مقدمة أسباب ورود الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله مسبب الأسباب ومسير السحاب والصلاة والسلام على سيدنا محمد والآل والأصحاب وبعد فإن من أنواع علوم الحديث معرف أسبابه كأسباب نزول القرآن وقد صنف فيه الأئمة كتبا في اسباب نزول القرآن واشتهر منها كتاب الواحدي ولي فيه تأليف جامع يسمى لباب النقول في أسباب النزول وأما أسباب الحديث فألف فيه بعض المتقدمين ولم نقف عليه وإنما ذكروه في ترجمته وذكره الحافظ أبو الفضل ابن حجر في شرح النخبة وقد أحببت أن أجمع فيه كتابا فتتبعت جوامع الحديث والتقطت منها نبذا وجمعتها في هذا الكتاب والله الموفق والهادي للصواب فصل قال شيخ الاسلام سراج الدين البلقيني في كتابه محاسن الاصطلاح النوع التاسع والستون معرفة اسباب الحديث قال الشيخ أبو الفتح القشيري المشهور بابن دقيق العيد رحمه الله في شرح العمدة في الكلام على حديث إنما الأعمال بالنيات في البحث التاسع شرع بعض المتأخرين من أهل الحديث في تصنيف أسباب الحديث كما صنف في اسباب النزول للكتاب العزيز فوقفت من ذلك على شيء يسير له وحديث إنما الأعمال بالنيات يدخل في هذا القبيل وينضم إلى ذلك نظائر كثيرة لمن قصد تتبعه هذا كلام الشيخ قال البلقيني وأعلم أن السبب قد ينقل في الحديث كما في حديث سؤال جبريل عن الاسلام والاحسان وغيرها وحديث القلتين سئل عن الماء يكون بالفلاة وما ينوبه من السباع والدواب وحديث الشفاعة سببه قوله صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم ولا فخر وحديث سؤال النجدي وحديث صل فإنك لم تصل وحديث خذي فرصة من مسك وحديث السؤال عن دم الحيض يصيب الثوب وحديث السائل أي الاعمال أفضل وحديث سؤال أي الذنب أكبر وذلك كثير وقد لا ينقل السبب في الحديث أو ينقل في بعض طرقه فهو الذي ينبغي الاعتناء به ومن ذلك حديث أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث زيد بن ثابت وقد ورد في بعض الاحاديث على سؤال سائل وهو ما أسنده ابن ماجه في سننه والترمذي في الشمائل من حديث عبد الله بن سعد قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أفضل الصلاة في بيتي او الصلاة في المسجد قال ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد فلأن أصلي في بيت أحب إلي من أن أصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة ثم ذكر البلقيني عدة أمثلة وقال وما ذكر في هذا النوع من الأسباب قد يكون ما ذكر عقب ذلك السبب من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم أول ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت وقد يكون تكلم به قبل ذلك لنحو ذلك السبب أو لا لسبب وقد يتعين أن يكون أول ما تكلم به في ذلك الوقت لأمور وتظهر للعارف بهذا الشأن وفي ابواب الشريعة والقصص وغيرها أحاديث لها أسباب يطول شرحها وما ذكرناه أنموذج لمن يريد أن يعرف ذلك ومدخل لمن يريد أن يضيف مبسوطا في ذلك والمرجو من الله سبحانه وتعالى الاعانة على مبسوط فيه بفضله وكرمه وقال ابن المقلن في شرح العمدة اعلم ان بعض المتأخرين من أهل الحديث شرع في تصنيف أسباب الحديث كذا عزاه الشيخ عز الدين لبعض المتأخرين وعزاه ابن العطار في شرحه إلى ابن الجوزي وسمعت ممن يذكر أن عبد الغني بن سعيد الحافظ صنف فيه تصنيفا قدر العمدة ومن تتبع الأحاديث قدر على إخراج جملة منها أن وأرجو ان أتصدى له إن شاء الله تعالى انتهى