هَـَذَا بَلاَغٌ لّلنّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُوَاْ أَنّمَا هُوَ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذّكّرَ أُوْلُواْ الألْبَابِ
يقول تعالى هذا القرآن بلاغ للناس كقوله: {لأنذركم به ومن بلغ} أي هو بلاغ لجميع الخلق من إنس وجن كما قال في أول السورة: {الر * كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} الاَية، {ولينذروا به} أي ليتعظوا به {وليعلموا أنما هو إله واحد} أي يستدلوا بما فيه من الحجج والدلالات على أنه لا إله إلا هو {وليذكر أولو الألباب} أي ذوي العقول
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً }النساء163 {وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً }النساء164 {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }النساء165 {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }الأنعام130 {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }يس60 {وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }يس61 {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ }الزمر71 {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ }إبراهيم9 {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ }الملك8 {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }التغابن5 {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ }البقرة214
آخر تفسير سورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، والحمد لله رب العالمين
//////////////////////////////////////////////// {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ }الرعد30 {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل123 {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ }الشورى7 {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ }الشورى13 المشروع الموصى به والموحى إلى محمد صلى الله عليه وسلم وهو التوحيد
إنها لحظة لا بد أن تلاقيكم. تلاقيكم لا تَمنع منه جنود, ولا يُتَحصن منه في حصون, {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً }النساء78مُدرككم أينما كنتم, {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }الجمعة8 إنه واعظ لا ينطق. واعظ صامت يأخذ الغني والفقير والصحيح والسقيم والشريف والوضيع. والمُقِرَّ والجاحد والزاهد والعابد والصغير والكبير والذكر والأنثى. إنه الموت (كل من عليها) الأرض من الحيوان (فان) هالك وعبر بمن تغليبا للعقلاء {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ }الرحمن26 {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }الرحمن27 {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }القصص88 كلّ نفس ذائقة الموت وإنما تُوَفَّوْن أجوركم يوم القيامة. فمن زُحزِح عن النار وأُدخِل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور . لابد أن نعلم أن الموت الذي تخطانا إلى غيرنا سيتخطى غيرنا إلينا/ ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها. سل الله الثبات وازدد من الحسنات، واجعل الآخرة همّك يجعل الله غناك في قلبك، ويجمع لك شملك، وتأتيك الدنيا راغمة
اصدقوا الله يصدقكم، احفظوه يحفظكم
الموت. ما الموت؟ أمرٌ كُبَّار, وكاس يُدار فيمن أقام وسار. يخرج بصاحبه إلى الجنةِ أو إلى النار.
ثم اعلموا أن هناك حقيقة وأي حقيقة.
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
عباد الله: اتقوا الله واعلموا أن الآمال تطوى والأعمار تفنى، والأبدان تحت التراب تبلى، والليل والنهار يقربان كل بعيد، ويبليان كل جديد، وفي ذلك والله ما يلهي عن الشهوات ويُسلي عن اللذات، ويرغب في الباقيات الصالحات.
يا شاباً عكف على القرآن، وعلى مسجده ومصلاه،عباد الله: لابد أن نعلم أن الموت الذي تخطانا إلى غيرنا سيتخطى غيرنا إلينا، فلنأخذ حذرنا، ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها. سل الله الثبات وازدد من الحسنات، واجعل الآخرة همّك يجعل الله غناك في قلبك، ويجمع لك شملك، وتأتيك الدنيا راغمة
اصدقوا الله يصدقكم، احفظوه يحفظكم.
شبابك فيما أبليته؟ عمرك فيما أفنيته؟ مالك من أين إكتسبته؟ وفيما أنفقته؟ علمك ماذا عملت به؟ هذ الأسئلة فما الإجابة. قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "لا تزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عنْ أربع ٍ عنْ عُمُرِهِ فيما أفناهُ وعنْ جسدِه فيما أبْلاهُ وعنْ مالهِ مِنْ أيْنَ أخذهُ وفيما أنْفَقَهُ وعنْ عِلمِهِ ماذا عَمِلَ بهِ".
روي عن الحسن أن رسول الله كان رأسه ذات يوم في حجر عائشة فنعس، فتذكرت الآخرة (عائشة رضي الله عنها) فسالت دموعها على خد رسول الله فاستيقظ بدموعها، ورفع رأسه وقال: ((ما يبكيك))؟ قالت: يا رسول الله ذكرت الآخرة، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ قال : ((والذي نفسي بيده في ثلاثة مواطن، فإن أحدا لا يذكر إلا نفسه: إذا وضعت الموازين حتى ينظر ابن آدم أيخف ميزانه أم يثقل، وعند الصحف، حتى ينظر أبيمينه يأخذه أم بشماله، وعند الصراط، نعم عند الصراط، أيمر أم يكردس على وجهه في جهنم)).
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَيَّاشٍ الرَّمْلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنَامُبَارَكٌ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : قَالَتْ : عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ فِي حِجْرِي ، فَذَكَرْتُ قُرْبَهُ مِنِّي فِي الدُّنْيَا ، وَتَبَاعُدَ النَّاسِ بِأَعْمَالِهِمْ فِي الآخِرَةِ ، فَبَكَيْتُ ، فَقَالَ لِي : " مَا يُبْكِيكِ يَا عَائِشَةُ ؟ " فَقُلْتُ : ذَكَرْتُ قُرْبَكَ مِنِّي فِي الدُّنْيَا ، وَتَبَاعُدَ النَّاسِ بِأَعْمَالِهِمْ فِي الآخِرَةِ ، هَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " أَمَّا فِي ثَلاثَةِ مَوَاطِنَ : إِذَا تَطَايَرَتِ الصُّحُفُ ، وَقِيلَ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ أَحَدًا حَتَّى يَعْلَمَ : أَبِيَمِينِهِ يُعْطَى أَمْ بِشِمَالِهِ ؟ وَإِذَا وُضِعَتِ الأَعْمَالُ فِي الْمِيزَانِ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ أَحَدًا ، حَتَّى يَعْلَمَ : أَيَثْقُلُ مِيزَانُهُ أَمْ يَخِفُّ ؟ وَإِذَا حُمِلَ النَّاسُ عَلَى الصِّرَاطِ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ أَحَدًا ، حَتَّى يَعْلَمَ : يَنْجُو أَمْ لا ؟ " .
إبليس قد قطع العهد على نفسه ليغوينكم أجمعين، فقال: وعزتك وجلالك يا رب لا أزال أغويهم ما زالت أرواحهم في أجسادهم والله برحمته ومنّه يقول: وعزتي وجلالي، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني.