منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة  I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة  I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة  I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة  Empty
مُساهمةموضوع: الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة    الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة  I_icon_minitimeالسبت أبريل 27, 2013 12:53 am

الاخلاق والسير
بسم الله الرحمن الرحيم خطبة المؤلف قال أبو محمد علي بن أحمد بن حزم رضي الله عنه الحمد لله على عظيم مننه وصلى الله على محمد عبده وخاتم أنبيائه ورسله وسلم تسليما وأبرأ إليه تعالى من الحول والقوة وأستعينه على كل ما يعصم في الدنيا من جميع المخاوف والمكاره ويخلص في الأخرى من كل هول ومضيق أما بعد فإني جمعت في كتابي هذا معاني كثيرة أفادنيها واهب التمييز تعالى بمرور الأيام وتعاقب الأحوال بما منحني عز وجل من التهمم بتصاريف الزمان والإشراف على أحواله حتى أنفقت في ذلك أكثر عمري وآثرت تقييد ذلك بالمطالعة له والفكرة فيه على جميع اللذات التي تميل إليها أكثر النفوس وعلى الازدياد من فضول المال وزممت كل ما سبرت من ذلك بهذا الكتاب لينفع الله تعالى به من يشاء من عباده ممن يصل إليه بما أتعبت فيه نفسي وأجهدتها فيه وأطلت فيه فكري فيأخذه عفوا وأهديته إليه هنيئا فيكون ذلك أفضل له من كنوز المال وعقد الأملاك إذا تدبره ويسره الله تعالى لاستعماله وأنا راج في ذلك من الله تعالى أعظم الأجر لنيتي في نفع عباده وإصلاح ما فسد من أخلاقهم ومداواة علل نفوسهم وبالله أستعين
الأخلاق والسير
إحرص على أن توصف بسلامة الجانب وتحفظ من أن توصف بالدهاء فيكثر المتحفظون منك حتى ربما أضر ذلك بك وربما قتلك وطن نفسك على ما تكره يقل همك إذا أتاك ويعظم سرورك ويتضاعف إذا أتاك ما تحب مما لم تكن قدرته إذا تكاثرت الهموم سقطت كلها الغادر يفي للمجدود والوفي يغدر بالمحدود والسعيد كل السعيد في دنياه من لم يضطره الزمان إلى اختبار الإخوان لا تفكر فيمن يؤذيك فإنك إن كنت مقبلا فهو هالك وسعدك يكفيك وإن كنت مدبرا فكل أحد يؤذيك طوبى لمن علم من عيوب نفسه أكثر مما يعلم الناس منها الصبر على الجفاء ينقسم ثلاثة أقسام فصبر عمن يقدر عليك ولا تقدر عليه وصبر عمن تقدر عليه ولا يقدر عليك وصبر عمن لا تقدر عليه ولا يقدر عليك فالأول ذل ومهانة وليس من الفضائل والرأي لمن خشي ما هو أشد مما يصبر عليه المتاركة والمباعدة والثاني فضل وبر وهو الحلم على الحقيقة وهو الذي يوصف به الفضلاء والثالث ينقسم قسمين إما أن يكون الجفاء ممن لم يقع منه إلا على سبيل الغلط ويعلم قبح ما أتى به ويندم عليه فالصبر عليه فضل وفرض وهو حلم على الحقيقة وأما من كان لا يدري مقدار نفسه ويظن أن لها حقا يستطيل به فلا يندم على ما سلف منه فالصبر عليه ذل للصابر وإفساد للمصبور عليه لأنه يزيد استشراء والمقارضة له سخف والصواب إعلامه بأنه كان ممكنا أن ينتصر منه وإنه إنما ترك ذلك استرذالا له فقط وصيانة عن مراجعته ولا يزاد على ذلك وأما جفاء السفلة فليس جزاؤه إلا النكال وحده من جالس الناس لم يعدم هما يؤلم نفسه وإثما يندم عليه في معاده وغيظا ينضج كبده وذلا ينكس همته فما الظن بعد بمن خالطهم وداخلهم والعز والراحة والسرور والسلامة في الانفراد عنهم ولكن اجعلهم كالنار تدفأ بها ولا تخالطها لو لم يكن في مجالسة الناس إلا عيبان لكفيا أحدهما الاسترسال عند الأنس بالأسرار المهلكة القاتلة التي لولا المجالسة لم يبح بها البائح والثاني مواقعة الغلبة المهلكة في الأخرة فلا سبيل إلى السلامة من هاتين البليتين إلا بالانفراد عن المجالسة جملة لا تحقر شيئا من عمل غد أن تحققه بأن تعجله اليوم وإن قل فإن من قليل الأعمال يجتمع كثيرها وربما أعجز أمرها عند ذلك فيبطل الكل ولا تحقر شيئا مما ترجو به تثقيل ميزانك يوم البعث أن تعجله الآن وإن قل فإنه يحط عنك كثيرا لو اجتمع لقذف بك في النار الوجع والفقر والنكبة والخوف لا يحس أذاها إلا من كان فيها ولا يعلمه من كان خارجا عنها وفساد الرأي والعار والإثم لا يعلم قبحها إلا من كان خارجا عنها وليس يراه من كان داخلا فيها الأمن والصحة والغنى لا يعرف حقها إلا من كان خارجا عنها وليس يعرف حقها من كان فيها وجودة الرأي والفضائل وعمل الآخرة لا يعرف فضلها إلا من كان من أهلها ولا يعرفه من لم يكن من أهلها أول من يزهد في الغادر من غدر له الغادر وأول من يمقت شاهد الزور من شهد له به وأول من تهون الزانية في عينه الذي يزني بها ما رأيتنا شيئا فسد فعاد إلى صحته إلا بعد لأي فكيف بدماغ يتوالى عليه فساد السكر كل ليلة وإن عقلا زين لصاحبه تعجيل إفساده كل ليلة لعقل ينبغي أن يتهم الطريق تبرم والزرايا تكرم وكثرة المال ترغب وقلته تقنع قد ينحس العاقل بتدبيره ولا يجوز أن يسعد الأحمق بتدبيره لا شيء أضر على السلطان من كثرة المتفرغين حواليه فالحازم يشغلهم بما لا يظلمهم فيه فإن لم يفعل شغلوه بما يظلمونه فيه وأما مقرب أعدائه فذلك قاتل نفسه كثرة وقوع العين على الشخص يسهل أمره ويهونه التهويل بلزوم تزي ما والاكفهرار وقلة الانبساط ستائر جعلها الجهال الذين مكنتهم الدنيا أمام جهلهم لا يغتر العاقل بصداقة حادثة له أيام دولته فكل أحد صديقه يومئذ إجهد في أن تستعين في أمورك بمن يريد منها لنفسه مثل ما تريد لنفسك ولا تستعن فيها بمن حظه من غيرك كحظه منك لا تجب عن كلام نقل إليك عن قائل حتى توقن أنه قاله فإن من نقل إليك كذبا رجع من عندك بحق ثق بالمتدين وإن كان على غير دينك ولا تثق بالمستخف وإن أظهر أنه على دينك من استخف بحرمات الله تعالى فلا تأمنه على شيء مما تشفق عليه وجدت المشاركين بأرواحهم أكثر من المشاركين بأموالهم هذا شيء طال إختباري إياه ولم أجد قط على طول التجربة سواه فأعيتني معرفة العلة في ذلك حتى قدرت أنه طبيعة في البشر من قبيح الظلم الإنكار على من أكثر الإساءة إذا أحسن في الندرة من استراح من عدو واحد حدث له أعداء كثيرة أشبه ما رأيت بالدنيا خيال الظل وهي تماثيل مركبة على مطحنة خشب تدار بسرعة فتغيب طائفة وتبدو أخرى طال تعجبي في الموت وذلك أني صحبت أقواما صحبة الروح للجسد من صدق المودة فلما ماتوا رأيت بعضهم في النوم ولم أر بعضهم وقد كنت عاهدت بعضهم في الحياة على التزوار في المنام بعد الموت إن أمكن ذلك فلم أره في النوم بعد أن تقدمني إلى دار الآخرة فلا أدري أنسي أن شغل غفلة النفس ونسيانها ما كانت فيه في دار الابتلاء قبل حلولها في الجسد كغفلة من وقع في طين غمر عن كل ما عهد وعرف قبل ذلك ثم أطلت الفكر أيضا في ذلك فلاح لي شعب زائد من البيان وهو أني رأيت النائم إذ همت نفسه بالتخلي من جسده وقوي حسها حتى تشاهد الغيوب قد نسيت ما كان فيه قبيل نومها نسيانا تاما البتة على قرب عهدها به وحدثت لها أحوال أخر وهي في كل ذلك ذاكرة حساسة متلذذة آلمة ولذة النوم محسوسة في حاله لأن النائم يلتذ ويحتلم ويخاف ويحزن في حال نومه إنما تأنس النفس بالنفس فأما الجسد فمستثقل مهروم به ودليل ذلك استعجال المرء بدفن جسد حبيبه إذا فارقته نفسه وأسفه لذهاب النفس وإن كانت الجثة حاضرة بين يديه لم أر لإبليس أصيد ولا أقبح ولا أحمق من كلمتين ألقاهما على ألسنة دعاته إحداهما اعتذار من أساء بأن فلانا أساء قبله والثانية استسهال الإنسان أن يسيء اليوم لأنه قد أساء أمس أو أن يسيء في وجه ما لأنه قد أساء في غيره فقد صارت هاتان الكلمتان عذرا مسهلتين للشر ومدخلتين له في حد ما يعرف ويحمل ولا ينكر استعمل سوء الظن حيث تقدر على توفيته حقه في التحفظ والتأهب واستعمل حسن الظن حيث لا طاقة بك على التحفظ فتربح راحة النفس حد الجود وغايته أن تبذل الفضل كله في وجوه البر وأفضل ذلك في الجار المحتاج وذي الرحم الفقير وذي النعمة الذاهبة والأحضر فاقة ومنع الفضل من هذه الوجوه داخل في البخل وعلى قدر التقصير والتوسع في ذلك يكون المدح والذم وما وضع في غير هذه الوجوه فهو تبذير وهو مذموم وما بذلت من قوتك لمن هو أمس حاجة منك فهو فضل وإيثار وهو خير من الجود وما منع من هذا فهو لا حمد ولا ذم وهو انتصاف بذل الواجبات فرض وبذل ما فضل عن القوت جود والإيثار على النفس من القوت بما لا تهلك على عدمه فضل ومنع الواجبات حرام ومنع ما فضل عن القوت بخل وشح والمنع من الإيثار ببعض القوت عذر ومنع النفس أو الأهل القوت أو بعضه نتن ورذالة ومعصية والسخاء بما ظلمت فيه أو أخذته بغير حقه ظلم مكرر والذم جزاء ذلك لا الحمد لأنك إنما تبذل مال غيرك على الحقيقة لا مالك وإعطاء الناس حقوقهم مما عندك ليس جودا ولكنه حق حد الشجاعة بذل النفس للموت عن الدين والحريم وعن الجار المضطهد وعن المتسجير المظلوم وعن الهضيمة ظلما في المال والعرض وفي سائر سبل الحق سواء قل من يعارض أو كثر والتقصير عما ذكرنا جبن وخور وبذلها في عرض الدنيا تهور وحمق وأحمق من ذلك من بذلها في المنع عن الحقوق الواجبات قبلك أو قبل غيرك وأحمق من هؤلاء كلهم قوم شاهدتهم لا يدرون فيما يبذلون أنفسهم فتارة يقاتلون زيدا عن عمرو وتارة يقاتلون عمرا عن زيد ولعل ذلك يكون في يوم واحد فيتعرضون للمهالك بلا معنى فينقلبون إلى النار أو يفرون إلى العار وقد أنذر بهؤلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله يأتي على الناس زمان لا يدري القاتل فيم قتل ولا المقتول فيم قتل حد العفة أن تغض بصرك وجميع جوارحك عن الأجسام التي لا تحل لك فما عدا هذا فهو عهر وما نقص حتى يمسك عما أحل الله تعالى فهو ضعف وعجز حد العدل أن تعطي من نفسك الواجب وتأخذه وحد الجور أن تأخذه ولا تعطيه وحد الكرم أن تعطي من نفسك الحق طائعا وتتجافى عن حقك لغيرك قادرا وهو فضل أيضا وكل جود كرم وفضل وليس كل كرم وفضل جودا فالفضل أعم والجود أخص إذ الحلم فضل وليس جودا والفضل فرض زدت عليه نافلة إهمال ساعة يفسد رياضة سنة خطأ الواحد في تدبير الأمور خير من صواب الجماعة التي لا يجمعها واحد لأن الواحد في ذلك يستدرك وصواب الجماعة يضري على استدامة الإهمال وفي ذلك الهلاك نوار الفتنة لا يعقد كانت في عيوب فلم أزل بالرياضة واطلاعي على ما قالت الأنبياء صلوت الله عليهم والأفاضل من الحكماء المتأخرين والمتقدمين في الأخلاق وفي آداب النفس أعاني مداواتها حتى أعان الله عز وجل على أكثر ذلك بتوفيقه ومنه وتمام العدل ورياضة النفس والتصرف بأزمة الحقائق هو الإقرار بها ليتعظ بذلك متعظ يوما إن شاء الله فمنها كلف في الرضاء وإفراط في الغضب فلم أزل أداوي ذلك حتى وقفت عند ترك إظهار الغضب جملة بالكلام والفعل والتخبط وامتنعت مما لا يحل من الانتصار وتحملت من ذلك ثقلا شديدا وصبرت على مضض مؤلم كان ربما أمرضني وأعجزني ذلك في الرضا وكأني سامحت نفسي في ذلك لأنها تمثلت أن ترك ذلك لؤم ومنها دعابة غالبة فالذي قدرت عليه فيها إمساكي عما يغضب الممازح وسامحت نفسي فيها إذ رأيت تركها من الانغلاق ومضاهيا للكبر ومنها عجب شديد فناظر عقلي نفسي بما يعرفه من عيوبها حتى ذهب كله ولم يبق له والحمد لله أثر بل كلفت نفسي احتقار قدرها جملة واستعمال التواضع ومنها حركات كانت تولدها غرارة الصبا وضعف الإغضاء فقصرت نفسي على تركها فذهبت ومنها محبة في بعد الصيت والغلبة فالذي وقفت عليه من معاناة هذا الداء الإمساك فيه عما لا يحل في الديانة والله المستعان على الباقي مع أن ظهور النفس الغضبية إذا كانت منقادة للناطقة فضل وخلق محمود ومنها إفراط في الأنفة بغضت إلي إنكاح الحرم جملة بكل وجه وصعبت ذلك في طبيعتي وكأني توقفت عن مغالبة هذا الإفراط الذي أعرف قبحه لعوارض اعترضت علي والله المستعان ومنها عيبان قد سترهما الله تعالى وأعان على مقاومتهما وأعان بلطفه عليهما فذهب أحدهما ألبتة ولله الحمد وكأن السعادة كانت موكلة بي فإذا لاح منه طالع قصدت طمسه وطاولني الثاني منهما فكان إذا ثارت منه مدوده نبضت عروقه فيكاد يظهر ثم يسر الله تعالى قدعه بضروب من لطفه تعالى حتى أخلد ومنها حقد مفرط قدرت بعون الله تعالى على طيه وستره وغلبته على إظهار جميع نتائجه وأما قطعه ألبتة فلم أقدر عليه وأعجزني معه أن أصادق من عاداني عداوة صحيحة أبدا وأما سوء الظن فيعده قوم عيبا على الإطلاق وليس كذلك إلا إذا أدى صاحبه إلى ما لا يحل في الديانة أو إلى ما يقبح في المعاملة وإلا فهو حزم والحزم فضيلة وأما الذي يعيبني به جهال أعدائي من أني لا أبالي فيما أعتقده حقا عن مخالفة من خالفته ولو أنهم جميع من على ظهر الأرض وأني لا أبالي موافقة أهل بلادي في كثير من زيهم الذي قد تعودوه لغير معنى فهذه الخصلة عندي من أكبر فضائلي التي لا مثيل لها ولعمري لو لم تكن في وأعوذ بالله لكانت من أعظم متمنياتي وطلباتي عند خالقي عز وجل وأنا أوصي بذلك كل من يبلغه كلامي فلن ينفعه اتباعه الناس في الباطل والفضول إذا أسخط ربه تعالى وغبن عقله أو آلم نفسه وجسده وتكلف مؤونة لا فائدة فيها وقد عابني أيضا بعض من غاب عن معرفة الحقائق أني لا آلم لنيل من نال مني وأني أتعدى ذلك من نفسي إلى إخواني فلا أمتعض لهم إذا نيل منم بحضرتي وأنا أقول إن من وصفني بذلك فقد أجمل الكلام ولم يفسره والكلام إذا أجمل أندرج فيه تحسن القبيح وتقبيح الحسن ألا ترى لو أن قائلا قال أن فلانا يطأ أخته لفحش ذلك ولاستقبحه كل سامع له حتى إذا فسر فقال هي أخته في الإسلام ظهر فحش هذا الإجمال وقبحه وأما أنا فإني إن قلت لا آلم لنيل من نال مني لم أصدق فالألم في ذلك مطبوع مجبول في البشر كلهم لكني قد قصرت نفسي على أن لا أظهر لذلك غضبا ولا تخبطا ولا تهيجا فإن تيسر لي الإمساك عن المقارضة جملة بأن أتأهب لذلك فهو الذي أعتمد عليه بحول الله تعالى وقوته وإن بادرني الأمر لم أقارض إلا بكلام مؤلم غير فاحش أتحرى فيه الصدق ولا أخرجه مخرج الغضب ولا الجهل وبالجملة فإني كاره لهذا إلا لضرورة داعية إليه مما أرجو به قمع المستشري في النيل مني أو قدع الناقل إلي إذ أكثر الناس محبون لإسماع المكروه من يسمعونه إياه على ألسنة غيرهم ولا شيء أقدع لهم من هذا الوجه فإنهم يكفون به عن نقلهم المكاره على ألسنة الناس إلى الناس وهذا شيء لا يفيد إلا إفساد الضمائر وإدخال التمائم فقط ثم بعد هذا فإن النائل مني لا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما إما أن يكون كاذبا وإما أن يكون صادقا فإن كان كاذبا فلقد عجل الله لي الانتصار منه على لسان نفسه بأن حصل في جملة أهل الكذب وبأن نبه علي فضلي بأن نسب إلي ما أنا منه بريء العرض وما يعلم أكثر السامعين له كذبه إما في وقته ذلك وإما بعد بحثهم عما قال وإن كان صادقا فإنه لا يخلو من أحد ثلاثة أوجه إما أن أكون شاركته في أمر استرحت إليه استراحة المرء إلى من يقدر فيه ثقة وأمانة فهذا أسوأ الناس حالة وكفى به سقوطا وضعة وإما أن يكون عابني بما يظن أنه عيب وليس عيبا فقد كفاني جهله شأنه وهو المعيب لا من عاب وإما أن يكون عابني بعيب هو في على الحقيقة وعلم مني نقصا أطلق به لسانه فإن كان صادقا فنفسي أحق بأن ألوم منه وأنا حينئذ أجدر بالغضب على نفسي مني على من عابني بالحق وأما أمر إخواني فإني لست أمسك عن الامتعاض لهم لكني امتعض امتعاضا رقيقا لا أزيد فيه أن أندم القائل منهم بحضرتي وأجعله يتذمم ويعتذر ويخجل ويتنصل وذلك بأن أسلك به طريق ذم من نال من الناس وأن نظر المرء في أمر نفسه والتهمم بإصلاحها أولى به من تتبع عثرات الناس وبأن أذكر فضل صديقي فأبكته على اقتصاره على ذكر العيب دون ذكر الفضيلة وأن أقول له إنه لا يرضى بذلك فيك فهو أولى بالكرم منك فلا ترض لنفسك بهذا أو نحو هذا من القول وأما أن أهارش القائل فأحميه وأهيج طباعه وأستثير غضبه فينبعث منه في صديقي أضعاف ما أكره فأنا الجاني حينئذ على صديقي والمعرض له بقبيح السب وتكراره فيه وإسماعه من لم يسمعه والإغرار به وربما كنت أيضا في ذلك جانيا على نفسي ما لا ينبغي لصديقي أن يرضاه لي من إسماعي الجفاء والمكروه وأنا لا أريد من صديقي أن يذب عني بأكثر من الوجه الذي حددت فإن تعدى ذلك إلى أن يساب النائل مني حتى يولد بذلك أن يتضاعف النيل وأن يتعدى أيضا إليه بقبيح المواجهة وربما إلى أبوي وأبويه على قدر سفه النائل ومنزلته من البذاءة وربما كانت منازعة بالأيدي فأنا مستنقص لفعله في ذلك زار عليه متظلم منه غير شاكر له لكني ألومه على ذلك أشد اللوم وبالله تعالى التوفيق وذمني أيضا بعض من تعسف الأمور دون تحقيق بأني أضيع مالي وهذه جملة بيانها أني لا أضيع منه إلا ما كان في حفظه نقص ديني أو إخلاق عرضي أو إتعاب نفسي فإني أرى الذي أحفظ من هذه الثلاثة وإن قل أجل في العوض مما يضيع من مالي ولو أنه كل ما ذرت عليه الشمس ووجدت أفضل نعم الله تعالى على المرء أن يطبعه على العدل وحبه وعلى الحق وإيثاره فما استعنت على قمع هذه الطوالع الفاسدة وعلى كل خير في الدين والدنيا إلا بما في قوتي من ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى وأما من طبع على الجور واستسهاله وعلى الظلم واستخفافه فلييأس من يصلح أن نفسه أو يقوم طباعه أبدا وليعلم أنه لا يفلح في دين ولا في خلق محمود وأما الزهو والحسد والكذب والخيانة فلم أعرفها بطبعي قط وكأنني لا حمد لي في تركها لمنافرة جبلتي إياها والحمد لله رب العالمين من عيب حب الذكر أنه يحبط الأعمال إذا أحب عاملها أن يذكر بها فكاد يكون شركا لأنه يعمل لغير الله تعالى وهو يطمس الفضائل لأن صاحبه لا يكاد يفعل الخير حبا للخير لكن ليذكر به أبلغ في ذمك من مدحك بما ليس فيك لأنه نبه على نقصك وأبلغ في مدحك من ذمك بما ليس فيك لأنه نبه على فضلك ولقد انتصر لك من نفسه بذلك وباستهدافه إلى الإنكار واللائمة لو علم الناقص نقصه لكان كاملا لا يخلو مخلوق من عيب فالسعيد من قلت عيوبه ودقت أكثر ما يكون ما لم يظن فالحزم هو التأهب لما يظن فسبحان من رتب ذلك ليري الإنسان عجزه وافتقاره إلى خالقه عز وجل
الأخلاق والعادات
التلون المذموم هو التنقل من زي متكلف لا معنى له إلى زي آخر مثله في التكلف وفي أنه لا معنى له ومن حال لا معنى لها إلى حال لا معنى لها بلا سبب يوجب ذلك وأما من استعمل من الزي ما أمكنه مما به إليه حاجة وترك التزيد مما لا يحتاج إليه فهذا عين من عيون العقل والحكمة كبير وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القدوة في كل خير والذي أثنى الله تعالى على خلقه والذي جمع الله تعالى فيه أشتات الفضائل بتمامها وأبعده عن كل نقص يعود المريض مع أصحابه راجلا في أقصى المدينة بلا خف ولا نعل ولا قلنسوة ولا عمامة ويلبس الشعر إذا حضره وقد يلبس الوشي من الحبرات إذا حضره ولا يتكلف ما لا يحتاج إليه ولا يترك ما يحتاج إليه ويستغني بما وجدة عما لا يجد ومرة يمشي راجلا حافيا ومرة يلبس الخف ويركب البغلة الرائعة الشهباء ومرة يركب الفرس عريا ومرة يركب الناقة ومرة يركب حمارا ويردف عليه بعض أصحابه ومرة يأكل التمر دون خبز والخبز يابسا ومرة يأكل العناق المشوية والبطيخ بالرطب والحلواء يأخذ القوت ويبذل الفضل ويترك ما لا يحتاج إليه ولا يتكلف فوق مقدار الحاجة ولا يغضب لنفسه ولا يدع الغضب لربه عز وجل الثبات الذي هو صحة العقد والثبات الذي هو اللجاج مشتبهان اشتباها لا يفرق بينهما إلا عارف بكيفية الأخلاق والفرق بينهما أن اللجاج هو ما كان على الباطل أو ما فعله الفاعل نصرا لما نشب فيه وقد لاح له فساده أو لم يلح له صوابه ولا فساده وهذا مذموم وضده الإنصاف وأما الثبات الذي هو صحة العقد فإنما يكون على الحق أو على ما اعتقده المرء حقا ما لم يلح له باطله وهذا محمود وضده الاضطراب وإنما يلام بعض هذين لأنه ضيع تدبر ما ثبت عليه وترك البحث عما التزم أحق هو أم باطل حد العقل استعمال الطاعات والفضائل وهذا الحد ينطوي فيه اجتناب المعاصي والرذائل وقد نص الله تعالى في غير موضع من كتابه على أن من عصاه لا يعقل قال الله تعالى حاكيا عن قوم وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ثم قال تعالى مصدقا لهم فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير وحد الحمق استعمال المعاصي والرذائل وأما التعدي وقذف الحجارة والتخليط في القول فإنما هو جنون ومرار هائج وأما الحمق فهو ضد العقل وهما ما بينا آنفا ولا واسطة بين العقل والحمق إلا السخف وحد السخف هو العمل والقول بما لا يحتاج إليه في دين ولا دنيا ولا حميد خلق مما ليس معصية ولا طاعة ولا عونا عليهما ولا فضيلة ولا رذيلة مؤذية ولكنه من هذر القول وفضول العمل فعلى قدر الاستكثار من هذين الأمرين أو التقلل منهما يستحق المرء اسم السخف وقد يسخف المرء في قصة ويعقل في أخرى ويحمق في ثالثة وضد الجنون تمييز الأشياء ووجود القوة على التصرف في المعارف والصناعات وهذا الذي يسميه الأوائل النطق ولا واسطة بينهما وأما إحكام أمر الدنيا والتودد إلى الناس بما وافقهم وصلحت عليه حال المتودد من باطل أو غيره أو عيب أو ما عداه والتحيل في إنماء المال وبعد الصوت وتسبيب الجاه بكل ما أمكن من معصية ورذيلة فليس عقلا ولقد كان الذين صدقهم الله في أنهم لا يعقلون وأخبرنا بأنهم لا يعقلون سائسين لدنياهم مثمرين لأموالهم مدارين لملوكهم حافظين لرياستهم لكن هذا الخلق يسمى الدهاء وضده العقل والسلامة وما إذا كان السعي فيما ذكرنا بما فيه تصاون وأنفة فهو يسمى الحزم وضده المنافي له التضييع وأما الوقار ووضع الكلام موضعه والتوسط في تدبير المعيشة ومسايرة الناس بالمسالمة فهذه الأخلاق تسمى الرزانة وهي ضد السخف الوفاء مركب من العدل والجود والنجدة لأن الوفي رأى من الجور أن لا يقارض من وثق به أو من أحسن إليه فعدل في ذلك ورأي أن يسمح بعاجل يقتضيه له عدم الوفاء من الحظ فجاد في ذلك ورأى أن يتجلد لما يتوقع من عاقبة الوفاء فشجع في ذلك أصول الفضائل كلها أربعة عنها تتركب كل فضيلة وهي العدل والفهم والنجدة والجود أصول الرذائل كلها أربعة عنها تتركب كل رذيلة وهي أضداد الذي ذكرنا وهي الجور والجهل والجبن والشح الأمانة والعفة نوعان من أنواع العدل والجود النزاهة في النفس فضيلة تركبت من النجدة والجود وكذلك الصبر الحلم نوع مفرد من أنواع النجدة القناعة فضيلة مركبة من الجود والعدل الحرص متولد عن الطمع والطمع متولد عن الحسد والحسد متولد عن الرغبة والرغبة متولدة عن الجور والشح والجهل ويتولد من الحرص رذائل عظيمة منها الذل والسرقة والغصب والزنا والقتل والعشق والهم بالفقر والمسألة لما بأيدي الناس تتولد فيما بين الحرص والطمع وإنما فرقنا بين الحرص والطمع لأن الحرص هو بإظهار ما استكن في النفس من الطمع والمداراة فضيلة متركبة من الحلم والصبر الصدق مركب من العدل والنجدة من جاء إليك بباطل رجع من عندك بحق وذلك أن من نقل إليك كذبا عن إنسان حرك طبعك فأجبته فرجع عنك بحق فتحفظ من هذا ولا تجب إلا عن كلام صح عندك عن قائله لا شيء أقبح من الكذب وما ظنك بعيب يكون الكفر نوعا من أنواعه فكل كفر كذب فالكذب جنس والكفر نوع تحته والكذب متولد من الجور والجبن والجهل لأن الجبن يولد مهانة النفس والكذاب مهين النفس بعيد عن عزتها المحمودة رأيت الناس في كلامهم الذي هو فصل بينهم وبين الحمير والكلاب والحشرات ينقسمون أقساما ثلاثة أحدهما من لا يبالي فيما أنفق كلامه فيتكلم بكل ما سبق إلى لسانه غير محقق نصر حق ولا إنكار باطل وهذا هو الأغلب في الناس والثاني أن يتكلم ناصرا لما وقع في نفسه أنه حق ودافعا لما توهم أنه باطل غير محقق لطلب الحقيقة لكن لجاجا فيما التزم وهذا كثير وهو دون الأول والثالث واضع الكلام في موضعه وهذا أعز من الكبريت الأحمر لقد طال هم من غاظه الحق اثنان عظمت راحتهما أحدهما في غاية المدح والآخر في غاية الذم وهما مطرح الدنيا ومطرح الحياء لو لم يكن من التزهيد في الدنيا إلا أن كل إنسان في العالم فإنه كل ليلة إذا نام نسي كل ما يشفق عليه في يقظته وكل ما يشفق منه وكل ما يشره إليه فتجده في تلك الحال لا يذكر ولدا ولا أهلا ولا جاها ولا خمولا ولا ولاية ولا عزلة ولا فقرا ولا غنى ولا مصيبة وكفي بهذا واعظا لمن عقل من عجيب تدبير الله عز وجل للعالم أن كل شيء اشتدت الحاجة إليه كان ذلك أهون له وتأمل ذلك في الماء فما فوقه وكل شيء اشتد الغنى عنه كان ذلك أعز له وتأمل في الياقوت الأحمر فما دونه الناس فيما يعانونه كالماشي في الفلاة كلما قطع أرضا بدت له أرضون وكلما قضى المرء سببا حدثت له أسباب صدق من قال إن العاقل معذب في الدنيا وصدق من قال إنه فيها مستريح فأما تعذيبه ففيما يرى من انتشار الباطل وغلبة دولته وبما يحال بينه وبينه من إظهار الحق وأما راحته فمن كل ما يهتم به سائر الناس من فضول الدنيا إياك وموافقة الجليس السيء ومساعدة أهل زمانك فيما يضرك في أخراك أو في دنياك وإن قل فإنك لا تستفيد بذلك إلا الندامة حيث لا ينفعك الندم ولن يحمدك من ساعدته بل يشمت بك وأقل ما في ذلك وهو المضمون أنه لا يبالي بسوء عاقبتك وفساد مغبتك وإياك ومخالفة الجليس ومعارضة أهل زمانك فيما لا يضرك في دنياك ولا وفي أخراك وإن قل فإنك تستفيد بذلك الأذى والمنافرة والعداوة وربما أدى ذلك إلى المطالبة والضرر العظيم دون منفعة أصلا إن لم يكن بد من إغضاب الناس أو إغضاب اللهعز وجل ولم يكن لك مندوحة عن منافرة الخلق أو منافرة الحق فأغضب الناس ونافرهم ولا تغضب ربك ولا تنافر الحق الاتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم في وعظ أهل الجهل والمعاصي والرذائل واجب فمن وعظ بالجفاء والا كفهرار فقد أخطأ وتعدى طريقته صلى الله عليه وسلم وصار في أكثر الأمر مغريا للموعوظ بالتمادي على أمره لجاجا وحردا ومغايظة للواعظ الجافي فيكون في وعظه مسئيا لا محسنا ومن وعظ ببشر وتبسم ولين وكأنه مشير برأي ومخبر عن غير الموعوظ بما يستفتح من الموعوظ فبذلك أبلغ وأنجع في الموعظة فإن لم يتقبل فلينتقل إلى الموعظة بالتحشيم وفي الخلاء فإن لم يقبل ففي حضرة من يستحي منه الموعوظ فهذا أدب الله في أمره بالقول واللين وكان صلى الله عليه وسلم لا يواجه بالموعظة لكن كان يقول ما بال أقوام يفعلون كذا وقد أثنى عليه الصلاة والسلام على الرفق وامر بالتيسير ونهى عن التنفير وكان يتخول بالموعظة خوف الملل وقال تعالى ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك وأما الغلظة والشدة فإنما تجب في حد من حدود الله تعالى فلا لين في ذلك للقادر على إقامة الحد خاصة ومما ينجع في الوعظ أيضا الثناء بحضرة المسيء على من فعل خلاف فعله فهذا داعية إلى عمل الخير وما أعلم لحب المدح فضلا إلا هذا وحده وهو أن يقتدي به من يسمع الثناء ولهذا يجب أن تؤرخ الفضائل والرذائل لينفر سامعها عن القبيح المأثور عن غيره ويرغب في الحسن المنقول عمن تقدمه ويتعظ بما سلف تأملت كل ما دون السماء وطالت فيه فكرتي فوجدت كل شيء فيه من حي وغير حي من طبعه ان قوي ان يخلع عن غيره من الانواع كيفياته ويلبسه صفاته فترى الفاضل يود لو كان الناس فضلاء وترى الناقص يود لو كان الناس نقصاء وترى كل من ذكر شيئا يحض عليه يقول وأنا أفعل أمرا كذا وكل ذي مذهب يود لو كان الناس موافقين له وترى ذلك في العناصر إذا قوي بعضها على بعض أحاله إلى نوعيته وترى ذلك في تركيب الشجر وفي تغذي النبات والشجر بالماء ورطوبة الأرض وإحالتهما ذلك إلى نوعيتها فسبحان مخترع ذلك ومدبره لا إله إلا هو من عجيب قدرة الله تعالى كثرة الخلق ثم لا ترى أحدا يشبه آخر شبها لا يكون بينهما فيه فرق وقد سألت من طال عمره وبلغ الثمانين عاما هل رأى الصور في ما خلا مشبهة لهذه شبها واحدا فقال لي لا بل لكل صورة فرقها وهكذا كل ما في العالم يعرف ذلك من تدبر الآلات وجميع الأجسام المركبات وطال تكرر بصره عليها فإنه حينئذ يميز ما بينها ويعرف بعضها من بعض بفروق فيها تعرفها النفس ولا يقدر أحد يعبر عنها بلسانه فسبحان العزيز الحكيم الذي لا تتناهى مقدوراته من عجائب الدنيا قوم غلبت عليهم آمال فاسدة لا يحصلون منها إلا على إتعاب النفس عاجلا ثم الهم والاثم آجلا كمن يتمنى غلاء الأقوات التي في غلائها هلاك الناس وكمن يتمنى بعض الأمور التي فيها الضرر لغيره وإن كانت له فيها منفعة فإن تأميله ما يؤمل من ذلك لا يجعل له ذلك قبل وقته ولا يأتيه من ذلك بما ليس في علم الله تعالى تكونه فلو تمنى الخير والرخاء لتعجل الأجر والراحة والفضيلة ولم يتعب نفسه طرفة عين فما فوقها فاعجبوا لفساد هذه الأخلاق بلا منفعة
العقل والراحة
وهو اطراح المبالاة بكلام الناس واستعمال المبالاة بكلام الخالق عز وجل بل هذا باب العقل والراحة كلها من قدر أنه يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو مجنون من حقق النظر وراض نفسه على السكون إلى الحقائق وإن آلمتها في أول صدمة كان اغتباطه بذم الناس إياه أشد وأكثر من اغتباطه بمدحهم إياه لأن مدحهم إياه إن كان بحق وبلغه مدحهم له أسرى ذلك فيه العجب فأفسد بذلك فضائله وإن كان بباطل فبلغه فسره فقد صار مسرورا بالكذب وهذا نقص شديد وأما ذم الناس إياه فإن كان بحق فبلغه فربما كان ذلك سببا إلى تجنبه ما يعاب عليه وهذا حظ عظيم لا يزهد فيه إلا ناقص وإن كان بباطل وبلغه فصبر اكتسب فضلا زائدا بالحلم والصبر وكان مع ذلك غانما لأنه يأخذ حسنات من ذمه بالباطل فيحظى بها في دار الجزاء أحوج ما يكون إلى النجاة بأعمال لم يتعب فيها ولا تكلفها وهذا حظ عظيم لا يزهد فيه إلا مجنون وأما إن لم يبلغه مدح الناس إياه فكلامهم وسكوتهم سواء وليس كذلك ذمهم إياه لأنه غانم للأجر على كل حال بلغه ذمهم أو لم يبلغه ولولا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثناء الحسن ذلك عاجل بشرى المؤمن لوجب أن يرغب العاقل في الذم بالباطل أكثر من رغبته في المدح بالحق ولكن إذ جاء هذا القول فإنما تكون البشرى بالحق لا بالباطل فإنما تجب البشرى بما في الممدوح لا بنفس المدح ليس بين الفضائل والرذائل ولا بين الطاعات والمعاصي إلا نفار النفس وأنسها فقط فالسعيد من أنست نفسه بالفضائل والطاعات ونفرت من الرذائل والمعاصي والشقي من أنست نفسه بالرذائل والمعاصي ونفرت من الفضائل والطاعات وليس ها هنا إلا صنع الله تعالى وحفظه طالب الآخرة ليفوز في الآخرة متشبه بالملائكة وطالب الشر متشبه بالشياطين وطالب الصوت والغلبة متشبه بالسباع وطالب اللذات متشبه بالبهائم وطالب المال لعين المال لا لينفقه في الواجبات والنوافل المحمودة أسقط وأرذل من أن يكون له في شيء من الحيوان شبه ولكنه يشبه الغدران التي في الكهوف في المواضع الوعرة لا ينتفع بها شيء من الحيوان فالعاقل لا يغتبط بصفة يفوقه فيها سبع أو بهيمة أو جماد وإنما يغتبط بتقدمه في الفضيلة التي أبانه الله تعالى بها عن السباع والبهائم والجمادات وهي التمييز الذي يشارك فيه الملائكة فمن سر بشجاعته التي يضعها في غير موضعها لله عز وجل فليعلم أن النمر أجرأ منه وأن الأسد والذئب والفيل أشجع منه ومن سر بقوة جسمه فليعلم أن البغل والثور والفيل أقوى منه جسما ومن سر بحمله الأثقال فليعلم أن الحمار أحمل منه ومن سر بسرعة عدوه فليعلم أن الكلب والأرنب أسرع عدوا منه ومن سر بحسن صوته فليعلم أن كثيرا من الطير أحسن صوتا منه وأن أصوات المزامير ألذ وأطرب من صوته فأي فخر وأي سرور في ما تكون فيه هذه البهائم متقدمة عليه لكن من قوي تمييزه واتسع علمه وحسن عمله فليغتبط بذلك فإنه لا يتقدمه في هذه الوجوه إلا الملائكة وخيار الناس قول الله تعالى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى جامع لكل فضيلة لأن نهي النفس عن الهوى هو ردعها عن الطبع الغضبي وعن الطبع الشهواني لأن كليهما واقع تحت موجب الهوى فلم يبق إلا استعمال النفس للنطق الموضوع فيها الذي به بانت عن البهائم والحشرات والسباع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي استوصاه لا تغضب وأمره عليه السلام أن يحب المرء لغيره ما يحب لنفسه جامعان لكل فضيلة لأن في نهيه عن الغضب ردع النفس ذات القوة الغضبية عن هواها وفي أمره عليه السلام أن يحب المرء لغيره ما يحب لنفسه ردع النفس عن القوة الشهوانية وجمع لأزمة العدل الذي هو فائدة النطق الموضوع في النفس الناطقة رأيت أكثر الناس إلا من عصم الله تعالى وقليل ما هم يتعجلون الشقاء والهم والتعب لأنفسهم في الدنيا ويحتقبون عظيم الإثم الموجب للنار في الآخرة بما لا يحظون معه بنفع أصلا من نيات خبيثة يضبون عليها من تمني الغلاء المهلك للناس وللصغار ومن لا ذنب له وتمني أشد البلاء لمن يكرهونه وقد علموا يقينا أن تلك النيات الفاسدة لا تعجل لهم شيئا مما يتمنونه أو يوجب كونه وأنهم لو صفوا نياتهم وحسنوها لتعجلوا الراحة لأنفسهم وتفرغوا بذلك لمصالح أمورهم ولاقتنوا بذلك عظيم الأجر في المعاد من غير أن يؤخر ذلك شيئا مما يريدونه أو يمنع كونه فأي غبن أعظم من هذه الحال التي نبهنا عليها وأي سعد أعظم من التي دعونا إليها إذا حققت مدة الدنيا لم تجدها إلا الآن الذي هو فصل الزمانين فقط وأما ما مضى وما لم يأت فمعدومان كما لم يكن فمن أضل ممن يبيع باقيا خالدا بمدة هي أقل من كر الطرف إذا نام المرء خرج عن الدنيا ونسي كل سرور وكل حزن فلو رتب نفسه في يقظته على ذلك أيضا لسعد السعادة التامة من أساء إلى أهله وجيرانه فهو أسقطهم ومن كافأ من أساء إليه منهم فهو مثلهم ومن لم يكافئهم بإساءتهم فهو سيدهم وخيرهم وأفضلهم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
الاخلاق والسير الأخلاق والعادات العقل والراحة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وإن العقل ليعجز عن تحديد كمال طلاقة قدرات الله عز وجل وإن العقل ليعجز أن يحصي تمام نعمة الله عز وجل وإن العقل ليعجز أن يحيط بشيء من كمال علم الله عز وجل إلا بإذن الله عز وجل
» إن ما يكشفه الحق سبحانه لنا بكل لحظة من أسرار كونه وما به من دقة صنعه وإحكام خلقه ليزيدنا إيمانا بأن طلاقة قدرة الله فوق كمال قدرات العقول وإن العقل ليعجز عن تحديد كمال طلاقة قدرات الله عز وجل وإن العقل ليعجز أن يحصي تمام نعمة الله عز وجل وإن العقل-الخ
» مداواة النفوس أدواء الأخلاق
» وكلمة {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ...} [العنكبوت: 26] حين نتتبع كلمة آمن في القرآن الكريم نجد أنها تدور حول الأمن والطمأنينة والراحة والهدوء، لكنها تختلف في المدلولات حسب اختلاف موقعها الإعرابي،
» أن العقل مثل آلة(الفوتوغرافيا) يلتقط المعلومة -}الأحزاب-- يتبع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: ;"> >>> خواطر دينية <<<
 ::  قسم المواضيع العامة وأخرى - طلب الوصال , تفسير سورة القدر , أهل الإيمان واليقين والتقى
-
انتقل الى: