8/280 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة )) رواه مسلم (88) .
الـشـرح
ذكر رحمه الله تعالى فيما نقله فيما يتعلق بأمر النساء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( لا تضربوا إماء الله )) يريد بذلك النساء ، فيقال : أمة الله كما يقال عبد الله ، ويقال : إماء الله كما يقال عباد الله ، ومن ذلك الحديث الصحيح : (( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله )) (89) .
نهاهم عن ضرب النساء ، فكفوا عن ذلك ؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا من الطراز الأول والجيل الأول المفضل ، الذين إذا دعوا إلى الله ورسوله قالوا : سمعنا وأطعنا ، فكفوا عن ضرب النساء . والنساء قاصرات عقل وناقصات دين .
فلما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ضربهن ، اجترأن على أزواجهن ، كما قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه : يا رسول الله إن النساء ذئرن على أزواجهن ، يعني اجترأن وتعالين على الرجال ، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ما قال عمر ؛ أجاز ضربهن ، فأفرط الرجال في ذلك وجعلوا يضربونهن حتى وإن لم يكن ذلك من حقهم فطافت النساء بآل النبي صلى الله عليه وسلم ، أي ببيوته ، وجعلن يتجمعن حول بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يشكون أزواجهن .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب الناس يخبرهم بأن هؤلاء الذين يضربون أزواجهن ليسوا بخيارهم ، أي ليسوا بخيار الرجال ، وهذا كقوله : (( خيركم خيركم لأهله )) فدل هذا على أن الإنسان لا يفرط ولا يفرط في ضرب أهله ؛ إن وجد سبباً يقتضي الضرب فلا بأس .
وقد بين الله عز وجل مراتب ذلك في كتابه فقال : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ) [النساء: 34] .
المرتبة الثالثة : الضرب ، وإذا ضربوهن فليضربوهن ضرباً غير مبرح .
ثم ذكر المؤلف حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة )) فقوله صلى الله عليه وسلم : (( الدنيا متاع )) يعني شيء يتمتع به ، كما يتمتع المسافر بزاده ثم ينتهي ، وخير متاعها المرأة الصالحة ؛ إذا وفق الإنسان لامرأة صالحة في دينها وعقلها فهذا خير متاع الدنيا ؛ لأنها تحفظه في سره وماله وولده .
وإذا كانت صالحة في العقل أيضاً ، فإنها تدبر له التدبير الحسن في بيته وفي تربية أولادها ، إن نظر إليها سرته ، وإن غاب عنها حفظته ، وإن وكل إليها لم تخنه ، فهذه المرأة هي خير متاع الدنيا .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (( تنكح المرأة لأربع : لمالها ، وحسبها ، وجمالها ، ودينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) (90) ، يعني عليك بها ، فإنها خير من يتزوجه الإنسان ؛ فذات الدين وإن كانت غير جميلة الصورة ، لكن يجملها خلقها ودينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك .
-------------------------