منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
 تفسير سورة البقرة -  من آية 104 - إلى نهاية الآية 113   I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة البقرة -  من آية 104 - إلى نهاية الآية 113   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة البقرة -  من آية 104 - إلى نهاية الآية 113   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
 تفسير سورة البقرة -  من آية 104 - إلى نهاية الآية 113   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
 تفسير سورة البقرة -  من آية 104 - إلى نهاية الآية 113   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
 تفسير سورة البقرة -  من آية 104 - إلى نهاية الآية 113   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
 تفسير سورة البقرة -  من آية 104 - إلى نهاية الآية 113   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
 تفسير سورة البقرة -  من آية 104 - إلى نهاية الآية 113   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
 تفسير سورة البقرة -  من آية 104 - إلى نهاية الآية 113   I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

  تفسير سورة البقرة - من آية 104 - إلى نهاية الآية 113

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 74
الدولـة : jordan

 تفسير سورة البقرة -  من آية 104 - إلى نهاية الآية 113   Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البقرة - من آية 104 - إلى نهاية الآية 113     تفسير سورة البقرة -  من آية 104 - إلى نهاية الآية 113   I_icon_minitimeالسبت مارس 16, 2013 1:32 pm

يَاأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انْظُرْنَا وَاسْمَعُواْ وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * مّا يَوَدّ الّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزّلَ عَلَيْكُمْ مّنْ خَيْرٍ مّن رّبّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ



نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقامهم وفعالهم، وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص، عليهم لعائن الله فإذا أرادوا أن يقولوا اسمع لنا يقولون راعنا ويورون بالرعونة كما قال تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا لياً بألسنتهم وطعناً في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم، ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلاً}، وكذلك جاءت الأحاديث بالأخبار عنهم بأنهم كانوا إذا سلموا إنما يقولون السام عليكم، والسام هو الموت، ولهذا أمرنا أن نرد عليهم بـ «وعليكم»، وإِنما يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا، والغرض أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولاً وفعلاً، فقال {ياأيها الذين آمنوا لاتقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم}. وقال الإمام أحمد: أخبرنا أبو النضر أخبرنا عبد الرحمن بن ثابت أخبرنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم». وروى أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن أبي شيبة عن أبي النضير هاشم أخبرنا ابن القاسم به «من تشبه بقوم فهو منهم» ففيه دلالة على: النهي الشديد والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نقر عليها. وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي أخبرنا نعيم بن حماد أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا مسعر عن معن وعون أو أحدهما أن رجلاً أتى عبد الله بن مسعود فقال اعهد إلي، فقال: إذا سمعت الله يقول: {ياأيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه. وقال الأعمش عن خيثمة قال ما تقرؤون في القرآن {ياأيها الذين آمنوا} فإِنه في التوراة ياأيها المساكين. وقال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس {راعنا} أي أرعنا سمعك. وقال الضحاك: عن ابن عباس {ياأيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا} قال: كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : أرعنا سمعك وإنما راعنا كقولك عاطنا. وقال ابن أبي حاتم وروي عن أبي العالية وأبي مالك والربيع بن أنس، وعطية العوافي وقتادة نحو ذلك، وقال مجاهد: {لا تقولوا راعنا} لا تقولوا خلافاً، وفي رواية لا تقولوا اسمع منا ونسمع منك. وقال عطاء لا تقولوا {راعنا}، كانت لغة تقولها الأنصار، فنهى الله عنها، وقال الحسن: {لا تقولوا راعنا}، قال الراعن من القول السخري منه، نهاهم الله أن يسخروا من قول محمد صلى الله عليه وسلم ، وما يدعوهم إليه من الإسلام. وكذا روي عن ابن جريج، أنه قال مثله، وقال أبو صخر: {لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا أدبر ناداه من كانت له حاجة من المؤمنين، فيقول أرعنا سمعك، فأعظم الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقال ذلك له. وقال السدي: كان رجل من اليهود من بني قينقاع يدعى رفاعة بن زيد يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فإِذا لقيه فكلمه قال: أرعني سمعك واسمع غير مسمع، وكان المسلمون يحسبون أن الأنبياء كانت تفخم بهذا، فكان ناس منهم يقولون: اسمع غير مسمع غير صاغر، وهي كالتي في سورة النساء، فتقدم الله إلى المؤمنين أن لا يقولوا راعنا وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم بنحو من هذا. قال ابن جرير: والصواب من القول في ذلك لنبيه صلى الله عليه وسلم ، نظير الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم راعنا. لأنها كلمة كرهها الله تعالى أن يقولها لنبيه صلى الله عليه وسلم ، نظير الذي ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقولوا للعنب الكرم ولكن قولوا الحبلة ولا تقولوا عبدي ولكن قولوا فتاي» وما أشبه ذلك. وقوله تعالى: {مايود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم} يبين بذلك تعالى شدة عداوة الكافرين من أهل الكتاب والمشركين، الذين حذر الله تعالى من مشابهتهم للمؤمنين، ليقطع المودة بينهم وبينهم، ونبه تعالى على ما أنعم به على المؤمنين من الشرع التام الكامل الذي شرعه لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث يقول تعالى: {والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم}



مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ



قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {ما ننسخ من آية} ما نبدل من آية، وقال ابن جريج عن مجاهد {ما ننسخ من آية} أي ما نمحو من آية، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد {ما ننسخ من آية} قال نثبت خطها ونبدل حكمها، حدث به عن أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم. وقال ابن أبي حاتم: وروي عن أبي العالية ومحمد بن كعب القرظي نحو ذلك، وقال الضحاك {ما ننسخ من آية} ما ننسك، وقال عطاء أما {ما ننسخ}، فما نترك من القرآن. وقال ابن أبي حاتم: يعني ترك فلم ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم . وقال السدي {ما ننسخ من آية} نسخها قبضها وقال ابن أبي حاتم: يعني قبضها ورفعها، مثل قوله «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة»، وقوله «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثاً» وقال ابن جرير: {ما ننسخ من آية}، ما ننقل من حكم آية إلى غيره، فنبدله ونغيره، وذلك أن نحول الحلال حراماً، والحرام حلالاً، والمباح محظوراً، والمحظور مباحاً، ولا يكون ذلك، إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع والإباحة، فأماالأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ، وأصل النسخ من نسخ الكتاب وهو نقله من نسخة إلى أخرى غيرها، فكذلك معنى نسخ الحكم إلى غيره إنما هو تحويله ونقل عبارة إلى غيرها وسواء نسخ حكمها أو خطها، إذ هي كلتا حالتيها منسوخة. وأما علماء الأصول، فاختلفت عباراتهم في حد النسخ والأمر في ذلك قريب، لأن معنى النسخ الشرعي معلوم عند العلماء ولحظ بعضهم أن رفع الحكم بدليل شرعي متأخر. فاندرج في ذلك نسخ الأخف بالأثقل وعكسه والنسخ لا إلى بدله، وأما تفاصيل أحكام النسخ وذكر أنواعه وشروطه فمبسوطة، في أصول الفقه. وقال الطبراني: أخبرنا أبو سنبل عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد، أخبرنا أبي أخبرنا العباس بن الفضل، عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانا يقرآن بها، فقاما ذات ليلة يصليان، فلم يقدرا منها على حرف، فأصبحا غاديين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرا ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها مما نسخ وأنسي، فالهوا عنها، فكان الزهري يقرؤها: {ما ننسخ من آية أو ننسها}، بضم النون الخفيفة، سليمان بن الأرقم ضعيف. وقد روى أبو بكر بن الأنباري عن أبيه عن نصر بن داود عن أبي عبيد الله عن عبد الله بن صالح عن الليث عن يونس وعقيل عن ابن شهاب عن أمامة بن سهل بن حنيف، مثله مرفوعاً، ذكره القرطبي، وقوله تعالى: {أو ننسها}، فقرىء على وجهين، ننسأها وننسها، فأما من قرأها بفتح النون والهمزة بعد السين فمعناه نؤخرها. قال علي ابن أبي طلحة: عن ابن عباس، {ما ننسخ من آية أو ننسأها}، يقول ما نبدل من آية أو نتركها لا نبدلها، وقال مجاهد عن أصحاب ابن مسعود: أو ننسأها، نثبت خطها ونبدل حكمها، وقال عبد بن عمير ومجاهد وعطاء أو ننسأها، نؤخرها ونرجئها. وقال عطية العوفي: أو ننسأها، نؤخرها فلا ننسخها، وقال السدي: مثله أيضاً وكذا الربيع بن أنس، وقال الضحاك: {ما ننسخ من آية أو ننسأها}، يعني الناسخ والمنسوخ. وقال أبو العالية: {ما ننسخ من آية أو ننسأها} نؤخرها عندنا، وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا عبيد الله بن إسماعيل البغدادي، أخبرنا خلف، أخبرنا الخفاف، عن إسماعيل يعني ابن أسلم، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: خطبنا عمر رضي الله عنه، فقال: يقول الله عز وجل: {ما ننسخ من آية أو ننسأها}، أي نؤخرها، وأما على قراءة {أو ننسها}، فقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {ما ننسخ من آية أو ننسها}، قال كان الله عز وجل: ينسي نبيه صلى الله عليه وسلم ما يشاء، وينسخ ما يشاء

وقال ابن جرير: أخبرنا سواد بن عبد الله، أخبرنا خالد بن الحارث، أخبرنا عوف، عن الحسن أنه قال: في قوله: {أو ننسها} قال: إِن نبيكم صلى الله عليه وسلم ، قرأ علينا قرآناً ثم نسيه، وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي أخبرنا ابن نفيل، أخبرنا محمد بن الزبير الحراني، عن الحجاج يعني الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان مما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم ، الوحي بالليل وينساه بالنهار، فأنزل الله عز وجل: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها}، قال ابن أبي حاتم: قال لي أبو جعفر بن نفيل، ليس هو الحجاج بن أرطاة هو شيخ لنا جزري، وقال عبيد بن عمير: {أو ننسها} نرفعها من عندكم، وقال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم، أخبرنا هشيم، عن يعلى بن عطاء عن القاسم بن ربيعة، قال سمعت سعد بن أبي وقاص يقرأ {ما ننسخ من آية أو ننسها} قال: قلت له فإن سعيد بن المسيب يقرأ {أو ننسها} قال: قال سعد: إن القرآن، لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب، قال: قال الله جل ثناؤه: {سنقرئك فلا تنسى} {واذكر ربك إذا نسيت}، وكذا رواه عبد الرزاق عن هشيم، وأخرجه الحاكم في مستدركه، من حديث أبي حاتم الرازي، عن آدم عن شعبة عن يعلى بن عطاء به، وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه. قال ابن أبي حاتم وروى عن محمد بن كعب وقتادة وعكرمة نحو قول سعيد. وقال الإمام أحمد: أخبرنا يحيى أخبرنا سفيان الثوري: عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: قال عمر: علي أقضانا وأبي أقرؤنا، وإنا لندع من قول أبي، وذلك أن أبيا يقول: ما أدع شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله يقول: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها}، قال البخاري: أخبرنا يحيى أخبرنا سفيان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: قال عمر: أقرؤنا أبيّ وأقضانا علي، وإِنا لندع من قول أبي، وذلك أن أبيا يقول: لا أدع شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله: {ما ننسخ من آية أو ننسها} وقوله: {نأت بخير منها أو مثلها}، أي في الحكم بالنسبة إلى مصلحة المكلفين، كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس {نأت بخير منها} ويقول خير لكم في المنفعة وأرفق بكم. وقال أبو العالية: {ما ننسخ من آية} فلا نعمل بها {أو ننسأها}، أي نرجئها عندنا نأت بها أو نظيرها، وقال السدي {نأت بخير منها أو مثلها} يقول: نأت بخير من الذي نسخناه أو مثل الذي تركناه. وقال قتادة: {نأت بخير منها أو مثلها} يقول: آية فيها تخفيف فيها رخصة فيها أمر فيها نهي، وقوله: {ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير * ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير}، يرشد عباده تعالى بهذا، إلى أنه المتصرف في خلقه، بما يشاء، فله الخلق والأمر وهو المتصرف، فكما خلقهم كما يشاء، ويسعد من يشاء، ويشقي من يشاء ويصح من يشاء ويمرض من يشاء، ويوفق من يشاء، ويخذل من يشاء كذلك يحكم في عباده بما يشاء، فيحل ما يشاء ويحرم ما يشاء ويبيح ما يشاء ويحظر ما يشاء وهو الذي يحكم ما يريد لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، ويختبر عباده وطاعتهم لرسله بالنسخ، فيأمر بالشيء لما فيه من المصحلة التي يعلمها تعالى، ثم ينهى عنه لما يعلمه تعالى فالطاعة كل الطاعة في امتثال أمره واتباع رسله في تصديق ما أخبروا، وامتثال ما أمروا، وترك ما عنه زجروا وفي هذا المقام رد عظيم وبيان بليغ لكفر اليهود وتزييف شبهتهم لعنهم الله، في دعوى استحالة النسخ، إما عقلاً كما زعمه بعضهم جهلاً وكفراً، وإما نقلاً كما تخرصه آخرون منهم افتراء وإفكا، قال الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله: فتأويل الاَية: ألم تعلم يا محمد، أن لي ملك السموات والأرض وسلطانها دون غيري، أحكم فيهما وفيما فيهما بما أشاء، وآمر فيهما وفيما فيهما بماأشاء، وأنهى عما أشاء، وأنسخ وأبدل وأغير، من أحكامي التي أحكم بها في عبادي، بما أشاء إذ أشاء، وأقر فيهما ما أشاء، ثم قال: وهذا الخبر وإن كان خطاباً من الله تعالى، لنبيه صلى الله عليه وسلم على وجه الخبر، عن عظمته فإنه منه جل ثناؤه تكذيب لليهود، الذين أنكروا نسخ أحكام التوراة وجحدوا نبوة عيسى ومحمد عليهما الصلاة السلام، لمجيئهما بما جاءا به من عند الله، بتغيير ما غير الله من حكم التوراة، فأخبرهم الله أن له ملك السموات والأرض وسلطانهما، وأن الخلق أهل مملكته، وطاعته وعليهم السمع والطاعة لأمره ونهيه، وأن له أمرهم بما يشاء ونهيهم عما يشاء، ونسخ ما يشاء، وإقرار ما يشاء، وإنشاء ما يشاء من إقراره وأمره ونهيه، (قلت) الذي يحمل اليهود على البحث في مسألة النسخ، إنما هو الكفر والعناد، فإنه ليس في العقل ما يدل على امتناع النسخ في أحكام الله تعالى، لأنه يحكم ما يشاء، كما أنه يفعل ما يريد، مع أنه قد وقع ذلك في كتبه المتقدمة وشرائعه الماضية، كما أحل لاَدم تزويج بناته من بنيه، ثم حرم ذلك، وكما أباح لنوح، بعد خروجه من السفينة أكل جميع الحيوانات، ثم نسخ حل بعضها، وكان نكاح الأختين مباحاً لإسرائيل وبنيه، وقد حرم ذلك في شريعة التوراة وما بعدها، وأمر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده، ثم نسخه قبل الفعل، وأمر جمهور بني إسرائيل بقتل من عبد العجل منهم، ثم رفع عنهم القتل كيلا يستأصلهم القتل، وأشياء كثيرة يطول ذكرها وهم يعترفون بذلك ويصدفون عنه وما يجاب به عن هذه الأدلة بأجوبة لفظية فلا يصرف الدلالة في المعنى، إذ هو المقصود، وكما في كتبهم مشهوراً من البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم والأمر باتباعه، فإنه يفيد وجوب متابعته عليه الصلاة والسلام، وأنه لا يقبل عمل إلا على شريعته، وسواء قيل إن الشرائع المتقدمة مغيّاة إلى بعثه عليه السلام، فلا يسمى ذلك نسخاً لقوله: {ثم أتموا الصيام إلى الليل}، وقيل: إنها مطلقة، وإن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم نسختها، فعلى كل تقدير فوجوب متابعته متعين، لأنه جاء بكتاب وهو آخر الكتب عهداً با لله تبارك وتعالى، ففي هذا المقام بين تعالى جواز النسخ، رداً على اليهود عليهم لعنة الله، حيث قال تعالى: {ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ؟ * ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض} الاَية، فكما أن له الملك بلا منازع، فكذلك له الحكم بما يشاء، {ألا له الخلق والأمر}وقرىء في سورة آل عمران، التي نزل في صدرها خطاباً مع أهل الكتاب، وقوع النسخ في قوله تعالى: {كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه} الاَية، كما سيأتي تفسيره والمسلمون كلهم متفقون على جواز النسخ في أحكام الله تعالى، لما له في ذلك من الحكمة البالغة، وكلهم قال بوقوعه، وقال أبو مسلم الأصبهاني المفسر: لم يقع شيء من ذلك في القرآن، وقوله ضعيف مردود مرذول، وقد تعسف في الأجوبة عما وقع من النسخ، فمن ذلك قضية العدة بأربعة أشهر وعشر بعد الحول، لم يجب عن ذلك بكلام مقبول، وقضية تحويل القبلة إلى الكعبة. عن بيت المقدس لم يجب بشيء، ومن ذلك نسخ مصابرة المسلم لعشرة من الكفرة إلى مصابرة الاثنين، ومن ذلك نسخ وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، والله أعلم



أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىَ مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلّ سَوَآءَ السّبِيلِ



نهى الله تعالى المؤمنين في هذه الاَية الكريمة، عن كثرة سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الأشياء قبل كونها كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدلكم} أي وإن تسألوا عن تفصيلها بعد نزولها تبين لكم، ولا تسألوا عن الشيء قبل كونه فلعله أن يحرم من أجل تلك المسألة، ولهذا جاء في الصحيح: «إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته» ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد مع امرأته رجلاً، فإن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها، ثم أنزل الله حكم الملاعنة، ولهذا ثبت في الصحيحين، من حديث المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال. وفي صحيح مسلم «ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإن نهيتكم عن شيء فاجتنبوه» وهذا إنما قاله بعد ما أخبرهم، «أن الله كتب عليهم الحج، فقال رجل أكل عام: يا رسول الله ؟ فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا، ثم قال عليه السلام: «لا، ولو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لما استطعتم»، ثم قال «ذروني ما تركتكم» الحديث، ولهذا قال أنس بن مالك: نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يأتي الرجل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع. وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده: أخبرنا أبو كريب، أخبرنا إسحاق بن سليمان، عن أبي سنان عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب، قال: إن كان ليأتي عليّ السنة، أريد أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشيء، فأتهيب منه وإن كنا لنتمنى الأعراب. وقال البزار: أخبرنا محمد بن المثنى، أخبرنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: ما رأيت قوماً خيراً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسألة كلها في القرآن {يسألونك عن الخمر والميسر ـ و ـ يسألونك عن الشهر الحرام ـ ويسألونك عن اليتامى}، يعني هذا وأشباهه

وقوله تعالى: {أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل}و أي بل تريدون، أو هي على بابها في الاستفهام، وهو إنكاري، وهو يعمّ المؤمين والكافرين، فإنه عليه السلام رسول الله إلى الجميع، كما قال تعالى: {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك، فقالوا: أرنا الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم}، قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابنعباس، قال: قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد: يا محمد، ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه، وفجر لنا أنهاراً نتبعك ونصدقك، فأنزل الله من قولهم، {أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ؟ ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل}

وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى: {أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل} قال: قال رجل: يا رسول الله، لو كانت كفارتنا ككفارات بني إسرائيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «اللهم لا نبغيها ـ ثلاثاً ـ ما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل، كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها، فإن كفرها كانت له خزياً في الدنيا وإن لم يكفرها كانت له خزياً في الاَخرة، فما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل»، قال {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً}، وقال « الصلوات الخمس ومن الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن» وقال: «من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه، وإن عملها كتبت سيئة واحدة، ومن همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة واحدة، وإن عملها كتبت له عشر أمثالها، ولا يهلك على الله إلا هالك»، فأنزل الله: {أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل}، وقال مجاهد: {أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل}، أن يريهم الله جهرة، قال: سألت قريش محمداً صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً، قال: «نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل»، فأبوا ورجعوا، وعن السدي وقتادة نحو هذا، والله أعلم، والمراد أن الله ذم من سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء على وجه التعنت والاقتراح، كما سألت بنو إسرائيل موسى عليه السلام تعنتاً وتكذيباً وعناداً. قال الله تعالى: {ومن يتبدل الكفر بالإيمان}، أي ومن يشتر الكفر بالإيمان {فقد ضل سواء السبيل} أي فقد خرج عن الطريق المستقيم إلى الجهل والضلال. وهكذا حال الذين عدلوا عن تصديق الأنبياء، واتباعهم والانقياد لهم إلى مخالفتهم وتكذيبهم، والاقتراح عليهم بالأسئلة التي لا يحتاجون إليها على وجه التعنت والكفر، كما قال تعالى: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار}، وقال أبو العالية: يتبدل الشدة بالرخاء



وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَمَا تُقَدّمُواْ لأنْفُسِكُم مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ



يحذر تعالى: عباده المؤمنين عن سلوك طريق الكفار من أهل الكتاب، ويعلمهم بعداوتهم لهم في الباطن والظاهر، وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين، مع علمهم بفضلهم وفضل نبيهم، ويأمر عباده المؤمنين بالصفح والعفو والاحتمال، حتى يأتي أمر الله من النصر والفتح، ويأمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ويحثهم على ذلك ويرغبهم فيه، كما قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال: كان حيّ بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب، من أشد يهود للعرب حسداً، إذ خصهم الله برسوله صلى الله عليه وسلم ، وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام ما استطاعا، فأنزل الله فيهما {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم} الاَية. وقال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، في قوله تعالى: {ود كثير من أهل الكتاب} قال: هو كعب بن الأشرف، وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي أخبرنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً، وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه أنزل الله {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم} إلى قوله {فاعفوا واصفحوا}، وقال الضحاك: عن ابن عباس، أن رسولاً أمياً يخبرهم بما في أيديهم من الكتب والرسل والاَيات، ثم يصدق بذلك كله مثل تصديقهم، ولكنهم جحدوا ذلك كفراً وحسداً وبغياً، وكذلك قال الله تعالى: {كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق} يقول من بعد ما أضاء لهم الحق، لم يجهلوا منه شيئاً، ولكن الحسد حملهم على الجحود، فعيرهم ووبخهم ولامهم أشد الملامة، وشرع لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، ما هم عليه من التصديق والإيمان والإقرار بما أنزل الله عليهم، وما أنزل من قبلهم، بكرامته وثوابه الجزيل ومعونته لهم وقال الربيع بن أنس {من عند أنفسهم} من قبل أنفسهم، وقال أبو العالية {من بعد ما تبين لهم الحق}، من بعد ما تبين أن محمداً رسول الله، يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، فكفروا به حسداً وبغياً، إذ كان من غيرهم، وكذا قال قتادة والربيع بن أنس، وقوله: {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره}، مثل قوله تعالى: {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثراً} الاَية، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله، {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره}، نسخ ذلك قوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}، وقوله: {وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاَخر}، إلى قوله {وهم صاغرون}، فنسخ هذا عفوه عن المشركين، وكذا قال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة والسدي، إنها منسوخة بآية السيف، ويرشد إلى ذلك أيضاً قوله تعالى: {حتى يأتي الله بأمره}، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي: أخبرنا أبو اليمان أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني عروة بن الزبير أن أسامة بن زيد أخبره قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب، كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى. قال الله تعالى: {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير} وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتأول من العفو ما أمره الله به، حتى أذن الله فيهم بالقتل، فقتل الله به من قتل من صناديد قريش، وهذا إسناده صحيح ولم أره في شيء من الكتب الستة، ولكن له أصل في الصحيحين عن أسامة بن زيد. وقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله}، يحثهم تعالى على الاشتغال بما ينفعهم، وتعود عليهم عاقبته يوم القيامة، من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، حتى يمكن لهم الله النصر في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، {يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار}، ولهذا قال تعالى: {إن الله بما تعملون بصير}، يعني أنه تعالى لا يغفل عن عمل عامل، ولا يضيع لديه سواء كان خيراً أو شراً، فإنه سيجازي كل عامل بعمله. وقال أبو جعفر بن جرير: في قوله تعالى: {إن الله بما تعملون بصير}، هذا الخبر من الله للذين خاطبهم بهذه الاَيات من المؤمنين، إنهم مهما فعلوا من خير أو شر، سراً وعلانية، فهو به بصير لا يخفى عليه منه شيء، فيجزيهم بالإحسان خيراً، وبالإساءة مثلها، وهذا الكلام وإن كان قد خرج مخرج الخبر، فإن فيه وعداً ووعيداً وأمراً وزجراً، وذلك أنه أعلم القوم، أنه بصير بجميع أعمالهم، ليجدوا في طاعته إذ كان ذلك مذخوراً لهم عنده، حتى يثيبهم عليه، كما قال تعالى: {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله}، وليحذروا معصيته، قال: وأما قوله {بصير} فإنه مبصر، صرف إلى بصير، كما صرف مبدع إلى بديع، ومؤلم إلى أليم، والله أعلم. وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبو زرعة، أخبرنا ابن بكير، حدثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يقرأ هذه الاَية: سميع بصير، يقول «بكل شيء بصير»



وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنّةَ إِلاّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىَ تِلْكَ أَمَانِيّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلَىَ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النّصَارَىَ عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النّصَارَىَ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ



يبين تعالى اغترار اليهود والنصارى بما هم فيه، حيث ادعت كل طائفة من اليهود والنصارى، أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتها، كما أخبر الله عنهم في سورة المائدة، أنهم قالوا: {نحن أبناء الله وأحباؤه} فأكذبهم الله تعالى بما أخبرهم أنه معذبهم بذنوبهم، ولو كانوا كما ادعوا، لما كان الأمر كذلك، وكما تقدم من دعواهم، أنه لن تمسهم النار إلا أياماً معدودة، ثم ينتقلون إلى الجنة، ورد عليهم تعالى في ذلك، وهكذا قال لهم في هذه الدعوى التي ادعوها بلا دليل ولا حجة ولا بينة، فقال: {تلك أمانيهم}، وقال أبو العالية: أماني تمنوها على الله بغير حق وكذا قال قتادة والربيع بن أنس ثم قال تعالى {قل} أي يا محمد {هاتوا برهانكم} قال أبو العالية ومجاهد والسدي والربيع بن أنس: حجتكم، وقال قتادة بينتكم على ذلك: {إن كنتم صادقين}، أي فيما تدعونه، ثم قال تعالى: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن}، أي من أخلص العمل لله وحده لا شريك له، كما قال تعالى: {فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن} الاَية، وقال أبو العالية والربيع {بلى من أسلم وجهه لله} يقول: من أخلص لله وقال سعيد بن جبير: {بلى من أسلم} أخلص {وجهه}، قال دينه {وهو محسن} أي اتبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن للعمل المتقبل شرطين: أحدهما أن يكون صواباً خالصاً لله وحده، والاَخر أن يكون صواباً موافقاً للشريعة، فمتى كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يتقبل، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، رواه مسلم من حديث عائشة عنه عليه الصلاة والسلام، فعمل الرهبان ومن شابههم، وإن فرض أنهم مخلصون فيه لله، فإنه لا يتقبل منهم، حتى يكون ذلك متابعاً للرسول صلى الله عليه وسلم ، المبعوث إليهم وإلى الناس كافة، وفيهم وأمثالهم قال الله تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً} وقال تعالى: {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً}، وقال تعالى: {وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية تسقى من عين آنية}، وروي عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، أنه تأولها في الرهبان كما سيأتي، وأما إن كان العمل موافقاً للشريعة، في الصورة الظاهرة، ولكن لم يخلص عامله القصد لله، فهو أيضاً مردود على فاعله، وهذا حال المرائين والمنافقين، كما قال تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً}، وقال تعالى: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون} ولهذا قال تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فلعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً} وقال في هذه الاَية الكريمة: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن}، وقوله: {فله أجره عن ربه ولا خوف علهيم ولاهم يحزنون}، ضمن لهم تعالى على ذلك تحصيل الأجور، وآمنهم مما يخافونه من المحذور، {فلا خوف عليهم} فيما يستقبلونه، {ولا هم يحزنون} على ما مضى مما يتركونه، كما قال سعيد بن جبير، {فلا خوف عليهم} يعني في الاَخرة، {ولا هم يحزنون} يعني لا يحزنون للموت

وقوله تعالى: {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب}، بين به تعالى تناقضهم وتباغضهم وتعاديهم وتعاندهم، كما قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: لما قدم أهل نجران من النصارى، على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتتهم أحبار يهود فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رافع بن حريملة: ما أنتم على شيء، وكفر بعيسى وبالإنجيل، وقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود: ما أنتم على شيء، وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة، فأنزل الله في ذلك من قولهما: {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب}، قال: إن كلا يتلو في كتابه تصديق من كفر به، أن يكفر اليهود بعيسى وعندهم التوراة، فيها ما أخذ الله عليهم على لسان موسى بالتصديق بعيسى وفي الإنجيل ما جاء به عيسى بتصديق موسى، وما جاء من التوراة من عند الله وكل يكفر بما في يد صاحبه، وقال مجاهد في تفسير هذه الاَية: قد كانت أوائل اليهود والنصارى على شيء، ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا، {وقالت النصارى ليست اليهود على شيء} قال: بلى، قد كانت أوائل اليهود على شيء، ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا، وعنه رواية أخرى كقول أبي العالية والربيع بن أنس في تفسير هذه الاَية: {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء} هؤلاء أهل الكتاب الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا القول يقتضي، أن كلا من الطائفتين صدقت فيما رمت به الطائفة الأخرى، ولكن ظاهر سياق الاَية يقتضي ذمهم فيما قالوه، مع علمهم بخلاف ذلك، ولهذا قال تعالى: {وهم يتلون الكتاب}، أي وهم يعلمون شريعة التوراة والإنجيل، كل منهما قد كانت مشروعة في وقت، ولكنهم تجاحدوا فيما بينهم عناداً وكفراً ومقابلة للفاسد، كما تقدم عن ابن عباس ومجاهد وقتادة في الرواية الأولى عنه في تفسيرها، والله أعلم، وقوله: {كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم}، بين بهذا جهل اليهود والنصارى فيما تقابلوا من القول وهذا من باب الإيماء والإشارة. وقد اختلف فيمن عنى بقوله تعالى {الذين لا يعلمون} فقال الربيع بن أنس وقتادة {كذلك قال الذين لا يعلمون} قالا: وقالت النصارى مثل قول اليهود وقيلهم، وقال ابن جريج: قلت لعطاء من هؤلاء الذين لا يعلمون ؟ قال أمم كانت قبل اليهود والنصارى وقبل التوراة والإنجيل وقال السدي كذلك {قال الذين لا يعلمون}، فهم العرب، قالوا ليس محمد على شيء، واختار أبو جعفر بن جرير أنها عامة تصلح للجميع، وليس ثم دليل قاطع يعين واحداً من هذه الأقوال، والحمل على الجميع أولى، والله أعلم وقوله تعالى: {فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}، أي أنه تعالى يجمع بينهم يوم المعاد، ويفصل بينهم بقضائه العدل، الذي لا يجور فيه ولا يظلم مثقال ذرة، وهذه الاَية كقوله تعالى في سورة الحج: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد}، وكما قال تعالى: {قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح ا
لعليم}


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة البقرة - من آية 104 - إلى نهاية الآية 113
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  تفسير سورة البقرة - من آية 183 - إلى نهاية الآية 186
»  تفسير سورة البقرة - من آية 58 - إلى نهاية الآية 66
»  تفسير سورة البقرة - من آية 177 - إلى نهاية الآية 182
»  تفسير سورة البقرة - من آية 243 - إلى نهاية الآية 253
»  تفسير سورة البقرة - من آية 67 - إلى نهاية الآية 74

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير"-
انتقل الى: