عَنْ أبي هُريْرَةَ رضي اللَّه عَنْهُ
1866- « وعنه قال كنا مع رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في دعوة فرفع إليه الذراع وكانت تُّعجبه فَنَهسَ منها نَهَسةَ وقال : أنا سيد الناس يوم الْقِيَامَةِ ، هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَاكَ ؟ يَجْمعُ اللَّه الأوَّلِينَ والآخِرِينَ في صعِيدٍ وَاحِد ، فَيَنْظُرُهمُ النَّاظِرُ ، وَيُسمِعُهُمُ الدَّاعِي ، وتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ ، فَيَبْلُغُ النَّاسُ مِنَ الْغَمِّ والْكَرْبِ مَالاَ يُطيقُونَ وَلاَ يحْتَمِلُونَ ، فَيَقُولُ النَّاسُ : أَلاَ تَروْنَ إِلى مَا أَنْتُمْ فِيهِ ، إِلَى ما بَلَغَكُمْ ؟ أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يشْفَعُ لَكُمْ إِلى رَبَّكُمْ ؟
فيَقُولُ بعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ : أبُوكُمْ آدَمُ ، ويأتُونَهُ فَيَقُولُونَ : يَا أَدمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشرِ ، خَلَقَك اللَّه بيِدِهِ ، ونَفخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ ، وأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ ، أَلا تَشْفعُ لَنَا إِلَى ربِّكَ ؟ أَلاَ تَرى مَا نَحْنُ فِيهِ ، ومَا بَلَغَنَا ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَبِّي غَضِبَ غضَباً لَمْ يغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ . وَلاَ يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ ، وَإِنَّهُ نَهَاني عنِ الشَّجَرةِ ، فَعَصَيْتُ . نَفْسِي نَفْسِي نَفْسي . اذهَبُوا إِلَى غَيْرِي ، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ . فَيَأْتُونَ نُوحاً فَيقُولُونَ : يَا نُوحُ ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُل إِلى أَهْلِ الأرْضِ ، وَقَدْ سَمَّاك اللَّه عَبْداً شَكُوراً ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا بَلَغَنَا ، أَلاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ فَيَقُولُ : إِنَّ ربِّي غَضِبَ الْيوْمَ غَضَباً لمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَأَنَّهُ قدْ كانَتْ لِي دَعْوةٌ دَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي ، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ . فَيْأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ : يَا إِبْرَاهِيمُ أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأرْضِ ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ فَيَقُولُ لَهُمْ : إِنَّ ربِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَإِنِّي كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذْبَاتٍ نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي ، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى . فَيأْتُونَ مُوسَى ، فَيقُولُون : يا مُوسَى أَنْت رسُولُ اللَّه ، فَضَّلَكَ اللَّه بِرِسالاَتِهِ وبكَلاَمِهِ على النَّاسِ ، اشْفعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ ، أَلاَ تَرَى إِلى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ فَيَقول إِنَّ ربِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَإِنِّي قَدْ قتَلْتُ نَفْساً لَمْ أُومرْ بِقْتلِهَا. نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي ، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي ، اذْهَبُوا إِلَى عِيسى . فَيَأْتُونَ عِيسَى . فَيقُولُونَ : يا عِيسى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَكلمتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَريم ورُوحٌ مِنْهُ وَكَلَّمْتَ النَّاسَ في المَهْدِ . اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ . أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ ، فيَقولُ : : إِنَّ ربِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ ، وَلمْ يَذْكُرْ ذنْباً ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي ، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي ، اذْهَبُوا إِلَى مُحمَّد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . فيأْتون محَمداً صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم .
وفي روايةٍ : « فَيَأْتُوني فيَقُولُونَ : يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رسُولُ اللَّهِ ، وَخاتَمُ الأَنْبِياءَ ، وقَدْ غَفَرَ اللَّه لَكَ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأخَّر ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى ربِّكَ ، أَلاَ تَرَى إِلَى ما نَحْنُ فِيهِ ؟ فَأَنْطَلِقُ ، فَآتي تَحْتَ الْعَرْشِ ، فأَقَعُ سَاجِداً لِربِّي » ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّه عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ ، وحُسْن الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئاً لِمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي ثُمَّ يُقَالُ : يَا مُحَمَّدُ ارفَع رأْسكَ ، سَلْ تُعْطَهُ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَرفَعُ رَأْسِي ، فَأَقُولُ أُمَّتِي يَارَبِّ ، أُمَّتِي يَارَبِّ ، فَيُقَالُ : يامُحمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتك مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْباب الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وهُمْ شُركَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِويَ ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ » ثُمَّ قال : « وَالَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ المصراعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْن مَكَّةَ وَهَجَر ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى » متفقٌ عليه.