333- وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال : كَانَتْ تَحتي امْرأَةٌ ، وكُنْتُ أُحِبُّها ، وَكَانَ عُمرُ يكْرهُهَا ، فقال لي : طَلِّقْها فأبيْتُ ، فَأَتَى عَمرُ رضي اللَّه عنه النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَذَكر ذلكَ لَهُ ، فقال النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « طَلِّقْهَا » رواه أَبو داود ، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح .
20/331 ـ وعن أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً قال : يا رسول الله ، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ، ويباعدني من النار فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم )) متفق عليه(154) .
21/332 ـ وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا أفطر أحدكم ، فيفطر على تمر ، فإنه بركة ، فإن لم يجد تمراً ، فالماء ، فإنه طهور )) ، وقال : (( الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم ثنتان : صدقة وصلة )) . رواه الترمذي وقال : حديث حسن (155).
22/333 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كانت تحتي امرأة ، وكنت أحبها ، وكان عمر يكرهها فقال لي : طلقها ، فأبيت ، فأتى عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( طلقها )) رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح (156) .
23/334 ـ وعن أبي الدر داء رضي الله عنه أن رجلاً أتاه فقال : إن لي امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( الوالد أوسط أبواب الجنة ، فإن شئت ، فأضع ذلك الباب أو احفظه )) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح (157) .
24/335 ـ وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((الخالة بمنزلة الأم )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح (158) .
وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح مشهورة ؛ منها أصحاب الغار، وحديث جريج وقد سبقا ، وأحاديث مشهورة في الصحيح حذفتها اختصاراً ، ومن أهمها حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه ، الطويل المشتمل على جمل كثيرة من قواعد الإسلام وآدابه وسأذكره بتمامه إن شاء الله تعالى في باب الرجاء قال فيه :
دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، في أول النبوة فقلت له : ما أنت ؟ قال : (( نبي )) فقلت وما نبي ؟ قال : (( أرسلني الله تعالى )) فقلت بأي شي أرسلك ؟ قال : (( أرسلني بصلة الأرحام ، وكسر الأوثان ، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء )) وذكر تمام الحديث (159) . والله أعلم .
الـشـرح
هذه الأحاديث في بيان صلة الرحم وبر الوالدين .
منها حديث خالد بن زيد الأنصاري ، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخله الجنة ويباعده من النار ، فقال له : (( تعبد الله لا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم )) . والشاهد هنا حيث قال : (( تصل الرحم )) ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلة الرحم من الأسباب التي تدخل الإنسان الجنة وتباعده عن النار .
ولا شك أن كل إنسان يسعى إلى هذا الكسب العظيم ؛ أن ينجو من النار ويدخل الجنة ، فإن من زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ، وكل مسلم يسعى إلى ذلك ، وهذا يحصل بهذه الأمور الأربعة :
الأول : تعبد الله لا تشرك به شيئاً ؛ لا شركاً أصغر ولا شركاً أكبر .
الثاني : تقيم الصلاة ، وتأتي بها كاملة في أوقاتها مع الجماعة إن كنت رجلا، ودون الجماعة أن كانت امرأة.
والثالث : تؤتي الزكاة ، بأن تؤدي ما أوجب الله عليك من الزكاة في مالك إلى مستحقه .
والرابع : تصل الرحم ؛ بأن تؤتيهم حقهم بالصلة حسب ما يتعارف الناس ، فما أعده الناس صلة فهو صلة ، وما لم يعدوه صلة فليس بصلة ، إلا إذا كان الإنسان في مجتمع لا يبالون بالقرابات ، ولا يهتمون بها ، فالعبرة بالصلة نفسها المعتبرة شرعاً .
ثم ذكر حديث سلمان بن عامر الضبي في الإفطار على التمر ، فإن لم يجد فعلى ماء ، وأن الصدقة على الفقير صدقة ، وعلى ذي القرابة ثنتان : صدقة وصلة .
ولهذا قال العلماء : إذا اجتمع فقيران أحدهما من قرابتك والثاني من غير قرابتك ، فالذي من قرابتك أولى ؛ لأنه أحق بالصلة .
ثم ذكر حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان له امرأة يحبها ، فأمره أبوه أن يطلقها ، لكنه أبى ذلك ؛ لأنه يحبها ، فذكر عمر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر ابن عمر بطلاقها .
وكذلك الحديث الآخر في امرأة كانت تأمر ابنها بطلاق زوجته فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن صلة الرحم أو بر الوالدين سبب لدخول الجنة ، وهو إشارة إلى أنه إذا بر والدته بطلاق زوجته كان ذلك سبباً لدخول الجنة .
ولكن ليس كل والد يأمر ابنه بطلاق زوجته تجب طاعته ؛ فإن رجلاً سأل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، قال إن أبي يقول : طلق امرأتك ، وأنا أحبها ، قال : لا تطلقها ، قال : أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته لما أمره عمر ، فقال له الإمام أحمد : وهل أبوك عمر ؟ لأن عمر نعلم علم اليقين أنه لن يأمر عبد الله بطلاق زوجته إلا لسبب شرعي ، وقد يكون ابن عمر لم يعلمه ؛ لأنه من المستحيل أن عمر بأمر ابنه بطلاق زوجته ليفرق بينه وبين زوجته بدون سبب شرعي . فهذا بعيد .
وعلى هذا فإذا أمرك أبوك أو أمك بأن تطلق امرأتك ، وأنت تحبها ولم تجد عليها مأخذاً شرعياًَ ، فلا تطلقها ؛ لأن هذه من الحاجات الخاصة التي لا يتدخل أحد فيها بين الإنسان وبين زوجته .
----------------------