الله أكبر ما تعاقبت الأيام والليالي الله أكبر في كل مقر وفي كل سافل وعلى كل شرف عال الله أكبر ما أقبل عام وأدبر عام الله أكبر ملء بياض النهار وسواد الظلام الله أكبر في بطن كل واد وعلى ظهر كل شرف الله أكبر تكبيرا يوجب النجاة وينقذ من التلف كل العباد إلى رحمته فقير وفي نعمته مغمور محتاج إلى خفي لطفه وخفي عنايته هل لكم من إله سواه يجبركسركم ويكشف ضركم ويمدكم بأموال وبنين ويحييكم على تعاقب السنين حتى تبلغوا من العمر غاية آجالكم وقد أراكم عجائب الآيات في تصرف أحوالكم فليس منكم من نزل به نازلة مماته إلا وقد عرف ربه في تصرف حالاته فارحموا أنفسكم من متابعة هواها ومساعدتها على نيل مشتهاها بليت بنفس لا يزال هواها يقود إلى نار تدور رحاها ومال النفس للشيطان إلا مساعد على عصمتي حتى تحل عراها ومن يحلل الشيطان عصمة دينه هوى في سعير لا يطاق لظاها أخي إن أردت النجح والفوز بالمنى فخالف من النفس الكنود هواها ولا تتبعها في السلوك فإنها تضلل عن نهج الهدى بعماها ما احترس الإنسان من غوائل الشيطان بمثل نهي النفس عن الهوى ولا استعان على قمع هوى النفس بمثل الزهد في الدنيا متى أردت أن تعرف أن الدنيا والآخرة ضرتان فاعتبر ذلك بجوارحك لأنهاأبواب دنياك فإن دخلت عليك من لسانك أطلقته في الباطل وفيما ليس له حاصل وشغلتك عن التلاوة والذكر وأوقعتك في لغو الكلام والزور وقول الفجور وإن دخلت عليك من من بصرك أرسلنه في النظر الى المحرمات المردية وشغلتك عن النظر في المصحف وكل ما فيه عبرة للناظر ونور للخاطر وإن دخلت عليك سمعك أمالته إلى سماع كل لهو وباطل وشغلتك عن سماع ما نفعه إلى القلب واصل وإن دخلت عليك من بطنك كسلت عن الطاعات وأبسطت إلى الشهوات وأعمت عن الفكر والذكر بصيرة قلبك وقادتك إلى كل ما فيه سخط ربك وإن دخلت عليك من فرجك فإن كان حلالا أوهن القوة وبلد الفطنة وإن كان حراما ما زاد على ذلك إلا زوال النعمة وحلول النقمة وجملة القول في ذم الدنيا أنها لا تدخل على أحد قط إلا أدخلته بحرامها في عقاب ومنعته بحلالها عن الثواب سبحان الله ما أهون الدنياعليه وما أبغضها إليه أهل الدنيا بحرامها مغرورون وبخدعها مغبونون وبتحصيلها عن الآخرة مغمورون شاغلون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون أهل المشاغل بالدنيا وزينتها عن ذكر ربهم ساهون لاهونا لو أنهم قنعوا مما يبلغهم لعجلوا راحة مما يقاسونا تفوت ذي الدار الأخرى وهي فانية يا ويل عشاقها مما يلاقونا لا دارهم في الدهر باقية كلا ولا هم لما في الدهر باقونا اسباب الغفلة اغتنم مواسم الأرباح فقد فاتت أسواقها وداموا ما دامت أبواب التوبة مفتحة فقد حان إغلاقها وانتهزوا فرصةاليسار في دار القرار ففد آن من أقمار الأعمار محاقها وبادروا هجوم الآجال فشمس المنية قد أزف إشراقها وأعدوا ليوم الحساب صواب الجواب فإنما يحاسب الخليقة خلآقها واغوثاه بالله من ثقل هذا الرماد ما أخوفنا أن تستمر غفلتنا إلى يوم التناد أعظم الأسباب في توليد الغفلة أمران أحدهما امتلاء البطون والآخر معاشرة الباطلين فعليك بالجوع والعزلة إن أردت العتق من رق الغفلة إذا أردت أن يعتزلك الناس فاصمت عن محادثتهم فإن أكثر مواصلات الناس بينهم بالكلام فمن صمت عنهم اعتزلوه لا أضر على العبد أمرين غفلته عن ذكر الله ومخالفة لأمر الله الغفلة تحرم الربح والمعصية توجب الخسران الغفلة تغلق أبواب الجنة والمعصية تفتح أبواب النار خلق الله سبحانه وتعالىالجنة والنار للأبد وخلق السماء والأرض إلى أمد فمن عوفي من رقاد الغفلة وسقام المعصية خرج من النار وأدخل الجنة ومن بقي برقاد غفلته فليس له في الجنة ولوج ومن بقي بسقام معصيته فليس له من النار خروج فأما السماء والأرض فمحكوم لها بالبوار وليس لأحد في واحد منهما قرار ففروا إلى الله مما يشغل عنه كل الفرار واستجيروا به من الغفلة والمعصية فهما فوات الربح وإلحاق الخسران يا طول حزن الغافلينا عن ذكر رب العالمينا يا هضمهم يوما يرون ثواب ذكر الذاكرينا ستطول حسرتهم لما كانوا به متشاغلينا يتحسرون على فوا ت من فعال الطائعينا هذاك حال الغافلين فكيف حال الخاملينا يا ويلهم يوما يجازي الله فيه العالمينا يا حسرة يصلون جم رتها خزايا نادمينا يتلهفون على فوات دخولهم في الصالحين يا سامعا هذا الكلام اسمع مصاب الهالكين واعمل على تخليص نفسك من شباك القانصين نبهنا الله وإياكم من رقدة الغافلين ورزقنا وإياكم مجاورة الصالحين ونور بصائرنا وبصائركم بما نور به بصائر الموقنين وزودنا وإياكم التقوى فأن العاقبة للمتقين ونسأله سبحانه أن يضاعف صلواته وسلامه على سيدنا محمد خاتم النبيين وآله وصحبه أجمعين