منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ   I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ   I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ   Empty
مُساهمةموضوع: خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ    خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ   I_icon_minitimeالخميس أغسطس 20, 2015 4:01 am

فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 1 - 4]
ولما قالوا: {مَالِ هذا الرسول يَأْكُلُ الطعام وَيَمْشِي فِي الأسواق. .} [الفرقان: 7] يردُّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المرسلين إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطعام وَيَمْشُونَ فِي الأسواق. .} [الفرقان: 20]
فليس محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بدعاً في هذه المسألة، فهو كغيره من الرسل الذين عُرِفت عنهم هذه الصفات، وفي هذا ما يؤكد سلامة الأُسْوة في محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأنه بشر مثل الذين أرسلنا إليهم من قبله، إنما لو كانت في محمد خاصية ليست في غيره ربّما اعترضوا عليها واحتجُّوا بها.
لذلك كان من أدب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مع ربه ومع صحابته أنه قال: «إنما أنا بشر يرد عليَّ أي بالوحي فأقول: أنا لست كأحدكم، ويؤخذ مني فأقول: ما أنا إلا بشر مثلكم» .

(14/8798)

فانظر إلى أيّ حدٍّ كان تواضعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟
ولما اتهموا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فقالوا: {أفترى عَلَى الله كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ. .} [سبأ: 8] فردّ عليهم الحق سبحانه بقوله: {أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وادعوا مَنِ استطعتم مِّن دُونِ الله إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [هود: 13]
ثم يتنزّل معهم في هذا التحدي، ويترأف بهم: {وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا على عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ. .} [البقرة: 23]
ثم يناقشهم في هذه المسألة بهذا الأدب الرفيع والنموذج العالي للحوار: {قُلْ إِنِ افتريته فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ برياء مِّمَّا تُجْرِمُونَ} [هود: 35]
وفي آية أخرى يقول: {قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [سبأ: 25]
فانظر إلى هذا الأدب: رسول الله حين يتحدّث عن نفسه يقول {أَجْرَمْنَا} وحين يتحدث عن أعدائه لا ينسب إليهم الإجرام، بل يقول: {وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} .
هذا كله من الحق الذي جاء به القرآن ليردّ عن رسول الله اتهامات القوم، وبالله لو نزل القرآن جملةً واحدة، أكان من الممكن الردُّ على هذه الاتهامات ومجادلة القوم فيما يُثيرونه من قضايا؟
إنْ كانت هذه الأمثلة خاصة برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتبرئة ساحته في مجال الدعوة إلى الله، فهناك أيضاً ما يتعلق بالأحكام والتشريع، فالقرآن نزل بالعقائد والأحكام والتشريعات، ونزل ليكون دائماً ثابتاً

(14/8799)

لا يتغير إلى يوم القيامة، ولن يُنسَخ منه حرف واحد كما حدث في الكتب السابقة عليه.
فإن نظرتَ إلى العقائد وجدتَ الكلام فيها قاطعاً لا هوادةَ فيه، يأتي هكذا قَوْلاً واحداً، فالله واحد أحد لا شريك له، له صفات الكمال المطلق، وكذلك الحديث عن الملائكة والبَعْث والحساب.
لكن تجد الأمر يختلف في الحديث عن العادات التي أَلِفها الناس في حركة الحياة، فهذه أمور تحتاج إلى تلطُّف وتدرُّج، ولا يناسبها القصْر والقَطْع. ألم تَرَ إلى المشرّع سبحانه حينما أراد أنْ يُحرِّم الخمر، كيف تدرّج في تحريمها على عدة مراحل حتى يجتثّ هذه العادة التي تحكّمتْ في نفوس الناس وتملَّكتهم، أكان يمكن معالجة هذه المسألة بهذه الطريقة إذا نزل القرآن جملة واحدة؟
انظر كيف لفتَ أنظارَ القوم بلُطْف إلى أن في الخمر شيئاً، فقال تعالى: {وَمِن ثَمَرَاتِ النخيل والأعناب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً. .} [النحل: 67]
ولما سمع بعض الصحابة هذه الآية قال: والله لكأن الله يُبيِّت للخمر شيئاً، لقد فهم بملكته العربية أن الله تعالى طالما وصف الرزق بأنه حسن، وسكت عن السَّكَر فلم يَصِفْه بالحُسْن، فإن وراء هذا الكلام أمراً في الخمر؛ لأنه يتلف نعمة الله ويُفسِدها على أصحابها.
ثم يُحَوِّل هذه المسألة إلى عِظَة وإرشاد، فيقول: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا. .} [البقرة: 219]

(14/8800)

وهكذا قرَّر لهم الحقيقة بعد أن سألوا هم عنها، وترك لهم حرية الاختيار، فالأمر مازال عِظَة ونصيحة لا تشريعاً مُلْزماً، إلا أنه مهَّد الطريق للقطع بتحريمها بعد ذلك.
ثم حدث من أحدهم أن صلّى وهو مخمور لا يدري ما يقول، فلما سمعوه يقول: قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون، فغمزه مَنْ بجواره وعرف أنه مخمور، ووصل خبره إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فنزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنْتُمْ سكارى حتى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ. .} [النساء: 43]
وبذلك أطال مدَّة الامتناع عن شُرْب الخمر، فالصلاة خمس مرات في اليوم والليلة، فإذاً لا بُدَّ من الامتناع عن الخمر قبل الصلاة بوقت كافٍ، وهكذا عوَّدهم الامتناع ودرَّبهم على الصبر عن هذه الآفة التي تمكَّنتْ منهم. ثم يتحيَّن الحق سبحانه فرصة منهم، حيث اجتمع القوم في مجلس من مجالس الشراب، ولما لعبتْ الخمر بالعقول تشاجروا حتى سالتْ دماؤهم، وعندما ذهبوا بأنفسهم إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يسألونه:

(14/8801)

يا رسول الله بيِّن لنا في الخمر رأياً شافياً، وهنا ينزل الوحي على رسول الله بالحكم القاطع: {ياأيها الذين آمَنُواْ إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيطان فاجتنبوه} [المائدة: 90]
فكيف كانت معالجة هذه الآفة التي تمكّنتْ من الناس لو نزل القرآن جملة واحدة؟
إن الحق تبارك وتعالى بنزول القرآن مُفَرّقاً مُنجّماً حَسْب الأحداث، كأنه يُجري مشاركة بين آيات التنزيل والمنفعلين بها الذين يُصِرّون على تنفيذ مطلوباتها، حتى إنهم ليبادرون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالسؤال، مع أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد نهاهم أن يبدأوه بالسؤال، كما قال تعالى: {ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ. .} [المائدة: 101]
ولكنهم مع هذا تغمزهم المسألة فيبادرون بها رسول الله، كما حكى القرآن: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر. .} [البقرة: 219]
{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ. .} [البقرة: 219]
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهلة. .} [البقرة: 189]
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال. .} [طه: 105]
إذن: وراء نزول القرآن مُفرّقاً مُنجّماً حِكَم بالغة يجب تدبُّرها، هذه الحِكَم ما كانت لتحدث لو نزل القرآن جملةً واحدةً.

(14/8802)

ثم يقول الحق سبحانه: {قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تؤمنوا ... } .

(14/8803)

قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107)

قوله تعالى: {قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تؤمنوا. .} [الإسراء: 107] آمنوا: أمر، ولا تؤمنوا: نَهْي. والأمر والنهي نوعان من الطلب، والطلب أن تطلب من الأدنى أن يفعل، والنهي أنْ تطلبَ من الأدنى ألاَّ يفعل، فإنْ كان الطلب من مُساو لك فهو التماس، وإنْ كان من أعلى منك فهو دعاء.
لذلك حينما نقول للطالب أعرب: (رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ) يقول: اغفر فعل أمر، نقول له: أنت سطحيّ العبارة؛ لأن الأمر هنا من الأدنى للأعلى، من العبد لربه تبارك وتعالى، فلا يقال: أمر، إنما يقال: دعاء.
والطاعة أن تمتثل الأمر والنهي، فهل نقول في قوله تعالى: {قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تؤمنوا. .} [الإسراء: 107] أنها للتخيير، فإنْ آمنوا فقد أطاعوا، وكذلك إنْ لم يؤمنوا فقد أطاعوا أيضاً؟
نقول: الأمر والنهي هنا لا يُراد منه الطلب، بل يراد به التهديد أو التسوية كما تقول لابنك حين تلاحظ عليه الإهمال: ذاكر أو لا تذاكر، أنت حر؛ لاشك أنك لا تقصد النهي عن المذاكرة، بل تقصد تهديده وحثّه على المذاكرة.

(14/8803)

فقوله: {قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تؤمنوا. .} [الإسراء: 107] للتسوية، كما قال: {فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ. .} [الكهف: 29]
فهذا ليس أمراً بحيث أن الذي يفعل الأمر أو النهي يكون طائعاً، بل المراد هنا التهديد أو التسوية، فسواء آمنوا أو كفروا؛ لأن الحق سبحانه جعل في ذلك عزاءً لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في إيمان أهل الكتاب.
{إِنَّ الذين أُوتُواْ العلم مِن قَبْلِهِ. .} [الإسراء: 107] أي: اليهود والنصارى الذين ارتاضوا بالكتب السماوية، واستمعوا للتوارة والإنجيل، ونقلوها إلى غيرهم من المعاصرين للقرآن فهؤلاء شاهدون بأن الرسول حَقٌّ بما عندهم من بشارة به في التوراة والإنجيل؛ لذلك يتركون دينهم ويسارعون إلى الإسلام؛ لأنهم يعلمون عِلْم اليقين أنه الدين الحق.
ومن هؤلاء عبد الله بن سلام، وكان من علماء اليهود، وكان يعلم أوصاف رسول الله وزمن بَعْثته؛ لذلك قال: لقد عرفته حين رأيته كمعرفتي لابني، ومعرفتي لمحمد أشدّ.

(14/8804)

ولما اختمر الإسلام في نفسه ذهب إلى رسول الله وصارحه بما نوى من اعتناق الإسلام، وقال: «يا رسول الله إن اليهود قوم بُهْتٌ فإن أعلنتُ إسلامي الآن قالوا فيَّ ما ليس فيَّ، فاسألهم عني وأنا ما زلت على دينهم، وانظر ما يقولون، فسألهم رسول الله: ما تقولون في ابن سلام؟ فقالوا: حَبْرنا وابن حَبْرنا، ووصفوه بخير الصفات، وأطيب الخصال، فقال عبد الله: يا رسول الله، أما وقد قالوا فيَّ ما قالوا فأشهد ألا إله إلا الله وأنك رسول الله، فإذا بهم يذمونه ويتهمونه بأخسِّ الخصال، فقال: يا رسول الله ألم أَقُلْ لك إنهم قوم بُهْتٌ» .
إذن: ففي إيمان عبد الله بن سلام وغيره من اليهود والنصارى الذين عرفوا رسول الله بأوصافه في كتبهم وعرفوا موعد بعثته وأنه حق، في إيمان هؤلاء عَزَاءٌ لرسول الله حين كفر به قومه وكذّبوه لذلك قال تعالى: {قُلْ كفى بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب} [الرعد: 43]
ونحن مُكْتفون بشهادة هؤلاء؛ لأنهم قوم صادقون مع أنفسهم، صادقون مع أنبيائهم ومع كتبهم التي تلقوْهَا، فحينما بشَّرت بمحمد ووصفته لم ينكروا هذه الصفات ولم يُحرِّفوها، بل كانوا يسارعون إلى المدينة انتظاراً لمبعث النبي الجديد الذي سيظهر فيها، لقد كانوا يقولون لكفار مكة: لقد أظلَّ زمان نبي جديد نتبعه قبلكم، ونقتلكم به قَتْل عاد وإرم.

(14/8805)

{فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ الله عَلَى الكافرين} [البقرة: 89] إلا أن الله أبقى للحق خلية، وجعل له خميرة استجابت لرسول الله، وتفاعلت مع الدين الجديد.
وقوله تعالى: {إِذَا يتلى عَلَيْهِمْ. .} [الإسراء: 107] أي: القرآن {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً} [الإسراء: 107]
كلمة {يَخِرُّونَ} توحي بأنهم يسارعون إلى السجود، وكأنها عملية انفعالية غير إرادية ليس لهم فيها تصرُّف، فبمجرد سماع القرآن يرتمون على الأرض ساجدين؛ لأنهم تفاعلوا معه، واختمر الإيمان في نفوسهم. ليس ذلك وفقط، بل ويخرون {لِلأَذْقَانِ} جمع ذَقَن، وهي أسفل الفَكِّ السفلي، ومعلوم أن السجود يكون على الجبهة، أما هؤلاء فيسجدون بالوجه كله، وهذا دليل على الخضوع والاستسلام لله تعالى.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ ... } .

(14/8806)

وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108)

أي: يقولون حال سجودهم: سبحان ربنا الذي وَفّى بوعده في التوراة والإنجيل، وبعث الرسول الخاتم ومعه القرآن، سبحانه حقق لنا وَعْده وأدركناه وآمنا به، وكأن هذه نعمة يحمدون الله عليها.
ويقول الحق سبحانه عنهم: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ ... } .

(14/8806)

وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)

لقد خَرُّوا ساجدين لله تعالى قبل ذلك لأنهم أدركوا القرآن الذي

(14/8806)

نزل على محمد، وتحقَّق لهم وعد الله فعاصروه وآمنوا به. أما هذه المرة فيخرون ساجدين لما سمعوا القرآن تفصيلاً وانفعلوا به، فيكون له انفعال آخر، لذلك يزيد هنا الخشوع والخضوع، فيقول: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ ... } [الإسراء: 109] فكلما قرأوا آية ازدادوا بها خشوعاً وخضوعاً.
ثم يقول الحق سبحانه: {قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأسمآء الحسنى ... } .

(14/8807)

قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)

{ادعوا} اذكروا، أو نادوا، أو اطلبوا {الله} عَلَم على واجب الوجود سبحانه، ومعنى: علم على واجب الوجود أنها إذا أُطْلِقَتْ انصرفتْ للذات الواجبة الوجود وهو الحق سبحانه، كما نُسمِّي شخصاً، فإذا أُطْلِق الاسم ينصرف إلى المسمَّى.
والأسماء عندنا أنواع كثيرة: إما اسم، أو كُنْية، أو لَقَب.
الاسم: وهو أغلب الأعلام، ويُطلَق على المولود بعد ولادته ويُعرَف المولود به.
والكُنْية: وتُطلَق على الإنسان، وتُسبَق بأب أو أم أو ابن أو بنت، كما نقول: أبو بكر، وأم المؤمنين.
واللقب: وصف يُشْعِر بالمدح أو الذم، كما نقول: الصِّديق، الشاعر، الفاروق.

(14/8807)

فإذا كان الاسم معه شريك غيره لا بُدَّ لتمييزه من وَصْفه وَصْفاً يُعْرف به، كما يحدث أن يألف شخص أن يسمي أولاده جميعاً: محمد فالتسمية في هذه الحالة لا تُشخِّص ولا تُعيِّن المسمّي؛ لذلك لا بُدَّ أن نصف كل واحد منهم بصفة فنقول: محمد الكبير، محمد الصغير. محمد المهندس. فإذا أُطلِق الاسم بصفته ينصرف إلى شخص معين.
وإذا كُنّا نحن نُسمِّي أولادنا: فإن الحق سبحانه سَمَّى نفسه بأسمائه التي قال عنها: الأسماء الحُسْنى، وكلمة (حُسْنى) أفعل تفضيل للمؤنث، مثل: كبرى. والمذكر منها أحسن. لكن لماذا وَصَف أسماءه تعالى بالحسنى؟
الاسم يُبيِّن المسمّي، لكن الأسماء عند البشر قد لا تنطبق على المسمَّى الذي أُطلقت عليه، فقد نُسمِّي شخصاً «سعيد» وهو شقي، أو نسمي شخصاً «ذكي» وهو غبي. وهذا ليس بحَسنٍ في الأسماء، الحسَن في الاسم أنْ يطابق الاسم المسمَّى، ويتوفّر في الشخص الصفة التي أُطلِقت عليه، فيكون الشخص الذي سميناه «سعيد» سعيداً فعلاً.
وهكذا يكون الاسم حسناً، لكنه لا يأخذ الحُسْن الأعلى؛ لأن الحُسن الأعلى لأسماء الله التي سَمّى بها نفسه، فله الكمال المطلق.
فهذه إذن لا تتأتَّى في تسمية البشر، فكثيراً ما تجد «عادل» وهو ظالم، و «شريف» وليس بشريف؛ لذلك قلنا:
وَأَقْبَحُ الظُّلْمَ بَعْد الشِّرْكِ منزلةً ... أنْ يظلم اسمٌ مُسمّى ضِدّه جُعلاَ
فَشَارِع كعِمَادِ الدين تَسْمِية ... لكِنْه لِعِنَادِ الدِّينِ قَدْ جُعِلاَ
فالاسم قد يظلم المسمَّى كما حدث أنْ سَمَّوْا الشارع (عماد الدين) ،

(14/8808)

وهذا الشارع كان في الماضي بُؤْرَة للفِسْق والفجور، وما أبعده سابقاً عن هذه التسمية.
فلفظ الجلالة (الله) عَلَم على واجب الوجود، وبعد ذلك جاءت صفات غلبت عليه، بحيث إذا أُطلِقَتْ لا تنصرف إلا إليه. فإذا قُلْنا: العزيز على إطلاقه فإنها لا تنصرف إلا لله تعالى، لكن يمكن أن نقول فلان العزيز في قومه، فلان الرحيم بمَنْ معه، فلان النافع لمَنْ يتصل به، إنما لو قُلْت: النافع على إطلاقه فهو الله سبحانه وتعالى.
لذلك؛ حَلَّتْ الصفات محلَّ اسم الذات {الله} ؛ لأنها إذا أُطْلِقَتْ لا تنصرف إلا لله تعالى، فأسماءُ الله الحُسْنى هي في الأصل صفات له سبحانه.
ولو تأملنا هذه الأسماء لوجدناها على قسمين: أسماء ذات، وأسماء صفات فعلية، اسم الذات لا يتصف الله بمقابله، فالعزيز مثلاً اسم ذات فلا نقول في مقابله الذليل، والحيّ اسم ذات فلا نقول: الميت. أما اسم الصفة الفعلية فيكون له مقابل، فالمعزّ صفة فعل يعني يُعِزّ غيره، ومقابلها المذلّ، والضَّارّ مقابلها النافع، والمحيي مقابلها المميت وهكذا. . إنْ وجدتَ للاسم مقابلاً فاعلم أنه اسمٌ لصفة الفعل من الله تعالى، وإذا لم يكن له مقابل فهو اسم ذات.
لكن تقف مثلاً عند السَّتَّار وهي صفة فعل لأنه يستر غيره، لكن ليس لها مقابل فلا نقول الفضَّاح، لماذا؟ لأنه تبارك وتعالى يريد أنْ يتخلق خَلْقه بهذه الصفة، وأنْ يُربِّب صفة الستر عند الناس للناس، فلو علم الناس، عن أحد أمراً فاضحاً لزهدوا في كل ما يأتي من عنده ولو كان حسنة، وبذلك يُحرَم المجتمع من طاقات كثيرة من الخير.

(14/8809)

لكن حين تستر على صاحب العيب عيبه، فإنك تعطي للمجتمع فرصة لينتفع بما لديه من صفات الخير؛ لذلك الله تعالى يُعصَى ويحب أن يُستَر على عبده العاصي؛ لكي يستمر دولاب الحياة؛ لأنه لا يوجد أحد له كمال إلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وصدق القائل:
مَنْ ذَا الذِي مَا سَاءَ قَطُّ ... وَمَنْ لَهُ الحُسْنى فَقَطْ
إذن: فمن الحكمة أن يأمر الله تعالى بستر غَيْب خَلْقه عن خَلْقه حتى تستمر حركة الحياة؛ لأن الإنسان ابنُ أغيار، وقلبه سريعاً ما يتقلب، ولربما لو عرفتُ عنك شيئاً مستوراً لتغيَّرْتُ لك وأنت كذلك، ولربما تقطعت بيننا حبال المودة، إنما بالستر ينتفع كُلٌّ مِنّا بالآخر.
ومن هنا قالوا: لو تكاشفتم ما تدافنتم، أي: لو تكشفتْ الأسرار، وعرف كُلٌّ منكم عَيْب أخيه ما دفنتم مَنْ يموت منكم، وهذا منتهى ما يمكن تصوُّره من التقاطع بين الناس.
فقوله تعالى: {قُلِ ادعوا الله. .} [الإسراء: 110] فاختار هذا الاسم بالذات {الله} العَلَم على واجب الوجود، وهو اسم ذات لا يدلُ على صفة معينة، لكنه يحمل في طياته كل صفات الكمال فيه، فإنْ كانت للأسماء الأخرى مجالات، فالقادر في القدرة، والحكيم في الحكمة، والقابض في القبض، والعزيز في العِزّة. فإن لكل اسم مجالاً وسيالاً، فإن {الله} هو الاسم الجامع لكل الصفات.
لذلك في الحديث النبوي الشريف: «كُلُّ شيء لا يُبدأ باسم الله فهو أبتر» .

(14/8810)

لماذا؟ لأنك حين تُقدِم على أيِّ فعل تحتاج أولاً إلى حكمة لتعرف من خلالها لماذا تفعل، وتحتاج إلى قدرة تُعينك على إنجازه، وتحتاج إلى علم بمصير هذا الفعل وعاقبته، إذن: تحتاج إلى صفات كثيرة، فحين تُقبِل على العمل لا تَقُل: يا حكيمُ يا قادرُ يا عليمُ، إنما الحق سبحانه يُريحك، ويكفي أن تقولَ في الإقدام على الفعل: باسم الله.
لأنك ذكرتَ الاسم الجامع لكلِّ صفات الكمال.
{أَوِ ادعوا الرحمن. .} [الإسراء: 110] واختار الرحمن دون الجبار أو القهار؛ لأن الرحمة صفة التحنين للخلق، فالحق سبحانه وتعالى يُظهِر هذه الصفة لعباده حتى في أسماء الجبار والقهار؛ لأنها من خَدَم الرحمة ومن أسبابها؛ لأن العبد إذا عرف لله: صفة الجبروت، وصفة القهر، وصفة الانتقام انتهى عن أسباب الوقوع تحت طائلة هذه الصفات، فكأنه يرحم عباده حتى بصفات القهر والانتقام.
ومن هذا قول الحق تبارك وتعالى: {وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ ياأولي الألباب. .} [البقرة: 179] لأنه إذا علم القاتل أنه سيُقتل انتهى عن القتل. وفي الأثر: «القتل أنْفَى للقتل» .
إذن: فتشريع القصاص وإقامة الحدود والعقوبات لا لتعذيب الخلق، وإنما رحمة بهم حتى يقفوا بعيداً عن ارتكاب ما يُوجِب القصاص أو الحد أو العقوبة، حتى الذي يقهره الله مرحوم أيضاً؛ لأنه ما دام قال: أنا قهار. فاحذرني، فهو بذلك يرحمه لأنه يُحذِّره من أسباب الوقوع فيما يستوجب غضبه وانتقامه.
وكذلك اختار اسم {الرحمن} لأن مجال التكليف كله الرحمة، وما نزل المنهج من الله إلا لينظم حياة الناس ويُحقِّق لهم السعادة في

(14/8811)

حركة الحياة، فيتكامل الخَلْق فيما بينهم، ويتعاونون، ويتساندون ولا يتعاندون، ويكونون جميعاً على قلب رجل واحد، هذه غاية المنهج الإلهيّ في دنيا الناس أنْ يعيشَ المجتمع المسلم آمناً سالماً.
فالرحمانية الإلهية هي الغالبة في كل التشريع، وهي السِّمَة العامة، أَلاَ ترى قوله تعالى: {الرحمن عَلَّمَ القرآن} [الرحمن: 1 - 2]
فالقرآن الذي نزل لِيُنظّم حياة الناس ويحكمها، ويصلح حركة الحياة، ويضع السلام بينك وبين الله، وبينك وبين نفسك، وبينك وبين الناس، هذا القرآن مظهر من مظاهر هذه الرحمانية الإلهية.
وقد اعترض بعض المستشرقين على قوله تعالى في سورة الرحمن: {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13] والآلاء هي النعم، وأنها جاءت تذييلاً لقوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ} [الرحمن: 35] فالآية تتحدث عن النار والشواظ، فكيف تُختم هذه الخاتمة التي تدلُّ على النعمة؟
ولو تدبَّر القوم ما اعترضوا؛ لأن في الناس والتحذير منها والتخويف بها نعمة، كأن القرآن يقول لك: إياك أنْ تفعل ما يُوجِب النار والشُّواظ فتقلع وترتدع من قريب، أليست هذه من نعم الله على عباده؟ أليست رحمة بهم؟ وماذا كنتم ستقولون إنْ لم يُقدِّم لكم الحق سبحانه تحذيراً وإنذاراً، ثم فاجأكم بالعذاب؟
ونقف على لطيفة أخرى لاستخدام اسم الله {الرحمن} في قوله تعالى: {ثُمَّ استوى عَلَى العرش الرحمن فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} [الفرقان: 59]

(14/8812)

أي: بعد أن خلق الخَلْق كل بسمائه وأرضه وما فيهما استوى على العرش؛ لأن الاستواء على العرش يعني أن كل شيء تَمَّ له سبحانه خَلْقاً وإيجاداً، وانتهى إلى الجلوس على العرش، وهذا تمثيل بالملوك الذين لا يجلسون على العرش إلا بعد أنْ يستتبّ لهم الأمر، فجلوس الملك على العرش يعني أنه الأوحد الذي لا يعارضه أحد.
فالحق سبحانه ينبهنا بقوله: {ثُمَّ استوى عَلَى العرش الرحمن فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} [الفرقان: 59] واختار صفة الرحمة لِيُوحِي لنا أن قعوده على العرش لا يعني القَهْر والجبروت، إنما قعد على عرشه رحمةً بكم، قعد على العرش ليُنظّم حياتكم، ويرحم بعضكم ببعض، فتسعدوا بالحياة، فالاستواء هنا لا استواءَ قهر وغلبة، بل استواء رحمة لمصلحتكم أنتم.
وفي آية أخرى قال: {الرحمن عَلَى العرش استوى} [طه: 5]
وقد ورد استواؤه سبحانه على العرش في سبعة مواضع في كتاب الله، نظمها الناظم في قوله:
وَذكْرُ اسْتواء الله في كَلماتِهِ ... علَى العَرْشِ فِي سَبْع مَواضِعَ فَاعْدُدِ
فَفِي سُورَة الأعرافِ ثمة يُونُس ... وفي الرعْدِ مع طَه فلْلعَدِّ أكدِ
وَفِي سُورة الفُرْقانِ ثمة سَجْدة ... كَذَا فِي الحديدِ افْهَمُوا فَهْم مؤيَّد
وكل صفة من صفات جلاله سبحانه إنما هي في خدمة رحمانيته، لأنه يُخَوِّف عباده بصفات الجلال حتى لا يقعوا في المخالفة، فيأخذوا نعمة الله في الدنيا، ويسعدوا بها، ويأخذوا نعيم الآخرة فيسعدوا بها، فهي إذن الرحمانية المستولية والسمة العامة لمنهج الله في الدنيا والآخرة.

(14/8813)

وفي الحديث «في آخر ليلة من رمضان يتجلى الجبار بالمغفرة. .» ولم يقُلْ: تجلى الغفار بالمغفرة، فلماذا آثر صفة الجبار في مجال المغفرة؟

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
خواطر--يتبع—24 -- فلما اتهموا رسول الله وقالوا: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء: 47] رَدَّ القرآن عليهم بقوله تعالى: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خواطر--يتبع—14-- ثم تأتي الحالة الثالثة من أحوالهم: {إِذْ يَقُولُ الظالمون إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} [الإسراء:
» خواطر--يتبع—15-- ثم يقول تعالى: {وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 52] الظن: خبر راجح؛ لأنهم مذبذبون في قضية البعث لا يقين عندهم بها.
» خواطر--يتبع—9-- فيقول تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق ... } .
» خواطر--يتبع—10-- ثم يقول تعالى: {حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ. .} [الإسراء: 34]
» خواطر--يتبع—19-- وقوله تعالى: {إِنَّ الباطل كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء: 81]

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: ;"> >>> خواطر دينية <<<
 ::  قسم إيمانيات وأخرى ( إيمانيات ومعاني وغير ذلك )
-
انتقل الى: