُّلطَانَ أَهَانَهُ اللَّه » رواه الترمذي وقال : حديث حسن .
وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح ، وقد سبق بعضها في أبواب .