محمد متولي الشعراوي (5 ابريل 1911 - 17 يونيو 1998م) عالم دين ووزير أوقاف مصري سابق. يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث وإمام هذا العصر؛ حيث عمل على تفسير القرآن بطرق مبسطه وعاميه مما جعله يستطع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، حتى أن البعض لقبه بإمام الدعاة.
من أقواله[عدل]
الثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد
لو علم الظالم ما اعده الله للمظلوم لضن عليه بالظلم وذلك خوفا من اكرام الله له وتعويضه عن ظلمه
موجها كلامه للرئيس المصري السابق حسني مبارك: «وإنى يا سيادة الرئيس أقف على عتبة دنياى لأستقبل أجل الله، فلن أختم حياتى بنفاق، ولن أبرز عن ثريتى باجتراء، ولكنى أقول كلمة موجزة للأمة كلها، حكومة وحزباً، ومعارضة ورجالاً، وشعباً آسف أن يكون سلبياً أريد منهم أن يعلموا أن الملك كله بيد الله يؤتيه من يشاء، فلا تآمر لأخذه ولا كيد للوصول إليه، لأنه لن يحكم أحد في ملك الله إلا بمراد الله، فإن كان عادلاً فقد نفع بعدله، وإن كان جائراً ظالماً بشع الظلم وقبحه في نفوس الناس، فيكرهون كل ظالم ولو لم يكن حاكماً!.. أنصح كل من يجول برأسه أن يكون حاكماً بألا تطلبه بل يجب أن تطلب له آخر ما أود أن أقوله لك ولعله آخر ما يكون لقائى أنا بك، إذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وإذا كنا قدرك فليعنك الله على أن تتحمل»
الإنسان المؤمن يجب أن يلجاء إلى الله سبحانه وتعالى فيما تعجز عنه الأسباب ،فالله قادر قاهر ليس لقدرته قيود ولاحدود [1]
إن الله سبحانه وتعالى يخلق رجلاً بلا ذكر ولا أنثى -وهو أبونا آدم عليه السلام- ويخلق من رجل بلا أنثى -أمنا حواء- ويخلق من ذكر وأنثى -سائر البشر- ويخلق من أنثى بلا رجل -عيسى عليه السلام- وبذلك تكون أركان الخلق الأربعة قد أكتملت ب ﴿كُنْ فَيَكون﴾ [2]
المعجزة لا تبرر أبداً ،لماذا؟ لاأنها لا تخضع لقوانين البشر ،فالفاعل هو الله سبحانه وتعالى [3]
أن للقرآن عطاء ً لكل جيل يختلف عن عطائه للجيل السابق ذلك أن القرآن للعالمين . أي للدنيا كلها لا يقتصر على أمة بعينها ،وإنما هو الدين الكامل لكل البشر [4]
المعجزة هنا في القرآن أنه يعطي كل عقل قدر حجمه،ويعطي كل عقل مايعجبه ويرضيه،فترى غير المتعلم يطرب للقرآن ويجد فيه مايرضيه،ونصف المتعلم يجد في القرآن مايرضيه،والمتبحر في العلم يجد في القرآن إعجازاًيرضيه [5]
﴿رب المشرق والمغرب ﴾،معناها أن الشروق والغروب في وقت واحد أي أن الشمس تغرب على بلد في الوقت نفسه الذي تشرق فيه على بلد آخر [6]
قول قرأته في أحد المخطوطات القديمة يقول قيه كاتبه
يازمن وفيك كل الزمن).ومعنى هذا القول أن الزمن نسبي في الكون ،فمثلاًعندما أؤدي صلاة الظهر هناك أناس في مكان آخر يصلون العصر وأناس في مكان ثالث يصلون المغرب وأناس في مكان رابع يصلون العشاء وأناس في مكان خامس يصلون الفجر أي إنه في الوقت الواحد يؤذن لله على ظهر الأرض الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ...إذن فالله مذكور في كل زمن وبجميع أوقات الزمن [7]
من يبحث ويدرس وفي قلبه إيمان بالله وشعور بعظمة الله وقدرته يستطيع أن يحقق الكثير ،والكثير جداً المبدأ هو أن نزرع ونعمر ونكشف عن آيات الله فيها ، فإذا تقاعسنا عن هذا كله ،وإذا لم نفعل ذلك فلا يمكن أن نستغرب أو أن نتعجب ، لأن غيرنا من الأمم قد تقدم علينا فنح تركنا منهج الله في العمل ، فلا بد أن يتركنا قانون الله في النتيجة ،وهذا هو الجمال في الحياة [8]
هناك في النفس ملكات خفية على الإنسان لا يعرف سرها إلا الله سبحانه وتعالى ، ويقوم الله بمخاطبة البشر على اختلاف أحوالهم ، فتهتز هذه الملكات وتتأثر وينسجم الإنسان معها بدون أن يعرف السر [9]
نجد أن الله سبحانه وتعالى حين يستخدم كلمة نور وظلام في القرآن الكريم يقول: ﴿نور ﴾ ويقول :﴿ظلمت ﴾ وظلمة ولاكنه لايقول أنوار أبداً هناك نور وظلمة وهناك نور وظلمات ولكن الله لايستخدم كلمة (أنوار) إنه
﴿ يخرج الناس من الظلمات إالى النور ﴿يس الى الأنوار لماذا؟ مع أن المنطقي أن يقال يحرج الناس من الظلمات إلى ألانوار نقول له :إنك لم تع الحقيقة جيداً ،في الدنيا هناك ظلمات كثيرة ولكن ليس هناك أنوار هناك نور واحد هو نور الله سبحانه وتعالى ،نور الحق ولذلك لا يستخدم الله سبحانه وتعالى إلا كلمة نور لأن النور هو نور الحق ولا نور غيره[10]
المعروف لمن تحبه ولمن لا تحبه ،أما الود فلمن تحب فقط [11]
يمضي المستشرقيين في الحديث عن القرآن فيقولون : إنه في سورة النحل يقول القرآن : ﴿أتى أمر الله فلا تستعجلوه﴾كيف يمكن أن يقول الله :﴿أتى﴾ ثم يقول :﴿فلا تستعجلوه ﴾ أتى فعل ماضي لأنه حدث فلا تستعجلوه ،مستقبل كيف يمضي هذا مع ذلك ،نقول لهم :أنت حين تتحدث عن الله سبحانه ،فيجب أن تضع في عقلك وذهنك وتفكيرك أن الله ليس كمثله شيء ،أنت لك قوة ولله قوة ولكن هل قوتك كقوة الله سبحانه وتعالى ،أنت تعيش في زمن والله سبحانه وتعالى لا زمن عنده ،إنه منزه عن الزمن ﴿أتى﴾ هذه في علم الله سبحانه وتعالى حدث ومتى قال الله سبحانه ﴿أتى﴾ فقد حدث وتم وانتهى في علم الله سبحانه وتعالى في علم اليقين ،ولكن الأشياء تخرج من علم الله سبحانه إلى علم البشر تخرج بكلمة ﴿كن ﴾ الله سبحانه حين يريد أن ينقل شيئاً من علمه سبحانه وتعالى إلى علم الإنسان فإن كلمة ﴿كن﴾تكون الأمر الذي يحمل التنفيذ .. الله سبحانه وتعالى عنده علم الساعة ،ومادام قد تقرر فليست هناك قوة في هذه الدنيا تستطيع أن تمنع حدوثه، إنه آت لا محالة [12]
كلام الله سبحانه وتعالى بالنسبة للمؤمن ،هو يقيني بمثابة الرؤية الدائمة ،ولذلك قال سبحانه وتعالى:﴿ألم ترَ﴾ولم يقل رأيت ،أو علمت ﴿ألم ترَ﴾حاضر متجدد مستمر بحيث يحدث وسيحدث على مر السنين وإلى يوم الساعة [13]
لماذا نحاول دائماً ربط القرآن بالنظريات العلمية ؟ وهذا أخطر مانواجهه ،ذلك أن بعض العلماء في اندفاعهم في التفسير وفي محاولاتهم ربط القرآن بالتقدم العلمي يندفعون في محاولة ربط كلام الله بنظريات علمية مكتشفة ،يثبت بعد ذلك أنها غير صحيحة،وهم في اندفاعهم هذا يتخذون خطوات متسرعه ، ويحاولون إثبات القرآن بالعلم والقرآن ليس بحاجة إلى العلم ليثبت ،فالقرآن ليس كتاب علم ،ولكنه كتاب عبادة ومنهج [14]
﴿ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور ﴾وهكذا نرى أن الله سبحانه تكلم عن الجماد وتكلم عن النبات وتكلم عن الحيوان والإنسان ثم يقول الله تعالى :﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ العلماء في ماذا ؟ فيما يتعلق بخلق الله من الجماد والحيوان والنبات والإنسان ولذلك جاء الله سبحانه وتعالى بالمتناقضات الموجودة في النوع الواحد ،لو أنه جنس واحد لما وجد فيه متناقضات إنما قوله تعالى:﴿ثمرات مختلف ألوانها ﴾[15]
الله سبحانه وتعالى رحمه منه بالعالمين قد جعل الشكر له في كلمتين اثنتين:﴿الحمد لله ﴾،والعجيب في هذا أنك تأتي لتشكر بشراًعلى نعمة واحده أسداها إليك وتظل ساعات وساعات تلهج بالشكر والثناء ،وربما لايرضيه كل هذا ،ولكن الله سبحانه وتعالى جلت قدرته وعظمته إنما يكتفي بكلمتين اثنتين ﴿الحمد لله ﴾ وذلك ليعلمنا مدى القدرة ومدى الشكر ،والله الذي لاتعد نعمه ولاتحصى في الدنيا والأخرة هو الذي يعدنا حسن الجزاء والحياة الطيبة في الدنيا ،والذي يقدم لنا فوق الذي يقدم البشر في العالم وفوق قدرة هذا البشر جميعاً إنما يكتفي بكلمتين اثنتين لشكره هما : ﴿الحمد لله ﴾[16]
حين يعلمنا الله أن نحمده بقول :﴿الحمد لله ﴾ فهو يعطي الفرصه المتساوية المتكافئه لعبيده بحيث يستوي في ذلك المتعلم والأمي ،إذن ...فتعليم الله لعبيده صيغة الحمد نعمه أخرى يستحق الله سبحانه وتعالى الحمد عليها ،ولذلك فإن الإنسان إذا أراد أن يحمد الله على نعمه فإنه يجب أن يحمده أيضاً على تعليمه نعمة الحمد فيظل العبد دائماً حامداً ويظل الله سبحانه وتعالى دائماً محموداً [16]
العقيدة: هي قضية اختمرت في القلب اختماراً وأقتنعت بها تماماً ، بحيث أصبحت عندك يقيناً لا يطفو إلى العقل لتناقش من جديد [17]
وأنت تدخل إلى المسجد ،تجد عباد الله جالسين معاً عقول كلها مختلفة في السن والثقافة والفكر والمركز الإجتماعي والطباع والعادات وكل شيء، ولكنها كلها منسجمة في عبادة الله تركع له معاً وتسجد له معاً ،وتقرأ له القرآن معاً ، وتسبح له معاً كل هذه العقول لا يمكن أن تجتمع وتنسجم هكذا إلا إذا كان الله موجداً فينا بالفطرة وإلا مصداقاً للآيه:﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾[18]
يقول الله تعالى:﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾انظر إلى دقة تعبير القرآن الكريم ،لم يفطن الذي ذهبت السيئات عنه إلى من أذهبها ،وإنمانظر إلى ذهاب السيئة وكأن السيئة هي التي أذهبت نفسها ،ولو كان عنده إيمان لقال أذهب الله السيئة عني ،وقول الحق تبارك وتعالى :﴿إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ﴾فرحه بالنعمة أذهلة عن المنعم ،أو عم من بدل السيئة بالنعمة ، والفخر هو الإعتزاز بالنفس[19]
يقول بعض الصالحين الذين سمعوا ممن سمع عن الحبيب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما معناه: إنك إذا ما أقبلت على شربة ماء فقسمتها ثلاثاً :اشرب أول جرعة وقل :بسم الله واشربها ،ثم انته من الجرعة وقل :الحمد لله ،وابدأ الجرعة الثانية وقل :بسم الله واشربها وانته منها وقل الحمد لله واختم بالثالثة وقل :بسم الله وانته منها وقل الحمد لله ،ولن تحدثك ذرة من نفسك بمعصية لله بسبب الأثر الصالح ، وليجرب كل منا ذلك في حياته ولسوف يجد نفسه لاتميل أبداً إلى معصية الحق لماذا؟ لأنك استقبلت النعمة بذكر المنعم ونفضت عن نفسك حولك وقوتك في كل شيء وإذا سألت :ولماذا الماء ؟ هناك نقول :إن الماء يشيع في الجسم كله [20]
﴿إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾أي أن الله سبحانه وتعالى يقول لنا : إن الإنسان عندما يكون بلا منهج ويرى شرا ًأو يواجه شراً فهو هلوع خائف يستسلم ويركع ولا يقاوم الجبن الذي هو أساس حياته ،وهذا يفسر لنا كيف استعبد البشر ألوف السنين وكيف كان القوي يستعبد الضعيف ،خشي الناس أقوياءهم فكان هناك بشر نصبوه إلهاً يسجدون له لأنه قوي ولأنه ينذرهم بالشر ،فإذا انذرهم بالشر هلعوا وخافوا وسجد له وعبدوه [21]
﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ﴾فهو سبحانه الذي أوصل إلى كل موجود مابه يقتات وأوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف يشاء ،بحكمته وحمده[22]
إن النفس تطلق على إجتماع الروح في المادة ، واجتماع الروح في الماده هو الذي يعطي النفس صفة الإطمئنان أو صفة الأماره بالسوء أو صفة النفس اللوامة، فساعة تأتي الروح مع المادة تنشأ النفس البشرية ، والروح قبل أن تأتي تكون خيرة بطبيعتها ،فالمادة مقهورة بإرادة قاهرها [23]
﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ ،﴿قُضِيَ ﴾تعني :أن هناك شياً يتطلب القضاء ، والقضاء هو عدم التحيز [24]
مريم صديقة ،بعض الناس يقول : صديق يعني يصدق في كل أقواله وأفعاله ، فنقول له هذا الصادق ، لكن الصديق هو الذي يصدق كل ما يقال موافقاً للحق ،وسيدنا إبراهيم عليه السلام كان صديقاً نبياً[25]
لا يُرفع قضاء من الله على خلقه إلا بعد أن يستسلم الخلق للقضاء ، والذين يطيلون أمد القضاء على أنفسهم هم الذين لا يرضون به ، ولا يوجد إنسان أُجري عليه قضاء كمرض مثلاً فرضي به واعتبر ذلك ابتلاء من الله تعالى فصبر لذلك واحتسب إلا رفع الله عنه المرض بل وجزاه خير الجزاء على صبره واحتسابه[26]
الغريب حين نتأمل نجد أن مبادىء الدين الإسلامي مطبقة كقيم اجتماعية في المجتمعات المتقدمة ،ففي أي مجتمع متقدم تراه يحافظ على حق كل إنسان ،يعاقب أشد العقوبة على الكذب ،باعتباره من الرذائل التي تقود إلى عدم الثقة ،وإلى إخفاء الحقائق ، يكافىء الأمين ويعترف بالفضل لصاحبه.............. ولقد قال الشيخ محمد عبده حين زار أوربا
(رأيت قوماًلا يقولون لاإله إلا الله ويعملون بها ،ونحن نقول لاإله إلا الله وفي أحيان كثيرة لا نعمل بها)) [27]
انظر إلى قول الله سبحانه وتعالى وإلى دقة القرآن الكريم وبراعته في التعبير ﴿ وَمَا صَاحِبكُمْ بِمَجْنُونٍ ﴾ أي أن هذا الرسول الكريم صاحبكم فترة كبيرة أربعين سنة وعرفتموه وعرفتم خلقه جيداً،فإذا جاء اليوم بديين يحقق العداله وسلب الظالم قوته ويعطي الضعيف حقه ،فلا تحاولوا أن تصرفوا الناس عن هذا الدين بادعاءاتكم الكاذبة ذلك أن الرسول صاحبكم قبل أن يقوم بتبليغ الرسالة أربعين سنة كان فيها مثالاً للأمانة والصدق ورزانة العقل وكان مفخرة لقومه[28]
الله سبحانه وتعالى لا يحتاج الى ما في أيدينا ٬ إنه يعطينا ولا يأخذ منا ٬ عنده خزائن كل شيء مصداقا لقوله جل جلاله ۞ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُوم ۞ الحجر - 21 فالله سبحانه وتعالى دائم العطاء لخلقه ٬ والخلق يأخذون دائما من نعم الله ٬ فكأن العبودية لله تعطيك ولا تأخذ منك وهذا يستوجب الحمد.
كان سيدنا جعفر الصادق رضي الله عنه يقول: في الخوف عجبت لمن خاف ولم يفزع إلى قول الله سبحانه: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فإني سمعت الله بعقبها يقول: فَ(انْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)
إذاً فقد أعطى سيدنا جعفر وصفة للخوف الذي يعتري الإنسان. الوصفة أن تقول: (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )لأن كل ما يخيفك دون قوة الله وما دام كل ما يخيفك دون قوة الله فأن تقول حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ في مواجهة ما يخيفني ،في الغم
وعجبت لمن إغتم (والغم شيئاً غير الخوف الخوف قلق النفس من شيئ تعرف مصدره لكن الغم كئابة النفس من أمر قد لا تعرف مصدره وهوعملية معقدة نفسياً) فيقول وعجبت لمن إغتم ولم يفزع إلى قول الله سبحانه: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ) فإني سمعت الله بعقبها يقول: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ،وتلك ليست خصوصية له والشاهد قوله تعالى "وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ" يعني أيضا المؤمن الذي يقولها ،المكر وعجبت لمن مُكِرَ به (يعني من كاد الناس له والإنسان لا يقوى على
مواجهة كيد الناس وإئتمارهم يقوم يفزع لرب هؤلاء الناس) وعجبت لمن مُكِرَ به ولم يفزع إلى قول الله: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) فإني سمعت الله بعقبها يقول: فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ،طلب الدنيا وزينتها وعجبت لمن طلب الدنيا وزينتها كيف
لا يفزع إلى قول الله: (مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) فإني سمعت الله بعقبها يقول: (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ)
الفساد في الأرض هو أن تعمد إلي الصالح فتفسده ٬ وأقل ما يطلب منك في الدنيا ٬ أن تدع الصالح لصلاحه ٬ ولا تتدخل فيه لتفسده ٬ فإن شئت أن ترتقي إيمانيا ٬ تأت للصالح ٬ وتزد من صلاحه ٬ فإن جئت للصالح وأفسدته فقد أفسدت فسادين
الفساد في الأرض هو أن تعمد إلي الصالح فتفسده ٬ وأقل ما يطلب منك في الدنيا ٬ أن تدع الصالح لصلاحه ٬ ولا تتدخل فيه لتفسده ٬ فإن شئت أن ترتقي إيمانيا ٬ تأت للصالح ٬ وتزد من صلاحه ٬ فإن جئت للصالح وأفسدته فقد أفسدت فسادين
الله سبحانه وتعالى قد أعطى الانسان اختياره في الحياة الدنيا في العبودية فلم يقهره في شيء ولا يلزم غير المؤمن به بأي تكليف بل إن المؤمن هو الذي يلزم نفسه بالتكليف وبمنهج الله فيدخل في عقد ايماني مع الله تبارك وتعالى ٬ ولذلك نجد أن الله جل جلاله لا يخاطب الناس جميعا في التكليف ٬ وانما يخاطب الذين آمنوا فقط فيقول: يا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ – البقرة 183 - ويقول سبحانه: يَآأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلاَةِ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ - البقرة 153 - أي أن الله جل جلاله لا يكلف إلا المؤمن الذي يدخل في عقد ايماني مع الله
إن الدين كلمة تقال وسلوك يفعل ٬ فإذا انفصلت الكلمة عن السلوك ضاعت الدعوة ٬ فالله سبحانه وتعالى يقول : يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ - لأن من يراك تفعل ما تنهاه عنه يعرف أنك مخادع وغشاش ٬ وما لم ترتضه أنت كسلوك لنفسك لا يمكن أن تبشر به غيرك.
هناك بلاء بالخير وبلاء بالشر ٬ والبلاء كلمة لا تخيف ٬ أما الذي يخيف هو نتيجة هذا البلاء ٬ لأن البلاء هو امتحان أو اختبار إن أديته ونجحت فيه كان خيرا لك وأن لم تؤده كان وبالا عليك.
الفرق بين الشك والظن ،إذا كانت القضية غير مجزوم بها ومتساوية في النفي والوجود فإن ذلك يكون شكا ٬ فإذا رجحت إحدى الكفتين على الأخرى يكون ذلك ظنا
الحياة الدنيا مهما طالت فهي قصيرة ٬ ومهما أعطت فهو قليل
إياك أن ترد الأمر على الله سبحانه وتعالى ٬ فإذا كنت لا تصلي ٬ فلا تقل وما فائدة الصلاة ٬ وإذا لم تكن تزكي ٬ فلا تقل تشريع الزكاة ظلم للقادرين ٬ وإذا كنت لا تطبق شرع الله ٬ فلا تقل أن هذه الشريعة لم تعد تناسب العصر الحديث ٬ فإنك بذلك تكون قد كفرت والعياذ بالله ٬ ولكن قل يا ربي إن فرض الصلاة حق ٬ وفرض الزكاة حق ٬ وتطبيق الشريعة حق ٬ ولكنني لا أقدر على نفسي ٬ فارحم ضعفي يا رب العالمين ٬ إن فعلت ذلك ٬ تكن عاصيا فقط.
كل شيء في هذا الكون يقتضي الحمد ٬ ومع ذلك فإن الانسان يمتدح الوجود وينسى الموجود . (وينسى واجد الوجود)
لماذا يمر المؤمنون فوق الصراط ؟ قال الله سبحانه وتعالى: (وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيا) ،لأن مجرد رؤية المؤمنين لجهنم نعمة كبرى ٬ فحين يرون العذاب الرهيب الذي أنجاهم الإيمان منه يحس
كل منهم بنعمة الله عليه أنه أنجاه من هذا العذاب ٬ وأهل النار وأهل الجنة يرى بعضهم بعضاً ٬ فأهل الجنة حينما يرون أهل النار يحسون بعظيم نعمة الله عليهم ٬ إذ أنجاهم منها ٬ وأهل النار حين يرون أهل الجنة يحسون بعظيم غضب الله عليهم أن حرمهم من
نعيمه ٬ فكأن هذه الرؤية نعيم لأهل الجنة وزيادة في العذاب لأهل النار
ان كل مخلوق اذا اتجه الى خالقه واستعاذ به يكون هو الأقوى برغم ضعفه وهو الغالب برغم عدم قدرته لأن الله عندما يكون معك تكون قدرتك وقوتك فوق كل قدره وأعلى من كل قوه.
كلنا نعيش برحمات الله ٬ حتى الكافر يعيش على الأرض برحمة الله ٬ ويأخذ أسباب حياته برحمة الله ٬ والنعم والخيرات التي يعيش عليها تأتيه بسبب رحمة الله ٬ والمؤمن يأخذ نعم الدنيا برحمة الله ويزيد الله له بالبركة والاطمئنان.
لولا عدل الله لبغى الناس في الارض وظلموا ٬ ولكن يد الله تبارك وتعالى حين تبطش بالظالم تجعله عبرة ٬ فيخاف الناس الظلم ٬ وكل من أفلت من عقاب الدنيا على معاصيه وظلمه واستبداده سيلقى الله في الاخرة ليوفيه حسابه ٬ وهذا يوجب الحمد ٬ أن يعرف المظلوم أنه سينال جزاءه فتهدأ نفسه ويطمئن قلبه ان هناك يوما سيرى فيه ظالمه وهو يعذب في النار ٬ فلا تصيبه الحسرة ٬ ويخف احساسه بمرارة الظلم حين يعرف ان الله قائم على كونه لن يفلت من عدله أحد
المقاييس هنا غير المقاييس يوم القيامة ٬ في الدنيا بإعدادك وجسدك لا يمكن أن ترى الله ٬ وفي الآخرة يسمح إعدادك وجسدك بأن يتجلى عليك الله سبحانه وتعالى ٬ وهذا قمة النعيم في الآخرة ٬ أنت الآن تعيش في أثار قدرة الله ٬ وفي الآخرة تعيش عيشة الناظر إلى الله تبارك وتعالى ٬ وفي ذلك يقول الحق جل جلاله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)
من هم الخاشعون؟ الخاشع هو الطائع لله ٬ الممتنع عن المحرمات ٬ الصابر على الأقدار ٬ الذي يعلم يقينا داخل نفسه أن الأمر لله وحده ٬ وليس لأي قوة أخرى ٬ فيخشع لمن خلقه وخلق هذا الكون له
هل نحن مطالبون أن نبدأ فقط تلاوة القرآن بسم الله؟ إننا مطالبون أن نبدأ كل عمل باسم الله.. لأننا لابد أن نحترم عطاء الله في كونه. فحين نزرع الأرض مثلا.. لابد أن نبدأ بسم الله.. لأننا لم نخلق الأرض التي نحرثها.. ولا خلقنا البذرة التي نبذرها. ولا أنزلنا الماء من السماء لينمو الزرع.
قال تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُوْلَٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً) ،إذن فهناك خاسر وهناك من أخسر منه ٬ والأخسر هو
الذي كفر بالله جل جلاله وبيوم القيامة واعتقد أن حياته في الدنيا فقط ٬ ولم يكن الله في باله وهو يعمل أي عمل ٬ بل كانت الدنيا هي التي تشغله ٬ ثم فوجئ بالحق سبحانه وتعالى يوم القيامة ٬ ولم يحتسب له أية حسنة ٬ لأنه كان يقصد بحسناته الحياة الدنيا ٬ فلا
يوجد له رصيد في الآخرة.
كل ما في الكون خاضع لطلاقة قدرة الله ٬ حتى الأسباب والمسببات خاضعة أيضا لطلاقة القدرة الآلهية ٬ فالأسباب والمسببات في الكون لا تخرج عن إرادة الله.
يغيب عن أذهان الناس أن الدين عندما يقيد حركتك فيما لا يجوز لك, يقيد حركة الناس جميعاً من أجلك ...فقال لك لا تسرق من الناس وقال للناس جميعاً ألا تسرق منك. إذن أنت المستفيد الأول من تطبيق منهج الله.
كل قصص القرآن قصص تتكرر في كل زمان ٬ حتى في الوقت الذي نعيش فيه تجد فيه أكثر من فرعون ٬ وأكثر من أهل كهف يفرون بدينهم ٬ وأكثر من قارون يعبد المال والذهب ويحسب أنه استغنى عن الله ٬ ولذلك جاءت شخصيات قصص القرآن مجهلة إلا قصة واحدة هي قصة عيسى بن مريم ومريم ابنة عمران ٬ لماذا؟ لأنها معجزة لن تتكرر ٬ ولذلك عرفها الله لنا فقال "مريم ابنة عمران " وقال " عيسى بن مريم " حتى لا يلتبس الأمر ٬ وتدعي أي امرأة أنها حملت بدون رجل مثل مريم ٬ نقول لا ٬ معجزة مريم لن تتكرر ٬ ولذلك حددها الله تعالى بالاسم أما باقي قصص القرآن الكريم فقد جاءت مجهلة. فلم يقل لنا الله تعالى من هو فرعون موسى ٬ ولا من هم أهل الكهف ولا من هو ذو القرنين ولا من هو صاحب الجنتين ٬ إلي آخر ما جاء في القرآن الكريم ٬ لأنه ليس المقصود بهذه القصص شخصا بعينه ٬ وبعض الناس يشغلون أنفسهم بمن هو فرعون موسى؟ ومن هو ذو القرنين.. الخ نقول لهم لن تصلوا إلى شيء لأن الله سبحانه وتعالى قد روى لنا القصة دون توضيح للأشخاص لنعرف أنه ليس المقصود شخصا بعينه ٬ ولكن المقصود هو الحكمة من القصة.
الله سبحانه وتعالى في عطائه يجب أن يطلب منه الانسان ٬ وأن يدعوه وان يستعين به ٬ وهذا يتوجب الحمد لأنه يقينا الذل في الدنيا ٬ فأنت إن طلبت شيئا من صاحب نفوذ ٬ فلابد ان يحدد لك موعدا أو وقت الحديث ومدة المقابلة ٬ وقد يضيق بك فيقف لينهي
اللقاء ٬ ولكن الله سبحانه وتعالى بابه مفتوح دائما ٬ فأنت بين يديه عندما تريد ٬ وترفع يديك الى السماء وتدعو وقتما تحب ٬ وتسأل الله ما تشاء ٬ فيعطيك ما تريده إن كان خيرا لك ٬ ويمنع عنك ما تريده ان كان شرا لك ٬ والله سبحانه وتعالى يطلب منك ان
تدعوه وان تسأله فيقول ۞ وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين ۞- غافر - 60ويقول سبحانه وتعالى ۞ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ۞ - البقرة-
إن الانسان المؤمن لا يخاف الغد ٬ وكيف يخافه والله رب العالمين ٬ اذا لم يكن عنده طعام فهو واثق ان الله سيرزقه لأنه رب العالمين واذا صادفته ازمة فقلبه مطمئن الي ان الله سيفرج الازمة ويزيل الكرب لأنه رب العالمين واذا اصابته نعمة ذكر الله فشكره عليها لانه رب العالمين الذي انعم عليه
حين تتخلى الأسباب فهناك رب الأسباب وهو موجود دائما ٬ لا يغفل عن شيء ولا تفوته همسة في الكون ٬ ولذلك فإن المؤمن يتجه دائما الى السماء ٬ والله سبحانه وتعالى يكون معه.
إذا كنت تريد عطاء الدنيا والآخرة ٬ فأقبل على كل عمل باسم الله ٬ قبل أن تأكل قل باسم الله لأنه هو الذي خلق لك هذا الطعام ورزقك به ٬ عندما تدخل الامتحان قل بسم الله فيعينك على النجاح ٬ عندما تدخل إلى بيتك قل باسم الله لأنه هو الذي يسر
لك هذا البيت ٬ عندما تتزوج قل باسم الله لانه هو الذي خلق هذه الزوجة وأباحها لك ٬ في كل عمل تفعله ابدأه باسم الله ٬ لأنها تمنعك من أي عمل يغضب الله سبحانه وتعالى ٬ فأنت لاتستطيع أن تبدأ عملا يغضب الله باسم الله ٬ اذا أردت أن تسرق أو أن
تشرب الخمر ٬ أو أن تفعل عملا يغضب الله ٬ وتذكرت بسم الله ٬ فإنك ستمتنع عنه ٬ ستستحي أن تبدأ عملا باسم الله يغضب الله ٬ وهكذا ستكون أعمالك كلها فيما أباحه الله
الرزق هو ما ينتفع به ٬ وليس هو ما تحصل عليه ٬ فقد تربح مالاً وافراً ولكنك لا تنفقه ولا تستفيد منه فلا يكون هذا رزقك ولكنه رزق غيرك ٬ وأنت تظل حارساً عليه ٬ لا تنفق منه قرشاً واحداً ٬ حتى توصله إلى صاحبه ٬ قال عليه الصلاة والسلام :
(يقول ابن آدم مالي مالي ٬ وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ٬ ولبست فأبليت ٬ أو تصدقت فأمضيت)
(فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ما هو الخوف وما هو الحزن؟ الخوف أن تتوقع شرا مقبلا لا قدرة لك على دفعه فتخاف منه ٬ والحزن أن يفوتك شيء تحبه وتتمناه. والحق سبحانه وتعالى يقول في هذه الآية : من مشى في طريق الإيمان الذي دللته عليه وأنزلته في منهجي فلا خوف عليهم ٬ أي أنه لا خير سيفوتهم فيحزنوا عليه ٬ لأن كل الخير في منهج الله ٬ فالذي يتبع المنهج لا يخاف حدوث شيء أبدا
الخالق شيء والبارئ شيء آخر ٬ خلق أي أوجد الشيء من عدم ٬ والبارئ أي سَوَّاهُ على هيئة مستقيمة وعلى أحسن تقويم ٬ ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى : (ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ)
أبو الدرداء رضي الله عنه حينما بلغه أن شخصا سبه ٬ بعث له كتابا قال فيه ٬ يا أخي لا تسرف في شتمنا ٬ واجعل للصلح موضعا فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه.
بعض الناس يقول أن آدم قد عصى وتاب الله عليه ٬ وإبليس قد عصى فجعله الله خالدا في النار ٬ نقول: إنكم لم تفهموا ماذا فعل آدم؟ أكل من الشجرة المحرمة ٬ وعندما علم أنه أخطأ وعصى لم يصر على المعصية ٬ ولم يرد الأمر على الآمر. ولكنه قال يا رب
أمرك ومنهجك حق ٬ ولكنني لم أقدر على نفسي فسامحني. أعترف آدم بذنبه ٬ واعترف بضعفه ٬ واعترف بأن المنهج حق ٬ وطلب التوبة من الله سبحانه وتعالى ٬ ولكن إبليس رد الأمر على الآمر ٬ قال: قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } وقال {
لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } وقال: { فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } وقال: { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً ٬ فإبليس هنا رد الأمر على الآمر
العبد المؤمن لابد أن يوجه حركة حياته إلى عمل نافع يتسع له ولمن لا يقدر على الحركة في الحياة ٬ والله سبحانه وتعالى حينما يطالبنا بالسعي في الأرض لا يطالبنا أن يكون ذلك على قدر احتياجاتنا فقط ٬ بل يطالبنا أن يكون تحركنا أكثر من حاجة حياتنا حتى يتسع هذا التحرك ليشمل حياة غير القادر على حركة الحياة فيتسع المجتمع للجميع ويزول منه الحقد والحسد وتصفى النفوس
الدنيا مهما طالت ستنتهي والإنسان العاقل هو الذي يضحي بالفترة الموقوته والمنتهية ليكون له حظ في الفترة الخالدة ٬ وبذلك تكون هذه الصفقة الرابحة
الجنات نفسها متنوعة ٬ فهناك جنات الفردوس ٬ وجنات عدن ٬ وجنات نعيم ٬ وهناك دار الخلد ٬ ودار السلام ٬ وجنة المأوى ٬ وهناك عِلِّيُون الذي هو أعلى وأفضل الجنات ٬ وأعلى ما فيها التمتع برؤية الحق تبارك وتعالى ٬ وهو نعيم يعلو كثيرا عن أي نعيم في الدنيا
كل من يحاول أن يعطي الرسول صفة غير البشرية ٬ إنما يحاول أن ينقص من كمالات رسالات الله ٬ إذن فبشرية الرسول هي من تمام الرسالة
الإيمان هو الرصيد القلبي للسلوك ٬ لأن من يؤمن بقضية يعمل من أجلها ٬ التلميذ يذاكر لأنه مؤمن أنه سينجح ٬ وكل عمل سلوكي لابد أن يوجد من ينبوع عقيدي ٬ والإيمان أن تنسجم حركة الحياة مع ما في القلب وفق مراد الله سبحانه وتعالى ٬ ونظام الحياة
لا يقوم إلا على إيمان ٬ فكأن العمل الصالح ينبوعه الإيمان. ولذلك يقول القرآن الكريم: (وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ)
كلنا عبيد لله سبحانه وتعالى ٬ والعبيد متساوون فيما يقهرون عليه ٬ ولكن العباد الذين يتنازلون عن منطقة الاختيار لمراد الله في التكليف ٬ ولذلك فإن الحق جل جلاله يفرق في القرآن الكريم بين العباد والعبيد
منطقة الاختيار في حياتي محددة ٬ لا أستطيع أن أتحكم في يوم مولدي ٬ ولا فيمن هو أبي ومن هي أمي ٬ ولا في شكلي هل أنا طويل أم قصير ٬ جميل أم قبيح أو غير ذلك - اذن فمنطقة الاختيار في الحياة هي المنهج أن أفعل أو لا أفعل ٬ الله سبحانه وتعالى له من كل خلقه عبادة القهر ٬ ولكنه يريد من الانس والجن عبادة المحبوبية ٬ ولذلك خلقنا ولنا اختيار في أن نأتيه أو لا نأتيه ٬ في أن نطيعه أو نعصيه ٬ في أن نؤمن به أو لا نؤمن
الله سبحانه وتعالى يريد ان يطمئن عباده انه رب لكل ما في الكون فلا تستطيع اى قوى تخدم الانسان ان تمتنع عن خدمته ٬ لأن الله سبحانه وتعالى مسيطر على كونه وعلى كل ما خلق ٬ انه رب العالمين وهذه توجب الحمد ٬ ان يهيئ الله سبحانه وتعالى للانسان ما يخدمه ٬ بل جعله سيدا في كونه
الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر٬ ومن هنا فإنه لا توجد أسماء في الحياة تعبر عما في الجنة ٬ واقرأ قوله تعالى: (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)
أي عقل فيه ذرّة من فكر لا يجعل لله تعالى شبيهاً ولا نظيراً ولا يُشَبِّهُ بالله تعالى أحداً ٬ فالله واحد في قدرته ٬ واحد في قوته ٬ واحد في خلقه ٬ واحد في ذاته ٬ وواحد في صفاته.
٬المال جزء من الرزق ٬ ولكن هناك رزق الصحة ٬ ورزق الولد ٬ ورزق الطعام ، ورزق في البركة ٬ وكل نعمة من الله سبحانه وتعالى هي رزق وليس المال وحده
كلمتا الحمد لله ٬ ساوى الله بهما بين البشر جميعا ٬ فلو أنه ترك الحمد بلا تحديد ٬ لتفاوتت درجات الحمد بين الناس بتفاوت قدراتهم على التعبير ٬ فهذا أمي لا يقرأ ولا يكتب لا يستطيع أن يجد الكلمات التي يحمد بها الله. وهذا عالم له قدرة على التعبير يستطيع ان يأتي بصيغة الحمد بما أوتي من علم وبلاغة ٬ وهكذا تتفاوت درجات البشر في الحمد ٬ طبقا لقدرتهم في منازل الدنيا ٬ ولكن الحق تبارك وتعالى شاء عدله أن يسوي بين عباده جميعا في صيغة الحمد له ٬ فيعلمنا في أول كلماته في القرآن الكريم ٬ أن نقول - ٱلْحَمْدُ للَّهِ - ليعطي الفرصة المتساوية لكل عبيده بحيث يستوي المتعلم وغير المتعلم في عطاء الحمد ومن أوتي البلاغة ومن لا يحسن الكلام. ولذلك فإننا نحمد الله سبحانه وتعالى على أنه علمنا كيف نحمده وليظل العبد دائما حامدا ٬ ويظل الله دائما محمودا ٬ فالله سبحانه وتعالى قبل أن يخلقنا خلق لنا موجبات الحمد من النعم ٬ فخلق لنا السماوات والارض وأوجد لنا الماء والهواء ٬ ووضع في الأرض أقواتها الى يوم القيامة
الله سبحانه وتعالى يريد أن نتذكر دائما أنه يحنو علينا ويرزقنا ٬ ويفتح لنا أبواب التوبة بابا بعد آخر ٬ ونعصي فلا يأخذنا بذنوبنا ولا يحرمنا من نعمه ٬ ولا يهلكنا بما فعلنا ٬ ولذلك فنحن نبدأ تلاوة القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم ٬ لنتذكر دائما أبواب الرحمة المفتوحة لنا ٬ نرفع أيدينا إلى السماء ٬ ونقول يا رب رحمتك ٬ تجاوز عن ذنوبنا وسيئاتنا ٬ وبذلك يظل قارئ القرآن متصلا بأبواب رحمة الله ٬ كلما ابتعد عن المنهج أسرع ليعود اليه ٬ فمادام الله رحمانا ورحيما لا تغلق أبواب الرحمة أبدا
(وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) ،حين نتكلم عن الرزق يظن كثير من الناس أن الرزق هو المال ٬ نقول له لا ٬ الرزق هو ما ينتفع به فالقوة رزق ٬ والعلم رزق ٬ والحكمة رزق ٬ والتواضع رزق ٬ وكل ما فيه حركة للحياة رزق ٬ فإن لم يكن عندك مال لتنفق منه فعندك عافية تعمل بها لتحصل على المال ٬ وتتصدق بها على العاجز والمريض ٬ وان كان عندك حلم ٬ فإنك تنفقه بأن تقي الأحمق من تصرفات قد تؤذي المجتمع وتؤذيك ٬ وان كان عندك علم انفقه لتعلم الجاهل ٬ وهكذا نرى - وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ -تستوعب جميع حركة الحياة
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص 23
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص24
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص30
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص31
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص32
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص33
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص35
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص38
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص42
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص57
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص64
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص 66
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص68
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص75
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص98
^ تعدى إلى الأعلى ل: 16.0 16.1 كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص120
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص133
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة - المكتبة العصرية ص136
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب مكارم الأخلاق المكتبة العصرية ص 191
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب مكارم الأخلاق - المكتبة العصرية ص 194
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب مكارم الأخلاق- المكتبة العصرية ص197
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب مكارم الأخلاق المكتبة العصرية ص222
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب مكارم الأخلاق المكتبة العصرية ص259
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب مكارم الأخلاق المكتبة العصرية ص 271
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب مكارم الأخلاق المكتبة العصرية ص514
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب مكارم الأخلاق المكتبة العصرية ص 47
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة _المكتبة العصرية ص 337
تعدى المحتوى الحالي إلى أعلى الصفحة ↑ كتاب المعجزة الخالدة _المكتبة العصرية ص337
https://ar.wikiquote.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D9%85%D8%AA%D9%88%D9%84%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%88%D9%8A